رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عقيلة صالح يتحدث: نجمع مستندات ودلائل إدانة قطر وتركيا لمقاضاتهما

جريدة الدستور

- رئيس مجلس النواب الليبى قال إن عوائد النفط تستخدم فى دفع رواتب الإرهابيين والمرتزقة

شدد المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبى، على أن البرلمان هو الممثل الشرعى الوحيد للشعب فى بلاده، وأنه لا شرعية لحكومة تستند فقط إلى ما تسميه «الدعم الدولى»، رغم رفض الشعب لها وعدم الاعتراف بها من قبل مجلس النواب.
ورأى «صالح»، فى حواره مع «الدستور»، الذى أجرته معه عقب لقائه الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال زيارته الرسمية إلى مصر قبل أيام، أن حل الأزمة الليبية يبدأ بطرد الإرهابيين من كل الأراضى الليبية، ثم تشكيل حكومة وطنية تضم كل الأطياف، تليه الخطوة الأهم المتمثلة فى عقد انتخابات برلمانية ورئاسية.
وتحدث رئيس البرلمان الليبى عن آخر تطورات معركة تحرير العاصمة طرابلس، وأسباب تأخر حسمها، متطرقًا إلى الدورين القطرى والتركى فى دعم الميليشيات والتنظيمات الإرهابية، التى يواجهها الجيش الليبى حاليًا فى تلك المعركة، بجانب علاقات بلاده مع مصر.
وقال المستشار عقيلة إن الجيش الليبى يحارب عصابات إرهابية مسلحة مطلوبة لدى المجتمع الدولى، ما يجعل الوقوف أمامه وعدم مساندته أمرًا غير مقبول، لأنه صمام أمان للوطن، ويحافظ على وحدة التراب الليبى، ويعمل على حماية الدستور والمنشآت الحيوية فى البلاد، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة الليبية مكلفة من الشعب الليبى بحفظ الأمن والاستقرار، والقضاء على العناصر المتطرفة والإرهابية.
وأضاف أن ليبيا ومصر والسعودية والإمارات فى خندق واحد لمكافحة الإرهاب، مطالبًا الدول الداعمة للمجموعات التى يواجهها الجيش الليبى بإعادة النظر فى ذلك، والاعتراف بدور الجيش الليبى فى مواجهة الإرهابيين.

■ بداية.. كيف ترى العلاقات بين مصر وليبيا خلال الفترة الجارية؟
- العلاقات بين مصر وليبيا علاقات تاريخية قديمة جدًا ومتجذرة فى تاريخ وحضارة البلدين الشقيقين، وتربطنا روابط اجتماعية وعلاقات نسب ومصاهرة، يمكن معها أن نقول: «مصر وليبيا شعب واحد يعيش فى بلدين مختلفين».
وكان لاحتلال مصر موقعًا ثقافيًا متميزًا، وكونها بلد الأزهر الشريف، ومنارة العلم فى العالمين العربى والإسلامى، وكذلك موقعها الجغرافى الذى جعل منها موطنًا لكل من يطلب الرزق والعيش- عوامل مهمة فى تجذر هذه العلاقات.
وفى أيام الاحتلال الإيطالى لبلادنا، كان أهلنا فى مصر يدعمون المجاهدين بالسلاح والدواء والغذاء، ما اضطر السفاح موسيلينى إلى وضع أسلاك شائكة على الحدود بين مصر وليبيا.
كما أن الملك إدريس السنوسى توفى فى مصر، وعلى متن طائرة خاصة مصرية أرسل جثمانه إلى المملكة العربية السعودية للدفن فى منطقة البقيع، وعندما اندلعت ثورة 17 فبراير ضد معمر القذافى كانت مصر ملجأ لليبيين.
■ التقيتم الرئيس عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة.. كيف ترى موقفه من الأزمة الليبية؟
- الرئيس عبدالفتاح السيسى يده ممدودة بالخير دائمًا لكل الشعب الليبى، وأتذكر عندما التقيته فى قصر القبة، خلال ولايته الأولى، قال لى بنص صريح واضح: «الشعب الليبى على دماغى من فوق».
