رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ممدوح عامر: سر القرآن فى «الفاتحة».. وأم كلثوم تشجينى بـ«جددت حبك»

جريدة الدستور

حفظ الشيخ ممدوح عامر القرآن الكريم فى عمر الـ5 سنوات، لتمتعه بذاكرة قوية، وقدرة فائقة على مراجعة ورد يومى يصل إلى 3 أجزاء.

عُرف بصوته القوى، النقى، الذى جعله مميزًا بين الكثير من قراء الجيل الحالى، وتمكن من التغلب على عقبة فقدان البصر، ليسطر اسمه ضمن كوكبة من أفضل القراء، ليس فى مصر فقط وإنما فى الوطن العربى.
وفى حواره مع «الدستور» تحدث الشيخ ممدوح عن جوانب كثيرة فى شخصيته، ورحلته من البداية إلى الآن، متطرقًا إلى أهم الصفات التى يجب أن يتمتع بها القارئ، ملقيًا الضوء على حبه للطرب القديم والحديث.
■ لمَن الفضل فى اكتشاف موهبتك؟
- ولدت فى قرية أبوالمطامير بمحافظة البحيرة عام 1987 لأسرة متواضعة الحال، وكان لى 6 إخوة، وأخى الكبير الشيخ محمد كان فاقدًا البصر أيضًا ويحفظ القرآن، وعندما ولدت أنا فاقدًا البصر شعرت الأسرة باليأس وتملكها الإحباط، وكانت الأسرة لا تهتم بى كثيرًا، ومن هنا بدأت الاعتماد على نفسى كثيرًا وأنا فى سن صغيرة، إلى أن تبنانى الشيخ بسيونى أبوزيد بسيونى، بعد أن وجد صوتى جميلًا بدأ يعلمنى القرآن.
■ كيف كانت بدايتك مع الشيخ بسيونى؟
- الشيخ بسيونى كان لديه كتاب بالقرية، وهو صاحب الفضل الأول فيما أنا فيه، رحمه الله، وبعدها هجر الشيخ القرية ونُقل إلى قرية أخرى، وكان وقتها قد تجاوز الـ80 عامًا، زار هذه القرية فى إحدى المرات فوجدنى ألعب مع الأطفال وأغنى فطلب من والدى أن أقيم معه كى يعلمنى القرآن.
وبالفعل ذهبت معه، وبعدها بحوالى سنة و4 شهور أتممت حفظ القرآن الكريم، وكان عمرى وقتها 5 سنوات ونصف السنة، ولم يتقاض أجرًا على ذلك، وعندما كُرمت من وزارة الأوقاف ورئاسة الجمهورية، طلبت من الرئيس إيفاد أبى وأمى وشيخى الذى حفظنى القرآن للحج وقد كان.
■ ماذا عن أول تجربة لك فى قراءة القرآن؟
- الله تبارك وتعالى هو من كان يسوقنى إلى قراءة القرآن، لكن أذكر أنه فى إحدى المرات كنت عند صديق لى فى بلدة مجاورة لحضور مناسبة وحضر فيها أيضًا عدد من المشايخ الكبار، وساقتنى الأقدار لأن أقرأ بجانبهم، وبدأت فى القراءة مقلدًا الشيخ محمد صديق المنشاوى، وكانت المفاجأة أن هذه القراءة كان لها رد فعل كبير بين الناس.
شعرت بتوافد عدد كبير من الشباب والأطفال والسيدات، ليشاهدوا هذا الطفل الذى يقرأ ويستمعوا إلى هذا الصوت الجميل، كان الجميع مشدوهًا من حلاوة التلاوة، وعندما انتهيت وجدت الجميع يهتفون: «زيدنا يا مولانا».
■ ماذا عن الصعوبات التى واجهتها فى بداياتك مع التلاوة؟
- عندما كنت بسن الـ7 سنوات، دعيت فى إحدى المناسبات لقراءة القرآن، وهناك من اعترض حين وجدنى صغيرًا فى السن، لكن طلبت منهم القراءة ولو جزء بسيط، وعندما استمعوا إلى صوتى تمسكوا بى وطلبوا منى القراءة أكثر، ثم تلقيت دعوات للقراءة يومًا بأكمله من الصباح للمساء.
