رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نحو مشاركة فعالة للنساء فى المحليات




فى الدول المتقدمة يتمتع الحكم المحلى باللامركزية، ويكون للمحليات اختصاصات واسعة، تنفيذية وتشريعية ورقابية، ويتم انتخاب جميع الهيئات التنفيذية من أول العمدة ورؤساء الأحياء والمدن والمحافظ. وتأخذ الدول المتقدمة بمشروع استقلال المحافظات والمحافظين استقلالًا إداريًا واقتصاديًا بشكل كامل مع إلغاء سيطرة الحكومة المركزية على المحافظات، ويتطلب ذلك انتخاب المحافظين، وهذا يعنى تحويل المحافظات إلى ولايات مستقلة ليكون لها الحق فى تحديد الشرائح الضريبية ونوعية التعليم واعتماد الميزانيات الخاصة بها واستقطاع ما تراه مناسبًا من فوائض أرباح المشاريع الاستثمارية المقامة على أرض المحافظة واستخدامها فى بناء وتجديد البنية التحتية وتشغيل العاطلين وتمويل صغار المستثمرين والمنتجين، وذلك لأن كل محافظة أدرى بمشاكلها وطرق حلها إذا توافرت الميزانيات والتمويل من المحافظة دون انتظار حصتها من الموازنة العامة للدولة.
فى الثلاثاء الماضى تشرفت بالحضور والمشاركة فى مؤتمر (مشاركة المرأة فى المجالس المحلية نقلة نحو ديمقراطية حقيقية) بدعوة كريمة من الأستاذة نهاد أبوالقمصان، رئيسة المركز المصرى لحقوق المرأة، منطلقًا من أهمية مشاركة النساء فى المجالس المحلية القادمة والعمل على تدريبهم وتأهيلهم لتمكينهم من دخول المجالس المحلية، حيث ينص الدستور فى المادة ١٨٠ على أن «تنتخب كل وحدة محلية مجلسًا بالاقتراع العام السرى المباشر لمدة أربع سنوات، ويشترط فى المترشح ألا تقل سنه عن واحد وعشرين سنة ميلادية، على أن يخصص ربع المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالى عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسب تمثيلًا مناسبًا للمسيحيين وذوى الإعاقة. وتختص المجالس المحلية بمتابعة خطة التنمية، ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، وممارسة أدوات الرقابة على الأجهزة التنفيذية من اقتراحات وتوجيه أسئلة وطلبات إحاطة واستجوابات وغيرها، وفى سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية على النحو الذى ينظمه القانون». كما تنص المادة ١٧٦ على «تكفل الدولة دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية لتمكين الوحدات الإدارية من توفير المرافق المحلية والنهوض بها وحسن إدارتها».
وتناول المؤتمر فى عدد من الجلسات عدة موضوعات مهمة منها (الأحزاب والمجالس المحلية القادمة) والتى تم النقاش والحوار فى هذه الجلسة حول الخريطة الحزبية فى مصر، والأدوار المتوقعة للأحزاب فى المحليات القادمة، وتعظيم مشاركة المرأة فى المجالس المحلية «التحديات والآفاق». وفى جلسة أخرى تحت عنوان «المجتمع المدنى والمجالس المحلية» دار النقاش حول دور المجتمع المدنى بجميع أشكاله ومكوناته من «أحزاب وروابط وجمعيات أهلية ونواد اجتماعية ونقابات» فى دعم المرشحين والمرشحات للمجالس المحلية، وفى جلسة مهمة تم تناول دور المرأة فى التنمية المحلية والقضاء على الفساد، كما تم الحوار حول توفير فرص العمل للفئات المهمشة والأشخاص ذوى الإعاقة والتمكين الاقتصادى للمرأة وتدريب الفتيات على مشروعات مرتبطة ببيئة المحافظة والتوعية بأهمية المحليات وحقوق المرأة فى المشاركة السياسية والاقتصادية. وتناول الحاضرون فى المؤتمر من المتخصصين فى المنظمات النسائية والجمعيات الأهلية والأحزاب وعدد من عضوات مجلس النواب الفضليات تناولوا عددًا من المحاور المهمة ومنها وضع النساء والفتيات فى اللحظة الراهنة والفرص المتاحة لتمكينهن سياسيًا واقتصاديًا. كما طالب الحاضرون بأوسع مناقشة مجتمعية لقانون المحليات قبل إقراره وإصداره مع إجراء انتخابات المحليات فى أقرب فرصة ممكنة للنهوض بالمجتمع وتخفيف الجهد الذى يقوم به النواب والنائبات لحل مشاكل دوائرهم بدلًا من التفرغ لدورهم فى التشريع والرقابة.
وأكدت الدكتورة هويدا عدلى، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن النهوض بالمحليات يعنى النهوض بالخدمات اليومية التى تقدم للمواطنين فى الصحة والتعليم والسكن ومرافق المياه النقية والصرف الصحى والكهرباء والطرق والكبارى والجسور ووسائل المواصلات، يعنى تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، وذلك بالقضاء على الفجوات فى المجتمع «فجوات فى الجغرافيا والثروة والنوع» وذلك بالتوازن والمساواة بين كل أنحاء الوطن جغرافيًا «قبلى وبحرى-القرية والمدينة» والمساواة نوعيًا «الذكور والإناث» والمساواة فى الثروة «الغنى والفقر».
إننا فى حاجة إلى قانون للمحليات يسهم فى تطوير الخدمات ونمو جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ويكون هذا فى أسرع وقت ممكن. كما نطالب بسرعة إصدار قانون المحليات بعد الحوار المجتمعى الواسع لنتمكن من إجراء انتخابات المحليات المتوقفة منذ عام ٢٠٠٨، أى أكثر من عشر سنوات!.