وهو دائم الدعم لمجلس النواب الليبى، وفى كل المؤتمرات واللقاءات– بما فيها الأخير- يقول إن البرلمان هو السلطة الشرعية المنتخبة من الشعب الليبى، فى دليل واضح على احترامه إرادة الليبيين.
هذا بجانب دعمه المتواصل للقوات المسلحة الليبية، المكلفة من الشعب الليبى بحفظ الأمن والاستقرار، والقضاء على العناصر المتطرفة والإرهابية، فالجيش الليبى يحارب عصابات إرهابية مسلحة مطلوبة لدى المجتمع الدولى، ما يجعل الوقوف أمامه وعدم مساندته أمرًا غير مقبول، لأنه صمام أمان للوطن، ويحافظ على وحدة التراب الليبى، ويعمل على حماية الدستور والمنشآت الحيوية فى البلاد.
فهل كان من المطلوب أن يقف الجيش الليبى مكتوف الأيدى أمام هذه الجماعات الإرهابية؟ ويتركها تدمر الدولة الليبية ومؤسساتها الشرعية؟.. ما حاجتنا للجيش إذن إذا لم يواجه الإرهاب؟.
■ لقاؤكم مجددًا الرئيس السيسى خلال زيارتكم الأخيرة إلى القاهرة ذو طبيعة خاصة.. ما الذى دار فيه؟
- دعانى فخامة الرئيس السيسى لزيارة مصر، للاطمئنان على ما يجرى فى ليبيا، على اعتبار أن الأمن القومى الليبى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، والعكس صحيح، وذلك لكوننا جيرانًا وإخوة، وفى ظل اهتمامه المستمر بما يحدث لدينا من تطورات.
وبحثنا معًا المستجدات الأخيرة فى ليبيا، وأكد فخامة الرئيس احترامه إرادة الشعب الليبى، وأن الممثل الشعبى والرسمى لهذا الشعب هو مجلس النواب، وقال لى: «المجلس هو الجهة الشرعية التى يجب التعامل معها»، كما ينص عليه «الإعلان الدستورى».
وجدد دعمه للقوات المسلحة الليبية، التى تحارب الإرهاب فى مدينة طرابلس حاليًا، وهو الخط الواضح الذى لم يحد عنه الرئيس السيسى منذ بدء الحرب على الإرهاب فى ليبيا، وتكليف المشير خليفة حفتر قائدًا للجيش الليبى، فمنذ ذلك الوقت وهو يدعم القوات المسلحة ويساندنا أمام المجتمع الدولى، ويؤكد أن مجلس النواب الليبى هو مصدر الشرعية فى البلاد، وأن دعم الجيش واجب.
■ إلى أى مدى وصل التعاون بين البلدين فى مجال مكافحة الإرهاب؟
- التعاون بين البلدين فى مجال مكافحة الإرهاب مستمر، لأن أمن البلدين واحد، والدليل على ذلك تسليم الإرهابى هشام عشماوى إلى مصر، والذى اعتبر إلقاء القبض عليه مدعاة للفخر من قبل الجيش الليبى ودليلا على قوته وعمله لصالح الوطن.
كما أن القبض على «عشماوى» دليل على أن الجيش الليبى منظم، ويعمل وفق ضوابط عسكرية، وليس كما يدعى الإرهابيون الذين يسرقون مدخرات الليبيين، وآخر الوقائع كانت قتلهم طبيبًا ليبيًا داخل مقر عمله بعد سرقته. ويعرف كثيرون أن والد الضابط الذى قبض على «عشماوى» استُشهد اثنان من أولاده وعدد من أبناء أقاربه وعمومته أثناء مواجهتهم العناصر الإرهابية.
وسلمنا هشام عشماوى إلى مصر، وفق القوانين والضوابط التى تحكم علاقة البلدين لتسليم المطلوبين جنائيًا، وبإجراءات طبيعية ورسمية، مع الإشارة إلى أن مصر رائدة فى مكافحة الإرهاب بالشرق الأوسط.
