رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"حماية المدنيين".. شعار يرفعه اليوم الدولي لحفظة السلام

اليوم الدولي لحفظة
اليوم الدولي لحفظة السلام

يحيي العالم يوم 29 مايو من كل عام اليوم الدولي لحفظة السلام، ويأتي الاحتفال هذا العام 2019 تحت شعار " حماية المدنيين وحماية السلام "، واحتفال هذا العام يتزامن مع الذكرى السنوية العشرين لإقرار مجلس الأمن إرسال بعثة حفظ السلام إلى سيراليون حيث انتدب المجلس للمرة الأولى صراحة بعثة حفظ سلام (بعثة الأمم المتحدة في سيراليون) لحماية المدنيين.

وعلى مدار الـ 20 عامًا الماضية، أصبحت حماية المدنيين - بشكل متزايد - في صميم عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. واليوم، هناك أكثر من 90 % من حفظة السلام يعملون على حماية المدنيين من خلال 8 عمليات حفظ سلام في أبيي، ودارفور، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وهايتي، ولبنان، ومالي، وجنوب السودان، ويعرض حفظة السلام هؤلاء أنفسهم للخطر في سبيل حماية المدنيين من أعمال العنف يوميًا.

كما سيحتفل في مقر الأمم المتحدة بنيويورك باليوم هذا العام في 24 مايو، وسيتصدر الأمين العام الاحتفال بوضع إكليل من الزهور تكريمًا لكل حفظة السلام الذين فقدوا أرواحهم أثناء الخدمة تحت علم الأمم المتحدة في العام الماضي. إضافة إلى ذلك، ستمنح ميدالية داغ همرشولد إلي 98 لأسماء عناصر من حفظة السلام الذين توفوا في 2018 أثناء خدمتهم دعمًا لقضية السلام.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت في قرارها 129 57، يوم 29 مايو ليكون اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة. ففي مثل هذا اليوم من عام 1948، أنشئت أول بعثة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، وهي بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة، والتي بدأت عملياتها في فلسطين. وفي هذا اليوم، نثني على المهنية والتفاني والشجاعة التي يتحلى بها الرجال والنساء العاملين في عمليات حفظ السلام، كما نكرم ذكرى أولئك الذين فقدوا حياتهم في سبيل السلام.

وقد أشار أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة له بهذه المناسبة، إلي أن العالم يحتفل اليوم بما يفوق المليون من حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة رجالا ونساء منذ البعثة الأولى في عام 1948. ويقول " نحيي اليوم ذكرى أكثر من 3800 فرد ممن لقوا حتفهم في خدمة الأمم المتحدة. ونعرب عن عميق امتناننا لمائة ألف من حفظة السلام من أفراد مدنيين وشرطة وعسكريين المنتشرين في جميع أنحاء العالم حاليا، وللبلدان التي تساهم بهؤلاء الشجعان المتفانين من النساء والرجال".

وأضاف غوتيريش، أن الأمم المتحدة تحتفل هذا العام بمرور 20 عاما منذ كلف مجلس الأمن لأول مرة إحدى بعثات حفظ السلم بولاية حماية المدنيين. فحفظة السلام يحمون الرجال والنساء والأطفال من العنف يوميا، وكثيرا ما يعرضون أنفسهم لمخاطر جسيمة أثناء القيام بذلك. وبنفس هذه الروح، يجري للمرة الأولى بمناسبة هذا اليوم الدولي منح وسام النقيب امباي ديانج للشجاعة المنقطعة النظير. كما إننا نحيي ذكرى الجندي شانسي شيتيتي، وهو مواطن ملاوي خدم في جمهورية الكونغو الديمقراطية ومات وهو يحاول إنقاذ حياة زميل له من حفظة السلام.

وذكر غوتيريش، أن عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام هي استثمار حيوي من أجل تحقيق السلام والأمن في العالم. ولكنها تقتضي التزامًا دوليا قويًا. ولعل هذا ما دفعنا إلى إعلان مبادرة ”العمل من أجل حفظ السلام“ التي ترمي إلى جعل بعثاتنا أكثر قوة وأمانا وملاءمة للمستقبل. إن حفظ السلام بالنسبة للملايين ممن يعيشون في حالات النزاع في جميع أنحاء العالم هو ضرورة ومصدر للأمل في آن معا. ودعا غوتيريش، إلي العمل معا على جعل حفظ السلام أكثر فعالية في حماية الناس والنهوض بالسلام.

