رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تكشف أسرار الإمبراطورية الاقتصادية لـ«إخوان رزق»

جريدة الدستور

- شاركت فى تمويل «خلية الأمل» وتنفيذ مخططات «الإرهابية» ضد الدولة المصرية
فى ٢٥ يونيو الماضى، تمكنت الأجهزة الأمنية من رصد مُخطط عدائى أعدته قيادات جماعة «الإخوان» الإرهابية الهاربة، بالتنسيق مع القيادات الإثارية الموالية لها، تحت اسم «خطة الأمل»، يقوم على توحيد صفوف هذه المجموعات، وتوفير الدعم المالى لها من عوائد وأرباح بعض الكيانات الاقتصادية التى يديرها تابعون للجماعة، من أجل استهداف الدولة ومؤسساتها، وصولًا لإسقاطها.
ولإجهاض ذلك، ألقت قوات الأمن القبض على عدد من عناصر هذه الخلايا، وتم تحديد واستهداف ١٩ كيانًا اقتصاديًا يديره بعض القيادات الإخوانية، والعناصر الإثارية بطرق سرية، بحجم استثمارات وتعاملات مالية يقدر بنحو ٢٥٠ مليون جنيه، وتم العثور على أوراق ومستندات تنظيمية ومبالغ نقدية وبعض الأجهزة والوسائط الإلكترونية التى كشفت عن المخطط بشكل كامل.
وكشفت القائمة الكاملة لأسماء الشركات الـ١٩ الواردة فى التحقيقات تورط شركة «إيفيدال إيجيبت»، إحدى شركات مجموعة «إخوان رزق»، المعروفة بنشاطها الواسع فى مجال التبريد والتكييف، ما دفع «الدستور» للبحث خلف نشاط هذه المجموعة، وحقيقة أصحابها، ومدى علاقتهم بجماعة «الإخوان» الإرهابية.

