رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفيش مشروع.. ولا فيه نيلة!


العنوان ننقله من فيديو تم تسريبه، يظهر فيه محمود خالد الزعبوط، المعروف باسم محمود الزهار، القيادى فى حركة «حماس»، وهو يتحدث مع عدد من أنصاره، فى جلسة خاصة، عن رؤيته، أو رؤية الحركة، لمشروع إقامة دولة فلسطينية، مازجًا بين السخرية والاستخفاف.
شخصيًا، لم تفاجئنى رؤية وسماع الزعبوط وهو يقول بالصورة والصوت: «دولة فلسطينية فى حدود 67 من الثوابت. لمّا باسمع هذا الكلام أشعر بالتقيؤ. لأن مفيش مشروع ولا فيه نيلة. أما فلسطين بالنسبة لنا، فزى (مثل) اللى جايب سواك وبينضف أسنانه. مشروعنا أكبر من فلسطين. فلسطين مش مبيّنة (واضحة) ع الخريطة».
لم يفاجئنى ذلك، لأن هذا الكلام مجرد ترجمة لمشروع الإخوان: السيطرة على دولة تلو الأخرى، وصولًا إلى إقامة دولة الخلافة، التى لا تعترف بالأوطان أو بالحدود. وانطلاقًا من هذا المشروع، أو أملًا فى تحقيق هذا الوهم، صار للجماعة شبكة فى العديد من دول العالم، وفتحت قنوات اتصال مع أجهزة مخابراتها. وكانت ركنًا أساسيًا فى «مشروع الشرق الأوسط الكبير»، الذى توافق فيه المشروع الأمريكى (أو الإسرائيلى) مع أهداف الإخوان المرحلية، ومع استراتيجيتها فى الانتشار التدريجى بحسب الأوضاع الداخلية والظروف الإقليمية والدولية.
قبل أن تشكك أو تتشكك فى كون المذكور إخوانيًا، نحيلك إلى حوار نشرته وكالة أنباء «مهر» الإيرانية فى مارس 2016، قال فيه المذكور إن حركة حماس «لا تنكر أن ما تربت عليه وما تربى عليه أبناؤها هو منهج الإخوان المسلمين». وبالمرة، نحيلك أيضًا إلى مقال سابق عنوانه «حركة إخوانية برعاية إسرائيلية»، أكدنا فيه أن الحركة لن تتردد فى اللعب مع الشيطان، نفسه، ولن تتردد فى بيع القضية، الفلسطينية أو غيرها، لخدمة الجماعة أو تحقيقًا لأهدافها. ولم نستبعد أن تكون تلك الحركة الإخوانية قد عملت ضد مصر، بالتنسيق مع الإسرائيليين، وليس فقط مع الأتراك، الإيرانيين، والقطريين.
الزعبوط أو الزهار، اختير وزيرًا للخارجية فى حكومة حماس، التى تشكلت فى 2006، بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية، بعد إقامة السلطة الفلسطينية. وهى الانتخابات التى ثبت أن الحركة لم تخضها إلا بطلب (أو بأمر) أمريكى نقله إليها أمير قطر السابق، حمد بن خليفة، كما عرفنا من ولده «تميم» الذى كشف أو فضح التفاصيل، على شاشة CNN، بالصوت والصورة. وعلى ذكر حمد وولده، طبيعى أن نتوقف عند تقرير نشره «منتدى الشرق الأوسط»، فى ٢٨ أبريل قبل الماضى، كشف فيه أن الإدارة الأمريكية تلقت رسالة من الفتى تميم، بأن «حماس» مستعدة للعمل معها فى خطتها للسلام، «صفقة القرن»، مقابل مزيد من النفوذ فى الضفة الغربية، واستمرار سيطرتها على غزة التى ستكون «شبه دولة» منزوعة السلاح!.
هنا، يكون عليك أن تلتفت إلى أن كتائب القسّام، الذراع العسكرية للحركة، لا تزال هى القوة المسيطرة على قطاع غزة. ولن تتسع المساحة أو «خلقك الضيق» لذكر أسماء وسوابق الفصائل والميليشيات الـ٥٠ التى تلهو وتلعب فى القطاع بمليون قطعة سلاح على الأقل. فقط تكفى الإشارة إلى أن أفيجدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلى السابق، وقف أمام مؤيديه، قبيل الانتخابات السابقة، وأكد أنه كان قد اقترح على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عدة مرات، اغتيال قيادات «حماس» و«الجهاد الإسلامى»، لكن الأخير رفض الاقتراح. وبوضوح أكثر، قال ليبرمان إنه قدّم آخر اقتراحاته، بهذا الشأن، فى يوليو ٢٠١٨، وطالب نتنياهو بتفسير إصراره «على تقوية حركة حماس، وإهماله الوضع الأمنى على الجبهة الشمالية».
النكتة، هى أن خصوم ليبرمان، من اليمين المتطرف، كانوا يتهمونه، قبل استقالته من حكومة نتنياهو، بأنه نكث بوعوده للناخبين، التى كان على رأسها وعده بتصفية إسماعيل هنية خلال ٤٨ ساعة من تسلمه منصب وزير الدفاع، لكنه عندما تسلم المنصب تجاهل هذا الموضوع، ولم يتحدث فيه. وما يثير الدهشة، بعد هذا الوعد العلنى وتلك الاقتراحات، التى صارت أيضًا علنية، هو أن قياديى «حماس» لم يمسسهم سوء، بينما جرت محاولات لاغتيال قياديى حركة فتح، بدءًا من رامى الحمد الله، رئيس الوزراء السابق، وليس انتهاءً بأحمد حلس، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، المسئول فى قطاع غزة.
طبيعى، إذن، أن يشعر الزعبوط أو الزهار، وزملاؤه فى الحركة الإخوانية، بالرغبة فى التقيؤ، حين يسمعون كلامًا عن دولة فلسطينية، على حدود ما قبل 67 أو حتى ما قبل 1948، لأنه بالفعل «مفيش مشروع.. ولا فيه نيلة»، لدى الحركة، غير مشروع الجماعة الأم، جماعة الإخوان، لإقامة دولة الخلافة، ذلك المشروع الوهمى الذى لا يزال يحظى بالرعاية الأمريكية والإسرائيلية، إلى جانب الرعاية التركية، الإيرانية، والقطرية!.