رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سفير السماء.. محمود الشحات أنور: "سورة الشورى بتخوفني"

جريدة الدستور

أطلق عليه جمهوره العديد من الألقاب، بينها «صوت السماء والأرض»، و«قارئ العالم الأول»، نظرًا لعذوبة صوته، وقدرته على سحر المستمعين لتلاوته بأسلوب فريد لا يمتلكه غيره.
فى السطور التالية، يحكى الشيخ محمود الشحات أنور عن محطات فى رحلته مع قراءة القرآن الكريم، بداية من النشأة فى «عائلة قرآنية»، بجانب تعامله مع ردود الأفعال القوية لجمهوره فى حفلات التلاوة، فضلًا عن رده على الانتقادات الموجهة إليه بشأن عدم دراسته المقامات الموسيقية.

■ بداية.. كيف كانت نشأتك وتأثيرها فى تكوينك الفكرى والثقافى؟
- ولدت فى عام 1984 بقرية «كفرالوزير» التابعة لمدينة «ميت غمر» فى محافظة الدقهلية، وهناك حفظت القرآن على يد والدى الشيخ الشحات أنور- رحمة الله عليه- وأنا فى سن الـ12 عامًا، ثم حصلت على المركز الأول فى المسابقة الدولية للقرآن الكريم بجمهورية مصر العربية، والتحقت بالأزهر الشريف، وحصلت على الدكتوراه الفخرية من الأكاديمية الأمريكية فى نيويورك، نظرًا لتأثير صوتى فى المجتمع.
وكان لنشأتى فى ظلال وكنف عائلة قرآنية متدينة تحب القرآن، فضل فى معرفتى بوسطية الإسلام ومنهجه القويم، فوالدى قدم ما يجعله قدوة لمن بعده من القراء، وعلى يديه ومن خلال القصص التى كان يرويها لى، عشقت قراءة القرآن وأصبح لدىّ شغف كبير للالتحاق بهذا العالم.
■ متى تحديدًا كانت بداية شهرتك ومعرفة الناس بك؟
- عمرى وقتها كان 14 سنة، وحينها طلبت وزارة الأوقاف بعض القراء الجدد، وكان والدى والشيخ أبوالعينين شعيشع، يستمعان باستمرار لأصوات وقراءات الأطفال للقرآن، فأصبح لديهما معرفة مسبقة بالأطفال أصحاب الأصوات الجميلة فى التلاوة، وطلب منى الشيخ شعيشع التقدم لامتحانات «الأوقاف»، وقال لوالدى: إن صوته جميل وعليه أن يخوض التجربة، فاقتنع والدى بالفكرة وتقدمت للجنة استماع فى الوزارة ونجحت وفزت بالمركز الأول، وكان ذلك بداية نجاحى وشهرتى.
■ كيف كان سفرك إلى الخارج لأول مرة؟
- أولى سفرياتى لقراءة القرآن كانت إلى بريطانيا، ومن فضل الله علىّ أن هناك بعض الأجانب اعتنقوا الإسلام بعد الاستماع لإحدى تلاواتى ففرحت بذلك كثيرًا، وما زالت لحظات الفرح تغمرنى كلما تذكرت هذه الرحلة.
■ لماذا لم تدرس المقامات الموسيقية لتساعدك على التلاوة؟
- القراءة الصحيحة تكون من القلب، ونشأتى جعلتنى لا أحتاج إلى دراستها، وهناك بعض القراء يعتقدون فى ضرورة دراسة الموسيقى والمقامات وطرق رفع وخفض الأصوات وغيرها، بهدف أن يقرأوا القرآن بصوت جميل وبإتقان، وهذا أمر خاطئ فى رأيى، لأن الأساس فى قراءة القرآن، الموهبة والصوت الجميل، بالإضافة إلى إحساس القارئ بالكلمات التى تُقال، بجانب الاستماع لشيوخنا الكبار.
كل هذا يكفى القارئ ويجعله لا يحتاج لدراسة الموسيقى ليقرأ القرآن، بل إننى اعتقد أن تلك الدراسة يمكن أن تأتى على المقرئ بطريقة عكسية وتجعل الناس تنفر من سماعه.
■ منْ القراء الكبار الذين تأثرت بهم فى تلاوتك القرآن الكريم؟
