رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيمن الحكيم يكتب: زيارة جديدة لـ«نجيب سرور»

نجيب سرور
نجيب سرور

لم يُخلق نجيب سرور ليموت، فى حياته كان أكبر من الحياة، وبعد موته ما زال أبقى من النسيان.. كان حالة إنسانية متفردة وخلطة عجيبة من الإبداع والجنون والذكاء والموهبة المتوحشة والنجاح وعشق الحياة والتعاسة، ويمكنك أن تعتبره واحدًا من أبطال الدراما الإغريقية، يجتمع فيه العبقرية والمأساة، وربما يمر فى الحياة كشهاب خاطف، لكنه دائم الوهج.

لا يحتاج نجيب سرور لمناسبة تستدعى ذكره واستعادة سيرته، فهو حاضر بلا انقطاع فى أذهان الذين عرفوه، ووجدان الذين قرأوه، وفى ضمير وطن أحبه إلى حافة الجنون.. فما بالك فوق ذلك كله أن تتجدد مأساته فى ابنه، ويموت «شهدى» منفيًا فى بلاد بعيدة، تنهشه الغربة والمرض، ممنوعًا من دخول وطنه، محكومًا عليه بالسجن فى قضية عبثية، مدانًا بنشر قصيدة ممنوعة لوالده على شبكة الإنترنت، مع أن القصيدة من فرط منعها أصبحت أشهر وأكثر تداولًا من المسموح لها بالتداول!.. موت عبثى ونهاية مأساوية تليق بمن يحمل اسم نجيب سرور.

فمن هو هذا الرجل العجيب الذى تطارده الحياة العبثية والنهاية المأساوية، وجرى تلخيص إبداعه كله فى تلك «الأميات» عارية المعانى وفاضحة الألفاظ، مع أنه ترك إبداعًا عظيمًا يسجل اسمه مع كبار مبدعى جيله، إن لم يكن هو أكثرهم إبداعًا وتفردًا وتوهجًا؟.

فى حياة «نجيب» اثنان يمكن أن تعتبرهما «أصدقاء العمر»، كانا هما الأقرب إليه والعارفين بموهبته والمستوعبين نزقه وجنونه: ابن دفعته المخرج الفنان كرم مطاوع.. ثم رفيقه فى بعثته الدراسية التى لم تكتمل فى روسيا وشريكه فى أنجح أعماله المسرحية مخرجنا الكبير جلال الشرقاوى.

وعندما يتحدث جلال الشرقاوى عن نجيب سرور فنحن أمام شهادة تاريخية تستحق الاهتمام والمتابعة والإنصات، فهو يحكى عن صديق عمره، الذى كان سببًا فى تعديل مصير حياته وسفره لدراسة الإخراج المسرحى فى موسكو، وشاءت الأقدار أن يقتربا كثيرًا وطويلًا، وأن يكتب «نجيب» فى بيت «جلال» عددًا من مسرحياته، وأن يعرفه «جلال» كما يعرف أصابع يده.

وبعد شهور من الإلحاح عليه لأسمع شهادته عن نجيب سرور، وافق مخرجنا الكبير، وفى مكتبه العريق بمسرح الفن جلست أستمع وأستمتع، وبموهبة حكّاء أصيل ومسرحى متمرس يعرف كيف يحبس أنفاسك مع كل مشهد وأذنك مع كل جملة، بدأ جلال الشرقاوى يحكى ويستعيد زمنًا آخر بدا حاضرًا، وبدا نجيب سرور وكأنك تراه.. قال صاحب «على الرصيف، وانقلاب، والخديوى» وعشرات المسرحيات التى جعلت منه أيقونة للمسرح المصرى، تكلم جلال الشرقاوى.



