رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد المسيرى: الجماعة سلمت عناصرها لـ«تنظيمات العنف» بعد 3 يوليو (حوار)

جريدة الدستور

أبلغنا القيادات بأن سياستنا تهدد بانهيار الدولة فقالوا: «وماله لما تنهار الدولة؟»
الإخوان يبحثون عن أشخاص غير أغنياء أو أبناء عائلات حتى يكونوا خاتمًا فى إصبعهم


قال أحمد المسيرى، الذى شغل منصب أمين الشباب بحزب «الحرية والعدالة»، الجناح السياسى لجماعة الإخوان الإرهابية قبل ثورة ٣٠ يونيو، إن انشقاقه عن الجماعة وحزبها جاء بعد اكتشافه الفساد المالى والفكرى داخل التنظيم، الأمر الذى دفعه للانشقاق عنه وتوثيق ذلك فى محضر رسمى بقسم الشرطة. وكشف «المسيرى»، فى حواره مع «الدستور»، عن أن عناصر الجماعة حاولوا توريطه وتوريط غيره من الأعضاء غير المرضى عنهم من القيادات فى عدة قضايا، بما يسمح بالمتاجرة بهم بعد ذلك، رافضًا أى محاولات للصلح مع هذه الجماعة، التى حاولت إشعال النار فى مصر وسعت عمدًا لتحويل اعتصاماتها بعد عزل محمد مرسى إلى بركة من الدماء لدعم ادعاءات «المظلومية».



