رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الضريبة".. صداع في رأس مستثمري البورصة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تسعى أطراف سوق المال بشكل دائم إلى وضع خطط وإستراتيجيات للنهوض بالمنظومة ورفع معدلات التداول بالبورصة، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على أدائها، فضلًا عن مساهماتها في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتمويل الشركات، باعتبار البورصة منصة للتمويل دون أعباء مقارنة بغيرها من الأدوات الأخرى مثل البنوك.

ومع مساعي ممثلي السوق الدؤوبة لرفع كفاءة المنظومة ككل، وقفت "ضريبة الدمغة على التعاملات" أمام تلك التحركات، حتى استجابت وزارة المالية مؤخرًا لإعادة النظر فيها والإبقاء على معدلاتها السابقة عند 1.5 في الألف على البائع ومثلها على المشتري مع كل عملية منفذة دون النظر إلى المكسب أو الخسارة خلاف الضريبة المقرة سلفًا على التوزيعات النقدية والبالغة 10 %، الأمر الذي دفع مسئولوا الجمعية المصرية للأوراق المالية "إكما" إلى مخاطبة رئاسة الوزراء ووزير المالية، لإنقاذ السوق من التراجعات الحادة التي "ضربت المستثمرين في مقتل"، ودفعت العديد منهم إلى مغادرة الاستثمار في البورصة، فيما اتجه البعض الآخر إلى عدم ضخ أي سيولة جديد لحين البت فيها، في الوقت الذي تآكلت فيه رؤوس أموال شريحة عريضة من المتعاملين، وهو ما أثر بالسلب على قيم وأحجام التداولات التي هبطت دون مستوى الـ200 مليون جنيه مؤخرًا.

وضعت الجمعية المصرية للأوراق المالية "اكما" عددًا من المقترحات قدمتها لوزارة المالية لحل أزمة فرض ضرائب على تعاملات البورصة، منها الإعفاء التام للأجانب من ضريبة الأرباح الرأسمالية بالكامل لتجنب التعقيدات الحسابية معهم، والإعفاء التام للمصريين والمقيمين من ضريبة الدمغة بالكامل، وأيضًا إعفاء كافة عمليات الشراء والبيع في نفس الجلسة ومثيلتها من ضريبة الدمغة أو الأرباح الرأسمالية سواء للأجانب أو المصريين حسب الأحوال، وتحصيل فقط نسبة 1 في الألف تحت حساب ضريبة الأرباح الرأسمالية للمصريين والمقيمين، شريطة ألا تتجاوز ما تم خصمه 10% من الأرباح الرأسمالية المحققة فعليًا وليس دفتريًا "ليس على أرباح غير محققة".

وشمل المقترحات أيضًا تطبيق ضريبة الدمغة على الأجانب بواقع حد أقصى 1 في الألف، وعدم فتح ملفات ضريبية مطلقًا للمتعاملين في سوق الأوراق المالية، والسماح لشركة "مصر للمقاصة" بالرد مرة أخرى للمستثمرين المصريين ما تم تحصيله من نسبة الـ1‰ (واحد في الألف) الذي يزيد عن 10% من الأرباح المحققة فعليًا وفي حالة غير ذلك يكون التوريد لـ"مصر للمقاصة" دون غيرها.

وقدمت "اكما" تصورات لتنشيط سوق الطروحات للشركات الخاصة، تسمح بخفض ضريبي بواقع 50% الضريبة العامة للشركات لمدة 7 سنوات في حالة طرح أي شركة خاصة بما لا يقل عن 35% من أسهمها في اكتتاب عام طبقًا للشروط التي تضعها البورصة وتعتمدها الهيئة العامة للرقابة المالية، ومنح 50% إعفاء على ضريبة التوزيعات النقدية للشركات المقيدة فقط، ومعالجة التشوهات الضريبية في المادة 53 بما يبيح إعفاء عمليات إعادة الهيكلة بين الشركات التابعة والقابضة المملوكة لنفس المجموعة بغرض الطرح في البورصة.

من جانبه، وجه أيمن صبري عضو مجلس إدارة الجمعية وعضو اللجنة الثلاثية المشكلة برئاسة نائب وزير المالية الدكتور أحمد كوجاك، وعبدالعظيم حسين عبدالعظيم رئيس مصلحة الضرائب المصرية لحل الأزمة، رسالة للمسئولين نصها "في إطار حرص الدولة المصرية على تعظيم مواردها المختلفة من كافة الأنشطة الاقتصادية وإيجاد الاتزان والعدالة الضريبية، فقد رأت الإدارة الماضية لوزارة المالية فرض عدة ضرائب على البورصة كان أهمها ضريبة الدمغة على التعاملات اليومية، وقد تم إقرار قانون قبل ذلك بفرض ضريبة أرباح رأسمالية - أجلها رئيس الجمهورية لعام 2020 لتشجيع القطاع مما حدث بالفعل بداية من نوفمبر 2016 (تاريخ إقرارها) - ولاحقًا لذلك تم فرض ضريبة على التعاملات من قبل الإدارة السالفة لوزارة المالية الأمر الذي من المفترض أن يترتب عليه مع مطلع عام 2020 تطبيق الضريبتين معًا وليس ضريبة محل الأخرى".

