رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطاروطى: تعلمت المقامات الموسيقية من الملحنين.. ونشأت فى «عائلة قرآنية»

جريدة الدستور

شدد القارئ عبدالفتاح الطاروطى، أحد أشهر قراء إذاعة القرآن الكريم، على أهمية وجود مصدر دخل يوفر لقارئ القرآن حياة كريمة تليق بمكانته فى المجتمع، عند بلوغه سن المعاش، مشيرًا إلى اقتراحه بإنشاء صندوق خيرى وحساب بنكى لتلقى مساعدات محبى القرآن، وتخصيص أموال هذا الصندوق للقراء كبار السن أو من يمرون بضائقة مالية أو أى ظروف طارئة. ونصح «الطاروطى»، فى حواره مع «الدستور» شباب القراء بعدم الاكتفاء بموهبة الصوت الجميل، وصقل هذه الموهبة بدراسة أحكام التجويد ومعرفة الطريقة المثلى للتعامل مع الميكروفون ومواجهة الجمهور والتنفس السليم أثناء التلاوة.
وذكر «كروان الشرقية» أنه استفاد فى بدايته بعدد من كبار القراء مثل: مصطفى إسماعيل، والحصرى، والمنشاوى، والطبلاوى، لافتًا إلى إعجابه بأداء القراء مثل: الشحات أنور، وراغب مصطفى غلوش، وعبدالعزيز الحَصَّان.
■ كيف بدأت رحلتك مع القرآن الكريم؟
- منّ الله تعالى علىّ بحفظ كتابه الكريم وأنا فى سن الثامنة، على يد الشيخ عبدالمقصود السيد النجار، وفى سن التاسعة فزت على مستوى الجمهورية بالمركز الأول فى مسابقة وزارة الأوقاف للحفظ.
وأتقنت أحكام التجويد على يد عالم كبير فى القراءات هو الشيخ مصطفى أحمد عبدالله، من أبناء قرية كفر محمد حسين بمركز الزقازيق، رحمه الله، وتعلمت فنون المقامات على يد بعض الملحنين والشيخ السيد خليل، حيث كنت أتقن القراءة، ولكن لم أكن أعرف أسماء المقامات أو أدائها.
والتحقت بالإذاعة المصرية عام 1993، وكنت أصغر قارئ التحق بالإذاعة، وبقيت قارئًا بها لمدة 25 سنة، قدمت من خلالها الكثير من التلاوات والأمسيات تجاوزت الـ6 آلاف أمسية.
■ كيف دعمتك أسرتك لتصل إلى ما أنت عليه الآن؟
- نحن عائلة قرآنية ونشأت على حب كتاب الله، وأذكر حين كنت صغيرًا كان والدى يقول لى إن الشيخ الطبلاوى يقرأ الفاتحة فى نفس واحد، فإذا تمكنت من تلاوة الفاتحة بالطريقة نفسها سأمنحك مكافأة كبيرة.
كان يدعمنى ويشجعنى على تحسين أدائى فى التلاوة والاجتهاد فى حفظ القرآن؛ لأن والدى وشقيقى محمد من قراء القرآن، وشقيقى عبدالله إمام وخطيب وقارئ أيضًا، وشقيقاتى الفتيات أكبرهن آمال، وهى موجهة لمادة اللغة العربية ومن حفظة القرآن أيضًا، وكذلك شقيقتى عزة طبيبة أسنان ومن حفظة القرآن.
■ ماذا عن المناطق التى قرأت بها؟
- زرت جميع محافظات مصر لأقرأ القرآن، وسافرت إلى عدد من دول العالم كقارئ ومحكم فى المسابقات الدولية، ومثلت مصر وكتاب الله فى عدد كبير من دول العالم العربى ودول أوروبا.
وتوالت الرحلات على مدار 15 سنة متواصلة، وتم اختيارى محكمًا فى مسابقات دولية للقرآن الكريم، فى ماليزيا وسلطنة بروناى، وقد دعانى سلطان بروناى لإعطاء محاضرات فى التلاوات.
وقبل أن ألقى هذه المحاضرات لم يسبق لبروناى أن حصلت على أى مركز فى المسابقات الدولية، ولكن بعد المحاضرات حصل شبابها على المراكز الأولى فى عدد من المسابقات، واعتبرت الأمر تكريمًا من الله لى.
■ كيف يؤثر القارئ المصرى فى المستمعين الأجانب؟
- القارئ المصرى ذو طبيعة خاصة، ولديه مهارات تميزه عن قراء العالم كافة، وقد أخرجت مصر أعظم قراء القرآن فى التاريخ، وهم أصحاب مدارس خالدة فى التلاوة يتعلم منها القاصى والدانى.
وأنا شخصيًا رأيت أن أكثر ما يخدم به القارئ دينه هو جذب الأجانب لاعتناق الدين، وقد كلل الله العديد من سفرياتى بإسلام العديد من أبناء الدول التى سافرت إليها، فقد سافرت إلى العديد من دول العالم، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وكللت الرحلة بإسلام 10 هناك، وتلتها رحلة إلى إسبانيا كُللت بإسلام 5 أشخاص عام 2000، وأسلم على يدىّ شخص من كيب تاون.
فى البداية يسمع الأجانب تلاوة القرآن ويجذبهم حسن الصوت، ثم يبدأون فى الحضور إلى المسجد والاستماع إلىّ كداعية، ويخدم القارئ دينه أثناء سفره بتعلم قواعد القراءة الصحيحة والفصل والتحكيم فى المسابقات الدولية.
