رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد وفاة 5.. عمالة الأطفال مقبرة الصغار في "المنيرة"

جريدة الدستور

ضيق الحال وظروف المعيشة الصعبة أجبرت مجموعة من الأطفال لا تتخطي أعمارهم 15 سنه بقرية المنيرة بالقناطر ترك التعليم والإتجاه للعمل في المحاصيل الزراعية في تحت درجة حرارة تتخطى الخمسين.

وسيلة المواصلات التي تقلهم عبارة عن سيارة تستخدم في نقل الحيوانات والبضائع، تحمل أكثر من خمسين طفلا ولسوء حظهم اصطدمت بمركبة نقل ثقيل ليتوفى منهم 5 أطفا كان أقصي طموحهم الرجوع إلى أهاليهم بيومية لا تتجاوز الـ 40 جنيها للمساعدة في مصاريف البيت.

قالت ه.أ ربة منزل من آهالي القرية: القصة تبدأ بعد انتهاء أطفال القرية من امتحاناتهم بالمدارس، يقومون بالذهاب مع مقاولأنفار يتفق مع أصحاب أراضي على أن يجلب له مجموعة من الصبية لخدمة الأرض، ومن ثم يقوم بالاشراف علي الأولاد وتوزيعهم علي الأعمال مختلفة.

أضافت: بعض الأهالي لا يهمهم العائد من عمل الأطفال. بقدر ما أن يلهو الصغار بعيدا عن البيت حتى يستريحوان من دوشتهم.

تابعت: القرية تتميز بالتنوع، بيوت قليلة من الطين بجانب عمارات شاهقة الارتفاع.. أغنياء وفقراء وأصحاب أراضي ومعدومي دخل، وفلاحون وأصحاب شركات.. كل العادات مقبولة وكل الأفعال لها مبرراتها.

أردفت: هؤلاء الأطفال الذين ماتوا من عائلات مختلفة ونحتسبهم شهداء، لانهم خرجوا للرزق الحلال، والجنازة كانت كبيرة للغاية.

يلتقط محمد مصطفي طرف الحديث قائلا: فوجئنا بصراخ قادم من أحد البيوت المجاورة يعلن وفاة طفلهم "همام السحلي" صاحب الدم الخفيف والهزار، أما الصدمة فهي أن همام لم يمت بمفرده.

أضاف: علمت من بعض الأهالي أن همام ومعه مجموعة متنوعة (بنين وبنات) أكبرهم يبلغ من العمر ١٥ عاما ولا يتجاوز عددهم العشرين، استقلوا سيارة ربع نقل مكشوفة، اصطدمت بمركبة نقل ثقيل ما أسفر عن إصابات شديدة لمعظمهم ووفاة ٥ أطفال من أبناء القرية أقلهم سنا يبلغ ١٠ اعوام والكبير ١٤ عاما.

تابع: الحادث أليم وجميعا نرتدي السواد حزنا وتضامنا مع عائلات الضحايا.. قريتنا كبيرة وتعد أبرز قري المركز، والعزاء سيقام الجمعة لجميع الأطفال في مكان واحد كما تم دفنهم في وقت واحد وصلاة واحدة.

يروي أحمد محمد فيروي كواليس المهنة وخطورتها قائلا: بدلا من تعليم الأطفال ما يناسب سنهم من ألعاب رياضية وحرف يتم تشغيلهم في أعمال شاقة لا تتفق مع أعمارهم في الصحراء تحت اشعة شمس الصيف الملتهبة.

أضاف: هؤلاء الأطفال إناث وذكور يركبون سيارة غير آدمية مخصصة لنقل المواشي والبضائع، ربع نقل غالبا، دون مراعاة لقواعد وسلامة الطريق او أي وسائل الآمان.

تابع: اليومية التي يحصلون عليها زهيدة، لا تتعدي 50 جنيها في اليوم مقابل عدد 12 ساعة عمل يوميا، لا ندري هل نحاسب الأهل علي تشغيل أطفالهم؟.. أم نحاسب صاحب العمل؟.. أم نحاسب الأطفال الذي اجتهدوا للتيسير علي آبائهم.. المسئولية مشتركة والعقاب هو الحل لعدم تكرار المألأساة.

طالب "محمد" النائب العام بفتح تحقيق عاجل، قائلا: لابد من الردع لضمان عدم تكرار المسألة في أي مكان آخر من أجل حماية الأطفال وتنشئتهم في بيئة آمنة وفتح مراكز الشباب لهم لاستثمار طاقتهم من أجل نهضة بلدهم.

نائب الدائرة: سأتقدم بطلب إحاطة حول الواقعة

حاتم عبد الحميد نائب دائرة القناطر الخيرية قال في تصريحات خاصة لـ "الدستور" هناك 5 أطفال من قرية المنيرة توفاهم الله وأعمارهم لا تتعدي 14 عاما، بسبب الفقر.

