رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيمن الحكيم يكتب: قصة «الأميات».. نجيب سرور كتبها فى بار وهو سكران

أيمن الحكيم
أيمن الحكيم

فى ليلة شتوية غزيرة المطر وعاتية الريح كان نجيب سرور يسير وحيدًا، مستمتعًا بالشارع الخالى والطقس الاستثنائى، وأنعشه المطر فراح يدندن بأغنية ويداعب القطرات، فلما اشتد السيل أجبره على التوقف ولم يجد أمامه سوى تمثال يحتمى به، نظر إلى وجه التمثال ممتنًا فإذا به لمعشوقه سيد درويش، وبلا تردد خلع نجيب المعطف الشتوى الثقيل الذى يحميه من البرد ووضعه على التمثال وتركه وأكمل طريقه، وربما دندن: «زورونى كل سنة مرة وبلاش تنسونى بالمرة».. هو لم يره تمثالًا من الحجر، بل اعتبره المبدع العبقرى الذى طالما سحره بألحانه ونغماته، ولذلك يستحق البالطو، أثمن ما يمتلكه فى تلك اللحظة، ليحميه من المطر والعاصفة.
إذا أردت أن تفهم نجيب سرور فعليك أن تتعامل معه بمنطقه هو وليس بمنطق الأشياء العادية.. تتأزم العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتى، ويقرر عبدالناصر استدعاء كل المبعوثين المصريين فى موسكو، فيعودون فورًا، ما عدا نجيب، الذى كان على قناعة كاملة بأنها «تمثيلية» بين عبدالناصر وخروشوف ليعيدوه إلى مصر ويعتقلوه.
وتقرر أن يختار كل مبعوث بلدًا آخر غير الاتحاد السوفيتى يستكمل فيه بعثته، وجرى تكليف طالب البعثة المخرج الشاب جلال الشرقاوى بالعودة وحده إلى موسكو لإنجاز مهمتين، بالتنسيق مع السفارة المصرية فى روسيا، الأولى أن يجمع متعلقات بقية الزملاء التى تركوها فى غرفهم بالمدينة الجامعية فى موسكو، ويرسلها لهم على عناوينهم الجديدة فى البلدان الأوروبية، والمهمة الثانية هى أن يُقنع صديقه نجيب سرور بمغادرة موسكو.
مخرجنا الكبير جلال الشرقاوى يستكمل حكاياته المثيرة وشهادته الخطيرة عن زميل بعثته وصديق عمره نجيب سرور.


تزوج من سميرة محسن وعاش معها فى لوكاندة.. فلم يمتلك شقة طول عمره رغم مكاسبه
شاءت مقادير الله أن أعود من جديد إلى موسكو وأن ألتقى نجيب، حاولت إقناعه بأن يُعدل بعثته ويُسافر معى إلى باريس، فوجئت بأنه ما زال على موقفه وأن ما جرى تمثيلية محبوكة للإيقاع به، وقال لى بطريقته: يا جلال أنت بتصدق الحركات دى؟.. يا نجيب يهديك يرضيك، أبدًا، حاولت أن أزيل شكوكه، وأخبرته بأن عنده عرضًا من السفارة المصرية فى موسكو بأن تعطيه ثمن تذاكر الطيران وهو الذى يختار البلد اللى تعجبه، برضه رفض وأصر على البقاء فى موسكو، وتركته فيها للمصير الذى اختاره لنفسه.
عرفت فيما بعد أنه قعد فى الاتحاد السوفيتى وتزوج من «ساشا» وأنجب منها ابنيه شهدى وفريد، وهو الذى اختار لابنه اسم شهدى تعاطفًا منه مع «شهدى عطية الشافعى» المثقف الماركسى الذى قُتل تحت التعذيب فى سجون عبدالناصر.