■ هل اعترف «عشماوى» بأنه مدعوم من إحدى الدول أو الجهات التى تريد أن تشعل المنطقة؟
- سرية التحقيق تقتضى عدم إفشاء أى معلومات، حتى يصل الأمر إلى المحاكم المعنية، والمنوط بها وحدها التصريح بذلك، وأنا أحد رجال القضاء، لذا دائما ما أراعى أهمية سرية التحقيق.
■ ما خطواتكم- بالتعاون مع مصر- لحشد دعم دولى للجيش الليبى فى حربه ضد الإرهاب؟
- كما قلت سابقًا، مصر موقفها تجاه الجيش الوطنى الليبى واضح، وتقول فى كل المحافل الدولية إن هذا الجيش يحارب الإرهابيين، وهو ما أكده لى الرئيس السيسى فى لقائى الأخير به.
وليبيا ومصر والسعودية والإمارات فى خندق واحد لمكافحة الإرهاب، وعلى الدول الداعمة للمجموعات التى يواجهها الجيش الليبى إعادة النظر فى ذلك، وعلى الدول الأخرى الاعتراف بدور الجيش الليبى فى مواجهة الإرهابيين، وهو ما نسعى إليه ونتحرك دوليًا من أجله.
■ هل تواصلتم مع أى من الدول التى تتهم الجيش الوطنى الليبى بتأجيج الصراع داخل ليبيا؟
- تواصلنا مع جميع الدول، وكلها تقر بأن الجيش الليبى هو جيش وطنى نظامى لا يمكن الاستغناء عنه، وأصبحت تعلم الحقيقة، ومصدر أى رصاصة واحدة تخرج فى ليبيا، وتعرف من أين خرجت وإلى أين وصلت.
وفى طرابلس تحديدًا أصبح الأمر واضحًا بشدة، وأن العصابات الموجودة هناك غير منضبطة وموجودة لإرهاب المواطنين، ولا تعرف حتى استخدام السلاح، ما يؤدى إلى إرهاب المدنيين.
■ بذكر معركة تحرير طرابلس.. ما تطوراتها ميدانيًا.. وكيف تراها؟
- عملية تحرير طرابلس هى وسام فخر لكل ليبى شريف، ففيها تحرك الجيش الوطنى الليبى المكلف بحماية الوطن من أجل حماية المدنيين، والبالغ عددهم بداخل المدينة قرابة 2 مليون مواطن ليبى.
والمجموعات الإرهابية الموجودة فى طرابلس تستخدم المواطنين كمتاريس، لذا أى عملية عسكرية لتحريرها بشكل غير محسوب ستضر هؤلاء المواطنين، وهم أبناؤنا وإخوتنا، لذا وضع الجيش الوطنى خطة تستهدف فى المقام الأول تجنيب المدنيين أى آثار للمعركة.
ولو رجعنا إلى وقت سابق، حاصر الجيش الليبى مدينة «درنة» لمدة تزيد على عام كامل، رغم أنها مدينة صغيرة كان يمكنه تدميرها فى أقل من 48 ساعة، لكنه بدلًا عن ذلك قرر استنزاف المجموعات الإرهابية عند خروجها من المدينة حتى قضى عليها بالكامل ودخل إلى المدينة بكل سهولة، مع الحفاظ على أرواح المدنيين.
كذلك العاصمة، نحارب الإرهابيين والجماعات المسلحة فقط، وهذا بشهادتهم أنفسهم، ولم ولن نعتدى على أى مدنى أبدًا، أو نستهدف أيًا من المنشآت العامة، فالجيش الوطنى الليبى ليست مهمته إيذاء المواطنين، أو الطمع فى السلطة، لكنه ينفذ مهمة مقدسة، وأعتقد أن أى مواطن فى أى بلد لا يرضى بأن يكون بلده مختطفًا من مجموعة مسلحة خارجة عن النظام.
