رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسئول بالبنتاجون: "الحزام" الصينى يطوق أمريكا الجنوبية.. وعلى الكونجرس قطع الطريق

جريدة الدستور

شكلت استجابة دول أمريكا الجنوبية لمبادرة "الحزام والطريق" التى أطلقتها الصين طوق تهديد جديدا من وجهة نظر العسكريين الأمريكيين للنفوذ الأمريكى فى هذا الجزء من العالم والذى تعتبره واشنطن مجالا حيويا لها.

وتشير تقديرات الموقف المقدمة من الاستخبارات الأمريكية إلى الكونجرس فى هذا الصدد الى اعتزام بكين تعزيز تجارتها مع بلدان أمريكا الجنوبية بحلول العام 2025 الى 500 مليار دولار أمريكي من خلال مبادرة "الحزام والطريق" التى قبلت 19 دولة من أمريكا الجنوبية الانضمام لها.

ويرى قادة "البنتاجون" ان الصين تعمل من خلال مبادرة "الحزام والطريق" على "حزم" دول أمريكا الجنوبية برباط مصالح واحد مع الصين، وان الأمر بات يستلزم من صانع القرار الأمريكي قطع "الطريق " على تلك المبادرة بأسرع ما يمكن لكى لا يكون تمدد الصين فى أمريكا الجنوبية خصما من رصيد النفوذ الأمريكي.

وبموجب "الحزام والطريق"، تعهدت بكين بتقديم قروض لشركائها فى المبادرة من بلدان أمريكا الجنوبية تصل إلى 150 مليار دولار، وهو ما اعتبره "البنتاجون" تمهيدا من بكين لامتلاك رافعة تأثير سياسي هائل على بلدان أمريكا الجنوبية تحتم على المشرعين فى واشنطن مساعدة الإدارة الأمريكية على مواجهته والتصدى له باعتباره تهديدا خطيرا للنفوذ الإقليمي الأمريكى فى أمريكا الجنوبية.

وفى إفادته هذا الأسبوع أمام لجنة القوات المسلحة فى مجلس الشيوخ الأمريكي قال الأدميرال كاريج فولر مسئول القيادة الجنوبية فى البنتاجون إن التمدد الصينى فى منطقة أمريكا الجنوبية وصل إلى مستويات "غير مسبوقة" ونبه إلى أن بكين تتبنى سياسات "هادئة وواثقة " للنفاذ الى الباحة الخلفية للولايات المتحدة وتعزيز تواجدها فى بلدان أمريكا الجنوبية.

واعتبر أن التحرك الصينى يهدد الشراكات المبرمة بين واشنطن وحكومات تلك الدول ويمهد الطريق أمام الصين للنيل من النفوذ الأمريكى فى دول أمريكا الجنوبية وربما إزاحته.

وبينما شدد فولر على ضرورة أن تنظر الإدارة الأمريكية ومشرعيها بعين الحيطة الى تمدد النفوذ الاقتصادى الصينى فى أمريكا الجنوبية واتخاذ ما يلزم من إجراءات لعرقلته، اعتبر أن تجاهل خطورة مبادرة "الحزام والطريق" الصينية سيجعل منها "حزاما خانقا للمصالح الأمريكية فى أمريكا الجنوبية".

ولمواجهة ذلك.. اقترح مسئول القيادة الجنوبية فى البنتاجون على المشرعين الأمريكيين تعزيز بنية التعاون والشراكة بين واشنطن وحكومات أمريكا الجنوبية باعتبارها دول جوار للولايات المتحدة وذلك من خلال برامج التعاون الإنمائى والتعليمى والاقتصادى المشتركة إلى جانب التعاون العسكرى على المستوى الاحترافى مع جيوشها وهو ما يمكن للقيادة الجنوبية فى الجيش الأمريكى القيام به على خير وجه، كما نبه الى ضرورة ألا تقتصر برامج التعاون الأمريكية مع بلدان أمريكا الجنوبية على جوانب تعزيز الديمقراطية والشفافية ومكافحة الفساد فقط، وقال " بالإضافة إلى تلك المجالات المهمة يتعين على واشنطن ان تعزز من دورها الداعم لتنمية دول أمريكا الجنوبية اقتصاديا وبشريا وتقديم حلول وبدائل لمشاكل مواطنى تلك الدول وفق رؤية متكاملة ذات ابعاد سياسية واقتصادية ودفاعية وتنموية واضحة ".

كما شدد على اهمية التعاون بين واشنطن وحكومات دول أمريكا الجنوبية على صعيد مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار فى البشر ومكافحة تهريب المخدرات، ورأى انه من المتعين على الولايات المتحدة ومشرعيها إصدار قوانين تدعم نقل المعرفة التكنولوجية من الولايات المتحدة الى بلدان أمريكا الجنوبية وذلك لعدم تركها نهبا للتكنولوجيا القادمة من الصين، وكذلك تعزيز الاستثمارات الأمريكية فى هذه الدول بما يقطع الطريق على الصين لكى تصبح المستثمر الأعظم فيها.

ونبه مسئول البنتاجون إلى خطورة ترك ساحة العمل الاقتصادى والاستثمارى والتجارى فى دول منطقة أمريكا الجنوبية خالية من التواجد الامريكى القوى فى مواجهة مساع من جانب منافسى الولايات المتحدة مثل إيران وروسيا والصين لتعزيز تواجدها فى دول أمريكا الجنوبية استثماريا واستراتيجيا.

وبحسب بيانات وزارة الدفاع الامريكية، تدعم قيادة البنتاجون الجنوبية ما يعرف بمنتدى "رؤساء اركان واشنطن ودول أمريكا الجنوبية " بنحو 1.5 مليون دولار سنويا، وفى المقابل تدعم بكين " منتدى رؤساء اركان بكين ودول أمريكا الجنوبية " سنويا بنحو 23 مليون دولار امريكى، ويمثل هذا الفارق المتفاوت من وجهة نظر الجنرال الامريكى كاريج فولر زيادة من جانب بكين لاستمالة القطاع العسكرى فى دول أمريكا الجنوبية يتعين على واشنطن الانتباه له ومجابهته بأسرع ما يمكن بسخاء اكبر وكفاءة نوعية افضل.

وعلى خلفية التصعيد الأخير بين الولايات المتحدة وفنزويلا والدروس المستفادة منه أمريكيا، اتفق اعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى مع وجهة نظر مسئول القيادة الجنوبية فى البنتاجون، خلال جلسات استماع استغرقت أسبوعا، على ضرورة تعزيز مسارات التعاون الأمنى والاستخباراتى وتبادل المعلومات الاستخباراتية والاستطلاعية مع جيران الولايات المتحدة فى أمريكا الجنوبية وكذلك تعزيز تبادل الوفود الرسمية والشعبية بين واشنطن وتلك الدول وزيادة المنح التعليمية المقدمة لمواطنيها فى الجامعات الأمريكية.

كم لم يغفل أعضاء الكونجرس أهمية تعزيز التواجد العسكرى الأمريكي فى بلدان أمريكا الجنوبية فى اطار برامج للتعاون الدفاعى والأمني المشترك تمكن المدربين العسكريين الامريكيين بالعمل بصورة اكبر فى تلك الدول والقيام بنشر وحدات قتالية امريكية فى بعضها اذا أمكن ذلك، وزيادة مستويات التبادل المعلوماتى فى مجالات الأمن والاستخبارات والاستطلاع ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بالاضافة الى التدريبات العسكرية المشتركة بين القوات المسلحة الأمريكية وجيوش بلدان أمريكا الجنوبية.