ولأنه لم يكن بجانبه فى موسكو من «يفرمل» قراراته وطيشه فإنه تعرض لمشكلات وأزمات مع السلطات والأجهزة فى الاتحاد السوفيتى، لم يتحملهم ولم يتحملوه فسافر مضطرًا إلى المجر.. وكانت فترة وجوده فى المجر أيام عذاب حقيقية بالنسبة له، ولم يتحمل الغربة والوحدة، ولم يستطع التأقلم مع هذا المجتمع، وساءت أحواله المادية والنفسية، وراح يرسل الاستغاثات لأصدقائه بالقاهرة أن يتدخلوا لإعادته إلى القاهرة.
وتدخلت السفارة المصرية فى المجر وتكفلت بمصاريف عودته.. وهنا لا بد من التأكيد على أن نجيب لم يكن ممنوعًا من دخول مصر كما قيل، ولا أنه كان مُطاردًا لا من المخابرات المصرية ولا غيرها، كلها أوهام اختلقها نجيب وعاشها.. كما أنه ليس صحيحًا أنه جرى القبض عليه فور عودته لمصر وتعرضه لألوان من التعذيب.. نجيب لم يدخل المعتقل ساعة واحدة، ومفيش مخبر حط إيده على كتفه.
ليس ذلك فحسب، بل أزعم أن نجيب سرور «اتدلع» ولم يحصل أحد فى جيلنا على الاحتفاء الذى ناله منذ عودته من سنوات البعثة.. كلنا فتحنا أحضاننا له.. بعد رجوعه كتب «ياسين وبهية» وأخرجها له كرم مطاوع.. وبعدين كرم أخرج له مسرحيته «يا بهية وخبرينى» على مسرح الجيب «الطليعة فيما بعد» وأسند له إخراج مسرحية «بستان الكرز» عن قصة لتشيكوف.. وأنا كنت وقتها مدير مسرح توفيق الحكيم وجبت نجيب علشان يخرج مسرحية «وابور الطحين» لنعمان عاشور.. ولما أخرجت المسلسل التليفزيونى «المجانين» أسندت بطولته المطلقة لنجيب.. ولما عملت رواية «الجيل الطالع» لنعمان عاشور كان نجيب أحد أبطالها.. ولما جيت أخرج له مسرحية «قولوا لعين الشمس» أعطيته دور رئيس الجوقة الموسيقية، وهو واحد من الأدوار الرئيسية فى العرض، وكان هدفى إنه يكون حاضر البروفات ولو اعترض على حاجة أنفذها له.. وقعد يعرض كممثل معنا فى المسرحية حوالى ٣ أسابيع وبعدين اختفى.
كنت أنا وكرم مطاوع وقتها أهم شخصيتين فى حياته.. ممكن تستغرب لو قلت لك إنه كان بيعتبر نفسه متجوز اتنين.. يزعل من كرم يجينى، يزعل منى يروح لكرم، ولم يكن «زعل» بالمعنى المفهوم، مجرد خلافات فنية، لأننا فى كل الأوقات كنا نسهر تقريبًا كل ليلة مع بعض.
ربما كانت أكبر أزمة حصلت بينى وبينه بسبب مسرحية «آه يا ليل يا قمر».. وقتها كان تزوج من زميلتنا الفنانة سميرة محسن.. عرفها وهو يجهز لإخراج مسرحية «وابور الطحين» وأعطاها دور البطولة.. ووعدها تعمل دور «بهية» وتكون بطلة مسرحية «آه يا ليل يا قمر» اللى كتبها وأنا توليت إخراجها سنة ١٩٦٨.
جاء وقال لى بوضوح إن سميرة هى أحسن واحدة فى دور البطولة.. أنا شفت إن سهير البابلى هى الأنسب للدور، كانت رؤيتى أن أعمل شخصية «بهية»، التى ترمز إلى مصر، بشكل مودرن وتتكلم بطريقة عادية وليس باللهجة الفلاحى كما رآها نجيب، زعل منى جدًا وعمل عمايله، وراح كتب مسرحية «يا بهية وخبرينى» علشان ينتقدنى ويقول إنى أفسدت الرواية.