■ هل هناك مشايخ بأعينهم تستطيع تقليدهم؟
- بالتأكيد، لكنى أفضل أن أقرأ القرآن بصوتى، وأحب تقليد الشيخ محمد صديق المنشاوى، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ شعبان الصياد، والشيخ محمود على البنا، والشيخ محمد رفعت الذى أعتبره رائد التلاوة فى مصر والعالم، وما شدنى للشيخ رفعت هو أنى عندما قرأت عنه وبحثت وجدت أن هذا الرجل كان يحافظ على جلال وهيبة القرآن.
■ ما أحب الأصوات إلى قلبك؟
- الشيخان المنشاوى وعبدالباسط عبدالصمد، وأتصور أنهما من أعظم من أنجبت مصر والعالم فى تلاوة القرآن على مر العصور، وأعتبر أى قارئ يصل إلى القلب بدون اصطناع أو تكلف «قارئًا عظيمًا»، حتى فى معظم السفريات إلى الخارج أجد غير المسلمين يحبون الشيخ عبدالباسط عبد الصمد ويحبون تلاوته، ودائمًا ما أحن للزمن الجميل واستمع للكثير من القراء «المنشاوى وعبدالباسط والحصرى»، وأعتقد أن هؤلاء الشيوخ العظماء أحدثوا طفرة حقيقية فى وقتٍ لم تكن هناك فيه أى وسائل تكنولوجية حديثة أو «سوشيال ميديا»، وما قدّموه لا نقوى نحن على تقديمه، رغم كل هذا التطور.
■ فى أى جانب من شخصيتك كان تأثرك بهم أكبر؟
- تأثرت بخلقهم، وتواضعهم، وحبهم، وبساطتهم، حتى وأنا أسمع لهم بعض التسجيلات الحوارية أرى البساطة والنقاء والتلقائية فى كلامهم، وكيف كانوا متحابين ومتعاونين، لذا أراهم كما قالت السيدة عائشة عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم «كان خلقه القرآن»، ومن كثر محبتى لهم كنت دائمًا وأنا طفل أتخيل الشيخ المنشاوى، رحمه الله، وأطلب من ربنا أن أراه وأرسم صورة خيالية عن هذا الشيخ العظيم الذى كنت دائمًا وأنا صغير أتمنى أن أكون مثله.
■ ما الفرق بين القراء فى السابق والآن؟
- فى السابق كان يربطهم نوع من التآلف والمحبة ويدعمون بعضهم البعض، وأذكر فى إحدى المرات عندما كنت أقرأ فى إحدى المناسبات، وكان بجوارى الشيخ أبوالوفا الصعيدى، قال لى: «عندما كنا ننتهى من القراءة نجمع كل الأجرة ثم نوزعها من جديد على بعض»، وأنا هنا لا أقصد الجانب المادى بقدر ما أقصد المودة والرحمة، أما الآن فهناك أيضًا مودة بين الشيوخ «لكن ليست بالشكل بتاع زمان».
■ ما الذى يحتاجه القراء الآن؟
- يجب أن يكون قارئ القرآن مثقفًا وعالمًا بالعلوم الشرعية والدنيوية، وأنا أحب أخذ القليل من الأشياء فى جميع المجالات حتى علوم الفضاء والجيولوجيا والثقافة، ونقابة القراء عليها دور كبير وهو إعداد وتأهيل القارئ ثقافيًا وعلميًا ودينيًا، ولدى مخطط عن «مستقبل التلاوة» وهى دراسة متأنية فيها الإيجابيات والسلبيات، والتحديات التى تواجه القراء. وبعض المشايخ الآن تنقصهم الآليات والثقافة والمعرفة، فمثلًا الدولة أثارت مسألة تجديد الخطاب الدينى، ولا بد أن ينعكس تجديد هذا الخطاب على المشايخ فى السلوك والمعاملات والمعرفة والمرونة فى التعامل، حتى عندما يسافر يكون قادرًا على فهم الآخر والتفاعل معه.