تستحوذ على 70% من قطاع التبريد والتكييف.. ووردت ضمن «وثائق بنما» لشركات «غسل الأموال» بـ«جزر العذراء»
فى بيان وزارة الداخلية حول «خلية الأمل»، كشفت الأجهزة الأمنية عن أن المخطط يرتكز بالأساس على إنشاء مسارات للتدفقات المالية الواردة من الخارج بطرق غير شرعية، بما يسمح بتمويل التحركات المناهضة بالبلاد للقيام بأعمال عنف وشغب ضد مؤسسات الدولة فى توقيتات متزامنة، مع تكثيف الدعوات الإعلامية التحريضية من العناصر الإثارية عبر وسائل التواصل الاجتماعى، والقنوات الفضائية التى تبث من الخارج.
وبناء عليه، فإن هذه التدفقات المالية المطلوبة لتحريك المجموعات التحريضية احتاجت للاستعانة بما يمكن تسميته «الخلايا النائمة»، وهى هنا تلك الخلايا والمجموعات العاملة فى خدمة جماعة «الإخوان» الإرهابية دون أن تعلن ذلك.
وبتتبع اسم «إخوان رزق» الوارد فى التحقيقات، اتضح أن المجموعة تعد واحدة من كبرى الشركات المتخصصة فى تجارة واستيراد مستلزمات التبريد والتكييف وقطع الغيار.
وحسب الوثائق، فإن إمبراطورية «إخوان رزق» تضم ٥ شركات تابعة هى: «إخوان رزق للغازات والتبريد»، و«الإخوان المتحدون لأجهزة الغاز والتبريد»، و«العربية للصناعات الهندسية والصناعات المغذية لأجهزة التبريد والتكييف»، و«المصرية الألمانية للصناعات الهندسية»، و«المصرية- الصينية للتجارة».
وتأسست الشركة فى البداية تحت اسم «إخوة رزق للتبريد» فى ١ يناير ١٩٨٠، ويديرها حسب الأوراق كل من الدسوقى على محمد رزق، وعلى محمد رزق على، كشركة مساهمة بنسبة ٥٠٪ مقاسمة بين الاثنين، وكان عنوانها فى أحد عقارات شارع نجيب الريحانى المتفرع من شارع الجمهورية.
ورغم ذلك، بدأ النشاط الفعلى للشركة فى ١٩٨٥ بعد دخولها فى مجال تجارة قطع غيار الثلاجات والأجهزة المنزلية، وبدء عمليات الاستيراد من عدد من الشركات العالمية مثل «Tecumseh Europe - Guntener Germany - Bitzer Germany»، ثم تسويقها وتوزيعها فى محافظات الدلتا والقناة والإسكندرية والقاهرة.
وفى ١٩٩٤، أنشأت «إخوان رزق لمعدات التبريد والغاز» فرعًا لها ببرج «الجوهرة» على كورنيش النيل، تحت قيادة رئيسها التنفيذى الدسوقى رزق، كما أسست شركة ذات مسئولية محدودة فى العام نفسه بمحافظة الزقازيق، يرأسها كل من الدسوقى ونادر رزق.
ثم تلتها مؤسسة «إخوان رزق للتجارة والاستيراد والتوكيلات التجارية» بالدقهلية، والتى أصبحت شبه مستقلة على يد كل من السيد ووليد حسن رزق، بعدما نجحت فى امتلاك أسطول من السيارات لتوزيع أعمالها فى جميع المحافظات وامتلكت نقاط توزيع فى المدن الصناعية الجديدة.
وحصلت على حق الموزع المعتمد لشركة «ميراكو كاريير» لوحدات التبريد والتجميد، كما تعد أيضًا من كبار الموزعين لشركات مثل «Tecumseh Europe- Full Gauge- DE- NA- Bitzer- National HR- Mafron)»، كما تقول على موقعها الرسمى.
وقدر حجم أعمال المجموعة بنحو ٤٠٠ مليون جنيه بنهاية عام ٢٠١٢، مع زيادة حجم الأعمال والإنتاج فى السوق المحلية بعد ذلك، خاصة فى مجال الصناعات المغذية لأجهزة التبريد والتكييف والتى تخدم شركات السيارات والأجهزة المنزلية وغيرها.
ويعمل بالمجموعة حاليًا نحو ١٠٠٠ عامل فنى وإدارى، بعدما كان عددهم لا يزيد على ٣٥٠ عاملًا بنهاية ٢٠١٢، كما تملك الشركة فروعًا أخرى فى بريطانيا وأستراليا ولبنان.
وحسب مصدر اقتصادى مطلع، تحدثت معه «الدستور»، فإن شركات مجموعة «إخوان رزق» تستحوذ على نحو ٧٠٪ من السوق المحلية فى مجال التبريد، ونحو ٤٠٪ من أسواق الدول العربية، كما أنها تصدر نحو نصف إنتاجها لمجموعة من الدول تضم الجزائر والسودان بشكل أساسى، كما كانت تضم سوريا قبل اضطرابات السنوات الأخيرة.
وكشف لنا المصدر عن أن المجموعة تضم أيضًا شركة «إخوان رزق المحدودة» مسجلة بعنوان فى مدينة جيرسى الإنجليزية، وسبق أن ظهرت فى «وثائق بنما» التى كشفت عن شركات «الأوف شور»، التى جرى إنشاؤها فى جزر العذراء وغيرها لأعمال مشبوهة، وإتاحة غسل الأموال والتهرب الضريبى.

