رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الكنز المفقود».. لماذا أباحت الحكومة المصرية تجارة التماسيح؟

جريدة الدستور

رغم غرابتها لكنها تعتبر من أشهر الاستثمارات الضخمة عالميًا؛ والتي تعتمد عليها الكثير من الدول في تحسين الدخل القومي، ويجني من ورائها التجار أموالًا ضخمة، بسبب عائدها الاقتصادي المربح، ولكونها تدخل في صناعات أخرى أكثر رواجًا.

هي تجارة التماسيح، التي يتبناها البعض عبر استغلال جلودها في تصنيع الملابس والأحذية، في وقت أصبح فيه سعر التمساح الواحد آلاف الجنيهات، ما أدى بالبعض إلى بيعها والتجارة فيها بطرق غير مشروعة، بسبب حظر مصر تلك التجارة طويلًا.

سنوات الحظر تلك، ربما تلقى انفراجة قريبة، بعدما قررت وزارة الزراعة السماح بشراء وبيع التماسيح داخل مصر، لكن بشروط رسمية كما وضعت خطة ممنهجة لإنشاء مزارع تماسيح تختص بالإنشاء والتجارة في التماسيح وإمكانية تصديرها للخارج.

الأمر أعلنته الوزارة ليكون مشروعًا قوميًا للحفاظ على الحياة البرية داخل مصر، وبالرغم من أن مصر ضمن الدول الموقعة على اتفاقية "سكهولم" التي تجرم صيد التماسيح، فإن الهيئة المختصة بمراقبة تجارة الحيوانات البرية سمحت بترويج التجارة داخل البلاد مؤخرًا لكن بنسب معينة.

فما هي تلك التجارة، وهل يوجد تجار لها بالفعل؟، الإجابة بحثت عنها «الدستور» في التقرير التالي. "سيد تمساح"، شاب ثلاثيني، من قاطني محافظة الجيزة، يعمل في تجارة التماسيح والحيوانات البرية منذ ما يقرب من ستة أعوام، ويستخدم نشاطه عبر مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك".

يعرض الشاب صور التماسيح على السياح والأجانب، من خلال البحث عنهم في الأماكن السياحية كالأهرامات، وبالاتفاق على التمساح وسعره كان يشترط مكان للمقابة وإجراء عملية البيع. «بيع التماسيح كان مصدر رزق واسع حتى لاحقته الحكومة للقضاء عليه»، هذا ما يقوله «تمساح».

كان يعيش الشاب معظم يومه بجانب التماسيح الخاصة به ليرعاها ويسوقها بأفضل شكل، حتى منعت الحكومة المصرية أكثر من مرة تلك التجارة داخل مصر، وقرر وقتها التوقف عن بيع التماسيح الكبيرة وظل يستثمر أمواله في التماسيح الصغيرة غير المربحة والحيوانات البرية الأخرى.

وعن قرار السماح بالتجارة يقول: «شيء جيد التجارة هترجع تاني ومستعد أشغل فيها كل فلوسي"، من هنا بدأ الشاب يتتبع خطوات النشاط من جديد لكن بطريقة رسمية، طبقًا لشروط وزارة الزراعة التي أقرتها للتجارة في التماسيح.

يضيف "التمساح الكبير ممكن يعدي تمنه 10 آلاف جنيه، والصغير العادي بيبقي في حدود 1000"، هي الأسعار الخاصة به أثناء تجارته غير الرسمي، لكنه ينتظر الأسعار التي ستحدد بعد تطبيق قرارات السماح، التي ستلزم جميع التجار ببيع التماسيح بأسعار معينة لعدم التضارب في الأسواق.

تراخيص إنشاء مزارع لإنتاج التماسيح، يتم بالتنسيق مع إدارة الحياة البرية التابعة لحديقة الحيوان، لتلزم التجار باشتراطات محددة؛ حتى يصدر لهم التراخيص بإنشاء المزارع، وتستوفى تلك الإجراءات في المقام الأول، عدم إنشاء مزرعة تقل مساحتها عن 2.5 فدان بموافقة جهاز شئون البيئة والجهة الأمنية التابعة لمنطقة المزرعة، كما يجب توفير سجل تجاري وبطاقة ضريبية، تضم جميع تفاصيل النشاط المصاحب أيضًا لموافقة الشئون الصحية، والإدارة المحلية في تخصيص الموقع لإنشاء مزرعة تماسيح.

الأرقام الرسمية تقول إن التماسيح في بحيرة ناصر بلغ عددها 32 ألف تمساح، حسب ما أشارت إليه الأبحاث ضمن تقرير لوزارة البيئة، يفيد بأن بحيرة ناصر ضمن أكثر الأماكن شيوعًا لتجارة التماسيح، فأعداد التماسيح في بحيرة ناصر ظلت تنخفض بشكل مستمر منذ عام 2008 حتى عام 2012، وازداد معدل انخفاضها أكثر في عام 2016 بسبب معدلات اصطيادها الزائدة من تلك البحيرة.

على النقيض، يرى رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بالبرلمان، أن توقيت إعلان وزارة الزراعة السماح بتربية التماسيح خاطئ ويدل على عدم وجود رؤية واضحة وخطة لدي الوزارة، مبينًا أنه تقدم بطلب إحاطة لرئيس المجلس بطلب إحاطة لأن وجود مثل هذه المزارع سيكون له تأثير سلبي علي الأسماك.

ويوضح أن التماسيح تحتاج إلى مياه عذبة لتعيش فيها، مثل أغلب أنواع الأسماك وخاصة القشر البياض الذي يعتمد عليه أغلب المصريين في طعامهم لرخص سعره، ومعني وجود هذه التماسيح لن تكون هناك أسماك؛ وبالتالي فسترتفع أسعارها ومع الزيادة الحالية في أسعار اللحوم والدواجن لن يجد المواطن البسيط ما يأكله.

ويشير إلى أن المستفيد الوحيد من تراخيص مزارع التماسيح هم المستثمرين الكبار، الذين يرغبون في تصديرها للخارج وتحقيق مكاسب من خلفها بغض النظر عن تأثيرها على الأسماك، موضحًا أنه في نفس الوقت تقوم وزارة البيئة بردم أكثر من ١٢٠ ألف فدان للمزارع السمكية الخاصة في بورسعيد والمحافظات المحيطة بها.

يختتم: «رغم أن المزارع الخاصة تنتج ٧٠٪؜ من الأسماك المتداولة في السوق و٣٠٪؜ فقط يخرج من البحيرات، كل ذلك مع تخصيص مياه البحيرات للتماسيح وهدم المزارع السمكية من أين سنحصل علي الأسماك بسعر رخيص؟»