رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حضَانات الإرهاب.. تانى!


بجهدٍ مشهود، مشكور ومحمود، تصدّى زميلنا وصديقنا محمود بدر، عضو مجلس النواب، لملف «حضانات الإرهاب» منذ حوالى تسعة أشهر. وظننا أن الموضوع انتهى باستجابة وزارة التضامن لحملته وطلب الإحاطة الذى تقدم به. غير أن خبرًا تم تداوله، خلال الأيام الماضية، عن طلب إحاطة جديد، جعلنا نعتقد أن الإجراءات التى أعلنت عنها وزيرة التضامن الاجتماعى، وتلك التى وعدت بها، كانت مجرد كلام فى الهواء!.

أواخر سبتمبر الماضى، تقدم محمود بدر بطلب إحاطة لرئيس مجلس النواب موجهًا إلى رئيس مجلس الوزراء ووزيرى التربية والتعليم والتضامن الاجتماعى، بشأن حضانات «جمع حضانة» تابعة للإخوان والسلفيين وما توصف بـ«الجمعيات الشرعية»، تخالف توجه الدولة المصرية ونظام التعليم الجديد، وتقوم بتدريس أو تلقين مناهج متطرفة للأطفال تحض على العنف والكراهية. وبالتزامن مع تقديمه طلب الإحاطة، ظل محمود يطارد هذه الحضانات فى حساباته على شبكات التواصل الاجتماعى، وفى حوارات أجرتها معه صحف، بينها «الدستور»، وفى العديد من البرامج التليفزيونية، مثل «٩٠ دقيقة» مع محمد الباز، و«رأى عام» مع عمرو عبدالحميد.

استجابة للحملة وطلب الإحاطة، أعلنت الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، عن إعداد منهج موحد للحضانات، وضعه أساتذة التربية وتربية الطفل. وخلال الجلسة العامة لمجلس النواب، التى انعقدت فى ٢٧ نوفمبر الماضى، قالت الوزيرة إن المنهج الموحد تم إعداده على أعلى مستوى، من صندوق العمل العربى، وسيستخدم فى مختلف الدول العربية، موضحة أنه يتضمن عددًا كبيرًا من المهارات والسلوكيات المراد تدريب الأطفال عليها، لبناء شخصياتهم وتطوير إمكانياتهم لخلق أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل و... و... وسلمت الوزيرة نسخة إلكترونية من ذلك المنهج الموحد إلى أمانة البرلمان، لإدراجها فى مضبطة الجلسة.

بعد شهر تقريبًا، اجتمعت الوزيرة بفريق عمل مشروع تنمية الطفولة المبكرة ومسئولى الأسرة والطفولة بالإدارات الاجتماعية لمحافظة القاهرة، والقائمين بمهام ترخيص الحضانات والإشراف عليها. ووقتها، أعلنت الوزيرة أن مشروع تنمية الطفولة المبكرة أحد أهم وأبرز مشروعات وزارة التضامن الاجتماعى فى ٢٠١٩، وأن الوزارة ستولى هذا المشروع أهمية قصوى خلال الفترة المقبلة، لأنه يتعلق بمستقبل أطفال مصر. وأوضحت أن الوزارة تقوم بتشجيع الجمعيات الأهلية العاملة فى مجال الحضانات على التوسع وافتتاح فروع وفصول أكثر لاستيعاب أعداد أكبر من الأطفال فى المرحلة العمرية من يوم حتى ٤ سنوات. 

الحضانات حتى سن ٤ سنوات تابعة لوزارة التضامن، أما تلك التى تستهدف الأطفال من سن ٤ لـ٦ سنوات، فهى تابعة لوزارة التربية والتعليم. وعليه، أثلج صدورنا تأكيد «غادة والى» أن لدى وزارة التضامن خطة للتنسيق بين الوزارات المعنية للتعامل مع الحضانات، تهدف إلى منح تراخيص للحضانات التى تستطيع توفيق أوضاعها والقضاء على الحضانات غير المرخصة. ووعدتنا ببناء قاعدة بيانات قوية تضم كل الحضانات، بعد تقييمها وتصنيفها، وفق قائمة بيضاء للحضانات الملتزمة وقائمة سوداء تضم الحضانات غير الملتزمة بالمعايير والقواعد. وبالتالى يتاح لكل أسرة أن تختار من هذه الحضانات ما يناسبها.

مع تحفظنا على استمرار حضانات «القائمة السوداء» ورمى الكرة فى ملعب الأسرة، إلا أن هذا التحفظ يهون أمام إعلان الوزيرة، الذى مر عليه أكثر من سبعة أشهر، عن قيام الوزارة بوضع معايير للجودة سيتم تطبيقها، وانتهائها من تقييم نحو ٦٥٠٠ حضانة فى ٦ محافظات تمثل محافظات المرحلة الأولى من المشروع. وكذا تأكيد الوزيرة وجود توجه لتشجيع الاستثمار فى مجال الحضانات على مستوى القطاع الخاص، وأن لديها اعتمادات للتمويل من خلال بنك ناصر الاجتماعى، لتحقيق الأهداف المرجوة من المشروع القومى لتنمية الطفولة المبكرة.

الكلام، كما ترى، جميل ومعقول، وتستحق عنه وزيرة ووزارة التضامن كل الشكر، الذى يستحقه أيضًا زميلنا وصديقنا محمود بدر، وكذا مَنْ ساندوه ودعموه من الزملاء فى حملته. لكن ما أقلقنا، مؤخرًا، وجعلنا نتشكك فى أن ما سبق كله كان كلامًا فى الهواء، هو أن صحفًا ومواقع إلكترونية عديدة تداولت، خلال الأيام القليلة الماضية، خبرًا عن قيام الأستاذة منى منير، عضو مجلس النواب، بتقديم طلب إحاطة بشأن انتشار حضانات أسسها عدد من قيادات جماعة الإخوان، أو المتفقين فكريًا معهم، تهدف إلى........ إلخ.

نحن، إذن، أمام أحد احتمالين: أن تكون حملة محمود بدر انتهت إلى لا شىء، أو أن تكون النائبة «مش متابعة» وقررت الذهاب إلى الحج بعد أن عاد الحجيج. وفى الحالتين، أو مع كلا الاحتمالين، لا يعنينا غير أن تنتهى تلك الظاهرة، وأن يتم تنفيذ ما أعلنته ووعدت به وزيرة التضامن الاجتماعى. ولا أسكت الله حسًا لوزير التربية والتعليم!.