وكانت قد بدأت أولى بعثات حفظ السلام من الأمم المتحدة في 29 مايو عام 1948، عندما صرح مجلس الأمن بنشر مجموعة صغيرة من المراقبين العسكريين التابعين للأمم المتحدة في الشرق الأوسط لتكوين هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة (يونتسو) من أجل مراقبة اتفاق الهدنة بين إسرائيل وجيرانها العرب. ومنذ ذلك الحين، خدم أكثر من مليون رجل وسيدة تحت علم الأمم المتحدة في 72 عملية حفظ سلام، وهو الأمر الذي كان له التأثير المباشر في أرواح الملايين من الأفراد، وحماية عدد لا يحصى من الأرواح الأكثر عرضة للخطر في العالم. كما ساعدت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على تحول الكثير من البلدان، من كمبوديا إلى السلفادور وليبيريا وسيراليون وتيمور الشرقية وأماكن أخرى، من الحرب إلى السلام.

واليوم، تنشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أكثر من 88 ألف عسكري وشرطي، من 124 دولة عضوًا، وما يقرب من 13 ألف موظف مدني، و1300 متطوع تابع للأمم المتحدة في 14 عملية حفظ سلام في أربع قارات. وعلى الرغم من حجم العمليات واتساع نطاقها، تظل الميزانية السنوية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أقل من نصف في المئة من الإنفاق العسكري العالمي. كما أن مهام حفظ السلام أثبتت أيضًا بوضوح أنها استثمار ناجح في السلام، والأمن، والرخاء العالميين.

وفي العام الماضي، أطلق الأمين العام مبادرة جديدة وهي "العمل من أجل حفظ السلام"، والتي تدعو إلى إعادة تركيز قوات حفظ السلام على التوقعات الواقعية، وتقوية بعثات حفظ السلام وزيادة تأمينها، وحشد دعم أكبر للحلول السياسية، ونشر القوات ذات التجهيز والتدريب والتنظيم الجيد. وصدقت أكثر من 150 دولة من الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية على "إعلان الالتزامات المشتركة" الخاص بمبادرة "العمل من أجل حفظ السلام"، مما يُظهر قدرًا كبيرًا من الدعم للمبادرة.

ويصادف هذا العام الذكرى العشرين لصدور قرار مجلس الأمن الدولي البارز الذي يفرض على عملية حفظ السلام استخدام جميع الوسائل اللازمة لحماية المدنيين المعرضين للخطر.

ومنذ صدور القرارات الأولية لحماية المدنيين (POC) في عام 1999 (القراران 1265 والقرار 1270)، اللذين وضعا إطارًا لعمليات بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في سيراليون، ازداد دور الأمم المتحدة في حماية المدنيين بشكل ملحوظ. إنه الآن واجب أساسي لأكثر من 95 % من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المنتشرة حاليًا. وغالبًا ما يتم نشرها في المناطق التي يكون فيها السكان المدنيون أكثر عرضة للخطر، فإن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تحمي الفئات الأكثر ضعفًا في النزاعات، بما في ذلك النازحون الذين يفرون من ديارهم أو تحت التهديد بسبب دينهم أو أعمارهم أو عرقهم أو جنسهم. ويقوم حفظة السلام بتنفيذ هذه المهمة الهامة في بيئات متزايدة التعقيد مثل: مينوجوس (هايتي) ؛ مينوسكا (جمهورية أفريقيا الوسطى) ؛ مينوسما (مالي) ؛ مونوسكو (جمهورية الكونغو الديمقراطية) ؛ بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (جنوب السودان) ؛ يوناميد (دارفور) ؛ يونيفيل (لبنان) ؛ والقوة الأمنية (أبيي).

