رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"إعلان وهمي".. "الدستور" تحقق في صفحات طعام تروّج منتجات فاسدة

جريدة الدستور

بمجرد أن تنقر زر البحث على صفحات التواصل الاجتماعي، خاصة موقع "فيسبوك"، بحثًا عن كلمة "أكل" تجد العشرات من الصفحات المتخصصة، التي تعرض منتجات طعام لمطاعم تم الاتفاق مع بعضها، والبعض الآخر يعرض منتجات تحت بند "صنع في المنزل".

ورغم الإقبال الشديد على هذه الصفحات، التي يصل في بعضها إلى 2 مليون مشارك، إلا أنها لم تستطع منع أصحاب المطاعم السيئة أو الفاسدة من عرض منتجاتهم على هذه الصفحات، والتي ألحقت الضرر ببعض الأعضاء الذين انجذبوا للمادة الإعلانية، وعندما قرّروا تجربتها كان الأسوأ في حياتهم- على حد تعبيرهم.

"الدستور" تواصلت مع ضحايا الإعلانات على صفحات الطعام في مصر، واتفقت مع أحد المسئولين عنها لمعرفة كيف يتم منع المطاعم التي تقدم وجبات غير صالحة عن الإعلان لديهم، وحاولت الاتفاق معهم على عرض إعلان لمنتج ردىء مقابل الحصول على الأموال المتفق عليها.

منى وافق، من الإسكندرية، إحدى ضحايا إعلانات المطاعم الرديئة على صفحة من أشهر صفحات الطعام، التي يتخطى عدد المتابعين لها مليونًا ونصف المليون شخص، تقول: "عرض أحد أعضاء الجروب صورة لوجبة كانت عبارة عن ساندوتش حواوشي الجبنة، وظل يصف في نظافته وطعمة الفريد، وقررت الذهاب إلى المطعم لأتذوق هذه الوجبة، إلا أن أبسط كلمة أستطيع أن أصف بها الأكل في هذا المكان هو أنه أسوأ مكان تناولت فيه طعامي يومًا".

وتابعت: "الأسعار التي كُتبت على الجروب ليس لها علاقة بأرض الواقع بل الأسعار مضاعفة، وخرج لي 3 سندوتشات أقل من العادية، فالخبز محروق ولا توجد جبنة عليها كما كانت في الصورة، واللحمة طعمها غريب، ومن بشاعة الأكل ألقيت به في القمامة".

وأضافت: "أتمنى أن ينتبه المسئولون عن الجروب من نوعية الإعلانات المخفية التي يتم وضعها داخل الجروب على أساس أنها مساهمة من أحد أعضاء الجروب، لكن ما يحدث العكس، فيدخل أشخاص تابعون لهذه المطاعم ويقومون بكتابة رأيهم في المطعم على أساس أنهم زبائن عاديين لجمع زبائن جدد".

"منى" ليست الضحية الوحيدة التي التقتها "الدستور"، فـ"أحمد يسري" ضحية ثانية لتلك الإعلانات المُضللة على جروبات السوشيال ميديا، الذي يؤكد: "أنا متابع جيد لأغلب الجروبات المتخصصة في الطعام، بطبيعتي شديد التذوق وأحب الطعام، لذا وقعت أكثر من مرة في فخ تلك الإعلانات المزيفة".

وأوضح "يسري": "في أحد الجروبات تحدث عضو بها عن مطعم للدجاج في مصر الجديدة، وظل يصف في الدجاج والعروض التي يقدمها المطعم والخدمة والنظافة، فقررت أنا وأصدقائي تجربتها، وبالفعل ذهبنا وكانت أسوأ تجربة مررنا بها".

وتابع: "ذهبت إلى المطعم الساعة الثالثة وطلبت نفس العرض الذي كان موجودًا على الجروب ونزل الطعام على المائدة بعد ساعتين كاملتين في الخامسة، وكان مختلفًا تمامًا عن الصور التي شاهدتها، الطعام كان عبارة عن ٣ قطع فراخ وساندوتش وسعرها ١٩١ جنيهًا بالضريبة، وكانت الكارثة أن الفراخ الموجودة داخل الساندوتش لونها أحمر، ولم يكتمل سواها".