بعد ساعات من وصولنا موسكو جاءنى ومعه فتاة وقدمها لى بفخر: «دى صاحبتى»

نجيب الله يرحمه كان واحدًا من أبناء جيلى، كنا متقاربين فى العمر ويجمعنا عشق المسرح، كنا: سعد أردش، كرم مطاوع، كمال ياسين، نجيب سرور، أحمد عبدالحليم، أحمد زكى، فاروق الدمرداش، محمد عبدالعزيز، حسين جمعة وجلال الشرقاوى.. نجيب واحد من هذا الجيل، لكنى أعترف وأشهد بأنه كان أكثرنا موهبة وأخصبنا عطاء، كما أن موهبته كانت شديدة التنوع، كان شاعرًا موهوبًا يكتب قصائده بالفصحى والعامية بنفس الروعة والجمال، وكان كاتبًا مسرحيًا، وناقدًا، وممثلًا، ومخرجًا، ومترجمًا.. كانت موهبته استثنائية وساطعة، وعطاؤه لم يصل إليه أحد من جيلنا.

وعرفت نجيبًا قبل أن أراه، كان هو وكرم مطاوع فى السنة النهائية بمعهد الفنون المسرحية عندما التحقت أنا بالمعهد.. وكنا نحن الطلبة الجدد نسمع عن طالب موهوب فى البكالوريوس اسمه نجيب سرور، لكن علاقتى الحقيقية بنجيب بدأت بعد تخرجنا، وتحديدا عندما أعلنت وزارة الثقافة عن إرسال بعثات فنية إلى روسيا «الاتحاد السوفيتى وقتها» فتقدم لها كل خريجى المعهد تقريبًا ومعهم الموهوبون من طلبة الجامعات، ومن ضمن هذه البعثات كانت بعثة فى التمثيل وبعثة فى الإخراج المسرحى، وتقدمت إلى البعثتين وكان ترتيبى الأول فى الاثنتين، وأذكر أن الاختبارات كانت تتم فى مسرح دار الأوبرا القديمة، وكانت لجنة الامتحان مكونة من: زكى طليمات، يوسف وهبى، حسين رياض، أحمد علام، جورج أبيض، فتوح نشاطى ونبيل الألفى.. شىء مرعب يعنى.

وكان علىّ أن أختار واحدة من البعثتين، يا الإخراج يا التمثيل، ولو اخترت الإخراج يجرى بشكل أتوماتيكى تصعيد الثانى فى التمثيل، ولو اخترت التمثيل يسافر الثانى فى الإخراج «أحمد زكى»، واخترت الإخراج، وبناء على قرارى جرى اختيار الطالب نجيب سرور ليسافر فى البعثة إلى روسيا، يعنى أنا كنت السبب فى تغيير مسار حياته.

وفى تلك الأثناء تعرفت على نجيب، بل إن والده طلب أن يرانى، وفعلًا قابلته بعد أن جاء من قريته «أخطاب» فى ريف المنصورة، وفوجئت به يوصينى على نجيب وأن أتولى رعايته و«آخد بالى منه» أثناء البعثة.. لكن المفاجأة الحقيقية كانت فى نجيب نفسه، فقد أدركت بعد قليل أنه مصاب بوسواس أن أجهزة الأمن تراقبه، وراهننى على أنهم لن يسمحوا له بالسفر خارج مصر، وقال لى بثقة: أراهنك لو طلعوا لى الباسبور، ورحت معاه نطلع جوازات السفر، واستخرجناها بسهولة ويسر، لكنه لم يغيّر موقفه وشكوكه، وقال بنفس الثقة: أراهنك لو سمحوا لى أدخل الطيارة، ورحنا أخدنا تذاكر الطيران وفى موعد السفر عديت عليه ورحنا سوا المطار، وكانت مفاجأة له أنه وصل إلى مقعده فى الطيارة، ومع ذلك استمر على ثقته الكاملة بأنهم سيمنعونه من السفر، وهمس لى: دلوقتى يندهوا على اسمى علشان أنزل، لكن الطائرة أقلعت به، وبعد ساعات من السفر الطويل والشاق هبطت بنا الطائرة ترانزيت فى مطار زيورخ، ومن زيورخ إلى «براغ»، ترانزيت تانى، ومن مطار براغ حملتنا طائرة ثالثة إلى مطار موسكو، وأنا فاكر كويس إننا وصلنا الاتحاد السوفيتى يوم ٤ فبراير، وكانت درجة الحرارة ٦ تحت الصفر، وأخيرًا وصلنا مع حقائبنا إلى المدينة الجامعية فى موسكو، وكانوا يسمونها «كعبة موسكو»، ولم يكن يسكنها إلا طلبة الماجستير والدكتوراه سواء من الروس أو المبعوثين الأجانب، وكانت المدينة عبارة عن بناء عظيم مكون من ٤ أبراج، كل برج من ٢٥ دورًا، وروعى فى بنائه أن يكون مدينة متكاملة فيها كل ما يحتاج الإنسان إليه بحيث لا يضطر إلى مغادرته.

