رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالوهاب داود يكتب: المرأة والديكتاتور.. فصول جديدة فى رحلة زير نساء عجوز


من بين قائمة طويلة تضم زوجات وعشيقات الروسيين فلاديمير لينين وجوزيف ستالين، والإيطالى بينيتو موسولينى، والصينى ماو تسى تونج، تقول الفرنسية ديان دوكريه، فى كتابها «نساء الطغاة»، عن المفتونات بالألمانى أدولف هتلر: «عرف هتلر كيف يصغى إلى النساء، ويأخذهن بعين الاعتبار فى برنامجه، كان بالنسبة للألمانيين مستشار الرايخ الجديد، أما فى نظر الألمانيات، فقد كان الرجل المرسل من السماء، الرجل الكامل الأسمى.. تسلم هتلر رسائل معجبات أكثر من البيتلز، وحسب إحصائيات مؤكدة، وصلته 3000 رسالة من يناير لأبريل 1933، وصلت إلى 5000 بنهاية السنة، وتلقى 12000 رسالة فى 1934.. وكانت النساء هن صاحبات الرسائل الأكثر حميمية، فلم يكن يتوجهن إلى رئيس الدولة، ولا صاحب الفكر، بل إلى هتلر الرجل، الذى كن يأملن منه مبادلتهن المشاعر.. وقد أعطيت للضباط الذين أوكلت إليهم المراسلات تعليمات واضحة: لا جواب على رسائل المغرمات بهتلر والمتعبدات له، إلا إذا صرحت صاحبة الرسالة عن نيتها بالمجىء قريبًا إلى برلين لتقبيل قائدها الحبيب شخصيًا».

ربما يصعب تخيل ذلك الديكتاتور المكتنز قصير القامة ذى الشارب القصير رمزًا لمثال جنسى أعلى، بل إنه شىء مزعج إلى حد كبير، ومع ذلك فبعد ما يقرب من قرن كامل، يتكرر الأمر ذاته بالتفاصيل ذاتها، مع قليل من الاختلافات التى تبدو جوهرية، لكن الواقع يؤكد أنها مجرد تفاصيل، فالنموذج الجديد للطاغية لا يأتى من المعسكر الشيوعى الذى شمل اختيارات الفرنسية دوكريه، بل من معقل الديمقراطية، من الولايات المتحدة، حيث «هوليوود» و«جاناتها»، برموزهما الذكورية، ونجومهما الذين يجمعون بين الوسامة والقوة والحضور، وكل ما يمكن أن نقوله عنهم، إلا أن سخرية القدر أبت إلا أن تعلن عن حضورها بقوة ووضوح وبكل قسوة، فربما لو أعادت دوكريه النظر إلى كتابها لاحتاجت إلى أجزاء جديدة تشرح فيها طبيعة العلاقات النسائية لهذا الرجل الذى طالما وصفته وسائل الإعلام الأمريكية بالمتهور المتعجل دائمًا، والخارج على الحسابات والتوقعات، والمخالف كل القواعد والأصول.
ومنذ طرح اسمه كمرشح لرئاسة الولايات المتحدة، تحول ترامب إلى منصة اتهامات، بكل أنواع الادعاءات، إلا أن أكثرها ترددًا وشهرةً الاتهامات الجنسية، حتى إن صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت العام الماضى مقابلات مع 50 امرأة تقاطعت حياتهنَّ مع «ترامب»، لتكشف المقابلات كثيرًا من التفاوت والتعقيد فى طريقة تعامل الرئيس الأمريكى الذى دخل عامه الواحد والسّبعين معهن، فيما أشارت الصحيفة إلى أن «ترامب» يتعامل مع نفسه على أنه «زير نساء» أثر فى صعود الكثيرات من النساء، وارتقائهن مهنيًا خلال مسيرته كرجل أعمال.ورسمت النساء اللاتى عملن مع ترامب صورة مختلطة لرئيسهن السابق، ملخصها كما جاء فى أحد التقارير الصحفية التى انهالت كالسيل منذ توليه الرئاسة أنه «عندما تكون نجمًا فإنه بإمكانك أن تفعل أى شىء»، وهى المقولة التى أكدها ترامب، قولًا فى أكثر من مناسبة، وفى خطابات عامة مصورة ومسجلة، وفعلًا بقضايا التحرش التى زاولته منذ توليه الحكم، وكثيرًا ما طاردته اتهامات استخدام النساء الأقرب إليه كأوراق تغطية على جدول أعماله المثير للجدل، وربما كانت ابنته إيفانكا، من أبرز الأمثلة على ذلك، وهى التى تحتل مساحة كبيرة من كتاب «الأصفاد أو الكلبشات الذهبية» لمؤلفته نينا بيرلى، مراسلة الشئون السياسية لمجلة «نيوزويك» والتى تعد من مؤلفى أكثر الكتب مبيعًا فى الولايات المتحدة. ومنها هذا الكتاب الذى صدر حديثًا ويتناول قصة حياة والدة الرئيس الأمريكى، وزوجاته الثلاث، وشقيقاته، وبناته، والموظفات اللاتى عملن لديه، كما يتطرق لأكثر من امرأة زعمن أنهن تعرضن للتحرش والإساءة الجنسية من قبل ترامب.
فهل كان للمرأة دور فى تلبيس ترامب ثوب الشيطان؟ هن من صنعنه كما أردن؟ أم أنه هو من استخدمهن طريقًا للشهرة والثروة وإلى مفاتيح القوة والسلطة والنفوذ؟!
هل أحبهن، أم أحببنه؟ أم أن العلاقة بينه وبينهن لم تزد يومًا على أدوار مرسومة بعناية وفق قوانين لعبة التواطؤ التى هى القاعدة الأولى والأهم لكل من تستهويه حلبة السياسة المحلية والدولية على حد سواء.
المدهش فى الأمر، أنه رغم ما صدر من كتب، وما سودته الصحف والمجلات من صفحات، وسجلته كاميرات التليفزيون من لقاءات وأحاديث، فإنه يبدو أنه لا تأثير لها على مسيرة الرجل البرتقالى، ويبدو أنه ما زال هناك الكثير الذى لم يتم الكشف عنه بعد، فما زالت هناك تهديدات وكتب تنتظر الصدور، ومقابلات صحفية تعد بالمزيد والمزيد من القصص والمغامرات.