رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالصور- «الدستور» تكشف حقيقة تعذيب جمال برقاش

جريدة الدستور


جمال تنزف دمًا، وعلى جسدها علامات تعذيب بيّنة، ربما تبكي أو تتألم في صمت، أصحابها يحملون في إيديهم أسواط وكرابيج للجلد، لا يعرفون طريقة أخرى كي تطيعهم تلك الحيوانات البريئة، التي لا صوت لها تعبر به عن آلامها، ولا تملك شيء سوى تلقي تلك الضربات الطاعنة في صمت.

هنا برقاش، واحد من أكبر أسواق الجمال في محافظة الجيزة، ويمكننا تسميته بسلخانة تعذيب الجمال، الذين انتشرت صورهم مؤخرًا وهم ينزفون من كل مكان بأجسادهم، بسبب الضرب المبرح الذي يمارسه أصحابها عليهم دون أن يعلم أحد، معتبرين أنها الطريقة المُثلى للتعامل مع تلك الحيوانات وإجبارها على طاعتهم.
«معد التقرير» اخترق ذلك السوق، رغم وضع أصحاب السوق حراس ضخام الجسد يحملون عصيان خشبية، ويمنعون أحد من الدخول، أو الحديث عن عمليات التعذيب الممنهجة التي تمارس على الجمال داخل السوق.

قال أحدهم عند محاولة «الدستور» الدخول إلى السوق: «دي أوامر من معلمين السوق إننا مندخلش حد، وكان فيه صحفيين هنا امبارح اتخانقنا معاهم علشان كانوا عاوزين يدخلوا بالعافية يصوروا الجمال"، وبالفعل أصر الحراس على عدم دخول أي غريب للسوق، وعدم التصريح أيضًا بأي شيء يخص تعذيب الجمال بتلك الطريقة.

ورغم ذلك توصلت «الدستور» في الخفاء إلى أحد تجار الجمال في السوق، والذي لم ينكر وجود عمليات تعذيب للجمال داخل السوق. يقول «تامر الناجي» أن السوق دائمًا ما يكون أبوابه مفتوحة للمصورين والصحفيين، حتى ينشروا قصص عن تجارة الجمال داخل سوق برقاش، بالإضافة إلى توافد السائحين الأجانب دائمًا عليه معبرين عن رأيهم الإيجابي بأنه من أفضل الأماكن في مصر.

يؤكد أن الصور المتداولة عن تعذيب بعض الجمال من قبل أحد المصورين لم يلتقطهم في يوم واحد فقط، لكنها تعبر عن حالات فردية تحدث بنسبة 1%، وتم ضرب الجمال بسبب حالة الهياج التي تحدث للجمال الجديدة التي تتوافد على السوق لأول مرة.

يضيف: «حينها تشعر الجمال بالغربة والخوف من الأشخاص الذين حولهم، فتحدث حالة الهياج الناتج عنها قرص وعض الراعي المسؤول عنهم، وإذا كان سن الجمل كبير فقد تؤدي عضته إلى الموت على الفور».
يوضح: «الجمال لما بيحصلها الحالة دي بتأذي اللي حواليها بأنها تعضه من الناب الكبير بتاعها"، مشيرًا إلى أنها في هذه الحالة يجب التعامل السريع بالسيطرة على أكثر الجمال إيذائًا حتى يهدأ ويعود إلى حالته الطبيعية.

يقول: «بالإضافة إلى تهدئة باقي الجمال قبل حدوث مشكلة داخل السوق يصعب السيطرة عليها، وأحيانًا ماتحدث حالات من العراك بين الجمال قد يأذوا بعضهم البعض حينها فيقرر الراعي التدخل سريعًا بالعصا الخشبية لتهدئة الموقف».

"الجمل لما بيتخدش سعره بيقل"، تفسيرًا منطقي من وجهة نظر التاجر لتعذيب الجمال داخل السوق، مؤكدًا أنهم يخافون على مصدر رزقهم الوحيد الذي يقل في حالة خدش أو إصابة الجمال، فقد ينقص سعره في هذه الحالات إلى أكثر من 2000 جنيهًا.

أتفق بعض التجار على تدشين حملة على مواقع التواصل الإجتماعي تحت عنوان "#احنا_بنحب_الجمال_مش_بنعذبهم" حرصًا منهم على إغلاق السوق الذي يعتبر مصدر رزقهم الوحيد، لتهدأ الرأي العام بسبب الصور التي تداولت عن تعذيب الجمال.

اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، يشدد على ضرورة مواجهة التعديات التي تحدث للجمال في الأسواق بنطاق المحافظة، مشيرًا إلى أنه أنه يتابع هذه القضية يوميًا رافضًا ما يحدث من داخل الأسواق بشأن التعامل غير الآدمى مع الجمال.

يوجه "راشد" مديرية الطب البيطري بإعداد الرقابة الكاملة على أماكن بيع الجمال واتخاذ الإجراءات الرسمية تجاه المخالفات، وعدم السماح بالتعدي بأي شكل على الحيوانات.

كشف "راشد" عن أنه طلب عرض تقرير دورى بالمجهودات التي تتم تجاه مواجهة تلك الظاهرة، مشددًا على التنسيق مع الأجهزة الأمنية لتحرير محاضر فورية لأي تجاوزات تحدث مع إتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين.

يضيف: "لا بد من تنظيم ندوات إرشادية لتوعية وتثقيف العاملين والقائمين على سوق برقاش، وكل الأسواق التي يتم تداول المواشى بها في التعامل برفق مع الحيوانات والحفاظ على الحالة البدنية والنفسية للحيوان".

استطعنا الحديث مع تاجر أخر في السوق. "محمد عنتر"، يقول: "إحنا بنعامل الجمل بحنية لأن ده مصدر رزقنا، مع العلم أن فيه بعض التجار مشغلين عيال متوحشة بتضرب الجمال بعنف لما يبقى عندهم حالة هياج".

يوضح أنه يعمل داخل السوق منذ أكثر من عشر سنوات، وقليلًا ما تحدث تلك الطرق العنيفة في ترويج الجمال، وتحدث أيضًا في حالات فردية تكون بسبب مشكلة معينة سواء سوء معاملة من قبل العمال أو حالة الهياج التي تحدث موسميًا للجمال.

وعن الصور المتداولة، يقول: "أنا شوفت الصور وعارف العيال اللي كانت بتضرب الجمال دي، واحنا من زمان مش حابين وجودهم في السوق علشان مؤذيين ومش بيعرفوا يتعاملوا كويس معاهم".
يضيف "عنتر" أن الأشخاص الذين عذبوا الجمال كانوا في حالة تستياء بسبب تنقضاض إحدى الجمال عليهم أثناء حالة الهياج؛ مما جعل شاب منهم يحمل العصا، ويتعدى عليه بالضرب المبرح حتى يهدأ تمامًا.

ويعبر "عنتر" عن رفضه تلك الطريقة قائلًا: "كل ما ذُكر على المواقع الإخبارية والتليفزيون من أخبار تصف سوق برقاش بأنه سوق للتعذيب ماهو إلا خطأ، لأن هذا السوق يُعرف عنه أنه من أكبر أسواق الجمال في مصر، ونادرًا ماتحدث مشاكل داخله".

حدد قانون العقوبات في المادة رقم 355، عقوبة هذا النوع من الجرائم لتكون بالحبس مدة لا تزيد على سنة مع الشغل، وغرامة مالية لا تزيد عن 200 جنيه، على كل من قتل عمدًا حيوانًا من دواب الجر أو الحمل أو الركوب أو أى نوع من أنواع المواشى، كما نصت المادة 357 من القانون ذاته، على عقوبة لا تزيد على الحبس 6 أشهر مع الشغل وغرامة لا تزيد على 200 جنيه لكل من قتل عمدًا أو سم الحيوانات المستأنسة.

توضح الدكتورة ماجدة شكري، مدير مديرية الخدمات البيطري، أنه ليس من مصلحة تجار الجمال تعريض جمالهم إلى العنف لأنها تخرج للذبح، وتعتبر مصدر رزقهم الوحيد فمن الطبيعي أن يحرصوا على جودة اللحم المباع.

وتشير إلى أن مدير منطقة منشية القناطر للخدمات البيطرية التابع لها سوق برقاش، توجه بالفعل إلى السوق لرصد حقيقة الأمر، وسمع رأي التجار عن المشكلة المروجة على مواقع التواصل الإجتماعي.

تضيف: "وأكدوا له خلال زيارته أنه كان يوجد حالة من الهياج الشديد لدى بعض الجمال، والتعدي على مروجيهم مما دفعهم للقيام بذلك"، مشيرة إلى وجود وحدة بيطرية داخل سوق برقاش مسؤولة عن توفير الرعاية الصحية للجمال الموجودة في السوق.