■ إذن تأخر حسم المعركة راجع إلى حماية المدنيين.. لكن هل قاربتم على هذا الحسم؟
- حماية المدنيين والأموال العامة والخاصة أهم من كل شىء، لذا لم يستخدم الجيش الوطنى الليبى القوة أكثر من اللازم، لتحقيق تلك الحماية، وعمل على استخدام الطيران بشكل دقيق، فى ظل حرصه على حياة الليبيين، الذين يريدون أن تتحرر البلد من الجماعات التى تخطف المواطنين، وتشردهم وتعتدى على ممتلكاتهم وثرواتهم.
■ بعض التقارير أشار إلى وجود «قوات أجنبية» فى طرابلس لحماية المنشآت التابعة لدولها.. ما تعليقكم؟
- هذه خيانة من الحكومة غير الشرعية، ونحن نرفض أى تدخل أجنبى على الأراضى الليبية، وأى سلطة تطلب الدعم من الخارج هى سلطة غير شرعية، وبالتالى ما يسمى «حكومة الوفاق» حكومة غير شرعية، والمحاكم الليبية حكمت بعدم شرعيتها وبطلان أى قرارات تصدر عنها، لذا ليس لها الحق فى إصدار أى شىء، لأنها حكومة مخالفة للقوانين، ونحن لن نعترف بها، وضد أى دولة تدعم هذه الحكومة.
■ بعض المنتمين إلى «حكومة الوفاق» طالبوا بتدخل غربى ضد الجيش الليبى.. كيف قرأتم ذلك؟
- عندما يطلب أى مواطن تدخلًا أجنبيًا فى بلده أعتبر ذلك «خيانة»، ونحن عند اندلاع ثورة 17 فبراير طالبنا بعدم وجود أى تدخل أجنبى، ونرفض عامة أى نوع من هذه التدخلات، ومهما حدث لن نستقوى على أهلنا بالأجنبى، وهو ما يدعونا إلى انتقاد من يقول «الحكومة المدعومة من المجتمع الدولى»، لأن الشعب الليبى لن يعترف بأى حكومة إلا إذا كانت مدعومة ومنبثقة من الشعب الليبى.
■ كيف تنظرون إلى المواقف المتأرجحة لكل من بريطانيا وألمانيا تحديدًا بشان ليبيا؟
- بريطانيا وألمانيا، بجانب الولايات المتحدة الأمريكية، دعمت الجماعات المتطرفة الموجودة فى طرابلس، وفى وقت سابق كانت تدعم بقوة جماعة الإخوان، لكن الصورة اتضحت فى الوقت الحالى، وأصبحت هذه الدول ترى ومقتنعة بأن ما يفعله الجيش الليبى هو الصحيح، بدليل عدم إصدارها أى إدانة لتحركات الجيش الليبى لتحرير العاصمة طرابلس.
■ لكن السلاح محظور على الجيش الوطنى الليبى.. ما تعليقك؟
- دليل على محاولات بعض الأطراف الخارجية لمنع قيام الدولة الليبية، لأنه لا توجد دولة بلا جيش، ولا يوجد جيش بدون سلاح، لكن بعزيمة رجال الدولة خبراء الجيش نجحوا فى إصلاح الطائرات والسلاح، وتمكنوا من اغتنام عدد كبير من الأسلحة.
وحتى بدون سلاح، نحن قادرون على هذه الحرب، وفى وقت الحظر حاربنا فى الشرق والغرب والجنوب من أجل وحدة الأراضى الليبية.
■ ما تعليقكم على تحذير المبعوث الدولى من إمكانية اندلاع «حرب أهلية» فى ليبيا؟
- المبعوث الأممى غسان سلامة يميل إلى حكومة «الوفاق الوطنى» برئاسة فائز السراج، بسبب دعم الأمم المتحدة لها، والدليل على انحيازه إلى «الوفاق» عدم إصداره أى تصريح حول وجود إرهابيين ومرتزقة وسلاح تركى يهرب إلى ميليشيات تلك الحكومة.
