رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مهمة أجيري.. صحوة صلاح السلاح الأول لاقتناص لقب «كان 2019»

 صلاح
صلاح

منذ إعلان المكسيكى خافيير أجيرى، المدير الفنى للمنتخب الوطنى، عن قائمة الفراعنة التى ستشارك فى بطولة الأمم الإفريقية، التى تستضيفها مصر فى الفترة من ٢١ يونيو إلى ١٩ يوليو المقبل، لم تتوقف الانتقادات الموجهة إلى الجهاز الفنى، لكن هل كان المدير الفنى محقًا فى اختياراته أم أنه جامل البعض على حساب الآخرين؟ هنا سنبحث فى حظوظ المنتخب المصرى فى الفوز باللقب، وأدوات «أجيرى» لتحقيق الإنجاز المنتظر، وكيف يعالج القصور الذى قد يواجهه بسبب اختياراته وتجاهله بعض الأسماء التى كان بمقدورها الإضافة خاصة فى الناحية الهجومية؟

قلة عدد أصحاب الأدوار الهجومية والتركيز على المدافعين أكبر أزمة فى قائمة أجيرى للبطولة
فى منتخب فرنسا استبعد ديديه ديشامب مهاجم أرسنال الرائع ألكساندر لاكازيت، من قائمة المونديال، ومعه أنطونيو مارسيال جناح مانشستر يونايتد، وواجه انتقادات شديدة حينها، لكن فى النهاية الجميع صفق له وهو يُعيد فرنسا إلى منصة التتويج بالذهب.
قبل أيام قليلة أيضًا اشتبك أحد الصحفيين الفرنسيين مع «ديشامب» بسبب استبعاده المستمر المدافع الرائع إيمريك لابورتى، و«لابورتى» لمن لا يعرفه هو أهم مدافعى بيب جوارديولا مع مانشستر سيتى، وثانى أفضل مدافعى الدورى الإنجليزى بعد فان دايك، وربما فى العالم، وهو الرجل الذى رفض ارتداء قميص منتخب إسبانيا رغم ضغوط كبيرة مورست عليه تمسكًا بمنتخب بلاده.
فى بلجيكا استبعد «ناينجولان» من قائمة كأس العالم أيضًا وحصد الفريق البرونز بعد إقصاء السامبا فى مونديال سيبقى فى ذاكرة كل بلجيكى.
ما نقصد قوله هنا إنه مهما تبدلت الأسماء ستأتى الاعتراضات، هذا هو عالم كرة القدم.
فى حقيقة الأمر لا يستحق أى اسم خارج قائمة «كان» أن تدافع عنه لمجرد اسمه، لكن الخلاف الوحيد الذى قد يدفعنا إلى الاشتباك مع «أجيرى» هو فلسفة الاختيارات التى تجاهل فيها زيادة عدد اللاعبين أصحاب الأدوار الهجومية وركز على المدافعين وهو طريق سيخلق بالنهاية صعوبات كبيرة خلال المباريات وفى مشوار البطولة.. كيف؟
إذا نظرنا إلى الشكل الهجومى لمنتخب مصر سنجده مكونًا من محمد صلاح يمينًا، وتريزيجيه يسارًا، وبينهما عبدالله السعيد وفى الهجوم مروان محسن.
تخيل إذا تعقدت الأمور فى إحدى المباريات، كيف ستكون الحلول على دكة البدلاء: «وليد سليمان وعمرو وردة».. هل تعتقد أن تلك الحلول كافية؟.
هنا لا نقلل من «سليمان» أو «وردة»، لكن المنطق يقول إنك مطالب بتكثيف عدد اللاعبين القادرين على تطوير الأداء الهجومى بدلًا من تكثيف المدافعين الذين لن يشاركوا بالأساس.
سيلعب منتخب مصر بقلبى دفاع أحمد حجازى، وإلى جواره باهر المحمدى، إذا أصيب أحدهما فهناك محمود علاء، وإذا كانت الحاجة لمدافع رابع- وهذا لا يحدث كثيرًا فى بطولة مجمعة تقام خلال أقل من شهر- سيكون لديك اثنان آخران هما أيمن أشرف، وأحمد أيمن منصور، يمكن لكليهما اللعب فى هذا المركز وفى الظهير الأيسر، هل أنت فى حاجة إلى مدافع خامس هنا؟.. ما الدافع وراء وجود محمود الونش وأحمد فتوح إذن؟.
ألم يكن من الأجدى لـ«أجيرى» أن يستعين بمطور أداء ثالث مع «وردة» و«سليمان»؟
هنا كان لا بد من استدعاء «كهربا»، أو رمضان صبحى، أو صالح جمعة أو أى لاعب يمكن استخدامه لتطوير الأداء أو مواجهة النقص المحتمل.
كما ضم «أجيرى» كلًا من مروان محسن وأحمد على و«كوكا» فى مركز المهاجم الصريح، وسيلعب بواحد منهم فقط فى التشكيلة الأساسية وسيحتاج لبديل له.
إذا فكر «أجيرى» فى تغيير الطريقة للعب بمهاجمين صريحين سيتحول «صلاح» إلى العمق ولن يحتاج أيضًا سوى لمهاجم واحد من الثلاثى المذكور، ويكفى «بديل واحد».. فلماذا ثلاثة لاعبين فى مركز واحد «المهاجم الصريح» يمكن أن يكون صلاح رابعهم أيضًا رغم أن هناك أماكن لا يوجد فيها بدائل كافية؟
لن نختلف مع «أجيرى» فى الأسماء، وسيقتصر الخلاف حول فلسفة الاختيارات التى أضرت بالطبع بالشكل الهجومى للمنتخب، وشهدت انحيازًا غير مبرر للكثافة العددية فى الخط الخلفى وهذا سيجعل دكة البدلاء هى أكبر أزمات القائمة الحالية للفراعنة.