■ متى بدأت رحلتك مع جماعة الإخوان الإرهابية؟ ومتى انتهت؟
- دخلت الجماعة عام ١٩٧٩، واستمررت فيها حتى ١٦ أغسطس ٢٠١٣، وكنت أمين شباب حزب «الحرية والعدالة» فى محافظة البحيرة بعد يناير، وكذلك كنت عضوًا فى لجنة التحليل السياسى بالجماعة.
وبدأت الأمور تتكشف شيئًا فشيئًا بعد ٢٥ يناير، كما بدأت تتضح أكثر بعد تولى محمد مرسى الحكم، وتزامن الأمر مع مطالبات داخلية بالكشف عن بعض الأمور المالية والأخلاقية التى تحدث بالجماعة، خاصة أن حجة التضييق الأمنى التى تمنعنا من تناولها بالنقاش قد انتهت، لكننا فوجئنا بالتعتيم الكامل من قبل قيادات التنظيم وتهديد من يرغب فى إثارة الأمور التى تتعلق بالفساد والإنفاق ببذخ أثناء الانتخابات بالطرد من الجماعة، حتى عندما قدمنا لهم مستندات تؤكد الفساد المالى.
■ متى قررت الخروج من الجماعة نهائيًا؟
- فى آخر ٦ أشهر من حكم «مرسى» انقطعت عن الجماعة مرتين وتوقفت عن العمل داخل الجماعة والحزب، خاصة أن معظم عملى كان داخل الحزب منذ تأسيسه، لكنى عدت إليهما بعد ضغط عدد من الشباب الذين كنت سببًا فى توريطهم بهذا التنظيم.
■ كيف استقبلت قيادات الجماعة انقطاعك؟
- لم يكونوا مهتمين، خاصة أنهم لم يكونوا يعتبروننى محل ثقة، لأنى محسوب على بعض الأجنحة غير المرضى عنها، كما أنى كنت عضوًا بالقسم السياسى، وهو قسم معروف بالشغب والاعتراض على إجراءات التنظيم.
كما أنى كنت مسئولًا عن شرح برنامج الإخوان لأبناء دمنهور أثناء انتخابات الرئاسة، وعندما اطلعت عليه كنت أسأل: أين البرنامج؟ وأين الكفاءات؟ وأين حلول مشكلات التعليم والزراعة وغيرها؟ وكانوا يجيبون بأن البرنامج سيقتصر على محاربة الفساد ونهب المال العام، وهو ما كنت أرفضه، لأن الجماعة نفسها تعانى من الفساد المالى ولم تستطع مواجهته، فكيف تواجهه فى الدولة كما تدعى؟
■ متى أبلغتهم بانشقاقك رسميًا؟
- أبلغتهم رسميًا بانشقاقى يوم ١٦ أغسطس ٢٠١٣ بعد صلاة الجمعة، وكنت حينها قد شعرت بحجم الخراب الذى سيتسبب فيه الإخوان، وأبلغت بعض القيادات بالتنظيم وقتها بأن الطريق الذى يسيرون فيه سيشعل النار فى مصر كلها، وسيتسبب فى انهيار الدولة.
■ ماذا كان ردهم؟
- قالوا لى: «وماله لما تنهار الدولة؟»، فأبلغتهم بأنى ضد انهيار الدولة ومؤسساتها وضد انهيار الجيش والشرطة، لأن هذه الدولة هى البيت الذى يجمعنا معًا حتى لو ظلمتنا، وقلت لهم: «قضى الأمر الذى فيه تستفتيان.. انتهى دورى فى الجماعة».
■ لماذا وثقت انشقاقك عنهم فى محضر رسمى؟
- لأنى شعرت بأنهم يريدون توريطى، فقررت أن أوثق انشقاقى فى محضر رسمى بقسم الشرطة، كما أنهم خرجوا وقتها فى القنوات يزعمون أننا نحاول خداع الأمن بفكرة الانشقاق، فى الوقت الذى يطعن فيه أعضاء الجماعة أنفسهم فى توبتنا عن فكرهم ويؤكدون أننا لا نزال أبناء التنظيم، وهدفهم من ذلك كان تشكيك الأمن فينا لإحراق أى شخص يحاول الخروج عن منهجهم.
■ هل خرج معك آخرون؟
- المئات من الإخوان خرجوا بعدى، وهذا ما أزعج الجماعة، لذا كانوا يحاولون إفشال تجربتنا فى الخروج ودفع الأمن للقبض علينا أو طردنا من أعمالنا، حتى لا يتشجع كثيرون على الخروج معنا، ما يؤدى لموت تيار الإسلام السياسى فى مصر.
■ هل نجحوا فى توريطكم فى أى قضايا؟
- ورد اسمى فى إحدى القضايا وشعرت وقتها بأن الإخوان حريصون على توريط أكبر عدد من أعضائهم فى الاتهامات عبر البلاغات الكيدية والتحريض على تظاهرات وفعاليات يعلمون مسبقًا أن الأمن سيقبض على من فيها، ما يدعم ادعاء «المظلومية»، كما أن الجماعة تضمن بذلك تربية جيل جديد من أبناء المساجين للانضمام إلى التنظيم، فى ظل كونه من يشرف على تربيته.
■ إلى أين وصلت قضيتك؟
- بعد حصولى على حكم مؤبد غيابى، حصلت مجددًا على البراءة فى حكم الدرجة الثانية بعد شهادة من الضباط الذين أكدوا أنى لم أحرض على عنف أو دم، وساعتها تأكدت أن كل الأبرياء وغير المتورطين فى قضايا حقيقية سيخرجون من السجون.
وأحب أن أوضح أن الدولة لو أرادت أن تجمع جميع الإخوان فى السجون لقبضت عليهم جميعًا فى جميع محافظات مصر، وكلهم معلومون للأجهزة الأمنية، لكن كل من جرى القبض عليهم أو هربوا عدد قليل جدًا وهذا يعنى أن معظمهم يعيشون فى مصر بصورة طبيعية ولم يتعرض لهم الأمن، وهذه الحقيقة تنفى مزاعم الإخوان حول كون الدولة تحاول توريطهم فى قضايا.
كما أؤكد أن الدولة فتحت ١٠٠ طريق لمعتصمى رابعة كى يرحلوا من الاعتصام، لكنهم رفضوا، ولو كانت الدولة تريد تصفيتهم، كما يزعمون، لقتل مئات الآلاف، لكن إرادة الانتقام لم تكن موجودة، وحتى فى أحداث الحرس الجمهورى كانت القوات تحذر المعتصمين وتحاول تفريقهم بخراطيم المياه فقط، لكن أعضاء التنظيم وقادته المجرمين هم من أرادوا تحويل الاعتصام إلى بركة دماء.
■ قبل حصولك على البراءة.. ألم تخش من تنفيذ الحكم أو تحاول الهرب؟
- الرئيس السيسى قال كلمة مهمة فى هذا التوقيت وكانت سببًا فى حسم أمرى واتخاذى قرار الرحيل نهائيًا عن الجماعة، فقد قال: «الباب مفتوح لمن يريد أن يعيش بيننا فى سلام»، وهذه الكلمة أثرت فى كثيرين فى ظل حالة الخوف الشديد التى جعلت الجميع يفكرون فى الهروب من مصر.
وبعدما سمعت هذه الكلمة قررت البقاء فى وطنى وعلمت أنى آمن، وأن أعضاء هذه الجماعة لا يستحقون أن أضحى من أجلهم، خاصة أن قيادات الجماعة لم يساعدوا إلا المقربين منهم، أما البقية فورطوهم فى القضايا كى يسجنوا لأطول وقت، ما يسمح باستغلال موقفهم.
■ مَنْ هم هؤلاء المقربون الذين ساعدهم قيادات التنظيم على الهرب من مصر؟
- «الإخوان يريدون قوالب طوب»، وقادتهم يبحثون عن أشخاص غير أغنياء أو أبناء عائلات ولا يفهمون فى السياسة، حتى يكونوا خاتمًا فى إصبعهم، لذا كانوا يكرهون القسم السياسى ويعتبرونه شرًا لا بد منه، فهذه الجماعة لا تحب من يناقش أو يعترض، لذا فالمنهج فيها هو «افعل ما شئت من جرائم أو مخالفات دون أن تعارض أو تناقش وساعتها ستصل لأعلى الدرجات».
■ البعض ينفى اتهام الإخوان بأى أعمال عنف.. فكيف ترى ذلك؟
- الجماعة بعد ٣ يوليو ٢٠١٣ سلمت شبابها لجماعات العنف، وهم من كانوا وراء تفجيرات أكشاك الكهرباء ومواسير المياه، الأمر الذى تطور إلى العمليات المسلحة والنوعية التى استهدفت الشرطة والجيش.
■ كيف ترى دعوات المصالحة مع الجماعة؟
- أرفض ذلك بشدة، فالدولة أكبر كثيرًا من هذه الجماعة.
■ يعد القيادى جمال حشمت أحد أشهر إخوان بلدك دمنهور.. فكيف رأيته؟
- جمال حشمت براجماتى، بمعنى أن انتماءه ليس للتنظيم ولكنه كان يحب اللعب معهم وبهم حتى يضعوه فى المكان الذى يريده.
■ أخيرًا.. ما رسالتك للشباب المصرى؟
- أنصح جميع الشباب، خاصة أبناء الجماعة، بعدم تسليم عقولهم للقيادات التى تحدد لهم ما يفعلون وما يقرأون، وأدعوهم إلى عدم تكرار أخطائنا السابقة والاعتماد على عقولهم التى ستعيدهم ببساطة إلى المجتمع المصرى وإلى الله.
كما أدعو الأزهر الشريف إلى اتخاذ خطوات جادة من أجل تعليم الشباب أصول دينهم وتحذيرهم وتوعيتهم من خطورة هذه الجماعات التى تحاول تغييب عقولهم واستغلالهم.