كما أنه على تواصل مع الأطراف الموجودة فى المنطقة الغربية فقط، متجاهلًا المكونات الأخرى الرئيسية، كما يعقد اجتماعات مع جماعة الإخوان وكوادرها فى ليبيا ولم يتواصل معنا.
وقضية الليبيين لن يحلها إلا الشعب الليبى بمساندة العرب، والأمم المتحدة لم تنجح فى حل أى أزمة فى المنطقة، لعدم معرفة المبعوثين الأمميين بخصوصية الشعوب.
أما بخصوص إمكانية اندلاع «حرب أهلية» فى ليبيا، فإن الشعب الليبى نسيج اجتماعى واحد مترابط، ويرفض الجماعات الإرهابية والتدخل الخارجى فى البلاد، ولا توجد خصومة ولا نزاع بين أبنائه، لكن النزاع مع من لا يريدون بناء دولة ولا يعترفون بالمسار الديمقراطى ولا التداول السلمى للسلطة.
وإجمالًا، جميع اتصالات «سلامة» تتم مع حكومة «السراج»، التى لم تنل الثقة من مجلس النواب، بل رفضت مرتين، وهى سبب الانقسام وانتشار الجماعات الإرهابية فى طرابلس، عندما استعانت بهم لحراستها بدلًا من إخراجهم من العاصمة كما ينص قرار مجلس النواب والاتفاق السياسى نفسه.
■ كيف تنظر إلى دور الأمم المتحدة فى ضوء هذا الانتقاد لـ«سلامة»؟
- إصرار الأمم المتحدة على بقاء «السراج»، المرفوض من مجلس النواب والشعب الليبى، هو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه، خاصة بعدما راح مبعوثها يدعم طرفًا دون الآخر، وفشل فى الوصول إلى أى نتيجة، أو حتى مجرد توضيح حقيقة ما يجرى على أرض الواقع للعالم، فلم يذكر من أين أتت المدرعات الموجودة فى طرابلس، وما يتم من استيلاء على أموال ليبيا من عوائد النفط.
فالجيش الليبى حرر موانئ النفط ويحرسها ويؤمن تصديرها إلى الخارج، لكن للأسف عوائد الكميات تذهب إلى المصرف المركزى فى طرابلس، وهو تابع لحكومة «الوفاق»، ما يصل بهذه الأموال فى نهاية الأمر إلى المجموعات الإرهابية، وتستخدم فى دفع رواتب المرتزقة المطلوبين دوليًا بسبب الجرائم التى ارتكبوها بحق الشعب الليبى، ويمنعها تمامًا عن شرق وجنوب ليبيا.
■ من المسئول عن تدهور الوضع الليبى فى ظل كل هذه المشاهد؟
- التدخل الدولى فى المجتمع الليبى هو السبب الرئيسى لذلك، فليبيا من أوائل الدول المستقلة عام 1951، ولديها دستور يحافظ على استقلاليتها ويحكم البلاد ونرجع إليه كلما اختلفنا.
ولا أفهم لماذا تتدخل دول فى شئوننا، وتساند جهة ضد أخرى، ولو كانت هذه الدول تريد لنا الخير فلتساعدنا على العمل بالدستور، بدلًا من هذا التدخل الصارخ من قبلها.
والحكومة الحالية فرضت علينا من الخارج، والليبيون بطبيعتهم لا يحبون تلقى الأوامر الغربية، لما ذاقوه من مرارة العيش أيام الاستعمار الإيطالى، فلما شعروا بأنه ستفرض عليهم حكومة من الخارج رفضوها، ورفضها مجلس النواب مرتين ولم يمنحها الثقة ولن يعترف بها.
كما أن هذه الحكومة لم تستمد شرعيتها من مجلس النواب، الممثل الشرعى الوحيد لليبيين، وكل الحكام والحكومات فى العالم يستمدون شرعيتهم من شعوبهم وممثلى هذه الشعوب فى البرلمانات، ولا يستمدونها من المجتمع الدولى. ونحن فى مجلس النواب نمتلك شرعية دولية، وأعددنا دستورًا وعقدنا مؤتمرًا وطنيًا، ولدينا حكومة.