إن حماية المدنيين هي واجب جميع حفظة السلام، المدنيين والشرطة والجيش. ويتم ذلك بالتعاون مع الجهات الفاعلة الإنسانية واحترام المبادئ الإنسانية. وتتمتع قوات حفظ السلام غير النظامية التي تتمتع بتفويض من نقطة القيادة (الشرطة والجيش) بسلطة ومسؤولية توفير الحماية في نطاق قدراتها ومناطق نشرها، حيثما تكون الحكومة غير قادرة أو غير راغبة في الحماية. ويعمل حفظة السلام المدنيون والشرطة والعسكريون على حماية المدنيين بثلاث طرق رئيسية وهي: من خلال الحوار والمشاركة ؛ من خلال توفير الحماية المادية ؛ من خلال إنشاء بيئات واقية.

وتتجاوز حماية المدنيين فعل توفير الحماية المادية، بل إن الوقاية جزء لا يقل أهمية عن الحماية. وتعد المشاركة مع الجهات الفاعلة المحلية أمرًا حيويًا لمواجهة التهديدات التي تواجه المجتمعات، ولذا تشارك بعثة حفظ السلام في الحوار والأساليب السياسية، مثل دعم المصالحة أو اتفاقات السلام أو الوساطة أو الاتصال بالحكومة أو حل النزاعات المحلية.

كما تقوم بعثات الأمم المتحدة بأنشطة تدعم إنشاء بيئة حمائية مثل الجهود الرامية إلى استعادة سلطة الدولة وتوسيع نطاقها، مما يساعد على زيادة الأمن وحماية المدنيين من العنف. ويعمل موظفو الأمم المتحدة - الذين تم نشرهم - مع الحكومات على تحسين النظم والمؤسسات القانونية الوطنية، وتعزيز العدالة من خلال سيادة القانون. ويتطلب تعزيز الحماية أيضا بذل جهود مركزة لحماية الفئات الأكثر ضعفا، بالاستناد إلى الولايات القوية التي قدمها مجلس الأمن بشأن الأطفال والصراعات المسلحة والعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات.

ويعود تاريخ الصراع في سيراليون إلى مارس 1991، عندما أطلق محاربو الجبهة الثورية المتحدة(RUF)، حربا من شرق البلاد بالقرب من الحدود مع ليبريا للإطاحة بالحكومة بسبب التنقيب والسيطرة علي مناجم الماس، ونظرًا لأهميته الكبيرة كان له دور رئيسي في الحرب الأهلية. وبدعم من مجموعة المراقبين العسكريين (ECOMOG) للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "الإكواس" (ECOWAS) حاول جيش سيراليون في البداية أن يدافع عن الحكومة، ولكن في العام التالي قام الجيش نفسه بالإطاحة بها. وبالرغم من تغيير السلطة فإن محاربي الجبهة الثورية المتحدة واصلوا هجومهم. وفي فبراير 1995 عين الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثا خاصا هو "برهانو دينكا" (إثيوبيا). وعمل بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية (OAU) والإكواس في محاولة للتفاوض على تسوية للصراع وإعادة البلاد إلى الحكم المدني.

وأجريت الانتخابات البرلمانية والرئاسية في فبراير 1996، وتخلى الجيش عن السلطة للفائز وهو الحاج دكتور "أحمد تيجان كبه". ولكن محاربي الجبهة الثورية المتحدة لم تشارك في الانتخابات ولم تعترف بالنتائج، واستمر الصراع. وساعد المبعوث الخاص "دينكا" في التفاوض على اتفاق للسلام في نوفمبر 1996 بين الحكومة ومحاربو الجبهة الثورية المتحدة وعرف باسم اتفاق أبيدجان. ولكن الاتفاق قد حاد عن مساره بسبب انقلاب عسكري آخر في مايو 1997. وفي هذه المرة فإن الجيش انضم لقوات محاربي الجبهة الثورية المتحدة وشكل المجلس العسكري الحاكم. وذهب الرئيس "كبه" وحكومته إلى المنفى في غينيا المجاورة.