أنا كنت عارف السبب الحقيقى لغضبه، وإن سميرة كانت «تزن» عليه حتى تكون بطلة الرواية، وموضوع الرؤية الفنية كانت مجرد تلكيكة، لأنه حضر البروفات، ومثّل فى المسرحية ٢٠ ليلة عرض، وشاهد بنفسه استقبال الجمهور للمسرحية والنجاح الهائل اللى حققته لما عرضناها فى سوريا، مش قادر أوصف لك إزاى الجمهور السورى كان قاعد فوق بعضه فى مسرح «الحمرا».. سعدالله ونوس شاهدها يمكن عشرين مرة.. طول ما إحنا فى سوريا كان كل ليلة ييجى يشوفها.. رفيق الصبان كتب عنها كتابة مذهلة.. والمسرحيون فى سوريا اعتبروها نقلة فى تاريخ المسرح، وفتحت عيونهم على آفاق جديدة فى المسرح.
واحتفاءً بالمسرحية قرروا أن يستعينوا بنجيب كخبير مسرحى.. وكثيرون لا يعرفون أن نجيب سرور سافر سوريا وعاش هناك سنتين واحتفوا به جدًا.. وفجأة رجع مصر وسابهم.
زواجه من سميرة لم يستمر سوى شهور.. ارتبط بها وهو متزوج من ساشا، لكن زوجته الروسية لم تكن موجودة فى مصر وقتها.. الغريب أن سميرة وافقت أن تتزوجه فى بنسيون.. لأن نجيب عمره ما كان عنده شقة.. طول حياته وهو عايش فى بنسيونات.. رغم إنه كان يكسب كويس جدًا من شغله ككاتب ومخرج وممثل وناقد، لكن فلوسه كانت ضايعة فى البارات.

«العقبة وما أدراك ما العقبة».. قصة قصيدته التى كتبها فى مديح «حبيبه» عبدالناصر
كانت لنجيب بارات مفضلة، بينها بار فى شارع عدلى بوسط البلد، هو الذى كتب فيه قصيدته الشهيرة «الأميات» بكل ما أثارته من جدل ولا تزال.. أعترف لك أولًا بأننى لم أقرأ تلك القصيدة ولا سمعتها.. فقط سمعت عنها.. لكنى أعرف الظروف التى كتبها فيها.
كان يذهب كل ليلة إلى بار عدلى، ويضع ترابيزة على الرصيف خارج المحل، ويشرب بشراهة، وكان معتادًا أن يضع فى جيوبه قصاصات من الورق لا تفارقه ويدون عليها ما يعن له من خواطر.. وعلى تلك القصاصات كتب «الأميات» وعندما كان يفيق فى اليوم التالى يُخرج القصاصات المكتوبة من جيبه و«يبيضها».
وعندى شك أنه سجلها بصوته، وما يقال عن تسجيل متداول لنجيب يتلو فيه القصيدة بصوته لا أثق فيه.. أظن أن هناك من يقلد صوته.
أما القصيدة نفسها فحسب ما سمعته عنها فإنه مؤلفها.. فأنا أعرف أسلوبه وطريقته فى الكتابة وتعبيراته ومفرداته.
والذى أعرفه كذلك أن نجيب لم يكن أبدًا ضد عبدالناصر.. لم أضبطه مرة يهاجمه، وكنت أستغرب جدًا من موقف الماركسيين من عبدالناصر.. يعنى سحلهم وسجنهم وشردهم وعذبهم وضيّع عمرهم فى الزنازين ومع ذلك كانوا يخرجون من المعتقلات يُسبحون بحمده.. تناقض لم أفهمه طول حياتى.. شوف مثلًا عمل إيه فى شاعر عظيم مثل فؤاد حداد.. ورغم ذلك كتب فى عبدالناصر أروع ما كتب الشعراء.
