رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تجعل قلبك يحيا بذكر الله؟ «1-2»


إذا كان الماء هو سر الحياة على وجه الأرض، فإن ذكر الله هو ما يجعل القلوب تنبض إيمانًا به، توحيدًا له، إقرارًا بعظمته، واعترافًا بجلال قدرته، فالقلوب التى تمتلئ بذكر الله هى قلوب عامرة غير خربة، مضيئة ليس فيها ظلمة، تنبت بالخير دائمًا، لا ينقطع ثمرها ما دامت ترتوى بذكره.
الذكر أول الطريق إلى الله، فإذا ما أردت أن تسير إليه وتتوجه إليه بقين ثابت وإيمان لا يتزعزع عليك بذكره، وسيقودك إلى حيث تريد من غير أن تضل أو تُضل، فالذكر ضياء ينير القلب ويجعله يرى بنور الله، ومن كان الله فى قلبه ما زاغ بصره وما طغى.
والقلب جهاز حساس جدًا للخير والشر، إذا ما غفل عن الخالق وابتعد عنه اعتراه الصدأ كما يعترى الحديد، والنبى، صلى الله عليه وسلم، يقول: «هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد». قيل: يا رسول الله فما جلاؤها؟ قال: «ذكر الموت وتلاوة القرآن»، فالذكر يزيل صدأ القلب يجعله كالمرآة نقيًا، فتنعكس عليها أنوار الله «نور على نور».
يقول الله تعالى» «فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ». وقال عبدالله بن وهب، عن هشام بن سعيد، عن زيد بن أسلم: أن موسى، عليه السلام، قال: يا رب، كيف أشكرك؟ قال له ربه: تذكرنى ولا تنسانى، فإذا ذكرتنى فقد شكرتنى، وإذا نسيتنى فقد كفرتنى. وقال الحسن البصرى، إن الله يذكر من ذكره ويزيد من شكره ويعذب من كفره.
قل: لا إله إلا الله.. فإنك إذا ما قلتها خالصًا مخلصًا من قلبك ذكرك الخالق.. كيف يكون ذكره؟ يذكرك برحمته.. كرمه.. عفوه.. حنانه.. يذكرك فيعطيك.. يذكرك فى السماء.. عندما تذكر الله كل يوم، فإن الذكر سيحوّلك لإنسان جديد مختلف.. ستتغير حياتك سريعًا مع الذكر «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
الذكر ليس مجرد كلام وعدد.. الذكر منظومة تتكون من أشياء، هى: اللسان، القلب، العقل، إذ لا بد أن تنشغل هذه الآلات الثلاث بالذكر، حتى يحقق الفاعلية المرجوة منه.
لم ترد كلمة كثيرًا فى القرآن إلا مقرونة بالذكر، «وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا»، «وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا»، «وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا»، «كَىْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا».
وهذا يوضح حقيقة أن الله تعالى يحب الذاكر له، ويزداد حبه له بمقدار ذكره له جلت عظمته، وتعالى اسمه، فلا تتوقف عن ذكره، ولا تنشغل عنه بما عداه، ونحن بحاجة إلى أن نذكره كل يوم حتى تهدأ جوارحنا.. وتستكين.. وتطمئن.. وتشعر بالقرب منه، حين يردد اللسان والقلب معًا ذكره، اطمئنانًا ويقينًا، فيرزقه ببركة ذلك هدوءً لا يجعل القلب يضطرب، وراحة لا يشعر معها بشقاء.
ولكى يحقق الذكر المراد منه، فإن له شروطًا ستة هى:
- اذكر الله يوميًا لمدة لا تقل عن 20 إلى 30 دقيقة كاملة.. ومن الممكن تقسيم مدة الذكر على مرتين صباحًا ومساءً.. ربع ساعة صباحًا، ومثلها مساءً.
- عدم التشويش الفكرى أثناء الذكر.. فلا تنشغل بهاتف.. ولا يزيغ قلبك عنه بالانشغال بمحادثة الأصدقاء.
- اجعل لنفسك هدفًا محددًا.. بالأرقام للأذكار التى ستذكر الله بها. 1000 أو 2000 كل يوم.
- استخدم وسيلة للعد: مثل سبحة أو عداد أو سبحة إلكترونية، فقد كان الصحابة وزوجات الرسول، صلى الله عليه وسلم، يستخدمون الحصى. وعن عبدالله بن عمرو، رضى الله عنه أنه قال: «رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يعقد التسبيح بيده»، وذلك كوسيلة مساعده للتذكير.
- كما ينبغى اختيار المكان الذى يساعد على تحقيق الغاية من الذكر.. اختر مكانًا يساعد عقلك على التفكر.. اذكره لأنه يستحق العبادة.. لأنه مالك الملك.
- وليس هناك أجمل ذكرًا من قول: «لا إله إلا الله»، فهى أساس العبودية للخالق، وحده لا شريك له أو ند، النبى، صلى الله عليه وسلم، يقول: «خير ما قلت أنا والأنبياء من قبلى لا إله إلا الله».. ولن تشعر بحلاوة الذكر ولن تركز فيه إلا عندما تفهم معنى ما تذكر الله به وتحسه.. لو فهمت معنى «لا إله إلا الله» لأشرقت روحك بأنوار التسليم لله وحده.