«أولاد رزق» تدير أعمالها بعيدًا عن الحكومة والإعلام والبنوك

بتتبع الرجل المسئول عن إدارة هذه الإمبراطورية العملاقة، اتضح أن رجل الأعمال الدسوقى رزق يتبع نظامًا خاصًا فى إدارة أمواله يختلف به عن غيره من رجال الأعمال، فهو يخزن أمواله كما يعلن دائمًا فى خزائن داخلية ويرفض إيداعها أى بنوك سواء كانت حكومية أو خاصة.
وفى حواره الوحيد لصحيفة «المال» فى ٢٣ يوليو ٢٠١٣، قال الدسوقى رزق: «المجموعة لا تتعامل مطلقًا مع البنوك والمصارف التمويلية بأى شكل من أشكالها الإسلامية أو العادية، لأن تعامل المؤسسات المصرفية فى السوق المحلية يزيد من معوقات الاستثمار، كما يزيد تعثر الشركات المتعثرة بهدف رغبته «أى البنك» فى تحصيل مستحقاتها وليست تنمية الصناعة».
وأضاف: «التعامل مع البنوك محليًا يضغط على المصنع لبيع منتجاته ولو بأسعار أقل حتى يتمكن من سداد أقساط القروض الدورية حتى لا تتراكم عليه الفائدة، لدرجة أن بعض المصانع كانت تضطر لبيع المنتج بأقل من تكلفته».
ورأى الدسوقى رزق أن ما يسميه «التمويل الذاتى» يزيد من قدرة الشركة على التحكم فى المبيعات فى الوقت المناسب، وبالأسعار التى تحقق له هوامش ربحية تضمن استمرارية الاستثمارات وعدم تآكل رأس المال.
وتكشف هذه التصريحات عن الفكر الخاص لهذا الرجل الذى لا يختلف كثيرًا عن غيره من أصحاب التوجهات الإخوانية الرافضة للتعامل مع البنوك، والتى تفضل العمل فى الخفاء بعيدًا عن الأعين، خاصة أعين الجهات الحكومية. الأكثر غرابة أن الرجل لا يُحب مطلقًا وسائل الإعلام، فهو لا يظهر أمام الكاميرات أو يُصرح للصحف بأى تصريحات إلا نادرًا جدًا، لكنه فى هذه التصريحات النادرة أثناء حكم الرئيس الإخوانى، محمد مرسى، تحدث عن مشكلة انقطاع الكهرباء المتكرر حينها وقال: «قطع التيار متعمد ومخطط له بهدف إرباك الدولة والخطط الصناعية وتغريم المصنعين».
وفى تصريحاته خلال هذه الفترة، قال الدسوقى رزق إنه يرى أن النظام السابق وأعوانه هم أبرز الأيادى التى تحول دون الاستقرار الأمنى والسياسى، وأن نظام «مبارك» استفاد منه الكثير من رجال الأعمال على مدى ٣٠ عامًا، فى حين وقع الضرر أيضًا على العديد من المستثمرين، أما الوقت الراهن «يقصد عهد الإخوان»، فهناك مستثمرون مستفيدون من النظام الحالى، وهناك أيضًا متضررون يعملون على عدم استقرار الوضع الأمنى والسياسى.
وعندما طلب منه إبداء رأيه بشأن نظام حكم الإخوان ورئيسهم محمد مرسى، طلب مدير إمبراطورية «إخوان رزق» من الشارع المصرى والسياسى إعطاء فرصة للعاملين على إدارة شئون البلاد فى ذلك الوقت «أى الإخوان»، وعدم التسرع فى إصدار الأحكام حتى يتسنى للمسئولين العمل.
يرى الدسوقى رزق أن التغيير الذى أحدثته ثورة يناير ارتبط برأس النظام السابق، وليس الدولة العميقة التى كان يرى أنها تحارب أى استثمارات جديدة أو أى فرص لتحقيق النمو فى العهد الإخوانى.
وقبل ٣٠ يونيو، أشار الرجل إلى أن مجموعة «إخوان رزق» تتخذ خطوات احترازية ضد دعوات التظاهر، بقوله إن المجموعة ستعمل وقتها على زيادة الإنتاج، وأنها لن توقف العمل فى أى من مصانعها.
وبناء على آرائه تلك، يمكن بسهولة الاستنتاج أن «رزق» كان واحدًا من رجال الأعمال المؤيدين لجماعة الإخوان أثناء حكم «مرسى»، ما يُبرر ظهور شركته فى قائمة الكيانات الاقتصادية الداعمة للإرهاب، والتى تستهدف الدولة حاليًا بعد إسقاطهم.

