رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تواجه الصين الفساد؟


مع كل حديث عن العلاقات المصرية- الفرنسية كم تمنيت- مجرد أمنية- أن نحذو حذو الصينيين فى مواجهة الفساد والمفسدين حتى نصل باقتصادنا إلى ما وصلوا إليه.. الصينيون قديمًا تعلموا منا.. فما المانع- فى ظل علاقاتنا المتميزة معهم اليوم- أن نتعلم منهم؟.
الأمة التى صنعت مجدها وسط ظروف قاسية لا تحتمل التقاعس أو التراجع أو التراخى.. هى نفسها الأمة التى قالت وفعلت.. هى الأمة التى خططت ونفذت.. هى الأمة التى رفعت شعارها الرائع «التصدير أو الموت» منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضى وحتى الآن فكان لها أكثر مما تمنت.. هى الأمة التى استطاعت أن تنقذ نفسها من مستقبل مظلم بعد أن وصل عدد سكانها إلى مليار وربع المليار نسمة تقريبًا.. فهل يمكن لنا الآن أن نتعلم منها؟ المنطق والتاريخ يقولان نعم ممكن.. لأننا أهل للتقدم والرقى والرفاهية.. نعم ممكن أن نتفوق على الصينيين وغيرهم وفى وقت قياسى، إذا سلكنا نفس طريقهم فى العلم والعمل وإخلاص النوايا ومحاربة اللصوص، وقضينا على الفساد والمفسدين مثلما فعلوا.. الزميلة «الأهرام» نشرت مؤخرًا- نقلًا عن صحيفة «تشاينا دايلى»- تصريحًا لأحد القيادات الصينية يقول: «إن 70 مسئولًا صينيًا قاموا بزيارة مسئولين محكوم عليهم بالسجن فى قضايا فساد عبارة عن رشوة وسرقة وإساءة استخدام سلطة.. الأمر الذى جعل من الزيارة تذكيرًا واضحًا بعدم سلوكهم هذا الطريق».. لافتًا إلى أن «الزائرين قضوا يومًا كاملًا فى السجن على سبيل التعلم والعظة». «طيب يا ترى يا هل ترى» هل لدينا النية والعزيمة لتطبيق هذه التجربة فى مصر بعد أن يصدر رئيس الجمهورية، من خلال خطته الطموحة فى القضاء على الفساد، قرارًا بتشكيل لجنة مماثلة لبحث الانضباط الحكومى؟
«طيب».. ولو تشكلت هذه اللجنة وأرادت أن تطبق التجربة الصينية على عدد من الوزراء والمحافظين والمسئولين الكبار وترسلهم لزيارة من تبقى فى السجون من لصوص المال العام لقضاء يوم واحد فى السجن للاطلاع على صحائف جرائمهم التى ارتكبوها ضد الشعب كنوع من الردع لكل من تسول له نفسه بأن يرتكب نفس الجُرم.. فهل سيقبلون؟.. أشك فى ذلك.. «ليه؟».. لأن أغلب مسئولينا من فئة وكيل وزارة وأنت طالع يتعاملون مع المنصب وكأنه «غنيمة» وفرصة لا تعوض للنهب والسرقة و«تمشية» الحال والانتقام.. وتصفية الحسابات مع الخصوم فى بعض الأحيان.. ومن ثم يتعاملون مع المواطن وكأنه «شحاذ» وليس صاحب حق.. ينسون دائمًا أو يتناسون- ربما- أنهم جاءوا لمناصبهم من أجل خدمة المواطن وليس الاستعلاء عليه، ويتجاهلون تمامًا أن مرجعهم إلى من لا يغفل ولا ينام.. كما نلاحظ عليهم عدم الاكتراث أو الخشية من الأجهزة الرقابية أو الجهات السيادية.. ومن ثم فلا رقيب عليهم سوى ضمائرهم فقط!.. ودعونا نتحدث بصراحة.. فقديمًا قالوا: «ضعف الحائط يُغرى اللصوص».