■ وما الحل فى رأيك؟
- يجب قبل كل شىء طرد الإرهابيين من كل الأراضى الليبية، وهذه المهمة على وشك الانتهاء، ثم العودة إلى شرعية الدستور، وانتخاب رئيس يكلف حكومة وطنية من كل الأطياف الليبية، على أن يعقب ذلك إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، ومن يريد الترشح لمنصب الرئيس فهو مرحب به.
فالطريق الوحيد لتحمل المسئولية والحصول على الشرعية هو صناديق الاقتراع، ولا حظر على أى ليبى من الترشح للسلطة إلا بـ«الموانع القانونية» وعدم توافر شروط القانون، ومن لديه القدرة للترشح لرئاسة ليبيا أو عضوية البرلمان فليتقدم للترشح، ويجب أن تتوفر فيه الشروط القضائية المعروفة فى العالم أجمع.
■ فى حال ترشح فائز السراج.. هل تقبلون ذلك؟
- ليس لدينا مانع من ترشح أى ليبى، المانع عندنا إما حكم من القضاء، أو عدم توافر الشروط المطلوبة فى المرشح، وأنا أتمنى أن يتجهوا «الوفاق» إلى الانتخابات، لكنهم لا يريدون ذلك.
■ هل توافق على ما يقوله البعض بأن ما يحدث فى ليبيا الآن ليس اختلاف رؤى بين الفصائل السياسية لكنه صراع على السلطة؟
- لا يوجد صراع على السلطة أو حتى مجال له، لأننا متأكدون أنه لا يوجد سوى طريق واحد إلى السلطة هو الانتخابات، فمن يرد أن يصل إلى حكم ليبيا عليه أن يتجه إلى صندوق الاقتراع، والإعلان الدستورى القائم فى ليبيا يحدد بالفعل كيفية انتخاب الرئيس والسلطات الثلاث الموجودة فى البلاد، لكن التدخل الأجنبى الذى يستهدف تحقيق أغراض معينة، وتمكين فئة معينة من حكم ليبيا هو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن.
ومن ضمن المآخذ على حكومة «الوفاق» أنها حكومة غير شرعية، فالشرعية تكتسب من الدستور وإرادة الشعب، وتلك الإرادة موصوفة فى الإعلان الدستورى، والذى يوضح طريقك لتكون رئيسًا، وتحصل على اعتراف الشعب بذلك. الشرعية هى إرادة الشعب الليبى، والشعب الليبى هو من يختار من يحكمه.
■ كيف تم التصدى لجماعة «الإخوان» فى ليبيا؟
- صدر قرار من مجلس النواب الليبى باعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية، وذلك بأغلبية ساحقة، لأنها جماعة تمارس الإرهاب بحق الشعب الليبى، وتريد الاستيلاء على مقدراته.
■ ما حقيقة دعم قطر وتركيا للميليشيات المسلحة الموجودة فى طرابلس؟
- دعم تركيا الجماعات الإرهابية فى ليبيا واضح للجميع ويتم بصورة علنية ومصور بالصوت والصورة، فهناك مدرعات وأسلحة وضباط أتراك لحماية الجماعات المتطرفة، وهى تستضيف قيادات وعناصر هذه الجماعات وتعالجهم فى مستشفياتها، وتربطها بـ«الإخوان» وتنظيمها الدولى علاقات قوية. أما قطر فلدينا معلومات بأنها تمول هذه العناصر بالمال.
■ هل هناك إجراءات على أرض الواقع اتخذتموها ضد قطر وتركيا؟
- السلطات الليبية تجمع المستندات والدلائل، وسيأتى يوم وسنقاضى كل هذه الأطراف أمام المجتمع الدولى.