تواصلت "الدستور" مع عدد من الجروبات المتخصصة في تقديم الطعام للجمهور، فيقول أحمد صبري: "الجروب حدّد مساحة لديه للمطاعم لتعلن عن منتجاتها أمام مقابل مادي يتم الإتفاق عليه"، موضحًا أن الجروب غير مسئول عن نوعية الأكل التي تقدمها هذه المطاعم سواء جيدة أو سيئة، "فنترك التقييم لأعضاء الجروب".

وتابع: "بعض المطاعم يتلاعب العاملون فيها ويقومون بنشر مادة إعلانية داخل الجروب دون التوضيح أنه إعلان، ويصفون فيها المطعم مع عرض صور لجذب الانتباه، ويفاجأ بعض الأعضاء عند زيارتهم المطاعم بأن الصور المعروضة مختلفة تمامًا، بالإضافة إلى سوء المنتج نفسه".

واستطرد المسئول عن أحد الجروبات الشهيرة: "الجروب يعطي لأعضائه القدرة على عرض الصور الحقيقية من المطعم وكتابة تجربتهم الحقيقية، ولا نتدخل نحن بأي تعليق (سواء سلبي أو إيجابي) عن المطعم".

في الوقت نفسه، تقول رشا النجيري، إخصائية سمنة وعلاج طبيعي، إن انتشار صفحات الطعام على مواقع التواصل الاجتماعي مؤشر خطير على السمنة في مصر، موضحة أن هذه الصفحات تعتمد على وضع صور مثيرة لمتابعيها لأنواع طعام أغلبها سيئ، لأنها تعتمد على البهارات الكثيرة وإضافة الزيوت ليكون الطعم أفضل.

وتابعت، في حديثها مع "الدستور"، أن مصر من أكثر الدول التي يعاني شعبها من السمنة، وهذه الصفحات ستساعد في ارتفاع المعدلات بصورة أسرع، منوهة بأن أغلب الإعلانات الوهمية يكون لمطاعم تقدم وجبات سريعة، التي تعد العدو الأول للصحة، فالزيوت التي يتم فيها تحمير الأكل المقدم في الشارع تم استخدامها أكثر من مرة، مما يعرض متناولها إلى التهابات في الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى قلة نظافة هذه الأطعمة واحتوائها على كم كبير من البكتيريا والملوثات التي تدخل الأمعاء، مما يسهم في تكوين الديدان والشعور بالغثيان وحدوث التسمم.

وتابعت "النجيري": أنّ تناول الوجبات السريعة يؤدي إلى عدم قدرة الجسم على تنظيم مستويات الإنسولين، نظرًا لارتفاع محتواها من السكر والدهون المشبعة التي تؤثر على التمثيل الغذائي للجسم"، مؤكدة أن الدولة وحدها لن تستطيع السيطرة على معدلات السمنة رغم الحملات التي تقوم بها حاليًا، لأنه من الصعب السيطرة على تلك الصفحات، لكن من الممكن أن نزيد من حملات التوعية سواء عن طريق الإنترنت أو التليفزيون لمنع انجذاب المواطنين لهذه الصفحات، وتفضيل الصفحات التي تقدم وجبات صحية أو صفحات الألعاب الرياضية أفضل.

وحول إمكانية منع تلك الصفحات من التواجد على مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد الدكتور كمال الدبش، الخبير التكنولوجي، أن منع صفحات محددة تقدم خدمات رديئة من على مواقع التواصل الاجتماعي من الممكن أن يتم، ولكن ستكون تكلفته كبيرة.

ووجه "الدبش" رسالة، خلال حديثه مع "الدستور"، إلى جميع المواطنين بأهمية أن يكونوا فاعّلين ويحاولوا دومًا إغلاق تلك الصفحات عن طريق إبلاغ مواقع التواصل الاجتماعي بأنها تقدم منتجات رديئة، وفي حال تقدّم العديد من المواطنين بهذه البلاغات ستقوم إدارة المواقع بعمل حجب للصفحات أو إغلاقها، ولكن تلك الثقافة غير معلنة ومعروفة للمستخدمين.

وتابع الخبير التكنولوجي أن الوعي مهم للغاية خلال تلك الفترة لكي يتم حدوث أي تغيير، فلا بد من نشر الثقافة اللازمة للمستخدمين بأهمية أن يكونوا فاعلين، ويُقدموا على الحلول وإغلاق أي مكان يقوم بالنصب عليهم.