رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"كامل": "الاتحاد من أجل المتوسط" بالقاهرة نقطة تحول في مسار ملف التجارة

جريدة الدستور

أكد السفير ناصر كامل أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط، أن منتدى أعمال الاتحاد الذي سيعقد في القاهرة في 18 يونيو المقبل يمثل نقطة تحول في مسار ملف التجارة لدى الاتحاد من أجل المتوسط، حيث يعد الاجتماع الأول من نوعه منذ انطلاق الاتحاد في عام 2008.

وكشف السفير ناصر كامل - في تصريحات له، إن منتدى القاهرة سيركز على موضوعين محوريين ومترابطين، وهما النفاذ للأسواق والتجارة الإلكترونية، وذلك لما لهما من أهمية في تحرير التجارة ودعم التكامل الإقليمي في منطقة حوض المتوسط، والتي لم تلحق بعد بركب التكامل الاقتصادي كغيرها من المناطق حول العالم.

وقال إن الاتحاد من أجل المتوسط ينظم منتدى الأعمال بالشراكة مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي وجمعية غرف التجارة والصناعة للبحر الأبيض المتوسط والتمثيل التجاري المصري، وبرعاية وزارة التجارة والصناعة المصرية.

وأضاف أنه يتم الإعداد لهذا المنتدى المهم بالتنسيق مع الرئاسة المشتركة للاتحاد من أجل المتوسط والممثلة في المملكة الأردنية الهاشمية عن الجنوب والاتحاد الأوروبي عن الشمال، وكذلك عبر منصات الحوار الإقليمي للدول الأعضاء بما فيها اجتماعات كبار المسؤولين، وبالتشاور مع وزارة التجارة والصناعة المصرية، والشركاء المنظمين للمنتدى، لافتا إلى أن المنتدى يعقد عملًا بتوصيات المؤتمر الوزاري للاتحاد من أجل المتوسط حول التجارة الذي أقيم في 19 مارس 2018.

وأشار إلى أنه من المقرر ان يشارك في المنتدى مجموعة من الوزراء والخبراء والمفاوضين التجاريين وممثلي قطاعات الأعمال والمنظمات الدولية والهيئات الحكومية المختصة بهدف تبادل الرؤى والخبرات والتوصل إلى توصيات عملية من خلال الحوار لتحقيق ما تتطلع إليه المنطقة وتذليل العقبات أمام التجارة الإقليمية وكذلك رفع تنافسية السوق الإقليمي من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

وحول دور مصر في الاتحاد من أجل المتوسط، شدد السفير ناصر كامل على أن مصر تعد إحدى أهم الدول المؤسسة للاتحاد، وكانت من أول الدول الداعمة للمبادرة الفرنسية في عام 2008 خلال عهد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، والرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي آنذاك، وتولت مصر أول رئاسة مشتركة للاتحاد من أجل المتوسط مع فرنسا لتستكمل مسيرة الدعم المصري للتعاون الأورومتوسطي.

وتابع: "كانت مصر، ولا تزال، من الدول الأكثر نشاطًا في المشاركة في اجتماعات الاتحاد من أجل المتوسط، سواء على المستويات السياسية أو الفنية، كما حرص السيد سامح شكري وزير الخارجية على المشاركة في المنتدى الإقليمي الثالث لوزراء الخارجية الذي عقد في أكتوبر الماضي، مما وجه رسالة دعم سياسي قوية للتعاون الإقليمي الأورومتوسطي"، مشيرا في الوقت ذاته الى أن مصر تحرص على المشاركة الفاعلة في أنشطة الأمانة وتعد إحدى أهم الدول المستفيدة من مشروعات الاتحاد في مختلف المجالات.

وحول أهمية عقد "قمة الضفتين" يومي 23 و24 يونيو المقبل بمدينة مارسيليا الفرنسية، أوضح السفير ناصر كامل أن القمة جاءت بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في صيف العام الماضي، مما يؤكد الحرص الفرنسي على مواصلة التعاون الأورومتوسطي والسعي لتحسين آلياته، لافتا الى ان النطاق الجغرافي للقمة يشمل دول غرب المتوسط أعضاء تجمع 5+5، حيث تهدف المبادرة إلى تعزيز التعاون الإقليمي من خلال مناقشة مبادرات ومشروعات عملية وقابلة للتنفيذ ويمكن تطبيقها على نطاق أشمل في المنطقة الأورومتوسطية بشكل عام، وكذلك من خلال تعزيز انخراط منظمات المجتمع المدني في المبادرة، وخاصة تلك التي تركز على الشباب والقطاع الخاص.