■ هل ورث أى من أبنائك موهبتك فى التلاوة؟
- أبنائى يحفظون القرآن ويجيدون تلاوته وتجويده، وإن كان محمود الابن الأصغر مهتمًا أكثر بالتلاوة، وأنا أقوم الآن بإعداده إعدادًا جيدًا حتى يتقن المقامات وأحكام التلاوة، وقد سلمتهم لأخى ومشايخ آخرين لتحفيظهم القرآن وتعليمهم قواعد التلاوة الصحيحة، لأن الأب يحفظ أبناءه القرآن بصعوبة، وقد قال الله تعالى: «يا يحيى خذ الكتاب بقوة»، فتدريس القرآن يحتاج لقوة وصرامة، ولن تخدمه عواطف الأبوة فى المعاملة.
■ من القارئ الذى تأثرت به فى تلاوتك وتعتبره مدرسة قرآنية؟
- تأثرت فى بداياتى بالقراء الكبار مثل الشيخ مصطفى إسماعيل والطبلاوى والمنشاوى الذى أرى أن له روحانيات مختلفة فى التلاوة، وتأثرت بإتقان الشيخ الحصرى أحكام التلاوة والروايات القرآنية وأدائه أحكام التجويد.
ومن العصر الحديث تعجبنى تلاوات القارئ الشحات أنور وراغب مصطفى غلوش وعبدالعزيز الحَصّان، ولكن أصبح لى أسلوب مستقل فى التلاوة، مما جعل الكثير من المبتدئين يتأثرون بالمدرسة الطاروطية.
■ ما الذى يؤهل القارئ لأن يكون سفيرًا لكتاب الله.. هل الموهبة أم الدراسة؟
- لا بد من توفر الموهبة وصقلها بالدراسة، فلا يمكن أن تكون الدراسة وحدها كافية لإعداد قارئ لم يهبه الله الصوت الحسن.
وكذلك يحتاج الموهوب لدراسة ليتعلم كيف لا يؤذى صوته، وكيف ينطق الحروف بطريقة صحيحة، ويتعلم كيف يتنفس أثناء التلاوة.
■ ماذا عن اقتراحك بإنشاء صندوق لمواجهة أزمات أهل القرآن؟
- أفكر جديًا منذ فترة فى إنشاء صندوق لمواجهة أزمات أهل القرآن، فقارئ القرآن لا يملك إلا صوته ولو أصابه مكروه فإنه يخسر مصدر رزقه.
ونقابة القراء تعطى القارئ 60 جنيهًا شهريًا عند بلوغه سن المعاش، وهو مبلغ زهيد جدًا جدًا لا يكفى لأى شىء أبدًا، ففكرت فى تأسيس صندوق بحساب رسمى فى البنك يدعمه أهل الخير ويقوم عليه متخصصون، فإذا تعاون محبو القرآن ووضعوا وديعة فى الحساب ستجلب مبالغ سنوية يتم توزيعها على 50 قارئًا مثلا، وستوفر للقراء من كبار السن مصدر دخل لائقًا.
وسبق أن عرضت الأمر على بعض الزملاء الذين أبدوا موافقة مبدئية، ولكننا جميعًا فى انتظار وضع الفكرة فى إطار قانونى.
■ وماذا عن معهدك القرآنى لإعداد القراء والمبتهلين؟
- قمت ببناء معهد الطاروطى لإعداد القراء والمبتهلين على نفقتى الشخصية، وهو مقام على مساحة 350 مترًا، ويختص المعهد بإعداد شخصية القارئ أو المبتهل قبل توظيف موهبته، وتعليم الدارسين أصول الشخصية القرآنية التى ستكون سفيرة لكتاب الله تعالى فى المستقبل.
ويضم المعهد 5 طوابق: الأول والثانى عبارة عن قاعتين للمحاضرات لتعليم أحكام التجويد والمقامات الصوتية، وتدريس مادة آداب وأخلاق تلاوة القرآن، بجانب إشراف طبى لمواجهة أمراض الصدر والحساسية والحنجرة للمحافظة على صحة القراء والمبتهلين.
ويضم المعهد أماكن مخصصة لتقديم المشروبات والوجبات للطلبة والمغتربين، وأماكن إقامة لاستقبال المصريين الدارسين ممن يرغبون بالإقامة خلال فترة الدراسة أو المغتربين من خارج مصر، وأدرس تحويل الطابق الخامس ليكون استديو لتسجيل الصوت للطلاب بعد الانتهاء من الدراسة للتغلب على رهبة التسجيل ومواجهة الجمهور.
■ ما الذى ينقص شباب القراء لنرى ميلادًا جديدًا لعمالقة التلاوة الراحلين؟
- أنصح الشاب إذا وجد نفسه صاحب صوت حسن بأن يهتم بحفظ القرآن وتلقى أحكام التجويد على يد متخصص وإتقان قواعد وأحكام التجويد، حتى لا يصاب بعواقب صوتية تمنعه من القراءة مستقبلًا.
وكذلك الحرص على تكرار التلاوة ومرافقة القراء المحترفين؛ ليتعلم الدارس كيف يتعامل مع الميكرفون وكيفية التنفس أثناء القراءة.
كما أنصحهم بعدم التعجل فى الانضمام للإذاعة، وألا يبنى نجاحه بالالتحاق بالإذاعة، وأن يتعلم كيف ينتقى النغمات مع المواضع المختلفة فى القرآن.