رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حملة لتشجيع الشباب على التسجيل للانتخابات فى تونس

جريدة الدستور

تنطلق شيماء (26 عامًا) كل ليلة بعد الإفطار مع عدد من الشبان والشابات للتجول فى أزقة المدينة العتيقة بالعاصمة تونس ساعين لإقناع ما أمكن من الشبان لتسجيل أسمائهم للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة.

وتشهد المدينة العتيقة تزامنًا مع شهر رمضان حركة ليلية بارزة، فيستغل هذا الفريق المناسبة للتنقل بين المقاهي حيث يوجد الكثير من الشباب خاصة بعد الإفطار لدعوتهم إلى التسجيل.

تقترب شيماء الكوكى من مجموعة من الشبان الجالسين داخل مقهى، وتسأل بكل لطف: "هل أنتم من المسجلين للمشاركة في الانتخابات؟"، بينما تتوجه زميلاتها الأربع (تتراوح أعمارهن بين 22 و29 عامًا) إلى مجموعات أخرى من الشبان وهن يحملن لوحة إلكترونية ودفترًا.

تمكنت شيماء بعد مرور خمس دقائق من إقناع خليل النفزى (23 عامًا) بالتسجيل للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، قبل أن تنتقل إلى شاب آخر.

وانتدبت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هؤلاء الشبان للعمل على حث نحو 3.5 مليون شاب تونسى لم يسجلوا أسماءهم للمشاركة في الانتخابات رغم اقتراب انتهاء مهلة التسجيل في 22 مايو، في محاولة لزيادة نسبة مشاركة الشبان في الموعد الانتخابي المقرر نهاية العام.

وتنظم الانتخابات الرئاسية في 17 نوفمبر 2019، بينما تسبقها الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر 2019.

ورصدت الهيئة العليا لتحقيق هذا الهدف تمويلًا بـ2.5 مليون دينار (حوالى 900 ألف يورو) لانتداب ثلاثة آلاف شخص يقومون بالتنقل داخل المقاهي والشوارع والمحلات وأماكن العمل والأرياف والأحياء الشعبية لإقناع المواطنين بالتسجيل.

ونجحت هذه الحملة وقبل أيام قليلة من انتهاء المهلة، في تسجيل نحو مليون شخص جديد، وفقًا لإحصائيات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وتحاول الهيئة دفع الشباب للمشاركة بكثافة في الانتخابات القادمة بعد أن كان حضورهم فى الانتخابات الماضية ضعيفًا وخصوصًا في الانتخابات البلدية في مايو 2018.

وتم تسجيل أكثر من 80 في المائة من الناخبين المحتملين من الشباب، والذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عامًا، وأكثر من 70 في المائة من الشريحة العمرية بين  18و25 عامًا.

ويعتبر رئيس الهيئة نبيل بفون في تصريح لوكالة فرانس برس أن "العدد الإجمالي للمسجلين الجدد محترم جدًا"، معربًا عن الأمل بأن يتيح هذا الأمر الوصول إلى "نسبة مشاركة مهمة في الانتخابات القادمة".

لكن تحقيق هذا الأمر لا يبدو مؤكدًا خاصة أن التونسيين ملوا من الحسابات السياسية والصراع على السلطة وبات لديهم نوع من الرفض للأحزاب السياسية الكبرى في البلاد، حيث لم يشارك سوى 33.7 في المائة من المسجلين في الانتخابات البلدية في مايو الماضى.

وتواجه السلطات في تونس ارتفاع وتيرة المطالب الاجتماعية منذ ثورة 2011 والتى كان شعارها "خبر، عمل، كرامة"، كما ساهمت نسب البطالة (15.3 في المائة) والتضخم (نحو 7 في المئة) في تأزم الوضع الاقتصادي.

وتمكنت مروة الفهري من إقناع شاب عشريني كان أعلن رفضه لما يصفه بـ"انتخابات فارغة" بتسجيل اسمه للمشاركة في الانتخابات.

ويصرخ شاب من بعيد وهو يدخن النارجيلة، موجهًا كلامه للشبان الداعين للتسجيل "كان لنا لص واحد، أصبحوا الآن مائة".

ويتابع هذا الشاب الحامل دبلومًا في الحقوق: "هناك قلة ثقة هائلة من قبل كل الفئات العمرية تجاه الطبقة السياسية ولا ينتظرون شيئًا من الانتخابات المقبلة".

ويواجه العاملون على تشجيع التسجيل صعوبات في القيام بعملهم، وخاصة فى تقبل سخط المواطنين من السلطات والسياسيين والذي يصل إلى حد الشتم أحيانًا عند محاولة إقناعهم بالتسجيل.

وتضيف مروة: "البعض يقول لي، ألا تخجلين من نفسك، تقومين بالدعاية لسياسيين يدمرون البلاد؟ تعملين ليلا من أجل مهنة قذرة".

ورغم هذه الصعوبات، تمكنت مروة من بلوغ الأهداف المرصودة وتجاوزها فقد بلغ معدل من تمكنت من إقناعهم بتسجيل أنفسهم يوميا ما بين 20 و60 شخصا.

وتكون عملية إقناع الكهول من الفئة العمرية التي تتجاوز الأربعين عامًا، أمرا صعبا، بل يطالبون أحيانًا بحذف أسمائهم من لوائح التسجيل، معبرين عن ندمهم من المشاركة في الانتخابات السابقة، على ما تقول الشابة وداد حسين (25 عاما).

وتضيف وداد الحاملة دبلوم إعلام: "يطلب البعض من الشباب أحيانا نقودًا مقابل التسجيل أو موعدا غراميا ملحين بالحصول على أرقام هواتفنا الخاصة".