أنا فاكر مرة كنت سهران مع عدد من الأصدقاء الماركسيين واليساريين.. كان منهم ألفريد فرج ورجاء النقاش، وتطرقت المناقشة بيننا إلى موقف الشيوعيين من عبدالناصر، وسألتهم ليلتها سؤالًا: إزاى عبدالناصر سجنكم وعذبكم وفعل بكم الأفاعيل وما زلتم تدافعون عنه ونسيتم ما تعرضتم له على يديه.. إيه سر هذا التناقض؟!.. كانت هذه السهرة قبل أكثر من ثلاثين عامًا.. وصدقنى لم أتلق إجابة حتى الآن.
نجيب كماركسى كان يعشق عبدالناصر.. ممكن كان ينتقد ويهاجم ممارسات أجهزته الأمنية والتعذيب البشع للمعارضين فى السجون.. لكنه عمره ما كره عبدالناصر.. حتى لما حصلت نكسة ٦٧ لم تتغير مواقفه من عبدالناصر.. وأنا فاكر لما عبدالناصر أخذ قراره بإغلاق خليج العقبة اللى كان سببًا فى نشوب الحرب مع إسرائيل ودفعنا ثمنه غاليًا.. نجيب وقتها كتب قصيدة عصماء فى مدح قرار عبدالناصر كان مطلعها: «العقبة وما أدراك ما العقبة».. وبعد الهزيمة لم يكفر نجيب كغيره من اليساريين بعبدالناصر.. وهو شىء يحيرنى جدًا فى الإخوة اليساريين والشيوعيين ولا أجد له إجابة مقنعة أو تفسيرًا يدخل العقل.
وبعد النكسة كتب نجيب وقتها مسرحية «آه يا ليل يا قمر» ليقول من خلالها إن الجيش المصرى لم ينهزم فى الحرب مع إسرائيل.. وما حدث هو نتيجة خيانة تعرض لها.
وقتها كنت ألاحظ أن نجيب يظهر فجأة ويختفى فجأة.. كنت قد بدأت أتعود على أطواره الغريبة.. وقتها كنت لسه عازب لم أتزوج بعد وقاعد لوحدى فى الشقة.. وفى عز نومى الساعة أربعة الصبح ألاقى جرس الباب يرن بإلحاح، فأعرف أن نجيب ظهر، أقوم أفتح له وأنا شبه نائم، ادخل يا نجيب، فيسألنى ببراءة: أنا صحيتك أو جيت لك فى وقت مش مناسب؟

كتب «ملك الشحاتين» خصيصًا لسمير غانم وجورج سيدهم وحققت نجاحًا كبيرًا عند عرضها

لى مع نجيب تجربة مسرحية تستحق أن تُروى: «فبعد الأزمة التى تعرضت لها فى هيئة المسرح واضطرارى أو إجبارى على تقديم استقالتى.. وقتها جاءنى سمير غانم وجورج سيدهم علشان أعمل لهم حاجة للقطاع الخاص.. كان لسه الضيف أحمد، ثالث الثلاثى، متوفى، وفكر سمير وجورج إنهم يضمونى لهم وأبقى التالت بتاعهم.. وجابوا لى رواية أخرجها لهم، ولما قريتها قلت بالمثالية اللى كانت عندى إنهم يبددون موهبتهم بتلك الأعمال الهزلية التى تأخذ من موهبتهم ولا تضيف إليهم.. وفكرت إنى آخذهم فى سكة تانية، فطلبت من نجيب سرور إنه يكتب رواية تصلح لسمير وجورج.. بعد شوية جاءنى نجيب وأخبرنى بأن عنده معالجة جديدة لمسرحية (أوبرا البنسات الثلاثة) لبريخت، وهى رواية مستوحاه فى الأصل عن عمل لجون جاى.. المهم كتب نجيب مسرحية وسماها (ملك الشحاتين)، سمير وجورج قرأوا المسرحية وقعدوا يتريقوا عليها ولم يتصوروا أنهم ممكن يعملوا مسرحية عن (أوبرا البنسات الثلاثة) وقالوا لى بسخرية: إيه الهبل ده؟.. ورفضوا يعملوها.. واختلفنا ومشيوا.