■ ما السورة الأقرب إلى قلبك؟
- «الفاتحة»، لأنها سورة يحفظها القاصى والدانى، وأنا أحب أن أقرأ السور التى يفهمها الأطفال والشباب والكبار، كما أن سورة الفاتحة هى أم الكتاب، واشتملت بوجه إجمالى على مقاصد الدين من توحيد وتعبد وأحكام ووعد ووعيد.
فى سورة الفاتحة ذكر لصفات الجلال والكمال والجمال التى يتصف بها الله عز وجل، وهى السورة التى وضعها الله فى باقة وباقى القرآن فى باقة، كذلك أحب سورة «النصر»، لأنها محببة للجميع.
■ ماذا عن أكثر الآيات تأثيرًا فيك؟
- الآيات التى تذكرنى بالآخرة، وعندما أقف عند هذه الآيات أتذكر عظم قدرة الله عز وجل، لأنها تطرق فى نفسى الجنة والآخرة، وكذلك عندما أقرأ خواتيم القرآن الكريم أبكى بشدة.
■ أين تعلمت المقامات الموسيقية؟
- لم أتعلم المقامات الموسيقية ولم أدرسها أكاديميًا لكنى أعرفها، لأن القرآن من الله، والله مَن يضع القرآن وجمال التلاوة فى القلب، وهذا من عظمة القرآن.
■ ما الهوايات المفضلة إليك؟
- أحب ركوب الخيل وممارسة الرياضة بشكل عام، كما أحب القراءة والاطلاع على الثقافات الأخرى.
■ ماذا عن كواليس أول سفرية لك إلى الخارج؟
- سافرت إلى لبنان فى عام 2011 بدعوة من أحد رجال الأعمال هناك، وقضيت شهر رمضان بالكامل، وأقمت بمنزله فى مدينة «طرابلس»، وخرجت من هناك وجميع أهل البيت أصدقائى يستشيروننى فى العديد من الأمور الشخصية التى تخصهم، وكنت ناصحًا لهم فى العديد من القضايا. بعد هذا الشهر أصبح جميع أهل هذه المدينة أصدقائى وأتواصل معهم إلى الآن، رغم أنه لم يكن معى أحد يُعيننى، لكنى اعتمدت على نفسى فى هذه السفرية، وكذلك جميع السفريات الخاصة بى أذهب بمفردى، وتعلمت الاعتماد على نفسى حتى فى ارتداء الملابس، فمن يساعدنى فقط يقول لى الألوان، وأنا لدى حس جمالى يساعدنى على الاختيار ومعرفة تناسق الألوان، كما أنه فى الخارج هناك طرق ممهدة لذوى الاحتياجات الخاصة.
■ ماذا عن أول أجر حصلت عليه من التلاوة؟
- أنا أقرأ كثيرًا بدون مقابل، وأتذكر أن أول أجر حصلت عليه كان 40 جنيهًا، وحينها أخذت ورقتين كل ورقة بـ20 جنيهًا، وكان معى شيخ يكبرنى حصل على 250 جنيهًا.
■ هل لديك طقوس معينة فى رمضان؟
- أقرأ الورد اليومى من القرآن، وهو عبارة عن 3 أجزاء، وأنا أحافظ عليه، سواء كان فى رمضان أو غير رمضان، ثم بعد ذلك أستمع إلى تلاوات قرائنا القدامى، وقبل الإفطار أحب ممارسة رياضة المشى أو أى رياضة أخرى، ثم أذهب لصلاة التراويح فى المسجد، وبعدها أجلس مع بعض الأصدقاء وأستمع إلى بعض الرمضانيات الخاصة بفترة الستينيات والسبعينيات وموشحات وطرب.
■ بذكرك الطرب.. مَن يُطربك مِن الفنانين؟
- أحب أم كلثوم، وهى عندى فى مكانة خاصة عن الجميع، وأحب صوتها جدًا مثلما نقول «هى فى كوكب والباقون فى كوكب آخر»، وأحب عبدالوهاب، ووديع الصافى، ووردة ونجاة، وشادية أحب لهم بعض الأغانى، ومن الجيل الحالى أحب عمرو دياب، وفيروز، وأحمد جمال.
■ وأخيرا.. ما الأغانى التى تحبها لأم كلثوم؟
- «الأولة فى الغرام، وحديث الروح، ورباعيات الخيام، وجددت حبك، وغلبت أصالح».