رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأسباب ليست مادية.. سر تراجع نسبة الزواج في مصر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يعتقد المعظم أن إحجام الشباب عن الزواج مبكرًا يعود إلى الحالة المادية فقط، وأنها أقوى الأسباب وربما أوحدها التي تمنعهم من فكرة الزواج عمومًا، بيد أنه مع مرور السنوات وتطور الأفكار، باتت هناك أسباب أخرى تمنع الشباب من الزواج أغلبها أسباب نفسية.

يتفق ذلك مع الأرقام الرسمية التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتي تقول إن عدد عقود الزواج تراجع إلى 887 ألفًا و315 عقدًا عام 2018، مقابل 912 ألفًا و606 عقود عام 2017 بنسبة انخفاض 2.8٪.

بينما ارتفع عدد عقود الزواج في الحضر ليبلغ 364849 عقدًا عام 2018 تمثل 41.1٪ من جملة العقود، مقابل 356634 عقدًا عام 2017 بنسبة زيادة 2.3٪، لكن انخفض عدد عقود الزواج في الريف خلال 2018، ليبلغ 522466 عقدًا تمثل 58.9٪ من جملة العقود، مقابل 555972 عقدًا خلال 2017، بنسبة انخفاض 6%.

فلماذا يحجم الشباب عن فكرة الزواج لأسباب بعيدة عن المادية؟، لا سيما أن نسبة الانخفاض ليست بقليلة، وحدثت خلال فترة زمنية قصيرة. "الدستور" استمعت إلى أسباب بعض الشباب الممتنعين عن الزواج لتعرف حكايتهم وأسبابهم.

منة الجيار، 24 عامًا، فتاة رغم صغر سنها فإنها ممتنعة عن فكرة الزواج، بسبب الخلافات الشديدة التي تدب بينها وبين والديها يوميًا، جعلت لديها ما يُشبه "العقدة" النفسية، تقول: "اتعقدت من فكرة الجواز بسبب خناقات أهلي الكتير، وبقيت أرفض أي عريس يتقدملي من قبل ما أشوفه".

العقدة النفسية لازمت "منة" منذ الطفولة وترعرعت معها، ولم تتركها حتى الآن، وتقول أيضًا إنها استطاعت تركيز مجهودها ووقتها في شيء يعود عليها بالنفع بدلًا من إرهاق المشاعر، والتي خيبت ظنها عندما عاشت تجربة الحب الأول، ولم ينفذ شريكها وعد الزواج الذي بينهم.

الأمر الذي زاد من عقدتها وجعلها تحجم عن الزواج نهائيًا، وتكريس كل جهودها وتفكيرها داخل مجال عملها في تصميم المواقع الإلكترونية، والسعي لتحقيق هدفها في تفعيل تطبيق إلكتروني خاص بها يحظى باهتمام جماهيري واسع.

الأمر لم يقف إلى ذلك الحد، ولكن وصل إلى عدم قدرتها على الاستمرار في العيش مع والديها، فقررت الانتقال للعيش بمفردها في محافظة أخرى، لتتمكن أيضًا من متابعة عملها بشكل أفضل، دون الانشغال بأي مشاعر عاطفية تجاه أي شخص.

"علي الدمياطي" شاب آخر تجاوز سن الثلاثين ولم يتزوج، بعدما تخطى تلك المرحلة بتفكيره وأخذ قرار أن يعيش بمفرده، إلا أن سببه في ذلك كان مختلفًا، حيث إنه يرفض فكرة الزواج بسبب ما أسماه الانفلات الثقافي والتربوي في الأجيال القادمة.

"أخاف أخلف طفل ألاقيه بيشرب مخدرات، ومستقبله يضيع"، مبرر يعتمد عليه الشاب في قراره بعدم الزواج، مشيرًا إلى أنه يخشى تكوين أسرة في بيئة تجعله يندم على هذا القرار، بالإضافة إلى تعرضه لإحدى تجارب الحب غير الناجحة، والتي لم تكلل بالزواج وهو في مرحلة العشرينيات، التي أحب فيها الفتاة
إلا أنها تركته لتتزوج بأحد أقاربها.

يوضح الشاب أنه يحاول حاليًا الحصول على هجرة إلى إيطاليا للعمل بالخارج، وتغيير مسار حياته بشكل آخر، موضحًا أنه يمكنه التفكير في خطوة الزواج بإحدى الدول الأوروبية بعد أن يحصل على وظيفة مناسبة، ويمكنه تربية طفل في بيئة تناسبه.

أحمد العوضي، أستاذ علم النفس، يوضح أن الأسباب التي تدفع الشباب والفتيات للعزوف عن الزواج كثيرة لا تعد، مشيرًا إلى أن تفكيرهم أصبح مختلفًا عن الأعوام الماضية، لكون الأجيال الحالية والقادمة عاشت عصر التطور التكنولوجي؛ ما جعلهم أكثر وعيًا وإدراكًا للأمور، ويستطيع كل منهم تكوين وجهة نظر خاصة به دون الالتفات إلى رأي الآخرين.

ويضيف العوضي، لـ"الدستور"، أن الشباب الذين يعيشون فترات سيئة مع ذويهم، سواء من تعرضهم للضرب والسبّ طوال الوقت، أو رؤية والديهم يتشاجرون دومًا، تتكون لديهم عقدة الزواج التي تمنعهم من التفكير في هذا الأمر، إلا بعد حدوث صدفة تغير تفكيرهم، موضحًا أن الأزمات الاقتصادية لم تعد المانع الوحيد لديهم في فكرة الزواج.