رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أصداءُ الذكرياتْ

جريدة الدستور

قفزة ٌ باتساعِ الجحيم
لطالما أبهرَتنى وأبهرَتْ أنفاسى..
جسارةُ ولدى الصغيرِ فى القفزِ فوقَ الحواجزْ
يكادُ قلبى أنْ يتوقفَ خوفًا عليهْ..
وتكادُ يداى تصفقانِ إعجابًا بجرأتِهْ!
هل انتقلَ لهُ سِرِّى مع الجيناتْ؟!
عندما كنتُ مثلَهُ لمْ يكُنْ هناكَ حَدٌ لسقفِ خيالى،
وجنونِ أحلامى..
حاولتُ مرةً الوقوفَ على إفريزِ الشرفة
لأجرِّب النظرةَ الكلية َ للعالمِ من أعلى..
لعَّلى أفهمه!
ومرَّة ًجرَّبتُ النومَ على وسادةِ مربوطةِ فى حبلٍ معلقْ
لأختبرَ الشعورَ بالتأرجحِ فى الهواءِ..
كريشةٍ منفلتةِ من طائرٍ هائمٍ بلا قرارْ..
ومراتٍ جرَّبتُ الصعودَ فوقَ العريشةِ
لأكتشفَ أينَ تخبئُ الطيورُ أعشاشها..
لكنَّ جُبنى منعنى كثيرًا بعدَ ذلكَ من لذةِ المغامرة..
يصيبُنى الدوارُ الآنَ عندما أنظرُ من أعلى..
وأكادُ أن أتعثرَ فى ظلى الذى يحاورنى وأنا أمشى..
والآنَ.. وبعدَ كلِ هذا العمرْ..
أتمنى أن أفعلَ مثلَهُ.. وأقفزَ دونَ خوفْ..
قفزةً واحدةً باتساعِ الحُلمِ الذى لا يهدأ..
أو قفزةً باتساعِ الجحيمِ الذيِ تتوقُ أرواحُنا للخلاصِ منهُ!

ضد النسيانْ
لا أتذكرُ بالضبطِ ما الذى جذبنى إليكِ..
ومنَ المقابلةِ الأولى؟
ربما ملامحُكِ البريئةُ.. جبينُكِ الهِلالِىُ
و تسريحةُ شعرِكِ التى هى صورة طِبق الأصل
من حبيبةِ العندليبِ.. وهو يغنى لها:
«أنا لكْ على طولْ خلّيكْ لِيّا»..
وكنتُ أغنيها لكِ..!
ربما ضحكتُكِ الطفوليةُ المُجَلجِلة..
المقبِلة على الحياةِ بكلِ عنفوانْ..
وربما بالطبعِ عشقُكِ مثلى للشعرِ وصوتِ فيروز..
ربما سحرُ أحاديثِنا الدافئةِ فى الشعرِ والفن..
والتى لا تنتهى إلا عندَ الوداعِ فى محطةِ السياراتْ..
بلْ وحتى ربما جذبَنى بشبقٍ طريقتُكِ فى ارتداءِ مشداتكْ..
التى يُطِلُ منها دائمًا طائرانِ ينقرانِ يتوقانِ للطيرانْ..
لا أتذكرُ تحديدًا مصدرَ ذلكَ السحرِ الذى زلزلَ قلبى
وجعلنى كالأطفالِ الفرِحينَ بزخاتِ المطرِ فوقَ رؤوسِهمْ..