■ فى الاجتماع الأخير لوزراء خارجية مصر وتونس والجزائر كان هناك تأكيد أن الحل فى ليبيا سياسى، لكن عمليًا هل يمكن تنفيذ ذلك على أرض الواقع؟
- منذ البداية كان هناك أكثر من حل سياسى، ومحاولات كثيرة من خلال مجلس النواب لإجراء تعديل فى الاتفاق السياسى وضم «الإعلان الدستورى»، بأن يكون هناك رئيس مجلس رئاسى ونائبان مع تشكيل حكومة وحدة وطنية برئيس وزراء منفصل عن المجلس الرئاسى.
لكن الطرف الثانى خاضع لهذه الميليشيات التى لا تريد الخروج من العاصمة بأى ثمن، نظرًا لما تستفيد به من المال الليبى «عائد النفط» فى طرابلس، لذا فمن وجهة نظرها لا يمكن التنازل حتى لا تفقد هذه الامتيازات، فالأموال الليبية تعبث بها كما تريد فى الوقت الحالى.
■ إذن لا يوجد حل سياسى؟
- الحل السياسى الآن غير ممكن، وتنفيذه يتطلب أولًا طرد الجماعات الإرهابية المسلحة وإخراجها بأى وسيلة، لأنها لن تسمح بوجود حكومة فى العاصمة، بدليل أن الحكومة الموجودة فى العاصمة تقع تحت سيطرة هذه الميليشيات، ولا تفعل أى شىء إلا بأوامر منها.
ولا أعتقد أن هناك حلًا سياسيًا سيؤدى إلى نتيجة، فنحن جربنا ذلك وأعطينا فرصًا أكثر من اللازم، ومنذ قرابة 4 أو 5 سنوات تعقد اجتماعات سياسية وحوار سياسى واتفاق سياسى، والواقع أنه لا يوجد أفق سياسى.
ومن وقع على «اتفاق الصخيرات» هم ممثلو الحكومة غير الشرعية، الذى جاء بهم مكتب الأمم المتحدة، رغم أنهم ليست لهم صفة، لذا لم يستطيعوا تمرير الاتفاق، الذى يستوجب نجاحه عقده بين جهات مخولة رسميًا.
لا يوجد اتفاق سياسى فى الأصل، لأنه يتعارض مع الدستور، وبالتالى لا قيمة قانونية له، وأرى أن الأزمة الليبية لن تحل إلا بالليبيين أنفسهم وليس من الخارج، وكما قلت من يرد أن يدعم الليبيين يدعم وحدتهم ويحترم دستورهم.
ونحن لدينا دستور قائم وأى عمل خارجه مرفوض، وفى مجلس النواب أقسمنا على احترام هذا الدستور، ومن لم يحترمه يرتكب جريمة كبرى فى حق وطنه، حتى لو كان رئيس الدولة، فرئيس الدولة فى حال خرقه الدستور يعزل ويحاكم.
■ هل مجلس النواب باعتباره الجهة الشرعية المنتخبة من الشعب يملك الآن مبادرة سياسية مختلفة عن الخطة الأممية؟
- الاتفاق السياسى لم يؤد إلى نتيجة حتى هذه اللحظة، ومنذ مدة طويلة لم تخرج هذه الحكومة من العاصمة ولم تقدم شيئًا، ولم تتمكن من توحيد المؤسسات، بل زادت الانشقاقات ووصلت إلى حد الحرب داخل طرابلس.
لذا، يرى مجلس النواب ضرورة العودة إلى دستورنا، وتأسيس حكومة وطنية من كل الليبيين، تعمل على توفير الاحتياجات، ثم تجهز مع مجلس النواب الإجراءات اللازمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، هذا هو الطريق الصحيح.
وأقول لكل الليبيين – كما أشرت سابقًا: من ليست عليه قيود قضائية وتتوفر فيه الشروط القانونية المطلوبة يستطيع أن يتقدم لرئاسة ليبيا أو لعضوية مجلس النواب.
