رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاتفاقية 190.. هل تمنع التحرش في العمل؟

جريدة الدستور

شهر واحد وتصدر الاتفاقية رقم 190 من منظمة العمل الدولية للقضاء على العنف والتحرش في العمل، ورغم كثرة الاتفاقيات التي تصدرها الجهات الدولية إلا ان ظاهرة التحرش في تفاقم مستمر، فكشفت دراسة حديثة بشأن التحرش الجنسي في الأمم المتحدة خلال العامين الماضيين، أن ثلث موظفي المنظمة الدولية أبلغوا عن تعرضهم لتحرش جنسي خلال تلك الفترة من عملهم مع الأمم المتحدة.

وشكا واحد من كل 3 مشاركين في الدراسة، أو 33 في المئة، التعرض لحادثة واحدة على الأقل من المضايقات والتحرشات الجنسية في آخر عامين. ووفقًا للدراسة فإن النوع الأكثر شيوعًا من التحرش كان القصص والنكات الجنسية العدائية، أو إبداء ملاحظات الجسد.

"الدستور" عرضت حكايات بعض الفتيات اللآتي تعرضن للتحرش في العمل، وتواصلت مع إحدى الجمعيات النسوية للبحث عن كيفية القضاء على هذه الظاهرة.


أسماء: خفت أشتكي مديري لأني هطلع أنا المذنبة
"خايفة أشتكي علشان عارفه كويسة أنه هيطلع بريء في النهاية وهكون أنا المذنبة"، بدأت أسماء 20 عامًا من محافظة الإسكندرية، حديثها عن تحرش مديرها بها، وقالت "كنت أبحث عن عمل فموعد زواجي اقترب، وأردت أن أساعد أهلي فى توفير باقي احتياجاتي، وفي إحدي الشركات الخاصة قابلت مديرها وكان رجل كبير، في عمر جدي وقال لي "إنتي شكلك محترمة وهشغلك، روحت الشغل يوم والتاني لقيته بيتحرش بيا لفظيًا، سكت بس سكوتي خلاه يوصل أنه يمد إيده، وكاد يغتصبني لولا دخول أحد الموظفين علينا".

وتابعت: "أصبت بحالة نفسية وأصبحت أخشى الرجال حتى خطيبي، رغم إنه محترم، ولكن أصبح لدي عقدة من التعامل معهم".

قال رضا الدسوقي، محام ومدير تنفيذي بمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، إن هناك أزمة تشريعية في القوانين التي تحاكم المتحرش، موضحًا أنه قديما كانت الأحكام التي تصدر على المتحرش هزيلة عقوبتها لا تزيد عن 6 أشهر وعند تكرار التحرش من نفس الشخص كان أقصة عقوبة يواجهها سنتين، ولم تقضِ الغرض منها للقضاء على التحرش، مطالبا بزيادة الحد الأدنى والأقصى في عقوبة التحرش الجنسي في المادة 306 من قانون العقوبات.

وتابع الدسوقي، أن قانون العمل لم يذكر التحرش في أماكن العمل ولا تهيئة الوسائل المناسبة والملائمة داخل بيئة العمل كوجود كاميرات للرصد صوت وصور أو وجود أدلة ثبوت، وأنهم في حاجة لحماية الشهود والمبلغين، بالإضافة إلى تفعيل نص المادة 53 من الدستور التي تختص بمناهضة التمييز.

فيما أكدت دراسات أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن 99% من سيدات مصر يتعرضون للتحرش، منهم 59% عانوا من التحرش الجسدي.

منى: فصلت من الجامعة لأنني حررت محضر تحرش ضد أستاذي
منى 30 عاما من محافظة الدقهلية، قالت: "تعرضت للتحرش اللفظي والجسدي من أستاذي في الجامعة، والذي كان المسئول عن رسالتي للماجستير"، وتابعت "حررت محضر في الكلية وفي القسم الأقرب إلى الجامعة وتم التحقيق معه ولكن النتيجة كانت مؤسفة".

وتابعت: "رغم أنني لم أكن الحالة الأولى وكل من في الكلية يعرف أن سلوك الأستاذ سيئ إلا أنهم وقفوا جميعا ضدي، ولم يتم اتخاذ أي إجراء ضده بل بالعكس تم فصلي".

وكشفت دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الجنائية، عن أن طالبات المدارس هن الأكثر عرضة للتحرش على الرغم من ارتدائهن الزى المدرسي، وأن نسبة التحرش بالفتيات لمن هن في سن الـ 18 عامًا تبلغ نحو 22%، أما النساء اللاتي لا يعملن فيأتين في المرتبة الثانية، حيث تصل نسبة التحرش بهن إلى 27%، وتنخفض النسبة لمن يعملن في الوظائف الإدارية إلى 20% ومن يعملن في العمل الجماعى إلى 30%.

أميرة: فتحت مكتب خاص بي هربًا من التحرش لكنه لاحقني
أميرة من محافظة القاهرة، قالت: "منذ تخرجت من الجامعة وبدأت العمل تعرضت لجميع أنواع التحرش في كل المؤسسات التي عملت بها، حتي عندما قررت أن يكون لى عملي الخاص لأهرب من التحرش لاحقني داخل مكتبي".

وتابعت في منشور كتبته على صفحتها الخاصة بـ"فيسبوك": "تركت العمل وأغلقت مكتبي لأنني لم أعد قادرة على تحمل التحرش والمغازلة من الجميع" موضحة "الوضع مأساوي فعلا".

وتابعت: "إحدى صديقاتي قالت لي أنتي الغلطانة إنك بتشجعي الناس على التحرش بمظهرك الملفت والأفضل تتحجبي ومتحطيش ماكياج، وبالفعل ارتديت الحجاب ووفرت لي هذه الصديقة فرصة عمل فى شركة صاحبها يبدو عليه الاحترام فلحيته تصل إلى منتصف صدره، وجميع الموظفات فيها محجبات، بعد شهرين صاحب الشركة طلب مني الزواج رغم أنه متزوج اثنين، لكنه قال لي أن الشرع حلل له أربعة وعندما رفضت فصلني من العمل".

وأشار المدير التنفيذي بمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، إلى أن الثقافة المجتمعية عن التحرش تعد لهم شيء فكاهي قائلا: "حاجة ظريفة بالنسبة ليهم مفيش مشكلة لو مواطنة اتحرشوا بيها لكن لو قالت إنها اتسرقت أو حد اعتدى عليها بالضرب هنا ممكن تلاقيهم اتحركوا"، موضحا أنه ما زال الوعي والثقافة المجتمعية لم تهيأ لقبول جريمة التحرش باعتبارها عنف متزايد، وتوحيد جهود المؤسسات حول مناهضة العنف ضد النساء، وأن يكون للدراما دور فعال وتدريب المنتجين على تخصيص سيناريوهات وافلام لمعالجة قضايا التحرش الجنسي، ومن المفترض أن يتم تدريس الثقافة الجنسية فى المدارس منذ الصغر لوجود جيل واعي يحترم الآخر.