ونزلت أنا ونجيب فى الدور ١٧، وفى نفس الجناح، ولم يكن يفصل غرفتى عن غرفته سوى ٤ غرف فقط، أنا فى الحجرة ١٧٥٦ وهو فى ١٧٥٢، وتعمقت الصداقة بينى وبينه، وفى اليوم التالى لوصولنا نزل نجيب يتجول فى المبنى ويستكشفه، وعاد لى بعد ساعة ومعه فتاة روسية جميلة قدمها لى بثقة على أنها «صاحبته»، ولم أشأ أن أحرجه وأسأله: صاحبتها إمتى وعرفتها إمتى وإحنا لسه واصلين موسكو من ساعات، وصديقته الروسية التى عرفها بالصدفة فى اليوم التالى لوصوله إلى روسيا هى نفسها «ساشا» التى تزوجها فيما بعد وأنجبت له ابنيه «شهدى» و«فريد».




مأساته بدأت بـ«علقة بالحذاء».. واعتداء عمدة بلدته على والده كان سببًا فى اضطرابه

٢

فى موسكو أصبحنا لا نفترق أنا ونجيب ما عدا الأوقات التى «يزوغ» فيها للقاء «ساشا»، واطمأن لى وكان يحكى لى كل شىء عن حياته، بما فى ذلك «واقعة الحذاء» التى حكاها لى حوالى ٤ مرات بكل تفاصيلها، واكتشفت فيما بعد أن تلك الواقعة كانت هى سر مأساة نجيب وسببًا رئيسيًا فى حالة الاضطراب النفسى التى عاشها طوال حياته.

منه سمعت أنه كان فى السابعة من عمره عندما جاء شيخ الخفر فى قريته يطرق باب بيتهم ويبلغ والده بأن «حضرة العمدة» عايزه فى «الدوار»، وقام والده ليرتدى أغلى ملابسه للقاء العمدة، وكان الحاكم بأمره فى القرية وأغنى أغنيائها وحصل على الباشوية ويمتلك أغلب الأراضى الزراعية، والفلاحون أجراء عنده، وكلمة منه تغير مصائر، والذهاب للقاء العمدة شرف يتمناه أى فلاح فى القرية، وتسلل الطفل الصغير وراء والده ليشهد هذا اللقاء التاريخى، ويرى والده فى دوار العمدة وفى حضرته وهو يسلم عليه، وكان نجيب يحب والده بشدة ويقدره، لذلك حرص على أن يراه فى يوم مجده، واستخبى فى مكان يمكنه منه أن يرى الحدث، وراح خيال الطفل يصور له العمدة وهو يصافح والده ويجلسه إلى جواره على الكنبة، لكنه رأى سيناريو لم يخطر على باله ولم يصل إليه خياله، فبمجرد أن دخل العمدة إلى المندرة التى يجلس فيها والده خلع حذاءه وانهال ضربًا شديدًا ومهينًا على والده، الذى استسلم للضرب والإهانة فى انكسار وذلة، ولم يستوعب نجيب الصغير ما يحدث أمامه، لكن الحادثة تحولت إلى كابوس لم يتوقف عن مطاردته حتى آخر يوم فى حياته.

ما حكاه نجيب لى عن «حادثة الحذاء» كان أكثر تعبيرًا وتأثيرًا وتفصيلًا مما كتبه فى قصيدة «الحذاء» التى تطرق فيها إلى الواقعة بتعبيرات شعرية.