الباحث إبراهيم ربيع: الجماعة تستخدم «واجهات» لإخفاء حركة الأموال.. والدسوقى رزق «رجل يختفى تحت الأرض»
عن علاقة رجل الأعمال الدسوقى رزق بجماعة «الإخوان» الإرهابية، قال الباحث إبراهيم ربيع، المتخصص فى شئون الإسلام السياسى، إن التأكد من كون الرجل عضوًا تنظيميًا فى الجماعة هو أمر غير ممكن، فى ظل حرص التنظيم على إخفاء بعض خلاياه.
وأوضح فى الوقت ذاته أن تصريحات الرجل وتوقيتاتها تكشف عن أنه إخوانى الهوى والفكر، ويتحرك بتعليمات من الجماعة دون أن يتبعها تنظيميًا بالضرورة، وهو تكتيك شهير اتبعته الجماعة تجاه عدد من الشخصيات العامة من الفنانين والمثقفين ولاعبى كرة القدم على سبيل المثال.
وكشف الباحث عن أن فترة حكم «الإخوان» شهدت توسعًا فى خلق هذا النوع من الشخصيات، خاصة بين رجال الأعمال، حتى إن «مرسى» منح ١٢٠٠ شخص من المنتمين للجماعة جوازات سفر دبلوماسية من أجل تسهيل خروجهم ودخولهم البلاد، مع منحهم القدرة على الاستفادة من التسهيلات الأمنية فى إدخال ما يريدونه إلى مصر.
وذكر أن التنظيم الدولى نجح خلال هذه الفترة فى نقل كميات ضخمة من الأموال من وإلى الخارج بصحبة رجال أعمال من «الإخوان»، مضيفًا: «من غير المستبعد أن يكون الدسوقى رزق أحد هؤلاء، وهو أمر يمكن كشفه بتتبع جواز سفره وتوقيتات خروجه ودخوله البلاد».
ولفت إلى أن «الإخوان» عملوا خلال الفترات السابقة على صناعة واجهات غير حقيقية لإخفاء حركة الأموال داخل الجماعة، سواء عبر أنشطتهم الواسعة فى تجارة التجزئة أو الاتجار فى العملة، معتبرًا أن نشاط «إخوان رزق» قد لا يختلف كثيرًا عن ذلك المخطط الإخوانى، رغم اختلاف مجال العمل.

وأشار إلى أن هذه الإمبراطورية تعد نموذجًا مثاليًا لطريقة «الإخوان» فى دخول السوق والاستمرار فيها والاستحواذ على بعض قطاعاته كجزء من تخطيط التنظيم، لاستغلال ذلك فى توفير التمويل وقت الأزمات واستخدام الكيانات فى التأثير على اقتصاد الدولة حال تصاعد العداء معها.

وأضاف: «الدسوقى رزق يعد بمثابة رجل يختبئ تحت الأرض بشكل لا يُتيح لأحد أن يتعرف عليه بشكل حقيقى، وجميع تجار الإخوان لا يتعاملون مع البنوك للتهرب من القانون»، مؤكدًا أنه رأى بعينيه «كراتين» تمتلئ عن آخرها بالأموال مكدسة فى منزل هذا الرجل خلال إحدى الزيارات الشخصية.
وتابع: «هو رجل ينفذ تعليمات الإخوان، ولا يتعامل مع البنوك والمصارف خوفًا من القبض عليه والتحفظ على أمواله، وهو يفضل مثلهم التعامل مع الكيانات التى لا تخضع للرقابة المالية والضريبية».