رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"التامنة يا منتخبنا".. كيف نحقق انطلاقة مرعبة أمام زيمبابوى فى افتتاح «كان 2019»؟

جريدة الدستور

محاطًا بآمال ودعوات أكثر من 100 مليون مصرى، يبدأ المنتخب الوطنى الأول، الجمعة، حلمًا وتحديًا جديدين، عندما يلتقى منتخب زيمبابوى فى افتتاح بطولة كأس الأمم الإفريقية، التى يسعى الفراعنة للتتويج بها للمرة الثامنة فى تاريخ البطولة الأهم داخل القارة السمراء.
فى السطور التالية تحاول «الدستور» الدخول إلى عقل المكسيكى خافيير أجيرى، المدير الفنى لـ«الفراعنة»، لمعرفة الطريقة التى سيلعب بها هذه المباراة، وتقدم الحل الأمثل لعلاج الأزمات الدفاعية التى يعانيها المنتخب، وتكشف إذا ما كان المنافس سيمثل أى صعوبات أم لا.

ضغط يبدأ عند المهاجمين.. أدوار دفاعية واضحة لـ«طارق والننى».. وتغطية من حجازى وباهر
أظهرت وديتا المنتخب الوطنى مع كل من تنزانيا وغينيا، إلى حد كبير، الشكل الذى سيكون عليه «الفراعنة» فى البطولة، والطريقة التى يؤمن بها المكسيكى خافيير أجيرى.
فمن خلال الوديتين، تبينت نقاط القوة والضعف فى أسلوب الفريق الوطنى، وبرزت أدوار ظهيرى الجانب هجوميًا بشكل كبير عما كان عليه الوضع فى عهد الأرجنتينى هيكتور كوبر، ورأينا لأول مرة منذ فترات طويلة، الظهير الأيمن أحمد المحمدى يسجل من كرة عرضية للظهير الأيسر أحمد أيمن منصور، فى ودية تنزانيا، ثم كرر الظهير الأيمن عمر جابر التسجيل أمام غينيا، لتتضح بصمة وفكر المدرب الجديد على طريقة لعب «الفراعنة».
لكن فى الوقت ذاته، برزت مشكلات عديدة على رأسها وجود مساحات كبيرة فى الخط الخلفى، خاصة فى الأماكن التى تتولد نتيجة تقدم الظهيرين الأيمن والأيسر، فكيف نستغل الظهيرين بشكل إيجابى لا يخلف وراءه أى مخاطر؟
استقر «أجيرى» بشكل نهائى على اعتماد طريقة لعب «4231» القديمة، التى لعب بها «كوبر» طوال ولايته مع «الفراعنة»، وتخلى خلال الوديتين عن أسلوبه الذى اعتدنا رؤية منتخبنا عليه تحت قيادته بانتهاج طريقة «433»، التى تتحول أثناء امتلاك الكرة إلى «343».. فهل يمثل ذلك عودة إلى الوراء، إلى زمن «كوبر»؟
واهم من يعتقد أن تشابه الأشكال العددية يعنى تشابه الأسلوب، لو كانت بنفس العناصر والأدوات ذاتها، فـ«4231 كوبر» ليست هى ذاتها مع «أجيرى»، لأن فلسفة ومنهج الأخير متباينان تمامًا مع الأول.
«كوبر» قيد ظهيرى الجانب دفاعيًا، وحرمهما من أى٠ أدوار هجومية ومساندة الجناحين فى الأمام، وكان ظهورهما فى الثلث الأخير من ملعب الخصم واحدًا من الأحلام التى ظل الجمهور المصرى يترقبها، وكانت النتيجة صعوبة كبيرة فى خلق الفرص ودفاعًا رصينًا قلّت المساحات المتاحة فيه.
بينما يراهن «أجيرى» على تحويل الظهيرين إلى جناحين هجوميين بأدوار كاملة فى الثلث الأخير من الملعب، وهو ما ولد حلولًا هجومية جديدة، لكن أظهر مساحات فى الخلف.. فكيف يعالج المكسيكى ذلك؟
يحتاج «أجيرى»، بدءًا من لقاء الليلة، إلى أدوار دفاعية واضحة للاعبى الارتكاز طارق حامد ومحمد الننى، على الأطراف خلف الظهيرين الصاعدين إلى المناطق الأمامية، بجانب الضغط على الخصم، وحرمانه من فكرة الارتداد السريع، وذلك من خلال مروان محسن ومحمود تريزيجيه ومحمد صلاح وعبدالله السعيد.