كان نجيب قد نشر القصيدة لأول مرة فى مجلة «الرسالة الجديدة» فى عددها رقم ٢٩ الصادر فى أول أغسطس ١٩٥٦، ولم يجرؤ فى مقدمتها أن يقول إنها حكايته الخاصة ومأساته الشخصية وكتب سطورًا مضللة: «كان الباشا إلهًا يملك أربعة آلاف فدان، ويملك معها أربعة آلاف نفس، فإلى ذلك الصديق الذى قص علىّ هذه القصة ولم يكن حاقدًا بقدر ما كان آملًا فى مستقبل أفضل». شرخته تلك الواقعة وتركت أثرًا عميقًا فى نفسه، وهى التى قادته إلى مواقفه الثورية الحادة ضد الإقطاع والرجعية والبرجوازية، وهو ما عبر عنه بوضوح فى نهاية قصيدة «الحذاء» قائلًا بعلو الصوت والمعنى:

لماذا أبى؟ وكان أبى صامتًا فى ذهول يعلق عينيه بالزاوية وجدى الضرير قعيد الحصير تحسسنى وتولى الجواب: بُنى كذا يفعل الأغنياء بكل القرى كرهت الإله وأصبح كل إله لدى بغيض الصور تعلمت من يومها ثورتى ورحت أسير مع القافلة على دربها الدلهم الطويل لنلقى الصباح»، كما قادته إلى تلك الاضطرابات النفسية، ساعد على ذلك إفراطه فى «الشرب» وعلاقة نجيب بالخمر قديمة تسبق سفره إلى موسكو، ولم تكن النهاية مفاجأة لمن يعرفون نجيبًا.



فى مستشفى الأمراض النفسية صرخ فى الممرضين: «أنا نجيب سرور يا ولاد الكلب»

ليس سرًا أنه دخل للعلاج فى مستشفى الأمراض النفسية، وهنا أجدنى مضطرًا لأن أقفز على الأحداث لأحكى هذه الواقعة التى كنت طرفًا فيها وشاهدًا عليها.. فى يوم من الأيام جاءنى تليفون غريب، سألنى المتصل: أنت جلال الشرقاوى؟، ولما أجبته بالإيجاب قال لى: أنا د. أحمد شوقى العقباوى، طبيب شاب فى مستشفى الأمراض النفسية وعايزك فى موضوع خاص مش ح ينفع أكلمك فيه فى التليفون، ممكن أجيلك؟ ورحبت به واتفقنا على موعد وجاءنى فى البيت، وأخبرنى بأنه تخرج فى قسم الطب النفسى بطب الأزهر، وعُين معيدًا، ويحضر لرسالة الماجستير عن حالات معينة تجعله شبه مقيم بمستشفى الأمراض النفسية وله حجرة خاصة، وحكى لى أنه فى يوم كان قاعد فى حجرته التى تطل على حديقة المستشفى سمع واحد يشتم الممرضين بوابل من السباب ويصرخ فيهم بانفعال شديد: أنا نجيب سرور يا ولاد الكلب.. ولما كان الطبيب الشاب يومها له اهتمامات عامة بالثقافة والأدب فإنه كان يعرف اسم نجيب سرور، فخرج لاستطلاع الأمر، فوجد عددًا من الممرضين يحاولون السيطرة على مريضهم الذى انتابته حالة هياج عصبى فراح يشتمهم فلم يجدوا معها إلا ضربه بقسوة. وطلب منهم الطبيب أن يتركوه، وسأله فى فضول: أنت نجيب سرور الشاعر؟، ولم يكن قد رآه من قبل، ورد نجيب بفخر وكبرياء: أيوه أنا نجيب سرور الشاعر، وأراد الطبيب أن يتأكد فطلب منه أن يلقى بعض قصائده، فراح نجيب يجلجل بصوته وهو يلقى أشعاره، فما كان من الطبيب المثقف إلا أن احتضنه فى حنو وصحبه إلى غرفته، وبدأ يعالجه بنفسه حتى بدأت حالته فى التحسن، وطيلة شهور العلاج كان يسأله فى كل فترة: عايزنى أتصل لك بحد من أسرتك أو أصحابك؟، ودائما كان يرفض، لحد ما فى يوم وهو يعيد عليه السؤال قال له: اتصل لى بجلال الشرقاوى.. وأعطاه رقم تليفون بيتى وكان يحفظه.. ثم قال لى الطبيب: فأنا كلمتك علشان كده.. قلت له بحماس: فورا.. أنا أقدر أشوفه إزاى؟.. رد بهدوء: أنا ح أجيبهولك لغاية هنا.. أنا أخذت إذن من المستشفى إنه يبات عندك وكل يوم وأنا رايح المستشفى الصبح ح أعدى أخده.