العودة للطريقة القديمة فى اللعب «ممكنة» ومهام كبرى لـ«الننى» وطارق حامد
انتهينا من قراءة قائمة «أجيرى»، اختلفنا معه فى جزئيات واتفقنا فى أخرى.. ماذا بعد؟، وكيف سيكون شكلنا الخططى؟.
راهن «أجيرى» منذ مجيئه على استبدال طريقته إلى 433، وعلى الورق تتحول فى الحالة الهجومية إلى 343 بعودة لاعب الارتكاز للتحضير بالتمركز بين قلبى الدفاع وصعود الظهيرين على أطراف الملعب.
ساعد المدير الفنى فى ذلك ضعف خصوم التصفيات ووجود المساحة لتجريب بعض العناصر التى قد لا تكون صالحة فى مواجهة كبيرة مثل تلك المرتقبة فى البطولة. إذا أصر «أجيرى» على الشكل ذاته فإنه سيواجه بعض المشكلات، أولاها أن طارق حامد لاعب الارتكاز، لا يُجيد البناء من الخلف والقيام بأدوار صناعة اللعب من الثلث الأخير بالملعب، فهو قاطع كرات من طراز فريد، ومقاتل يطارد الخصم أينما ذهب، لذلك ستكون مهمته صعبة هنا.
بخلاف «حامد» ربما يكون «الننى» هو الاختيار الثانى لتنفيذ تلك المهمة، لكن أزمة جديدة قد تبرز، وهى أن تحول طارق حامد إلى صانع ألعاب بجوار عبدالله السعيد أمر مستحيل للغاية، والبدء بوليد سليمان مع «السعيد» أيضًا ليس فى حسابات «أجيرى»، سواء لعدم جاهزية السعيد الكاملة أو لأن ذلك سيؤثر فى القوة الدفاعية للفريق بالوسط.
هنا قد يكون «أجيرى» مضطرًا للاعتماد على طارق حامد فى أدوار على غزال القديمة، على أن يعود «الننى» وعبدالله السعيد لتسلم الكرة من مناطق متأخرة وإعفاء طارق حامد من مهمة البناء، ويقتصر دوره على مجرد التمركز بين قلبى الدفاع لإعطاء الحرية للظهيرين أيمن أشرف فى اليسار وأحمد المحمدى فى اليمين بالصعود إلى الثلث الهجومى.
سيناريو آخر بديل جربه «أجيرى» من قبل وهو الاعتماد على عمرو وردة فى مركز صناعة اللعب، وإذا جاور «وردة» زميله عبدالله السعيد فى عمق الملعب، سيكون بمقدور المدير الفنى الرهان على «الننى» كمحطة صناعة لعب من الخلف، لكنه هنا سيخسر مقاتلًا كبيرًا فى وسط الملعب مثل طارق حامد، كما ستصبح دكة البدلاء لديه ضعيفة للغاية ولا تمتلك حلولًا هجومية كبيرة، فهذا الشكل «وردة مع السعيد» قد يصلح لوقت قصير من اللقاء عندما تتأزم الأمور ويكون فى حاجة إلى تكثيف العدد فى المناطق الأمامية.
وبمقدور «أجيرى» العودة للطريقة الاعتيادية للكرة المصرية وهى 4231، وفيها يكون على طارق حامد و«الننى» مسئولية مهمة وكبيرة وهى تغطية عرض الملعب، وتسلم الكرات من قلبى الدفاع.
ويكتفى «أجيرى» من خلال الطريقة السابقة بصعود أحد الظهيرين «المحمدى وأشرف» فقط فى الحالة الهجومية على أن يبقى الآخر كمدافع ثالث، لذلك تبقى فكرة استبدال الطريقة الحالية لـ«أجيرى» واردة بقوة.