أضاف: الأهالي غلابة.. الطفل يعمل في حقل بصل ويتقاضى في نهاية اليوم مبلغا لا يتعدى الـ50 جنيهًا مقابل 12 ساعة يوميا، الأمريتكرر ولابد من وقفة.. تحدثت مع المحافظ لأنه يريد أن يصرف مبلغ 5000 جنيه لأهالي كل طفل، وهذا مبلغ قليل جدا ولابد من زيادته لأن أهالي الضحايا تحت خط الفقر.

تابع: سأتقدم بطلب إحاطة في مجلس النواب، موجها لرئيس الوزراء ومحافظ القليوبية حول الواقعة.. إنهم أطفال في حكم القانون وهناك غياب لدور الدولة، لدرجة أن النيابة رجعت في قرارها بالإفراج عن الجثث بأمر من المحامي العام، هناك قصور وإهمال ولابد من وقفة.. مبلغ الـ 5 آلاف جنيه قليل جدا، لأن هذا الطفل كان من الممكن أن يكون سفيرا أو وزيرا ولابد للمحافظة أن تقوم بدورها علي الوجه الأمثل.

تابع: صاحب العمل يقوم بتوفير الفلوس ويأتي بسيارة ربع نقل كي تذهب بالأطفال إلى الحقول.. كان من الممكن أن نتعرض لكارثة أكبر لولا ستر الله.. دور الدولة تقديم الدعم لأهالي القرية، منوها أنه يتواجد مع الأهالي بالقرية لمواساتهم وتقديم يد العون في كل شيء.

عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان: لابد من تطبيق قانون حماية الطفل

أشار النائب صبحي الدالي عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب إلى قانون حماية الطفل من العمالة، لافتا أن الطفل يجب أن يتعلم وليس يعمل، ومن أجل حمايتة لا بد أن نطبق القانون على من استغل فقر الناس وعوزهم ليأخذ أولادهم للعمل بهذه الطريقة.. وأضاف: نرفض هذه الممارسات ونشجب الواقعة ولابد من تطبيق القانون على المتسبب في الواقعة.

تابع: الآهالي عليهم مسئولية كبيرة لكن احتياجهم يغفر لهم ومعظم الأطفال الذين يعملون غير متعلمين أو هربوا من المدرسة.. رب الأسرة يوجه ابنه لتعلم مهنة أو حرفة او صنعة تنفعه في الكبر، وهذا ضد القانون، ولابد من المحافظة على أطفالنا حتى يقضون حياة صحيحة.. الرجل الذي يأخذ هؤلاء الأطفال لابد من معاقبته بقانون حماية الطفل.

استطرد: سنتقدم في جلسة الأسبوع القادم للمجلس بسؤال للجنة او طلب إحاطة وسنعمل علي دراسة الامر وسبل حماية الطفل، ونأخذ رأي علماء النفس والاجتماع وبعض المسئولين في الوزارات المختصة مثل الداخلية والتضامن لحل المشكلة وعلاجها.. القصة منتشرة وسنعمل لوضع حلول جذرية لها.. لابد من تفعيل دور وزارة الشباب للقيام بدورها علي أكمل وجه، ونتقدم بخالص العزاء لأسر الأطفال، قلوبنا معهم والقانون فوق كل شيء.

الآلاف يشاركون في الجنازة والحزن يخيم على القرية

قال الأهالي إن المصابين والضحايا معظمهم من طلبة المدارس، بعد الانتهاء من الامتحانات يقومون بالذهاب للعمل باليومية لتوفير نفقاتهم واحتياجات أسرهم.

خرج الآلاف من أهالي القرية والقري المجاورة لتشييع جنازة الاطفال الشهداء، عقب تصريح النيابة بدفن الجثامين وسط حالة من الحزن سيطرت على الجميع.

شاركت في الجنازة رحاب المزين رئيس مجلس مدينة القناطر، التي أكدت أن محافظ القليوبية، كلف بسرعة رعاية أسر الضحايا ومتابعة التحقيقات في الواقعة مع محافظة الجيزة وإنهاء إجراءات تسليم مستحقاتهم حيث وقع الحادث في نطاق محافظة الجيزة.

أوضحت المزين أن الحادث وقع أمس بين جرار زراعي يقل العمال وسيارة نقل على طريق الحسانين ذات الكوم بمحافظة الجيزة وأسفر عن إصابة 2 هم أحمد عبده محمود، 16 سنة، بارتجاج بالمخ وكسر بالعمود الفقري وتحويله لقصر العيني ومحمد محمود سلامة، 17 سنة، نتيجة جرح قطعي بالجمجمة شبه نافذ وكسر مضاعف ووفاة كل من أحمد نبيل، 16 سنة، ومحمود ناصر حنفي، 17 سنة، ويوسف نور حنفي، 16 سنة، وهمام على السيجني، 15 سنة، ومحمود نجاح جابر، 15 سنة، ومحمد مسعد البردعي، 20 سنة، وذكرت أن الضحايا كانوا في طريقهم للعمل في مزارع الطريق الصحراوي مقابل أجر.