وفعلا تانى يوم الساعة ٧ مساء لقيته داخل علىّ وفى يده نجيب، وهكذا أقام نجيب سرور عندى فى البيت، وأعطيته غرفة ابنى تامر اللى اتنقل ينام معى فى حجرتى، وفى غرفة تامر كتب نجيب سرور مسرحيتين: «الكلمات المتقاطعة» و«الكلمات المتقاطعة جدا»، وأول ما خلص الرواية أخدتها وجريت عملتها فى التليفزيون فى حاجة كان اسمها «استوديو ١١» وجاء نجيب وحضر بروفاتها.

بعد فترة لقيت نجيب «يتسرب» من حجرته، يتسلل فى هدوء ويخرج ويغيب نحو ساعة أو ساعتين ويعود، ولم يكن الأمر يحتاج إلى خبير لأكتشف أن رائحة الخمر تفوح منه وأنه عاد ليشرب بإفراط.. وتعرضت حالته الصحية والنفسية لانتكاسة، واختفى من بيتى.

رفض قرار عبدالناصر بعودة كل المبعوثين المصريين من روسيا

نعود إلى موسكو وأيام بعثتنا فى الاتحاد السوفيتى.. كان نجيب لا يخفى ميوله اليسارية الماركسية، ولكنه لم يحدثنى أبدًا عن انضمامه لأى تنظيم ماركسى فى مصر قبل سفره، قيل إنه دخل حركة «حدتو»، عن نفسى أشك فى هذه المعلومة، لو دخلها كان صارحنى، وكانت مساحة العلاقة بيننا يومها تسمح بأن يقول لى كل شىء عن حياته. ميوله الماركسية لم يكن يخفيها، وفاكر مرة جمعتنا سهرة مع مجموعة من الأصدقاء الروس والمصريين فى مناسبة قررنا أن نحتفل بها فى حجرة زميل لنا بالمدينة الجامعية، وليلتها «شربوا» أكثر من اللازم، وبدأ حوار يدور بيننا عن الماركسية والإلحاد، وبدأ الحوار يحتد والمناقشة تسخن وتكاد تصل لحد الغليان والاشتباك والخروج عن قواعد الحوار، وقررت إنهاء الحوار، واتفقنا على أن أى لقاء يجمعنا فيما بعد لا نتطرق فيه للسياسة ولا الدين، فقد كانت لدى شواهد بأننا تحت المراقبة وهناك جهة روسية ما تراقبنا وترصد جلساتنا وحواراتنا.

وقتها كانت العلاقات قد ساءت بين مصر والاتحاد السوفيتى، وبدأ عبدالناصر يشتم «خروشوف» والزعيم السوفيتى يهاجم عبدالناصر، ووصل الخلاف إلى ذروته بقرار مصر استدعاء كل مبعوثيها الذين يدرسون فى روسيا، بحجة حضور مؤتمر فى القاهرة.. وفعلًا كلنا رجعنا ما عدا نجيب سرور.

رفض نجيب العودة، وكانت عنده حجة مدهشة قعد يقنعنى بها لأيام، فقد كان على ثقة بأن هذا الخلاف مجرد (تمثيلية) الغرض منها هو إعادة نجيب سرور إلى مصر حتى يعتقلوه.. أو بكلماته هو: صدقنى يا جلال.. دول عايزين «يصطادونى».




،