رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جذب المستثمرين والفاسدين أيضا للساحة المالية السويسرية

جريدة الدستور

بعد أربع سنوات من العمل كرئيسة لمكتب المدعي العام الفدرالي في لوغانو، تبوّأت دنيا ريزونيكو مؤخرًا رئاسة قسم الجريمة الاقتصادية في النيابة العامة الفدرالية.

وفي حوار أجرته موقع "سويس انفو السويسرية" للاطلاع على أولويات وتعقيدات مهمتها الجديدة، وعلى آفاق مكافحة الجرائم الاقتصادية الدولية، كالرشاوى وغسيل الأموال.

من بين أهم القضايا التي تابعتها دنيا رِتزونيكو قضية "بتروبراس - أودبريشت Petrobras-Odebrecht"، وهي قضية فساد كبرى بدأت من البرازيل وامتدت إلى أكثر من عشر دول، وطالت الساحة المالية السويسرية عن قرب. كما تولّت النائبة العامة المسؤولية المباشرة عن إدارة الدعاوى الجنائية وإدارة طلبات المساعدة القضائية داخل سويسرا وخارجها.

وقالت عن أولوياتها في مكافحة الجريمة الاقتصادية، إن الأولوية هي في حيازة الكفاءة وسرعة الإستجابة، وأن يكون لدينا دومًا تشريعات مناسبة وتقنيات على مستوى، كما تقتضي طبيعة المهمة تطويرًا مستمرًا في أساليب عمل سلطات الادعاء.

وأعتقد أن فعّالية التصدي لمختلف أشكال الجريمة الدولية، تتطلّب منا العمل وفقا لأسلوب تعددية التخصصات، وفي حال وجود تحقيق في قضايا كبيرة، مثل "بتروبراس وأودبريشت"، يجدر بنا العمل كفريق موحّد يجمع مختلف التخصصات المتوفرة لدى النيابة العامة الفدرالية.

وخلال سير التحقيقات بشأن قضية شركتي بتروبراس وأودبريشت عثرنا في جنيف على جهاز خادم "سيرفر" يحتوي على العديد من الأدلة، ومن أجل إتاحة الوصول إلى هذا الكم الهائل من البيانات وتحقيق أقصى استفادة منها، فنيًا وتشاركيًا، كان لابد من الاستعانة بالخبرات المتنوعة لأعضاء فريق العمل، ومنه أصبح مبدأ تعددية التخصصات نهجا لا غنى عنه، لا سيما في مواجهة تحديات التكنولوجيا، مع ما لمبدأ التعاون بين السلطات، على الصعيدين الوطني والدولي، من أهمية.

وسال موقع سويس انفو السويسرية، كلما ظهرت فضيحة عالمية، ظهرت آثارها على الساحة المالية السويسرية، هذا معناه واحدة من اثنتين: إما أن النظام جيد، وتطبيقه سيء، وإما أن تطبيق النظام جيد، ولكنه غير كافٍ. ما هو رأيك؟، فردت رِتزونيكو كون التشريع لا يملك دوما القدرة على مواكبة الواقع أمر معروف وللأسف، وهذا يحدث أيضا في مجال الجريمة الاقتصادية.

والاستقرار الذي تتمتع به الساحة المالية السويسرية، لا يجذب فقط الاستثمارات، وإنما يصب أيضًا في مصلحة الأنشطة الإجرامية، وصحيح أن ثمّة يقظة في سويسرا، كما في كثير من الدول، إلا أن المقارنة قد لا تُفرح.

وهناك وسائل عديدة لمحاربة هذه الظاهرة، ولكن أسهلها في رأيي أن نقتنع بوجود الرشاوى وغسيل الأموال، ثم لو قارنا نظامنا المالي بغيره من الأنظمة، لأدركنا أننا، بالنسبة لنظام العقوبات، نحتاج إلى أن نكون أكثر صرامة.

واستطرد موقع "سويس انفو السويسرية" بعد التعامل مع الفاسدين في البداية ثم مع المفسدين، في قضية بتروبراس وأودبريشت، تعملون حاليا فيما يسمى "المرحلة الثالثة" على تحديد المسؤوليات الجنائية المحتملة لأطراف فاعلة على الساحة المالية السويسرية. ما هو التقييم الحالي لهذه المرحلة؟، ردت رِتزونيكو: لا نزال في المرحلة الثالثة، وحاليا يجري التحقق من إمكانية مقاضاة الوسطاء الماليين في سويسرا، على ضوء المعلومات الهامة التي انبثقت حتى الآن عن التحقيقات في قضية بتروبراس وأودبريشت، وفي الوقت الحاضر، هناك قضيتان مرفوعتان ضد مؤسستين ماليتين في سويسرا يشتبه في كون القصور في تنظيمهما الداخلي حال دون تفادي الانتهاكات.

وتسمح المادة 102 رابط خارجي من قانون العقوبات بمقاضاة الشركات بتهمة الفشل في اتخاذ جميع التدابير التنظيمية المعقولة الضرورية لمنع وقوع جرائم مالية، مثل الفساد المالي وغسيل الأموال.

وكما هو الحال في كل المجالات، تقوم النيابة العامة الفدرالية باختبار تطبيق التشريع، ويقوم الاجتهاد القانوني المستمر بتهذيبه، وكمثال على ذلك حدد المُشرّع، ضمن المادة المذكورة، معيار المسؤولية الجنائية التي تقع على الشركة عندما يرتكب شخص طبيعي جريمة مالية من داخلها.

وقد أظهرت التجارب كفاءة هذا القانون الجنائي، على ضوء ما تقرر من إدانات وإن كانت تختلف في معاييرها كثيرا عن تلك الخاصة بالجرائم المالية المنسوبة إلى الأشخاص الطبيعيين، ومنه قامت النيابة العامة الفدرالية، في عام 2015، بتدشين قسم داخلي - المجموعة 102 - يرافق وينسّق أعمال المدعين العامّين الفدراليين العاملين في هذا المجال، بهدف الوصول إلى معايير موحّدة، الخطوة التي يُنتظر من المحاكم - دون غيرها - أن تقرر مستقبلا بشأنها.