رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملائكة الرحمة.. حكايات خاصة لأطباء مثّلوا ملاحم طبية

ملائكة الرحمة.. حكايات
ملائكة الرحمة.. حكايات خاصة لأطباء مثّلوا ملاحم طبية

الهدوء يعم مستشفى التحرير العام بالجيزة، الساعة قاربت على الثانية عشر بعد منتصف الليل، انصرف معظم الأطباء والممرضين، وتبقى قليل منهم يؤدون "النبطشية" في أقسامهم الخاصة، كان منهم طبيب "فيصل خضر" طبيب الجراحة بالمستشفى.

مرت الساعات الأولى من "النبطشية" هادئة، إلا أنه تفاجىء مع اقتراب آذان الفجر، بأصوات عالية ومصاب ينزف ضُرب برصاص "بلي" في رأسه، فقام الطبيب بالكشف عليه، وعمل بعض الإسعافات الأولية.

أمرهم "فيصل" بالتوجه إلى مستشفيات جامعة القاهرة، حتى يتم عرضه على طبيب للمخ والأعصاب وإجراء جراحة عاجلة، إلا إنهم اعترضوا واعتدوا على الطبيب أثناء تأديه عمله وقاموا بإصابته بجرح عرضي في رأسه.

"فيصل" هو واحد ضمن أطباء كثيرون، يحملون على أكتافهم قصص كفاح ونجاح كان هم أبطالها أثناء تأديه عملمهم، فمنهم من فقد عمره من أجل مريض، وآخرون تعرضوا لاعتداءات من أجل مصحلة المهنة، تسرد «الدستور» في التقرير التالي حكاياتهم.

لم يكن ذلك الطبيب هو الوحيد، فهناك "شيماء.م" الطبيبة تعمل في نفس المستشفى بقسم الأطفال، والتي تعرضت لاعتداء في أحد المرات، بسبب مكوثها لوقت طويل بالمستشفى في قسم الطوارىء.

كانت الساعة دقعت العاشرة مساءً، حين انتهت الطبيبة من آخر كشف بالمستشفى، وانصرفت بعدها، لتفاجىء بعدد من البلطجية يقطعون الطريق أمامها وقاموا بالاعتداء عليها وسرقتها.

تقول: "لولا مرور دورية شرطة صدفة في المنطقة لكنت في عداد الموتى حاليًا، فهم من أنقذوني وقتها من يد البلطجية وقاموا بتوصيلي إلى منزلي سريعًا، ووقتها لم أحرر محضر شرطة لكون الاعتداء تم خارج المستشفى".

لا يوجد نص قانون مباشر في قانون العقوبات، بشأن الاعتداء على الأطباء في المستشفيات، لكن هناك عدة مواد يمكن الاستناد إليها في ذلك، منها المادة رقم 137 التي حددت العقوبة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تتجاوز 200 جنيه، وفي حال تخريب المستشفيات أو الاعتداء عليها فإن المادة 90، تنص على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات.

يؤكد الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن الأطباء يرسمون كل يوم ملحمة جديدة في التضحية من أجل المهنة والخدمة، وهناك مستشفيات وأطباء يعملون 24 ساعة، لا بد من حمايتهم وحفظ حقوقهم.

ويوضح أن هناك أطباء يتعرضون لاعتداءات وآخرون لوعكات صحية بسبب تحاملهم على أنفسهم، أو نقل عدوى لهم من المرضى، مشددًا على ضرورة وجود حماية لهم من كل شيء.

في التاسعة من مساءً، دخلت مارجريت نبيل طبيبة التخدير بمستشفى الساحل التعليمي بحي شبرا، غرفة العمليات مسرعة استجابة لاستدعاء زملائها لها، رغم انتهائها من ساعات العمل الرسمية، لكن كان لا بد من تخدير ثلاث جالات عاجلة.

بعد تخديرها للحالات التي ستدخل جراحة، واثناء قيام الممرضات بتجهيز المريض للعملية، دخلت مارجريت دورة المياه لكن طال غيابها لأكثر من ربع ساعة، واستمرت الممرضات في قرع الباب؛ ولعدم ردها اضطروا إلى فتحوة عنوة ليجدوها ملقاة على الأرض.

ارتفعت أصوات طاقم التمريض بالصراخ، كما يروي زميلها الدكتور محمد نصر، الذي استدعى طبيب الرعاية الحرجة، والذي فسر الأمر في البداية بأنها تعاني من زيادة في ضربات القلب، وحاول الطبيب انعاشها أكتر من مرة حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وشخص سبب الوفاه سكتة قلبية نتيجة توقف عضلة القلب.

الدكتور عبدالفتاح حجازي، مدير مستشفى الساحل، يؤكد أنها تعمل في المستشفى من أكثر من عشرة أعوام، لا تتكاسل أبدًا عن التواجد في المستشفى حتى في أوقات أجازاتها، إلا أنها توفت نتيجة ضغط العمل وتعرض القلب لكميات كبيرة من التخدير، أثناء مساعدتها للمرضى.

مارجريت ليست الطبيبة الوحيدة التي توفيت أثناء تأدية عملها داخل غرفة العمليات، فخلال شهر سبتمر الماضي، شهدت مستشفى طنطا الجامعي ملحمة لأحد الأطباء، بوفاه الدكتور هشام الوالي، ٣٠ عامًا، يعمل طبيبًا للتخدير، والذي سقط بعد يوم عمل طويل تعرض فيه لتخدير حالات كثيرة.

وحاول زملاء هشام انقاذه، اعتقادًا منهم أنه مصاب بأزمة قلبية، إلا أنهم اكتشفوا أنه فارق الحياة، وتُوفى على الفور أثناء تأدية عمله داخل غرفة العمليات.