رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماتت «الجماعة» ولسانها يكذب


قلنا إنهم موتى أو مومياوات، ووصفهم يوسف ندا بأنهم «أشباح لا وجود لها فى الواقع». ونقلت مواقع إخوانية عن القيادى بالجماعة وحامل مفاتيح خزائنها إن ما وصفها بـ«قافلة الشهداء» تتتابع من غير توقف ولا ملل، مؤكدًا أنها «لن تتوقف ما دام هناك من يؤمن بهذا الدين»!.

علامة التعجب من عندى. وبغض النظر عن إقحامه لـ«هذا الدين»، فقد أدهشنا ألا تختلف نظرتنا، عن نظرة ذلك المُقيم بجنوب سويسرا، لأعضاء المكتب العام للجماعة الإرهابية، الذين أصدروا بيانًا عشية الذكرى السادسة، لوفاة جماعتهم، أعلنوا فيه عن تبنيهم توجهًا جديدًا فى الفترة المقبلة، على خلفية ما وصفوه بـ«الواقع الجديد» بعد وفاة رئيسهم المعزول محمد مرسى العياط، و«بعد مراجعات داخلية متعددة». وسبق أن أشرنا إلى هذا البيان فى مقال عنوانه «عملاء.. مومياوات.. ومخابيل»، وأوضحنا أنه حمل إقرارًا ضمنيًا بهزيمة الجماعة وفشل مشروعها، مع محاولة شبه يائسة للحفاظ على ما تبقى من الحلفاء (أو المركوبين)، واستمالة آخرين، بزعم التفرقة بين «العمل السياسى العام.. والمنافسة الحزبية على السلطة».

هناك طيبون بلعوا الطعم وناقشوا محتوى البيان بقدرٍ من الجدية. وهناك أيضًا أشرار أو تجار اعتادوا التسول بمبخرة الإخوان علهم يسترزقون، مثل المدعو حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية المشكوك فى قواه العقلية أو درجته العلمية، الذى وصف البيان بأنه «موقف إيجابى ويتعين الترحيب به». وقال لهيئة الإذاعة البريطانية، BBC، إن الجماعة «رأت أن تعلن عن استراتيجية جديدة»، وأشار بكل فخر إلى أنه «توقع تغييرًا فى استراتيجية الإخوان بعد وفاة مرسى»، خاصة فى مسألة «التمسك بالشرعية وعودة مرسى للحكم». ما يعنى أن الأستاذ «نافعة» كان يتوقع ظهور من يطالبون بعودة مرسى للحكم بعد وفاته!.

الأهم من الطيبين والأشرار أو التجار هو أن البيان حمل اعترافًا صريحًا بانتشار عناصرها داخل عدد من الأحزاب القائمة. أكدته تصريحات نقلتها مواقع إخوانية عن المتحدث الإعلامى باسم المكتب العام للإخوان. والحقيقة، هى أن هذا الاعتراف، أو ما جاء فى البيان، لم يفاجئنا لأن عناصر الجماعة منتشرة، بالفعل، منذ وقت طويل فى أحزاب كثيرة، أزكمت روائح الإخوان فيها الأنوف. كما أن الجماعة، سبق أن تحالفت، خلال عهد مبارك، مع أحزاب ليبرالية ويسارية، بشكل علنى وفى غرف مظلمة. بل إن هناك وقائع كثيرة قديمة وحديثة، تثبت أن الحزب الوطنى (المنحل)، نفسه، وجماعة الإخوان (المنحلة) كانا «أربعة أرجل فى بنطال واحد».

بسبب حالة البرود التى تم بها استقبال البيان، ونظرًا لاحتمالات تطفيشه للحلفاء (أو المركوبين)، ربما أدركت الجماعة أن البيان زاد طينهم بللًا، فقررت كعادتها أن تغسل يديها من طينه، وأصدرت بيانًا فى ٣ يوليو، أعلنت فيها عدم مسئوليتها عنه. كما نفى طلعت فهمى، المتحدث باسم الجماعة، انتماء هؤلاء للجماعة من الأساس. ومعروف أن «فهمى» وثيق الصلة بمحمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، ومحمود حسين، الأمين العام للجماعة، الهارب فى تركيا، وإبراهيم منير، نائب المرشد العام الهارب فى لندن. وأخيرًا ظهر يوسف ندا ليؤكد أن أعضاء «المكتب العام للإخوان»، لا علاقة لهم مطلقًا بقيادة الإخوان، لا فى الداخل ولا فى الخارج. ووصفهم كما أشرنا بأنهم «أشباح لا وجود لها فى الواقع»، وقال إن بيانهم لا يستحق أى تعليق.

اللافت هو أن أشرف عبدالغفار، كان من بين مصدرى البيان. ومن تركيا، ظهر على شاشة BBC ليشرح ما فيه، ويفسره أو يبرره. والمذكور قيادى بارز فى الجماعة، وكان أحد أبرز قياداتها بالخارج، خلال فترة حكم مبارك، وله نشاط تجارى ويملك شركات فى تركيا وبريطانيا. وحوكم فى تسعينيات القرن الماضى فى قضية التنظيم الدولى للإخوان، وعوقب غيابيًا بالسجن، واستصدرت له الجماعة فى أغسطس ٢٠١٢، عفوًا رئاسيًا من محمد مرسى العياط. كما أن الجماعة لم تتبرأ من عبدالغفور حين استند تقرير، تم تقديمه إلى الكونجرس الأمريكى، إلى تصريحاته لإثبات إرهاب الإخوان، وهى التصريحات التى عرضتها القنوات الإخوانية، فى ٢٠١٥، وأكد فيها دعم الإخوان للعنف المسلح وتأييدها لاستهداف محطات الكهرباء ومراكز وأقسام الشرطة.

قالوا فى المثل القديم: «يموت الزمار وصوابعه بتلعب». وبعد أن كنا نرى استحالة ذلك، علميًا، جاء موت جماعة الإخوان ليرينا، عمليًا، أن ذلك ممكن، بدليل أن لسانها ما زال قادرًا على اللعب والكذب بعد وفاتها بست سنوات. وإياك أن تلتفت إلى أى تنظيرات عبثية عن حدوث انشقاقات أو صراعات، بين موتاها، مومياواتها أو أشباحها، لأن نتائج هذه أو تلك، لو افترضنا حدوثها، لن يكون لها أى أثر أو تأثير إلا فى العالم الآخر!.