رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأهمال القاتل.. أمهات وأجنة يموتون داخل مستشفيات حكومية

جريدة الدستور

استيقظت شريهان مصطفى ذات الخمس وعشرين ربيعًا في اول ليال الشهر الثالث من حملها على نزيف حاد، تواصل زوجها مع الطبيب الخاص لها والذي أمره بنقلها للمستشفى فورًا، استطاع إيقاف النزيف لكن كان السبب الحقيقي وراءه ارتفاع ضغط الدم.

تكرر الامر مرة أخرى بعد نحو ٩ ايّام كما تروي والدة شريهان، لكن هذه المرة كان الجنين على وشك أن يُجّهض بسبب زيادة نبضات قلبه، غيرت الطبيب لكن للأسف الاخير وقع في ذات الخطأ حتى اضطرت لأن تغادر محافظتها الإسماعيلية وتأتي للقاهرة حتى إتمام فترة الحمل في احد المشافي الخاصة لكن لزيادة التكاليف عادت في بداية الشهر التاسع كما نصحها الآطباء لتلد في الإسماعيلية.

وتذكر والدتها أنها أدخلتها المستشفى الميري بالإسماعيلية لكنه ارجأ الموعد لأكثر من ٢٠ يوم.

وفي اليوم المحدد،وعلى الرغم من احضار الزوج ملفا كاملا بِه التاريخ المرضي لزوجته وما اصابها خلال الحمل، اتخذ الاطباء في المستشفى قرار تخديرها رغم ارتفاع ضغط الدم حتى آخر لحظة مما تسبب في انفجار الرحم ووفاة شريهان.

في ٢٠١٥ نشرت منظمة الصحة العالمية، تقريرا عن انخفاض نسبة وفيات الأمومة في مصر من ١٦٥ سيدة لكل الف إلى ٤٥،٩ لكل الف سيدة، وأرجعت الانخفاض إلى الرعاية بالأمصال والتطعيمات خلال فترة الحمل، لكن الإبقاء على تلك النسبة بسبب الاهمال الطبي من الفريق القائم على الولادة خلال العملية وأبان الخروج من غرفة العمليات.

و ذكر التقرير عددا من الاطباء في مصر باتوا يستخدمون عقاقير التخدير بشكل مفرط مما يتسبب بسكتات دماغية للام أو الجنين.

"تسجل غيابيًا "
في الخامس من مايو٢٠١٨، جاءت ابتسام محمد،٢٤ سنة، لمستشفى بلقيس العام، لتضع مولودها الاول.

رافقها زوجها وأمها وبعض أقاربها، ولَم يستطع قسم الطوارئ مساعدتهم، يذكر سالم عّم " ابتسام " ان مسؤلي الطوارئ أعلنوا حاجتهم لأخصائي نساء وتوليد ينزل للاستقبال لمساعدة الحالة لكن لم يستجب احد، حتى صعد احدهم لينادي الطبيب المسؤل.

عاد معلنًا خلو القسم بالكامل من الاطباء والممرضين، حيث غادرتا إخصائيتى النساء والتوليد المكلفتين بالعمل بنوبتجية السهر عن هذا اليوم من أماكن عملهما، قامتا بمغادرة المستشفى قبل حضور البديل لتسلم العمل منهما، ودون إجراء تسليم وتسلم.

ويكمل انهم عاشوا ثلاث ساعات من الارتباك فكانت ابنتهم في لحظات للمخاض ولا يستطيعوا مساعدتها لا سيما ان الطبيبة التي كانت تتابع حالتها أوصت بولادة قيصرية ولا يتوافر لديها غرفة عمليات في العيادة لذلك كانت المستشفى ملجأهم الوحيد.

قاموا بأعمال شغب لاجبار مدير المستشفى على احضار أخصائي نساء وتوليد، تأخر اجراء العملية تسبب في تدهور حالة ابتسام واختناق الجنين لاستقراره في الحوض على عكس وضعه وموتها قبل دخول غرفة العمليات.

رغم ان التحقيقات التي اجرت بعد حالة الوفاة اثبتت ان الاهمال الجسيم هو السبب وترك المشفى بدون بدائل وكشفت أيضًا عن عدم قيام رئيس قسم النساء والتوليد بالمستشفى بالإسراع بإجراء عملية قيصرية استكشافيه للمتوفاة إلا بعد مرور نحو ساعة من دخولها المكان المخصص للولادة، إذ إن الوقت كان طويلا ويكفى لإنقاذ الأم والطفل أيا كان سبب تدهور العلامات الحيوية ومستوى الوعى،مما أدى لعدم إنقاذ الطفل وتدهور حالة الأم ووفاتها، وإهماله فى الإشراف.

برلماني: الاهمال يحكم الملف الطبى
يرى فايز بركات عضو مجلس النواب،أن الإهمال أصبح سمة القطاع الطبي في مصر، فأخطاء الأطباء في العديد من حالات إجراء العمليات الجراحية غير مبررة، وناتج عن عدم شعور بالمسؤلية.

وأكد الدكتور إيهاب الطاهر أمين عام نقابة الاطباء، أن تعميم الاهمال هو ظلم للأطباء فالسواد الأعظم منهم يقوم بواجبه تحت اسوء ظروف وبأقل الإمكانيات، فلا يجوز اعتبار حالة وفاة تنجم في بعض الأحيان اثناء العملية هو قتل عمد.

وأكمل: هناك فرق بين الاهمال والخطأ فالأول لا تهاون فيه ولا مبرر لحدوثه، اما الخطأ فهو قائم في اَي مهنة لا سيما ان هذا يحدث في روح يصعب التنبؤ بالتغيير في مؤشراتها الحيوية واستجابتها للتدخل الجراحي ومضاعفاته.