رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعميق التصنيع المحلى!


تحت هذا العنوان، ودون علامة التعجب، عقد الدكتور محمد سعيد العصار، وزير الدولة للإنتاج الحربى، بديوان عام الوزارة اجتماعًا شارك فيه وزراء الاستثمار والتعاون الدولى، التجارة والصناعة، وقطاع الأعمال العام، والفريق عبدالمنعم التراس، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، والمهندس محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، والدكتورة نيفين جامع، الرئيس التنفيذى لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر. غير أن المنطق يقول إن هذا الاجتماع لن يحقق النتائج المرجوة أو المستهدفة، فى ظل عدم تفعيل قانون «تفضيل المنتج المصرى فى العقود الحكومية»، وهذا أضعف الإيمان.
الاجتماع تناول إمكانية الاستفادة من إمكانيات وزارة الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع وشركات القطاع العام والخاص استجابة لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتشكيل لجنة لدراسة خطوات تعميق الصناعة، فى إطار ما توليه الدولة من اهتمام بوضع خطة عاجلة، تستهدف زيادة المكون المحلى فى الصناعة، وتقليل استيراد مدخلات الإنتاج، عن طريق إنتاج تلك المدخلات محليًا، بما ينعكس فى النهاية على توفير العملة الصعبة، ومعالجة الخلل فى الميزان التجارى، والأهم هو توفير فرص العمل، وانتهى الاجتماع بالاتفاق على تشكيل لجنة تنفيذية من ممثلى الجهات المختلفة، ودعوة ممثل وزارة التخطيط لتبادل ودراسة البيانات والمعلومات المتوافرة لدى كل جهة، ووضع خطة لدراسة إمكانية استغلال 4500 مصنع، تقوم قواتنا المسلحة بتنفيذها حاليًا فى 13 منطقة صناعية بـ12 محافظة.
البرنامج القومى لتعميق الصناعة، تم إطلاقه فى أول أكتوبر الماضى ونجح فى رصد 248 فرصة استثمارية لمنتجات يمكن تصنيعها محليًا بدلًا من استيرادها، قيمتها السوقية تتجاوز 20 مليار دولار، وفى اجتماع الأحد، عرفنا من الفريق عبدالمنعم التراس أن الهيئة العربية للتصنيع، بما تمتلكه من قدرة تصنيعية كبيرة وعمالة بشرية مدربة، سوف تسهم مع وزارة الإنتاج الحربى فى إنجاح البرنامج، كما أشارت الدكتورة نيفين جامع إلى الدور الذى يمكن أن يضطلع به «جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر» فى تشجيع صغار المستثمرين على إنشاء ورش ومصانع صغيرة تقوم بإنتاج المدخلات والمكونات اللازمة للتصنيع، حتى تعتمد المصانع الكبيرة على مدخلات إنتاج ومكونات يتم تصنيعها محليًا.
الصناعة أهم أعمدة التنمية الاقتصادية، ولا يمكن أن يختلف عاقل على أهمية دور المناطق الصناعية فى تحقيق محاور التنمية الشاملة، أما البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلى، فهو بلا شك، خطوة مهمة نحو مساندة الصناعة الوطنية ورفع معدلات الاستثمارات الصناعية، وتحفيز المستثمرين لضخ استثمارات جديدة وتعظيم الاستفادة من الطاقات الإنتاجية، وإتاحة المزيد من فرص العمل المستقرة، وتصحيح المسار العام للاقتصاد المصرى، والإسهام فى زيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية وتعزيز تنافسيتها بالسوقين المحلية والعالمية، و... و.... إلخ، أى إلى آخر الكلام الذى يمكنك استنتاجه، لو لم تكن تعرفه، والذى تسعى الدولة، وكل الدول إلى تحقيقه.
لكن كيف يمكن أن يتحقق ذلك كله إذا لم تحصل المنتجات الوطنية على النصيب الأكبر أو حصة عادلة، على الأقل، فى المشتريات الحكومية؟! أو بصيغة أوضح، لماذا لا يتم إلزام الجهات الحكومية، بتفضيل المنتج المحلى على مثيله الأجنبى؟!. وإياك أن تعتقد أننا نطالب تلك الجهات بأن تمنح المنتج المحلى، ميزات تفضيلية، فى المطلق؟ إذ إن كل ما نطالب به هو تطبيق القانون رقم 5 لسنة 2015 الخاص بـ«تفضيل المنتج المصرى فى العقود الحكومية»، أو القانون رقم ٩٠ لسنة ٢٠١٨، الذى تم فيه تعديل بعض أحكام القانون السابق.
قبل وبعد التعديل ألزم القانون الجهات الحكومية بألا تقل نسبة إسهام المكون الصناعى المصرى فى تعاقداتها عن 40%، وبأن تعلن على موقع بوابة المشتريات الحكومية عن أسلوب تعاقداتها وأسبابها وشروطها، ونتائج القرارات الخاصة بالترسية والإلغاء واستبعاد العطاءات وأسبابها، وكذا أسباب استبعاد المنتج المصرى، إن وُجدت، كما ألزم القانون الهيئة العامة للتنمية الصناعية بإنشاء قاعدة بيانات تتضمن المنتجات الصناعية المصرية وبياناتها والشركات المنتجة لها، وأعفى المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر من نصف التأمين الابتدائى ونصف التأمين النهائى، كنوع من تحفيز الصناعات الصغيرة على الإنتاج.
مع أن هذا القانون صدر، كما هو واضح، منذ أربع سنوات، ومع أن بعض أحكامه تم تعديلها، منذ سنة، وتحديدًا فى يونيو 2018، لسد ما به من ثغرات، وتلافى ما شابه من قصور.. ومع أن مخالفة القانون، بنص المادة رقم 15، تعد إخلالًا جسيمًا بواجبات الوظيفة يستوجب المساءلة والعقاب، مع ذلك كله لم يحدث إلى الآن أن عوقبت شركات حكومية، أو تمتلك فيها الحكومة حصة حاكمة، تعمدت مخالفة ذلك القانون، أو تحايلت على تطبيقه.