رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حلول مبتكرة من أجل القاهرة


صحيح أن القاهرة هى عاصمة أم الدنيا حاليًا، لكنها فى الحقيقة ليست العاصمة التى تليق بها.. أحيانًا أفكر فى إمكانية تحسين أحوال القاهرة، وأتخيلها عاصمة عريقة جميلة، مبانيها مطلية بلون واحد، وشوارعها نظيفة، وبها مناظر طبيعية ومزارات جاذبة ونظيفة، مثل بقية العواصم الأوروبية الجميلة، إن كل هذا يمكن أن يتحقق لو تم وضعها على أجندة الدولة، ولو راعى أهلها سلوكياتهم، من الممكن أن تعود مرة أخرى من أجمل عواصم العالم.

صحيح أن هناك محاولات لحل مشاكل الزحام بها، حيث تم إنشاء مدينتين متصلتين بها، هما مدينة ٦ أكتوبر ومدينة القاهرة الجديدة فى السنوات الأخيرة، واللتين انتقل للعيش فيهما عشرات الآلاف من المواطنين.. لكننى أتحدث عن الحياة اليومية التى أصبحت شديدة الصعوبة داخل مدينة الألف مئذنة، بل أصبحت نوعًا من المعاناة اليومية سواء بسبب التلوث الشديد للهواء أو بسبب الزحام الخانق فى كل ساعات النهار أو بسبب الفوضى الغريبة فى الطرق أو الضجيج الشديد المزعج، أو بسبب اختفاء المساحات الخضراء والمناظر الطبيعية الجذابة، وأصبح القبح فى المبانى والشوارع أحد معالمها الأساسية للأسف.. إن القاهرة تعانى تلوث الهواء الشديد كما تعانى مشكلات فى النظافة والقمامة المتراكمة فى كل الأحياء بها، وهذه مشكلات لا بد من معالجتها بشكل عاجل، لأنها تمثل خطورة على الصحة العامة للمواطنين وتسبب أمراضًا خطيرة تنتج عنها، وأعتقد أنه لا بد أن تتم مناقشتها والاهتمام بمعالجتها من قبل الدولة بسرعة، حتى لا تتفاقم أو تظل كما هى بتبعاتها الخطيرة على الصحة. إن نظرة واحدة إلى لون السماء فى القاهرة سنجد أنه لون رمادى وليست سماء زرقاء، وأن فوقها طبقة سميكة من الضباب الكثيف بسبب الملوثات المختلفة، ما يُسبب الكثير من أمراض الجهاز التنفسى.

أقول هذا بمناسبة خبر استرعى انتباهى مؤخرًا، جعلنى أشعر بأن هناك أملًا فى حل مشاكل القاهرة البيئية، إنقاذًا للمواطنين الذين يقيمون بها، ولأنها عاصمتنا العريقة التى تعد واجهة لنا أمام العالم، ولأنها تستحق اهتمامًا أكبر لتكون قبلة للزائرين وللسائحين.. إن القاهرة لا تقل عراقة عن عواصم ومدن جميلة يزورها ملايين السائحين كل عام، ويقضون فيها إجازاتهم السنوية ويستمتعون فيها بوقتهم، وأقصد بهذه المدن مدنًا جميلة، مثل باريس وروما وميونخ وبومباى، حيث نجد الاهتمام الفائق بها وبمبانيها وشوارعها وحدائقها ومزاراتها السياحية.

إن عدد سائحينا وزائرينا يمكن أن يتضاعف لو تم إصلاح أحوال القاهرة.. وإننى هنا أتوقف عند خبر أجده فى غاية الأهمية، لأنه عن اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى وإصدار توجيهاته بإيجاد حلول مبتكرة لمشكلات البيئة.. ومراعاة المعايير البيئية فى جميع المشروعات وخفض الضوضاء وتحسين جودة الهواء، وتحويل الموانئ المصرية إلى موانئ خضراء.

وهى توجيهات فى غاية الأهمية، لأنها تعنى الاهتمام بالمواطن أولًا، وتفتح الباب للاجتهاد فى حل مشاكلنا البيئية الكثيرة والمتراكمة، وهذا أمر ننتظر العمل على تنفيذه من الدولة فى أقرب وقت.

إلا أننى أيضًا أطالب بالمزيد من الاهتمام من الوزراء المعنيين بالقاهرة تحديدًا لما لها من أهمية عالمية، ولما نتطلع إليه لتكون الحياة فيها أفضل لأهلها وأقل ضررًا، ولتكون قبلة للمستثمرين والسائحين والزائرين من أنحاء العالم، فلا يصح أن لدينا عاصمة كانت فى القرن الماضى أجمل عاصمة فى العالم، فإذا بها تتحول إلى أكثر المدن العالمية تلوثًا.. إن تلوث الهواء فى القاهرة يثير القلق بل هو فى منتهى الخطورة، حيث إن جودة الهواء فى وسط القاهرة هى أقل من ١٠ إلى ١٠٠ مرة من المعايير المقبولة عالميًا.

كما أن مستويات الضجيج فى الشوارع المختلفة فى أوقات مختلفة هى أكثر من الحدود المسموح بها، والتى وضعتها وكالة حماية البيئة، حيث ينتج عن تلوث الضوضاء العديد من المشاكل الصحية.

إننا أيضًا أمام نقص شديد فى المساحات الخضراء، بالإضافة إلى إهمال المساحات الخضراء والحدائق الضرورية والمناظر الطبيعية كمتنفس للمواطنين.. إننا لو نظرنا إلى ما كانت تتمتع به القاهرة من جمال ونظافة فى منتصف القرن الماضى لأدركنا كم تم التقصير فى حقها.. إن قاهرة المعز تئن وتعانى مشكلات بيئية عديدة ومسببة للأمراض، ما يدعونى لمطالبة المسئولين من وزراء للبيئة والنقل والصحة والمحافظين والصناعة بالتعاون لإيجاد حلول جديدة وعاجلة.. حلول تجعل الحياة ممكنة ومتاحة لأهلها وللقادمين إليها، وأعتقد أنه قد آن الأوان لإيجاد آليَّة لتنظيف القمامة من القاهرة يوميًا، ومن ناحية أخرى لفرض غرامات على إلقاء المخلفات والقمامة فى الشارع بعد توفير صناديق قمامة كافية من قبل الدولة.. كما أن هناك دولًا سبقتنا فى تدوير القمامة وإنتاج منتجات مفيدة منها.

أما سكان القاهرة، فمن ناحية أخرى عليهم مراعاة أسس النظافة العامة أمام منازلهم وفى منازلهم وفى الشارع والحى والمدرسة والجامعة ونظافة المستشفيات وعدم إلقاء المخلفات فى الشارع ومراعاة الشروط البيئية الواجب توافرها فى المشروعات، سواء الصغيرة أو الكبيرة. وقبل كل هذا لا بد من وقف الزيادة السكانية فى مصر كلها، والتى تلتهم كل تقدم وكل نمو وكل تقدم اقتصادى يحرزه بلدنا الحبيب.