كما تحتاج تلك الطريقة إلى حضور عالٍ وسرعة رد فعل فى التغطية لدى قلبى الدفاع أحمد حجازى وباهر المحمدى، خلف الظهيرين الأيمن والأيسر.
هى طريقة تحتاج إلى تقارب شديد فى المساحات عند فقدان الكرة، وتضييق الملعب على الخصم، وكذلك فتح عرض الملعب، وتوسيع المساحات عند الاستحواذ، عبر دخول الجناحين عمق الملعب، وتمركز الظهيرين أقصى الجانبين.
كثافة أمامية بـ5 لاعبين والتركيز فى العرضيات.. معالجة قرارات تريزيجيه.. والرهان على صلاح
هذا فيما يتعلق بالدفاع وعلاج جوانب القصور فيه، فماذا عن الهجوم وطرق التسجيل؟
أمام زيمبابوى، مؤكد أنك ستواجه فريقًا متكتلًا فى نصف ملعبه، وستعانى من ضيق المساحات وصعوبة الحصول على الفرص.
لذا فإن تحقيق الكثافة العددية فى الثلث الأخير من الملعب، أول الحلول التى سيلجأ إليها «أجيرى»، وكما أوضحنا سيعتمد فى ذلك على تحول «صلاح» و«تريزيجيه» إلى عمق الملعب، وترك الخطوط للظهيرين الصاعدين، أحمد المحمدى يمينًا وأيمن أشرف يسارًا، ليصبح عدد المهاجمين 5 لاعبين يحاوطهم من الخلف ثنائية «السعيد والننى».
التركيز على الكرات العرضية، لا بد أن يكون بين الحلول التى يستعين بها المدرب، لأن هذه الطريقة تعنى تواجد الظهيرين أوقاتًا طويلة بالقرب من مناطق الخصم، ووجودهما فى كل المساحات يعنى وجود كرات عرضية بغزارة.
ولاستغلال تلك الفكرة، يتوجب على عبدالله السعيد الذى يشغل «مركز 10»، أن يُجيد اختيار التحول إلى رأس حربة ثانٍ مع مروان محسن، ما سيجعله أخطر اللاعبين، لأنه غالبًا ما سيأتى بدون رقابة، كما أنه سيكشف الملعب وهو يدخل المنطقة بوجهه، بخلاف المهاجم الذى غالبًا ما يكون متمركزًا وظهره لمرمى الخصم.
كما يتطلب نجاح فكرة الصعود الدائم للظهيرين، تحول «تريزيجيه» و«صلاح» إلى مركز المهاجم خلف ظهيرى الخصم، لينتظر بذلك كل من مروان محسن وعبدالله السعيد، وواحد من «صلاح» و«تريزيجيه»، عرضية «أشرف» أو «المحمدى»، على أن يتابع الثانى الكرة المرتدة من الخصم.
وعلى «صلاح» و«تريزيجيه» أيضًا أن يستغلا المساحات الميتة بين الظهيرين وقلبى الدفاع، فهى واحدة من الأزمات التى يعانيها الفريق الزيمبابوى، وسنشرحها لاحقًا فى الجزء الأخير من التقرير.
أزمة أخرى قد يعانى منها هجوم المنتخب، وهى غياب الابتكار فى وسط الملعب.
طارق حامد مدافع مقاتل، ومحمد الننى وعبدالله السعيد لاعبان يجيدان التطوير والاستحواذ، لكن يعيب كليهما غياب الابتكار والحلول الفردية.
فى عمق الملعب غالبًا عندما تتعقد الأمور تحتاج إلى لاعب «حريف» يُجيد المراوغات، والتسلم فى المساحات المخنوقة، وهنا ستكون لوليد سليمان وعمرو وردة فى الجزء الأخير من المباراة أدوار كبيرة وحلول رائعة.
قد يقول البعض ولماذا لا نبدأ بأى من «سليمان» أو «وردة» مكان «الننى» لزيادة قدراتنا الهجومية؟
إذا لجأنا لهذا الأمر من البداية، فإنه سيقلل من فرص استحواذك وتدويرك للكرة بشكل جيد، بالإضافة إلى إمكانية وجود مساحات فى منتصف الملعب قد يستغلها الخصم، كما أنك إذا بدأت بكل أوراقك الهجومية وفشلت، فإن فرص التطوير خلال الشوط الثانى أو الجزء الأخير بالمباراة ستكون صعبة.