وتابع: إنه في إطار التحضير لهذه القمة، فقد تم عقد خمسة اجتماعات منذ أبريل الماضي، كان أولها اجتماع بالجزائر يوم 8 أبريل ناقش الموضوعات المتعلقة بالطاقة، ثم في مالطا يوم 25 أبريل حيث بحث قضايا الشباب والتعليم والتنقل، وتلاه اجتماع المغرب يوم 29 أبريل حول الاقتصاد والتنافسية، ثم بفرنسا يوم 5 مايو تناول الثقافة والإعلام والسياحة، وفي إيطاليا يومي 14 و15 مايو، حيث استعرض قضايا البيئة والتنمية المستدامة، فضلا عن استضافة الاتحاد بمقره ببرشلونة للحوار الإقليمي يومي 22 و23 مايو تحت عنوان "رؤى مشتركة حول الموضوعات الهامة في المتوسط" الذي ناقش موضوعات البيئة والطاقة والتعليم، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه النساء والشباب في المنطقة، كما سعى "حوار برشلونة" إلى إتاحة الفرصة أمام المشاركين من الشباب ومنظمات المجتمع المدني للتقدم بمبادرات ومشروعات تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي في إطار "قمة الضفتين".

وأضاف أنه سيتم اختتام التحضيرات للقمة باستضافة تونس لاجتماع أخير الشهر المقبل (أي قبل نحو أسبوعين من انعقاد القمة) يشارك فيه مائة من ممثلي منظمات المجتمع المدني من الدول أعضاء المبادرة لتلخيص ما تم مناقشته في تلك الاجتماعات التحضيرية، واختيار عدد من المشروعات والمبادرات الرامية إلى تعزيز التعاون الإقليمي، وتقديمها لرؤساء الدول والحكومات لإقرارها خلال أعمال القمة بمارسيليا.

وحول دور الاتحاد من أجل المتوسط في "قمة الضفتين"، قال السفير ناصر كامل إن الجانب الفرنسي وأطراف المبادرة قد حرصا على الاستفادة من خبرات الأمانة العامة في مجال التعاون الإقليمي من خلال توجيه الدعوة لممثلي السكرتارية للمشاركة في كافة الاجتماعات التحضيرية للقمة، وبدورها قامت الأمانة بالإعداد للقمة من خلال مناقشة كافة الجوانب الإجرائية والموضوعية للمبادرة، وعقد الاجتماعات التحضيرية.

وعن سبب الاهتمام الكبير الذي يوليه الاتحاد من أجل المتوسط للشباب والمرأة والمجتمع المدني للمشاركة في الإعداد لقمة مارسيليا، أكد الأمين العام أن الشباب والمرأة والمجتمع المدني هم أحد أهم الشركاء المنخرطين في هذه المبادرة (أي القمة)، كما أنهم من أبرز الأطراف الفاعلة في مجالات عمل الاتحاد، سواء من خلال مشاركتهم في الحوار الإقليمي، أو في إطار أنشطة ومشروعات الاتحاد لدعم التعاون الاورومتوسطي.

وحول مدى نجاح الاتحاد من أجل المتوسط، بعد مرور 10 أعوام على إنشائه، في تحقيق الأهداف التي أطلق من أجلها، قال الأمين العام إن الاتحاد نجح على مدى السنوات العشر الماضية في تعزيز قدراته المؤسسية وساهم بشكل فاعل في إطار التعاون والتكامل الإقليمي، وذلك على الرغم من التحديات المعقدة والملحة التي واجهتها المنطقة، مضيفا أن المؤسسة قد برهنت على صلابتها وكفاءتها والقيمة المضافة التي تقدمها في العديد من المجالات.

وأكد السفير ناصر كامل أن الاتحاد من أجل المتوسط يعد اليوم المنظمة الحكومية الوحيدة في المنطقة التي تتيح العمل المشترك بين دول شمال المتوسط وجنوبه على قدم المساواة تجاه مجموعة واسعة من القطاعات الاستراتيجية.

ولفت إلى أن الدول أعضاء الاتحاد من أجل المتوسط قد نجحت في السنوات الماضية من تحديد الأولويات المشتركة بشأن القضايا التي تؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية لمواطنيها كمشكلة نقص الموارد المائية، والتغيرات البيئية، وعدم وجود فرص عمل كافية للشباب، أو السعي لتعزيز دور المرأة وتمكينها، حيث ترجمت هذه الأولويات إلى مشروعات ومبادرات ملموسة على أرض الواقع، من خلال تحديد أوجه التعاون في إطار الاتحاد، ودعم إطلاق المبادرات الإقليمية في المجالات التي تتعلق باحتياجات شعوب المنطقة ولاسيما معالجة الأسباب الجذرية للمشكلات التي نواجهها اليوم.