ثنائية «مو - المحمدى» وصحوة تريزيجيه ودوافع السعيد وسليمان.. الفرديات تحسم أحيانًا
ربما يحاصرك كثير من الأزمات الخططية والفنية، وتعانى من قصور تكتيكى كبير، وربما ينقصك بعض العناصر والمراكز المهمة، وفى النهاية تحقق النجاحات وتكسب البطولات بفضل فرديات، هذا جزء أصيل فى كرة القدم لا يمكننا تجاهله.
فى هذه النسخة بالتحديد ربما يتميز المنتخب المصرى بالأمور الفردية عن الشكل التكتيكى والجماعى.
لدينا محمد صلاح الذى يعيش أفضل حالاته وبعيدًا عن إمكانياته وقدراته الكبيرة فهو يمتلك دوافع غير عادية للتتويج باللقب، رغبة فى أن يُكتب اسمه فى تاريخ الكبار بالقارة من جهة، وأملًا فى الحفاظ على لقب أفضل لاعب بالقارة السمراء من جهة أخرى، خاصة أن منافسه الشرس السنغالى ساديو مانى يأتى برغبة كبيرة فى تتويج بلاده لخطف اللقب من قلب القاهرة.
«صلاح» يعيش مرحلة جيدة، واستعاد مستواه بشكل كامل فى الآونة الأخيرة، ويأتى مدفوعًا بدعم إعلامى وجماهيرى غير مسبوق لم يحظ أى لاعب فى تاريخ مصر بمثله.
كما سيعينه هذه المرة لاعب كبير بحجم أحمد المحمدى الذى سيلعب خلفه فى الجهة اليمنى، وهذا يجعلنا ننتظر جبهة رائعة ربما تكون سر الانتصار والطريق الأقرب إلى لقب البطولة.
واحدة من أبرز العوامل التى ساعدت «صلاح» على التألق مع ليفربول هو ثنائيته مع ظهير أيمن رائع مثل أرنولد، يُجيد التقدم وصناعة التمريرات البينية ويقرأ تحركات «صلاح» بشكل رائع، وهنا ربما يكون «المحمدى» خير معوض له.
«المحمدى» فى الآونة الأخيرة قاد فريقه أستون فيلا للعودة إلى البريميرليج ويمتلك دوافع كبيرة لرفع كأس البطولة لأول مرة وهو قائد للفريق المصرى.
ويتميز «المحمدى» بإرسال الكرات الطولية خلف المدافعين والكرات العرضية الرائعة، عوضًا عن قوته البدنية فى الاحتكاك والدفاع، وكلها أمور ستساعد «صلاح».
كما يحب «المحمدى» التقدم إلى الأمام كثيرًا، وهذا سيمنح «صلاح» حرية كبيرة فى التحرر من مركزه بالجناح الأيمن ودخول عمق الملعب ومنطقة جزاء الخصوم كيفما يشاء، وفيها فوائد كبيرة للمنتخب.
بالإضافة لذلك يعيش نجم الأهلى السابق محمود حسن الشهير بـ«تريزيجيه» فترة رائعة مع فريقه قاسم باشا التركى، ويقدم مردودًا رائعًا، يجعله من بين الفرسان الذين يراهن عليهم الجمهور المصرى.
«تريزيجيه» من بين لاعبين قلائل يمكنهم خلق الفرص من مجهود فردى، وحمل من صغره ثقافة الحوارى، وحب امتلاك الكرة والجرى بها، ومراوغة كل من يقابله بالسرعة والاختراق وهى حلول جريئة غالبًا ما تحتاجها فى مواجهة العامل البدنى.
بعد «تريزيجيه» يأتى عبدالله السعيد الذى انضم إلى صفوف الفراعنة بعد جدل كبير، ولأنها البطولة الأخيرة له مع المنتخب الوطنى، فإنه يمتلك دوافع أكبر من أى شخص آخر، وسيضاعف من مجهوداته ليختتم مسيرته بشكل يليق باسمه وتاريخه الكبير مع الأهلى والمنتخب.
غاب «السعيد» عن تشكيلة «أجيرى» طوال الفترة الماضية لكنه حضر بالنهاية وأثبت أنه لا يوجد من يعوضه فى مصر بالفترة الحالية، لذلك سيسعى لتكريس ذلك المفهوم والتأكيد أنه لا «سعيد» سوى واحد فقط.
وكذلك وليد سليمان الذى جاء فى القائمة بحملة جماهيرية ودعم غير مسبوقين، فبعدما أعلن اعتزاله اللعب الدولى، وجد نفسه يزين قائمة المنتخب الوطنى.
«سليمان» تؤهله خبراته الطويلة ليكون سلاحًا مهمًا للغاية فى الثلث الأخير من المباريات عندما يحل بديلًا لتطوير الأداء، ويمتلك القدرة على أن يُشكل خطورة كبيرة ويُعين رفاقه على إحداث تغيير كبير على المستوى الهجومى.
عندما يحصل صانع ألعاب الأهلى على راحة ويجد من يعينه على المسئولية مثلما الحال فى المنتخب تأكد أنك ستجد مردودًا رائعًا وسيمثل أحد أهم العوامل التى قد تساعد فى تتويج الفراعنة باللقب.