رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السفير الإسرائيلى الرابع عشر


ظلّ بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، يحاول تعيين أيوب قرا سفيرًا لتل أبيب فى القاهرة، إلى أن اضطر الأخير إلى إعلان اعتذاره، بعد أن اعترضت الخارجية الإسرائيلية لـ«عدم امتلاكه الخبرة الدبلوماسية المطلوبة لتولى المنصب»، ولـ«تسببه فى عدة أزمات دولية»، وبعد قيام تسعة سفراء إسرائيليين سابقين لدى مصر بتوجيه رسالة إلى نتنياهو، طالبوه فيها بالتراجع عن محاولة فرض «قرا»، والموافقة على تعيين أميرة أورون، التى كانت الخارجية الإسرائيلية قد أعلنت عن ترشيحها للمنصب فى أكتوبر الماضى.
الدرزى أيوب قرا، كان نائب وزير التعاون الإقليمى، قبل أن يتم اختياره فى يناير 2017، وزيرًا «بلا حقيبة»، ولاحقًا تولى وزارة الاتصالات، ليكون الوزير «العربى» الثالث فى ذلك الكيان، بعد صالح طريف، الذى اختير وزيرًا سنة 2001 فى حكومة شارون الأولى، وغالب مجادلة، الذى انضم سنة 2007 إلى حكومة إيهود أولمرت. والثلاثة من العينة نفسها: الأول، تمت إقالته بفضيحة، بعد إدانته فى قضية رشوة.. والثانى كان منجزه الوحيد هو رفضه غناء النشيد الوطنى الإسرائيلى. والثالث، أى «قرا»، استقبل خبر توليه المنصب بذبح 68 خروفًا، هى عدد السنوات التى مرت، وقتها، على قيام ذلك الكيان، فكان محل سخرية الشرق والغرب. بل إن بعض اليهود حسبوها «يهود بقى» وضربوا 2500 شيكل «حوالى 650 دولارًا» فى 68، وكانت النتيجة هى اتهامهم للمذكور بأنه إما معتوه أو عبيط!.
هكذا، بدأ «قرا»، فور توليه الوزارة بـ«سابقة» تضاف إلى سوابق عديدة قد ترجع إلى إصابته بمتلازمة اضطراب ما بعد الصدمة، وهو «المرض النفسى» الذى كان سبب تسريحه من الجيش الإسرائيلى. إذ أثار، مثلًا، أزمة دبلوماسية مع إيطاليا، حين قال إن الزلزال الذى ضرب روما، فى أكتوبر 2016، عقاب إلهى على تأييدها قرار لليونسكو يدين السياسات الإسرائيلية فى القدس، واضطر نتنياهو وقتها إلى الاعتذار بعد احتجاج إيطاليا. ومع أنه «عبيط» ورئيس حكومته وأعضاء حزبه يعرفون، إلا أنه كان، فى فبراير 2017، مصدرًا مهمًا لـ«نجوم الهبد»، حين كتب تغريدة فى حسابه على تويتر يزعم فيها أن نتنياهو خلال زيارته الولايات المتحدة سيناقش مع الرئيس الأمريكى «خطة إقامة دولة فلسطينية فى غزة وسيناء بدلًا من الضفة الغربية».
وقتها، طالب إسحق هيرتزوج، زعيم المعارضة الإسرائيلية فى الكنيست، بإقالة «قرا» وقال إن مزاعمه تضر بالعلاقات مع مصر «التى ليس من المعقول أن تقوم بذلك». وسبقته النائبة كسينيا سفيتلوفا بأن كتبت فى حسابها على «تويتر»: «الوزير الجديد يتفوق على نفسه كل مرة، بأخبار مفبركة. والآن يمكن أن يورطنا مع مصر». وكثيرون غيرهما سخروا من تلك المزاعم، قبل أن ينفيها «نتنياهو» ويؤكد أن ‏هذه الفكرة لم تكن مطروحة ولم تتم مناقشتها بأى شكل ولا أساس لها من الصحة. ومع ذلك، ما زال بعض العرب وبعض المصريين، للأسف، يردّدون تلك الهلاوس، ربما لكونهم بغبغانات «ببغاوات»، إن افترضنا حسن النية!.
قيل إن اختياره وزيرًا، كانت نتيجة ضغوط مارسها على «نتنياهو»، وصلت حد التهديد فى لقاء مع قناة الكنيست بأن الأخير لن يستمر رئيسًا للحكومة لو لم يختره وزيرًا، وهدّد بالذهاب إلى قبر النبى «ايترو»، وهذا هو الاسم العبرى لنبى الله شعيب. غير أنك لو نظرت إلى حالتى طريف ومجادلة، ولو تتبعت أداء النواب العرب «أو من يوصفون بذلك» فى الكنيست، ستدرك أن السبب المنطقى أو الأرجح هو أن الصهاينة يريدون أن يقولوا للعالم: هؤلاء هم العرب. أو بتعبير أكثر دقة، يناسبه صوت عمرو خالد: «شايفين العرب حين يتولّون مناصب، بيعملوا إيه؟!».
المهم، هو أنه حال تصديق الحكومة الإسرائيلية على تعيين أورون، ستكون هى المرأة الأولى التى تشغل منصب السفير الإسرائيلى فى القاهرة، والثانية فى دولة عربية، بعد عينات كلاين السفيرة السابقة لدى الأردن. وأورون، تجيد اللغة العربية بطلاقة، والتحقت بالخارجية الإسرائيلية سنة 1991، وسبق أن ترأست قسم مصر فى وزارة الخارجية الإسرائيلية، وكانت متحدثة باسم الوزارة، ومديرة قسم الإعلام العربى، ومسئولة عن قسم الشئون الاقتصادية فى منطقة الشرق الأوسط، وعملت لمدة سنتين مسئولة عن السفارة الإسرائيلية فى تركيا، حتى تم تعيين سفير فى ديسمبر 2016. كما شغلت عدة مواقع فى السفارة الإسرائيلية بالقاهرة.
أخيرًا، وباضطرار «أيوب قرا» إلى الاعتذار، أصبح الطريق ممهدًا أمام أميرة أورون لتكون السفير الإسرائيلى الرابع عشر، لدى القاهرة، خلفًا لـ«دافيد جوفرين» الذى يشغل المنصب منذ أغسطس 2016، بينما تقدم «قرا» باستقالته من الحكومة، يوم الإثنين، بزعم تعرضه لحملة عنصرية، من داخل وخارج حزبه، حزب الليكود، حولت كل نجاح قام به إلى فشل!.