وأشار إلى أن نشاط الاتحاد المتزايد والمنهجية المحددة للعمل قد أعطيا زخما جديدا للتعاون الإقليمي وأسفر عن نتائج إيجابية محققة، مشيرا إلى أنه منذ اطلاق الاتحاد وحتى الآن فقد عقد أكثر من 25 اجتماعا وزاريا و300 اجتماع رفيع المستوى، ومنتديات للخبراء، إلى جانب حلقات نقاشية شارك فيها أكثر من 25000 من المعنيين والخبراء وممثلي حكومات، ومنظمات إقليمية ودولية، وسلطات محلية، ومنظمات للمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمؤسسات المالية بالمنطقة الاورومتوسطية.

وأضاف أن الاتحاد من أجل المتوسط قد تبنى 54 مشروعًا إقليميًا بلغت قيمتها 5.6 مليار يورو، وتعد محطة تحلية المياه في قطاع غزة من أهم تلك المشروعات، حيث يوفر المشروع مياه شرب لحوالي 2 مليون مواطن فلسطيني مما يضمن حلًا مستدامًا لنقص المياه المزمن الذي يعاني منه القطاع، حيث أن أكثر من 95٪ من المياه هناك غير صالحة للشرب نتيجة للإفراط في ضخ المياه الساحلية الجوفية الملوثة)، مؤكدا أن المانحين الدوليين قد تعهدوا في مارس 2018 بتقديم تمويل للمشروع يبلغ 456 مليون يورو، أي أكثر من 80٪ من إجمالي تكلفته، مما أتاح إطلاق أكبر مشروع للبنية التحتية في قطاع غزة.

وشدد على أن الصعوبات التي يمكن أن تحول دون قيام الاتحاد من أجل المتوسط بتحقيق أهدافه هي ذاتها التي تبرر وجوده، وان الاتحاد يعمل على تحقيق تطلعات شعوب بلدان المتوسط وتحسين مستوى المعيشة.

وعما إذا كان الاتحاد يساهم في حل أبرز تحديات المنطقة الأورومتوسطية في السنوات الأخيرة وهما مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، قال السفير ناصر كامل إنه على الرغم من أن الاتحاد لا يتعامل بشكل مباشر مع مكافحة الإرهاب وأزمة الهجرة، وخاصة في ضوء غياب التوافق حول الأخيرة بين الدول الأعضاء، إلا أنه يحرص في أنشطته على مجابهة الجذور الاجتماعية والاقتصادية لتلك الظواهر، عبر تعزيز مشاركة الشباب ودور المرأة في المجتمع، والتصدي لارتفاع معدلات البطالة، وتشجيع ريادة الأعمال، وتحقيق التنمية البشرية والاجتماعية في المنطقة.

وذكر أن مشكلة البطالة تعد إحدى أكبر التحديات الإقليمية لدول الجنوب والشمال على حد السواء، وخاصة بين الشباب والنساء، مما يشكل عائقًا حقيقيًا وحجر عثرة في طريق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام في المنطقة الأورومتوسطية ويؤدي إلى تفاقم التطرف والإرهاب والهجرة غير الشرعية، حيث تبلغ معدلات البطالة بين الشباب ما يقارب الأربعين بالمائة في بعض الدول، " وتضع الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط نصب أعينها ضرورة التصدي لتلك الظاهرة التي تعد أحد العوامل المؤدية للهجرة غير الشرعية والتطرف".

وأضاف أن الاتحاد ينخرط في جهود حثيثة من أجل خلق فرص عمل وتمكين الشباب والنساء اقتصاديًا، وتمثل المبادرة المتوسطية للتوظيف UfM Med4Jobs والتي أطلقها الاتحاد في تونس عام 2013 جزءًا محوريًا من استجابته للتحديات الاقتصادية في المنطقة، حيث تشمل المبادرة ثلاثة عشر مشروعًا تستهدف دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتحسين قابلية الشباب للعمل وترسيخ ثقافة ريادة الأعمال بين طلبة الجامعات، والارتقاء ببرامج التعليم والتدريب المهني، وغيرها من المجالات التي تسهم في الحد من البطالة.

وتابع: حتى الآن، استفاد نحو مائة ألف شخص ومئات الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من مشروعات المبادرة المتوسطية للتوظيف، والتي تتطور عامًا بعد عام وتتضافر فيها جهود ثلاث إدارات بالأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط، هي إدارة تنمية الأعمال والتوظيف وإدارة التعليم العالي والبحث العلمي وإدارة الشؤون الاجتماعية والمدنية.

واختتم السفير ناصر كامل حديثه بالتأكيد أن الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط على أتم الاستعداد للتعاون مع شركائها وبدعم من دولها الأعضاء لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة التي تطمح إليها المنطقة برمتها.