رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هارفارد الإرهابيين


الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أطلق هذا الاسم «هارفارد الإرهابيين» على أفغانستان، فى حواره، مساء الإثنين، مع شبكة «فوكس نيوز»، الذى أكد فيه اعتزام بلاده الاحتفاظ بوجود مخابراتى قوى، بعد انسحاب القوات الأمريكية من هناك. غير أن ما فات مُحاور الشبكة الإخبارية الأمريكية، هو أن ترامب سبق أن أطلق الاسم نفسه، أو الصفة نفسها، منذ ثلاث سنوات، بالتمام والكمال، على العراق!.
بعد أفغانستان والعراق، طبيعى أن يرد ذكر قطر. وهو ما حدث فعلًا بإعلان مسئولين أمريكيين وألمان، مساء الإثنين أيضًا، أنّ أطراف النزاع فى أفغانستان، سيجتمعون بدءًا من الأحد المقبل فى قطر فى محاولة جديدة للتوصل إلى حل سياسى، وإنهاء نحو ١٨ سنة من التدخل العسكرى الأمريكى فى هذا البلد. وكانت الجولات السابقة من المحادثات قد تركزت على مكافحة الإرهاب، وجود القوات الأجنبية، والتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم. ولأن «طالبان» ترفض التفاوض مع الحكومة الأفغانية، وتصر على مغادرة كل القوات الأجنبية البلاد، فإن الاتفاق المحتمل بين الحركة والولايات المتحدة قد يسفر عن سحب القوات الأمريكية، مقابل تعهد الحركة بألا تكون البلاد ملاذًا آمنًا للجماعات المتطرفة.
مبرر أو «تلكيكة» الغزو الأمريكى لأفغانستان، كان قيام «طالبان»، بتوفير ملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، الذى تم اتهامه «وأعلن مسئوليته» عن هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١. وهنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن وكالة «أسوشيتد برس» نقلت، منتصف الشهر الماضى، عن مسئولين أمريكيين وأفغان أن تنظيم داعش يعمل على توسيع نطاق وجوده فى أفغانستان ويقوم بتجنيد مقاتلين جدد. كما يقوم أيضًا بالتخطيط لشن هجمات ضد الولايات المتحدة ودول غربية أخرى. وبالتزامن، قال جنرال البحرية الأمريكية، فرانك ماكنزى، فى ١٢ يونيو الماضى، إن تنظيم داعش فى أفغانستان يمثل تهديدًا مقلقًا جدًا للولايات المتحدة. وأوضح الرجل الذى يقود العمليات العسكرية الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، أن جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية لم تتمكن بعد من تقليص طموحات ذلك التنظيم!.
فرع «داعش» فى أفغانستان ظهر بعد فترة وجيزة من اجتياح مقاتليه مناطق شاسعة فى سوريا والعراق، صيف ٢٠١٤، ويشير فرع أفغانستان إلى نفسه باسم «ولاية خراسان». ويقال إن القوات الأمريكية تقاتل «داعش» فى أفغانستان بشكل منفصل عن مساندتها القوات الأفغانية فى معركتها ضد «طالبان»، التى لا تزال مستمرة فى القتال منذ أطيح بها من الحكم فى ٧ أكتوبر ٢٠٠١. وعليه، قال الرئيس الأمريكى، فى حواره مع «فوكس نيوز»، إنه كان يتمنى لو كان بإمكانه أن يغادر أفغانستان بكل بساطة، لكنّه مضطر، حتى بعد سحب كل جنوده، إلى الاحتفاظ بـ«وجود مخابراتى قوىّ للغاية، أقوى بكثير ممّا قد يظنّ المرء عادة، لأنّ هذا أمر مهم للغاية». وبرر ذلك بأن الأراضى الأفغانية صارت قريبة الشبه بأكاديمية لتعليم الإرهاب، وأطلق عليها الاسم الذى سبق أن أطلقه، كما أشرنا، على العراق!.
ترامب كان لا يزال مرشحًا للرئاسة، حين قال أمام تجمع انتخابى، فى ٥ يوليو ٢٠١٦، إن زعزعة استقرار العراق بعد سنة ٢٠٠٣ نتيجة للحرب التى شنها الرئيس الأسبق، جورج دبليو بوش، جعل ذلك البلد أرضًا خصبة للإرهابيين.. وصار اليوم بمثابة جامعة هارفارد للإرهاب.. إذا أردت أن تكون إرهابيًا، فعليك الذهاب إلى العراق. ووقتها، كان لافتًا ومثيرًا للدهشة أن يشيد المرشح الجمهورى بالصيغة التى تعامل بها الرئيس العراقى الراحل، صدام حسين، مع الإرهابيين: «هل تعرفون ما فعله جيدًا؟.. لقد قتل الإرهابيين.. فعل ذلك بشكل جيد. وهم لم يقرأوا حقوقهم ولم يتفوهوا بشىء.. كانوا إرهابيين.. انتهى الأمر».
للإرهابيين، إذن، أكثر من «هارفارد»، ولا نعرف مدى ارتباط تلك الفروع بالأصل أو جامعة «هارفارد»، التى تقع فى ولاية ماساتشوستس، وهى الجامعة الأمريكية الأقدم والأعرق التى أسسها القس البروتستانتى جون هارفارد سنة ١٦٣٦ لتناظر جامعتى كامبريدج وأوكسفورد فى بريطانيا. ثم تدحدر بها الحال وفتحت أبوابها لعناصر غريبة تحت مستوى الشبهات، علميًا وسياسيًا، كأن تحاضر بها العنزة اليمنية توكل كرمان، والتافه المصرى باسم يوسف وغيرهما. ولعلك تعرف أن الأستاذ نادر بكار، القيادى بحزب النور السلفى، حصل من الجامعة نفسها على «شهادة كبيرة» فى...... الإدارة الحكومية!.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مقاتلى طالبان والقاعدة، وغيرهم من الإرهابيين، العرب والأفغان، اكتسبوا خبراتهم ومهاراتهم القتالية، خلال مشاركتهم فى الحرب الأفغانية السوفيتية، التى دعمتهم فيها الولايات المتحدة بالتدريب والتمويل والسلاح، وكانت تصفهم بـ«المجاهدين الأفغان». وقد تكون الإشارة مهمة أيضًا، إلى أن جامعة «هارفارد» التى تتصدر قوائم أقوى جامعات العالم، تتفوق على كل الجامعات الأمريكية فى عدد حالات الاغتصاب والاعتداءات والجرائم الجنسية!.