رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من يحكم فوضى تراخيص القوافل الطبية؟

جريدة الدستور

علم "بدين" 45 عامًا، من أهل قريته الحامول بمحافظة كفر الشيخ، أن هناك قافلة طبية ستأتي قريبًا، للكشف على المرضى وتشخيصهم ومن ثل إعطائهم الأدوية المناسبة مجانًا، أو تحويل من يحتاج منهم إلى مستشفيات حكومية لتلقي العلاج بشكله الأمثل.

استعد بالفعل لذلك اليوم، لاسيما أنه يعاني من حساسية في عينه اليسرى، والتي قال له طبيب القرية أنها ربما تحتاج إلى عملية جراحية، وكان أول المرضى المشاركين في القافلة الطبية، للكشف على عينيه.

يقول: "قالوا إنها مجانية، ولما جت القافلة خدوا من كل واحد 35 جنيه، فإحنا وافقنا وقولنا مبلغ بسيط، وكشفوا علينا وكتبولنا على أدوية كل مريض لوحده، وبعد كدة مشوفناش حد فيهم ولا حتى الأدوية اللي كتبوها استلمناها".

علم هنا «بدين» وأهل قريته أن تلك ليست قافلة طبية، إنما أشخاص انتحلوا صفة أطباء وقاموا بالنصب على أهل قرية، لاسيما بعدما ذهب البعض منهم إلى مديرية الصحة، والتي نفت معرفتها نهائيًا بوجود قافلة طبية، ولم تبلغها وزارة الصحة بذلك.

يضيف: "عرفنا أنهم نصابين، بيصوروا بياناتنا الشخصية الصورة بجنيه، ويأخدوا من كل واحد 35 جنيه، يعني في اليوم ممكن يعملوا أكتر من 35 ألف جنيه، ومش بنأخد الأدوية وكشفوا علينا من غير أجهزة».

ما حدث في الحامول ليس المرة الأولى، فتلك لم تكن القافلة الطبية الوحيدة غير المرخصة، والتي تنصب على المواطنين في القرى والنجوع، مستغلة بذلك حاجة الأهالي للأدوية والعلاج المجاني، وضعف ثقافتهم في التمييز بين الرسمي المرخص وغير ذلك.

ففي دمياط تكرر الأمر منذ يومين، بعدما أعلنت منال عوض المحافظ، أنها تلقت شكوى حول توقيع الكشف الطبي على مرضى العظام والمفاصل والروماتيزم والسمنة المفرطة والنحافة لمدة يومين بصورة مجانية، وأن هذه القافلة تم تنظيمها من قبل لجنة الزكاة بالسنانية بدون موافقة الجهات المختصة.

أثارت الواقعة جدلًا كبيرًا حول عدم علم وزارة الصحة بتلك القافلة، لكونها غير مرخصة؛ أحالت المحافظ الواقعة للتحقيق بإدارة الشئون القانونية بالديوان العام، والتي بينت أنه تم الكشف على 450 مريضًا.

وتبين للجنة العلاج الحر بمديرية الصحة في تحرياتها أن من يقوم بتوقيع الكشف الطبي على المرضى، أخصائي طب بشرى أول بالإدارة المركزية بالرعاية الحرجة والعاجلة، وصيدلانية، بالمخالفة لأحكام القانون رقم "415" لسنة 1954 وذلك مخالف لقوانين مزاولة مهنة الطب.

ينص القانون رقم 415 لسنة 1954، على ألا يجوز لأحد إبداء مشورة طبية أو فتح عيادة أو إجراء عملية جراحية أو مباشرة ولادة أو وصف أدوية أو علاج مريض أو أخذ عينة من العينات، التي تحدد بقرار من وزير الصحة العمومية من جسم المرضى الآدميين؛ للتشخيص الطبي المعملي بأية طريقة كانت.

ويضيف القانون: "أو وصف نظارات طبية، ولا يجوز بوجه عام مزاولة مهنة الطب بأية صفة كانت إلا إذا كان طبيبًا مصريًا، واسمه مقيدًا بسجل الأطباء بوزارة الصحة العمومية وبجدول نقابة الأطباء البشريين، وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصة المنظمة لمهنة التولي".

وكشفت لجنة العلاج الحر أن القافلة لم تقدم أي علاج مجاني مثلما يتم بالقوافل الحكومية، وقام الطبيب بوصف الأدوية بروشتات خاصة به، كما أنه ليس مسجل في أي كلية طب كأستاذ في أي تخصص، فضلًا عن أن المكان ليس مجهزَا أو مؤهلًا للكشف الطبي.

التحقيقات توصلت أيضًا إلى أن الطبيب المدعي قام بتجبيس بعض الحالات بالقافلة دون عمل أشعة أو فحوصات وبمساعدة مواطنين لا يحملون ترخيص مزاولة مهنة.

وسبق وحرر مريض من قرية أبو مناع بحري، ضد وكيل وزارة الصحة بقنا، متهمًا قافلة طبية بوجود أدوية منتهية الصلاحية بها، وقامت النيابة باستدعاء 4 من منظمي القافلة الطبية وإرسال حرز الأدوية المنتهية لمعمل قسم الصيدلة.

وتبين من الفحص أن القافلة كانت تحوي أدوية منتهية الصلاحية بالفعل، واتهم المواطن أطباء تلك القافلة بإعطائه أدوية منتهية الصلاحية عقب توقيع الكشف عليه، هو وعدد من مواطني وأهالي القرية الذي تناولوا أدوية منتهية الصلاحية من تلك القافلة، ووقتها أعلنت مديرية الصحة في قنا أن القافلة غير مرخصة، ولم تعلم عنها المديرية شيء، وتم إحالة الطبيب المزعوم بها للتحقيقات.

الدكتورة وفاء الصادق، المدير العام للقوافل الطبية بوزارة الصحة، توضح أن هذه القوافل تهدف إلى توفير الرعاية الطبية، ومساعدة كبار السن والأطفال، وذوي الاحتياجات الخاصة في تلقي الخدمات الطبية.

وتشير مديرة إدارة القوافل العلاجية بالوزارة، إلى أن مدير القوافل الطبية هو المسئول عن تحديد مكان القافلة حسب معايير خاصة، كما أن القافلة تضع الخطة ويتم المواقفة عليها من قبل وزارة الصحة ثم بعد ذلك يبدأ التنفيذ.

وذكرت "الصادق"، أن تم تنفيذ 103 قافلة، وكان عدد العيادات المشاركة 900 وتم الكشف على 119 ألف، وكل هذا العدد تردد من خلال جميع المحافظات في مارس الماضي.