وحاول مبعوث خاص جديد وهو "فرانسيس إيكيلو" (أوغندا) وممثلون آخرون من المجتمع الدولي ولكنهم فشلوا في إقناع المجلس العسكري الحاكم بالتخلي عن السلطة. وفرض مجلس الأمن حظرا على النفط والأسلحة في 8 أكتوبر 1997، وخول الإكواس أن تضمن تنفيذه من خلال قوات مجموعة المراقبين العسكريين التابعة لمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. وفي 23 أكتوبر أجرت لجنة الخمسة المعنية بسيراليون والتابعة للإكواس ووفد يمثل رئيس المجلس العسكري الحاكم محادثات في كوناكري، وتم توقيع خطة سلام طالبت بين جملة أمور، بوقف إطلاق النار ومراقبته من قبل مجموعة المراقبين العسكريين التابعة لمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، إذا اعتمدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة - بمساعدة المراقبين العسكريين من الأمم المتحدة. وفي 5 نوفمبر أصدر الرئيس كبه بيانا أشار فيه إلى قبول الاتفاق وأعلن استعداد حكومته للتعاون مع الإكواس ومجموعة المراقبين العسكريين التابعة لمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والأمم المتحدة ومفوضية اللاجئين في تنفيذ أدوارهم. وبالرغم من أن المجلس العسكري الحاكم التزم علانية بتنفيذ الاتفاق فإنه انتقد فيما بعد أحكام أساسية وأثار عددا من الموضوعات وكانت النتيجة أن الاتفاق لم ينفذ أبدا.

وفي فبراير 1998، قامت مجموعة المراقبين العسكريين التابعة لمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي كانت ترد على هجوم من قبل قوات المجلس العسكري والمتمردين، بهجوم عسكري أدى إلى انهيار المجلس العسكري الحاكم وطرده من فريتاون. وفي 10 مارس أعيد الرئيس كبه إلى منصبه. وأنهى مجلس الأمن حظر النفط والأسلحة وعزز مكتب المبعوث الخاص لكي يتضمن ضباط اتصال عسكريين تابعين للأمم المتحدة ومستشارون أمنيون أيضا.

وفي يونيه 1998 أنشأ مجلس الأمن بعثة الأمم المتحدة في سيراليون لفترة أولية هي 6 أشهر. وسمى الأمين العام المبعوث الخاص "أوكيلو" ممثلا خاصا ورئيسا للبعثة. وراقبت البعثة وبذلت جهودا لنـزع سلاح المقاتلين وإعادة هيكلة قوات الأمن في البلاد. وقامت فرقة البعثة غير المسلحة تحت حماية مجموعة المراقبين العسكريين التابعة لمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ECOMOG بتوثيق تقارير عن الفظائع الجارية وانتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين.

واستمر القتال حيث كسب تحالف المتمردين السيطرة على أكثر من نصف البلاد. وفي ديسمبر 1998 كان التحالف بدأ هجوما لاستعادة فريتاون. وفي يناير 1999 استطاع أن يسيطر على معظم المدينة، وتم إجلاء كل أفراد البعثة. وواصل الممثل الخاص ورئيس المراقبين العسكريين أداء واجباتهم واحتفظوا باتصال وثيق مع كل الأطراف في الصراع ومراقبة الموقف. وفي مرحلة لاحقة من هذا الشهر فإن قوات مجموعة المراقبين العسكريين التابعة لمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا استعادت السيطرة على العاصمة ومرة أخرى أعادت الحكومة المدنية برغم من أن آلاف المتمردين كانوا لا يزالون يختبئون - على ما ذكر - في المناطق الريفية المحيطة بالعاصمة.

وعقب هجوم المتمردين فإن الممثل الخاص "أوكيلو" بالتشاور مع دول غرب أفريقيا شرع في سلسلة من الجهود الدبلوماسية التي تستهدف إجراء الحوار مع المتمردين. وبدأت المفاوضات بين الحكومة والمتمردون في مايو 1999، وفي 7 يوليه وقعت كل أطراف الصراع اتفاقا في لومي لإنهاء عمليات القتال وتشكيل حكومة للوحدة الوطنية. وطلبت أطراف الصراع أيضا دورا موسعا لبعثة الأمم المتحدة في سيراليون. وفي 20 أغسطس خول مجلس الأمن زيادة في عدد المراقبين العسكريين ليصل العدد إلى 210 فردًا. وفي 22 أكتوبر 1999 خول مجلس الأمن إنشاء البعثة وهي بعثة جديدة وأكبر بكثير بقوام عسكري يصل أقصى حد له إلى 6 آلاف من العسكر بما في ذلك 260 مراقبا عسكريا لمساعدة الحكومة والأطراف على تنفيذ أحكام اتفاقية لومي للسلام.