■ ما موقفكم من إقامة بعض النواب جلسة تحت مسمى «برلمان طرابلس»؟
- هؤلاء معارضون ومقاطعون لجلسات البرلمان منذ البداية، وتابعون لما يسمى «حكومة الوفاق» غير المعترف بها من جانب الشعب الليبى، وبعضهم لم يؤد اليمين الدستورية حتى الآن، لذا لا يمكن اعتبارهم نوابًا عن الشعب.
وفى العرف البرلمانى، تتخذ قرارات مجلس النواب داخل مقر المجلس، وبحضور الرئيس أو أحد نائبيه، وذلك خلال جلسة فيها إجماع، لكن أى جلسة فى فندق أو أى مقر آخر تعتبر غير شرعية، إلا بقرار موقع من مجلس النواب، على أن يكون ذلك بجدول أعمال محدد، لذا ما فعله هؤلاء غير معترف به ولم يعترف به أحد.
■ هل تغير الموقف الجزائرى تجاه الجيش الوطنى الليبى بعد تغيير النظام هناك؟
- موقف الجارة الجزائر من ليبيا غير واضح فى الوقت الحالى، وللأسف هناك تيارات متحكمة فيما يحدث فى الجزائر تدعمنا سياسيًا، وتثنى على عمليات الجيش الوطنى الليبى، لكن لا تقدم لنا شيئًا على أرض الواقع.
■ ما حقيقة وجود زعيم تنظيم «داعش» الإرهابى فى ليبيا؟
- لا توجد أى دلائل على ذلك، كلها تكهنات، وفى النهاية لا يمكن أن تكون ليبيا ملاذًا لهذه الجماعات، فليبيا لأهلها فقط، وفى كل الأماكن التى تواجدت فيها هذه الجماعات تمكن جيشنا من القضاء عليهم.
البعض قال إن زعيم «داعش» موجود فى الجنوب، وهو أمر مستحيل، فهناك يمكن رصده بكل سهولة من قبل الجيش الليبى، والقضاء عليه بالطيران.
■ ما حقيقة عقد لقاء بين المشير خليفة حفتر والرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى البيت الأبيض؟
- حقيقة لم يصلنا أى شىء رسمى حتى الآن، ومن تحدث عن ذلك هو الإعلام، والعمل الدولى هو عمل رسمى وليس كل ما يقال فى القنوات يتم الأخذ به.
■ ما خطتكم للحفاظ على الموانئ النفطية؟
- الموانئ النفطية مؤمنة 100% تحت حراسة الجيش الوطنى الليبى، لكن للأسف دَخْل النفط تتلقاه البلاد فى البنك المركزى بالعاصمة طرابلس، وبالتالى يحصل عليه المرتزقة والإرهابيون والتشكيلات المسلحة الموجودة فى العاصمة.
■ كيف تتعاملون مع ملف الهجرة غير الشرعية؟
- لا توجد هجرة غير شرعية فى المناطق التى تقع تحت سيطرة الجيش الليبى والحكومة الشرعية، لكنها توجد داخل المناطق التى تسيطر عليها حكومة «السراج»، لذا يسأل عنها هو.
■ أخيرًا.. ما رسالتك إلى الشعب الليبى؟
- الشعب الليبى العظيم صاحب التاريخ الجهادى يجب أن يكون صفًا واحدًا فى محاربة الإرهاب وداعمًا لجيشه وحكومته المنتخبة من مجلس النواب، وأن يقف صفًا واحدًا من أجل ليبيا، دون إقصاء أو تهميش لأحد، مع ضرورة الاستناد إلى القانون فى كل شىء.
■ كيف ترى تطورات الأوضاع فى السودان وتأثيرها على ليبيا؟
- مهما حدث لن نضر أكثر مما كنا نتضرر فى عهد الرئيس السابق عمر البشير، فقد كانت تهرب الأسلحة والمعدات إلى الجماعات المتطرفة من تركيا والسودان، وبالتالى مهما يحدث فى السودان لن يؤثر علينا أكثر مما كان فى السابق. ونتوقع أن تسير الأمور فى السودان نحو الهدوء، لأن الجيش السودانى جيش وطنى منضبط.