طلعت وقتها فى موسم مسرحى بالإسكندرية، جاءنى سمير وجورج وأخبرونى بأنهم فى أزمة مالية وطلبوا يستلفوا منى مبلغًا، نزلت على القاهرة ورحت البنك كسرت شهادات ادخار كنت أودعها باسم ابنتى عبير، وأخذت الفلوس ورجعت إلى الإسكندرية وأعطيتهم ما طلبوه، وكتبوا لى شيكات بالمبلغ (تقريبًا ١٢ شيكًا كل منها بمبلغ ١٠٠ جنيه على ما أذكر).
رحت صرفت أول شيك، وفى الثانى أخبرونى فى البنك بأن التوقيع غير مطابق، واكتشفت أنها حيلة عملها سمير وجورج للتنصل من الدفع، وقررت أن أقاضيهم ولكنهم سبقونى ورفعوا علىّ دعوى قضائية بتهمة الاستيلاء على نص (ملك الشحاتين) اللى كتبه نجيب سرور خصيصًا لهم.
وفوجئت برئيس هيئة المسرح المرحوم محمود أمين العالم يستدعينى ويكلمنى بحدة، وفهمت منه إن سمير وجورج راحوا اشتكوا له منى ونقلوا له صورة خاطئة ومضللة عن المشكلة، وحكيت له ما حصل فعلًا وأخفوه عنه، وحصل يومها إن جورج جاء لزيارته واعترف له بصحة أقوالى.. المهم توصلنا لحل وسط يقضى بأن أتنازل عن نصف الفلوس اللى ليّا فى ذمتهم مقابل موافقتهم على القيام ببطولة المسرحية وعرضها على مسرح (البالون).. وحققت المسرحية نجاحًا منقطع النظير.. وكانت المسرحية الوحيدة التى كتبها نجيب خصيصًا لهم.. ولكن لأقدمهم بصياغة جديدة وعلى طريقتى».

موهبته كانت طاغية وساطعة ولكن ظروفه الشخصية والنفسية بددتها

أظن أن نجيب سرور كتب نصًا لم يخرج للنور.. لم يُمنع له عمل.. يمكن العمل الوحيد الذى كتبه ولم يخرج لخشبة المسرح هو «الذباب الأزرق» لسبب فنى بحت هو أن جوها قاتم جدًا.. مسرحية غامقة قوى وليس فيها البهجة والمتعة الموجودة فى أغلب مسرحياته.
نجيب سرور أخذ حظه كاملًا من الاهتمام فى جيلنا.. كانت موهبته طاغية وساطعة، ولكن ظروفه الشخصية والنفسية هى التى بددتها.. كلمتك عن واقعة «الحذاء» التى ظلت شبحًا يطارده طول عمره ولم ينس أبدًا منظر العمدة فى قريته وهو طفل عندما أهان والده وضربه بالحذاء.. كلمتك عن إفراطه فى الشرب.. كلمتك عن الأوهام التى اخترعها وعاش فيها وسيطرت عليه وظل على يقين بأن هناك من يراقبه ويترصد خطواته.. ولم يكن هناك أى جهة أمنية تهتم به، ولم يكن من الخطورة على الأمن القومى حتى تضعه تحت المراقبة.
فى مقابل تلك الموهبة كان غريب الأطوار.. فهو يسافر أحيانًا إلى الإسكندرية، ويظل أيامًا طويلة يجلس بمفرده على مقهى فى منطقة كليوباترا يرتاده الفنانون بعد أن ينتهوا من عروضهم المسرحية فى مسارح الإسكندرية.. يجلس صامتًا وحيدًا ولا يكلم أحدًا.
وتضاعف هذا الاضطراب النفسى فى سنواته الأخيرة، وقيل إنه سافر فجأة إلى دمنهور.. وفجأة عرفنا أنه مات.
رحل نجيب سرور مبكرًا.. لكنه ترك إرثًا ضخمًا كفيلًا بأن يخلد اسمه كواحد من العباقرة المبدعين الذين لا يتكررون كثيرًا.. رحمه الله وعوضنا عنه خيرًا.