وفي نفس الوقت قرر المجلس أن ينهي البعثة. وفي 7 فبراير 2000، وبقراره 1289 قرر المجلس أن يراجع ولاية بعثة الأمم المتحدة في سيراليون لكي تتضمن عددا من المهام الإضافية، وقرر أن يوسع العنصر العسكري ليصل إلى 11.100فرد بما في ذلك 260 مراقب عسكري تم وزعهم بالفعل. وخول المجلس زيادات في الشؤون المدنية والشرطة المدنية والعناصر الإدارية والفنية للبعثة حسبما اقترح الأمين العام. وزاد مجلس الأمن مرة أخرى من القوام المخول لبعثة الأمم المتحدة في سيراليون ليصل إلى 13 ألف عسكري بما في ذلك 260 مراقبا عسكريا بقراره 1299 المؤرخ 19 مايو 2000. وفي 30 مارس 2001 خولت زيادة جديدة إلى 17.500عسكري، بما في ذلك 260 مراقبا عسكريا. واتخذ المجلس القرار 1346 وبموجبه اعتمد مفهوما منقحا للعمليات، وبذلك أصبحت أكبر عملية لحفظ السلام آنذاك، في الوقت الذي قام فيه المكون المدني للبعثة بدور هام في تعزيز السلام مثل تحسين البنية التحتية للدولة، وإنجاز برامج نزع السلاح وإعادة التأهيل في يناير 2002. وأسندت لها مهمتان الأولي حفظ السلام وذلك بمساعدة حكومة سيراليون في عملية جمع ونزع الأسلحة، والثانية بناء السلام وذلك من خلال عدة خطوات عملية تتمثل في إجراء الانتخابات وتوصيل المساعدات الإنسانية.

وفي عام 2008 تم إعطاء تفويض لبعثة جديدة لبناء السلام في سيراليون، حلت محل البعثة السابقة والمتواجدة في سيراليون منذ عام 1999 بعد خروج قوات الأيكواس عام 1999 كنتيجة لاتفاق لومي وانتهى عملها هناك في مارس عام 2014. وبالرغم من أن سيراليون تسير على الطريق الصحيح، إلا أنها مازالت تواجه تحديات اقتصادية مثل الفقر والبطالة، وسياسية مثل الفساد، بالإضافة إلى أن جذور الصراع لم تحل بالكامل، حيث عانت القوات التابعة للجبهة الثورية المتحدة من مشكلتين رئيسيتين هما التهميش الاقتصادي والسياسي. وقد خلفت الحرب الأهلية أكثر من 70 ألف قتيل، و2.5 مليون لاجئ.

لقد استطاعت سيراليون أن تستعيد زمام الأمن بها، وقفز معدل النمو الاقتصادي إلى 7.4 %، وهو ما يعتبر مؤشرًا قويًا في هذا البلد. وتعتبر وفرة الموارد المعدنية الطبيعية بهذا البلد مصدر جذب لشركات التعدين الدولية، كما توفر مجموعة من فرص التنمية الاقتصادية الخارجية أيضًا. أما موقع سيراليون الممتد عبر ساحل المحيط الأطلنطي فيضفي العديد من المزايا باعتبار البلد مركزًا للإمدادات اللوجستية والشحن. وأضف إلى ذلك قيام سيراليون بإجراء أول انتخابات ديمقراطية بها في عام 2007، كما أنها تحقق تقدمًا يوميًا تجاه الإصلاحات التشريعية والتنظيمية، فضلًا عن إصلاحات السوق التي تهدف إلى تشجيع أنشطة الأعمال والنمو الاقتصادي.