وأضاف: إلا أنه مع اهتمام رئيس الجمهورية بالقطاع والاجتماع الأخير برئاسة رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير قطاع الأعمال والمستشار الدكتور نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ورئيس البورصة المصرية ورئيس ECMA، فقد أجمع الحضور بالكامل على ضرورة إعادة النظر في منظومة الضريبة بالكامل للقطاع وإعادة دراسة المقترح المقدم من الجمعية المصرية للأوراق المالية ECMA في ضوء أن السياسة العامة للدولة تهدف إلى وجود توازن بين القطاعات الاقتصادية المختلفة وأنه يوجد حتمية في فرض ضرائب لكافة القطاعات لكن لا يوجد ممانعة من إعادة النظر حتى يكون النظام عادل ومتزن وجاذب وغير طارد.

وقال "صبرى" إن رأي الجمعية المصرية للأوراق المالية هو أن السوق المصري حجمه ليس بالكبير، وأن فرص تضاعف التعاملات والقيمة السوقية واعدة لو تم إزالة كافة المعوقات والتشوهات الضريبية الحالية ومنح حوافز ومميزات جديدة للطروحات للشركات الخاصه طبقًا لقواعد فعلية تعتمدها الهيئة العامة للرقابة المالية.

أوضح "صبري" أن اجتماع اللجنة الثلاثية تم بشكل أكثر من رائع وتجاوز التوقعات وكان في غاية الإيجابية برئاسة الدكتور أحمد كوجاك نائب وزير المالية وبحضورعبد العظيم حسين عبد العظيم رئيس مصلحة الضرائب المصرية ونائبه ومحمد فريد رئيس البورصة المصرية والدكتور طارق عبد الباري العضو المنتدب لشركة مصر للمقاصة، كما أرسل رئيس الوزراء الدكتورة جيهان صالح المستشارة الاقتصادية الخاصة لدولته للتأكد من سرعة تناول الأمور والتفاهم بين الجانبين وإفادته.

وقال: لولا تدخل كل من وزير قطاع الأعمال العام ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ورئيس مجلس إدارة البورصة لكان لا وجود للمقترح أصلًا، مشيرًا إلى أن الجمعية المصرية للأوراق المالية تسعى دائمًا إلى تقديم الحلول القابلة للتنفيذ مع الحكومة وبالتنسيق معًا فى ضوء كافة الأبعاد الأخرى المتعلقة بالنظام العام والاقتصاد.

وأكد أن اعتماد هذا المقترح هو خطوة هامة جدًا بهدف وقف معاقبة المتعاملين النشيطين بأكل أجزاء من رأسمالهم كلما زاد حجم تعاملهم اليومي مما سيضاعف أحجام التعامل اليومية، علمًا بأن ذلك المقترح لا يمس الأجانب من قريب أو بعيد ويعزز ذلك المقترح أيضًا من إيضاح اتجاه الدولة في تحفيز نشاط الطروحات للشركات الخاصة الجيدة مما سيعود على القطاع كله بالرواج وزيادة تدفق العملات الأجنبية والاستثمار المباشر وغير المباشر وزيادة الوزن النسبي لمصر في المؤشرات العالمية.

وأوضح "صبري" أن دور الجمعية يقتصر فقط على الاقتراح، وأن وزارة المالية لها مطلق الحرية في الاعتماد الكلي أو الجزئي لأي مقترح وأن الإقرار النهائي هو من سلطة مجلس الشعب دون غيره.

من جانبه، قال عويس أحمد منفذ عمليات بإحدى شركات الوساطة في الأوراق المالية، إن لضريبة الدمغة على تعاملات البورصة بالغ الأثر السلبي على سوق المال، في ظل ارتفاع التكلفة الإجمالية للتداولات حتى بات السوق المصري الأعلى في التكلفة بين الأسواق العربية المحيطة وهو ما يدفعه إلى الخروج من حلبة المنافسة على جذب الاستثمارات الجديد في ظل الأجواء الجيدة والمحفزات التي تقوم بها الدول الأخرى من إزالة أي معوقات وعلى رأسها الضرائب بغرض جذب المزيد من المستثمرين والعملة الصعبة لتضاف إلى الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي.

وأضاف "عويس" لـ"الدستور" أن برنامج الإصلاحات الاقتصادية جذب أنظار المستثمرين لمصر وحقق نجاحات عديدة لكن في ظل المعوقات الحالية ببعض القطاعات مثل سوق المال لم يكون هناك أثرًا ملموسًا رغم خفض قيمة العملة "الجنيه" أمام الدولار أكثر من 70 % في الوقت الذي حققت فيه أسعار الأسهم مستويات تاريخية لم ترها من قبل.

وأشار "عويس" إلى أن مثل تلك الأزمات قد تقضي على صناعة الأوراق المالية تمامًا، مطالبًا المسئولين بضرورة حسم ملف الضريبة قبل فوات الأوان خاصة أن الشركات تتجه إلى اتخاذ إجراءات عدة منها تقليص العمالة بسبب التكلفة.