ربما يضايقك كثرة تدوير الكرة، وعدم قدرتنا على خلق الفرص لفترات طويلة، وربما يطلب البعض أن نغامر من البداية، لكن الواقع يقول دائمًا إن المباراة تقسم على جزئيات، تبدأ بحيطة وتوازن وعدم إلقاء كل ما لديك، وتنتهى بالتكثيف وزيادة عدد المهاجمين واستغلال إرهاق الخصوم.
كما سيكون الرهان الهجومى فى المباراة على الحالة المزاجية للنجم محمد صلاح، والتى يمكن اختصارها فى عدد الدقائق القليلة التى شارك فيها أمام غينيا، فلم يعد «صلاح» اللاعب الذى يبحث عن التسجيل فحسب، والوصول إلى المرمى عبر التحرك واستقبال التمريرات، بل ظهر راغبًا فى امتلاك الكرة من مناطق خلفية، والقيام بأدوار صناعة اللعب بنفسه، والاستمتاع بالمراوغات والثنائيات مع زملائه. ويحتاج «أجيرى» أيضًا للتركيز على قرارات «تريزيجيه»، لإقناعه بعدم الاستعجال وتجنب الرعونة داخل مناطق الخصم، مع تأكيد احتياجه للتسديد فى وضعية جسم متزن، وإلى رفع وجهه وكشف الملعب، مع اللعب بهدوء أكبر والنظر إلى زملائه بدلًا من الدخول فى سباقات بدنية بالكرة.

كشف الخصم: مساحات بين الخطوط.. زحمة فى الوسط.. وهجوم مرتد سريع على «مو»
ماذا عن المنتخب الزيمبابوى؟
يلعب المنتخب الزيمبابوى مع المدير الفنى صنداى تشيزامبو بطريقتى لعب، الأولى الأقرب للتنفيذ هى «433»، والثانية والتى يستخدمها عندما يريد الهجوم هى سحب أحد لاعبى الارتكاز الثلاثة، والدفع بلاعب أكثر مهام هجومية لتصبح «4231».
يراهن مدرب زيمبابوى على الكثافة العددية الكبيرة فى منتصف الملعب، ويعتمد على ثلاثى ارتكاز قوى دفاعيًا، وسريع فى عملية التحول عبر التمريرات السريعة.
تتحقق الكثافة العددية أيضًا بعودة خاما بيليات، أخطر لاعبى الفريق الذى يعرفه الجمهور المصرى جيدًا خلال مشاركاته مع صن داونز بطل جنوب إفريقيا فى بطولة دورى الأبطال، ويعود معه الظهير الآخر ليدج موسونا، لاعب لوكيرين البلجيكى. الشكل هنا فى الحالة الدفاعية ستجده أقرب إلى «451»، بمنظومة دفاعية تتكون من 9 لاعبين، واستثناء المهاجم الصريح تينو كادويرى المحترف بالدورى الفرنسى من تلك المنظومة.
فى الهجوم رهان زيمبابوى دائمًا لا مركزية الثلاثى الأمامى: بيليات وموسونا وتينو، لتجد نفسك حائرًا خلال مشاهدة المباراة فى تحديد مراكزهم، فـ«بيليات» ستجده فى مركز المهاجم الصريح أو صانع الألعاب، تاركًا أدواره فى الجناح الأيمن، وكذلك تينو المهاجم الصريح ستجده على أطراف الملعب يستقبل الكرة. ويتميز هذا الثلاثى بالجهد البدنى العالى، والسرعة الكبيرة فى التحول، وإجادة التمرير فى المساحات الضيقة وخلق المساحة للزملاء.
واحدة من نقاط القوة للفريق الزيمبابوى أيضًا هى التسديد البعيد، وظهر ذلك خلال مشوار التصفيات.
أما الأزمات التى يتوجب على «أجيرى» استغلالها، هى سذاجة الخط الخلفى، ووجود مساحات كبيرة بينه وبين ثلاثى الوسط، لذلك على «صلاح» و«تريزيجيه» و«السعيد» استغلالها. كما يظهر الفريق الزيمبابوى بشكل ساذج للغاية فى الكرات الثابتة، لذا يمكن أن نسجل من الكرات الركنية، إذا أجاد لاعبونا التمركز.