- تأثرت بوالدى جدًا، بجانب القراء الكبار أمثال الشيوخ عبدالباسط عبدالصمد ومحمد رفعت ومحمود خليل الحصرى، وغيرهم، كما أن شقيقى الأكبر وأستاذى الشيخ أنور هو الداعم الرئيسى لى منذ بدأت طريق التلاوة، بجانب مجموعة من الشيوخ فى «الكتاتيب»، والتى كان والدى يأخذنى لحفظ القرآن فيها. وعامة، لم أتعلم من شيخ واحد بقدر ما علمنى والدى، فقد كان له الفضل الأكبر فى تحفيظى القرآن وتعليمى تجويده وتلاوته، وكان يتابعنى باستمرار ويصلح لى من أخطائى حتى أصبحت جديرًا بتلاوة القرآن.
■ ما السورة الأقرب لقلبك ولماذا؟
- «الشورى»، لأنها دعت إلى الاجتماع على الدين وعدم التفرق، وبها العديد من أحكام المعاملات التى تساعد فى استقرار المجتمع، ويتملكنى خوف عند قراءتها، لأنها تشتمل على آيات عظيمة تحرك الخوف والخشوع فى قلب المسلم.
■ كيف تتعامل مع ردود الأفعال الغريبة من الجمهور أثناء قراءتك القرآن؟
- بناءً على نصيحة والدى- رحمة الله عليه- يكون كل انشغالى فى التلاوة، لذا كثيرًا ما أفاجأ عند مشاهدتى حفلات لى بمواقف لم ألاحظها أثناء التلاوة نفسها، فتركيزى كله يكون فى إخراج أفضل ما لدىّ فى قراءة القرآن الكريم.
ومن تلك المواقف ما حدث لى عندما كنت فى لندن أقرأ القرآن، فسمعنى أحد الأشخاص هناك، وبعد أن انتهيت وجدته يجرى علىّ ويقبل يدىّ ورجلىّ، فعرفت أنه بريطانى مسلم، لكنه يسمع القرآن الكريم لأول مرة فى حياته، وكان ذلك سببًا فى هدايته وبدأ يصلى بعدها.
وهناك أيضًا مواقف أخرى لا أنساها، منها اتصال مغاربة يعيشون فى فرنسا بى، وإخبارهم لى بأنهم اعتنقوا الإسلام وبدأوا يصلون ويصومون بعدما سمعونى أقرأ القرآن فى إحدى الفضائيات، وحدث نفس الأمر مع أناس آخرين فى مصر.
■ لكل منّا لقب قريب على قلبه.. فما لقبك المفضل؟
- هذه الألقاب كلها محبة من الجمهور، والجمهور لقبنى بـ«قارئ العالم الأول» فى لندن، وهو المفضل لدىّ، كما أن والدى قال لى: «سيكون لك شأن عظيم»، والحمد لله نحن مستعملون لتبليغ كتاب الله، وهذه منة ونعمة منه سبحانه وتعالى أتمنى أن يديمها.
■ ما الانكسارات التى مررت بها فى حياتك؟
- الانكسار الذى شعرت به كان عند وفاة والدى، وكنت فى الثالثة والعشرين من عمرى.
■ هل تستمع للأغانى؟
- لا وقت لدىّ للاستماع للغناء، لأنى مشغول بكتاب الله فهو غذاء الروح ومصدر السعادة.
■ ماذا عن دور الرياضة فى حياة الشيخ محمود الشحات؟
- قيل فى الحِكم: العقل السليم فى الجسم السليم، لذا أمارس الجرى والمشى، لكن ليس بشكل مستمر، لانشغالى الدائم.
■ أخيرًا.. ما الطقوس اليومية التى تحرص عليها فى الشهر الكريم؟
- رمضان شهر الخير والود والحب، لذا أكون حريصًا على زيادة القرب والصلة مع الأرحام والأصدقاء والأحباب فى أيامه العامرة. ومن المواقف التى لا أنساها فى هذا الشهر الفضيل ما حدث فى عام 2000 حين فزت بمسابقة دولية لقراءة القرآن فى مكة المكرمة، وعمرى حينها لم يتعد 22 عامًا، والفضل فى ذلك يرجع لله ثم للشيخ عبدالحكيم عبداللطيف، أستاذ علم القراءات الذى كان ذاهبًا للمسابقة وأصر على أن يأخذنى معه وأقدم فيها.
وبالفعل ذهبت وقرأت، وكان القراء يقرأون 3 دقائق فقط، لكنى قرأت حوالى 20 دقيقة دون أن يقاطعنى أعضاء اللجنة، وكان الطلبة الذين أتوا من كل أنحاء العالم يصفقون ويهللون لى، ما لفت أنظار لجنة التحكيم بأن صوتى لاقى استحسانهم، فنجحت بفضل الله وفزت بالمركز الأول.
وفى رمضان أسافر إلى العديد من الدول ومنها إيران ولبنان، فالإذاعة والتليفزيون هناك دائمًا ما يطلبونى باستمرار للتلاوة فيهما، وكذلك أتلقى دعوات من مساجد كبرى فى مختلف أنحاء الجمهورية للقراءة فى الفجر والجمعة، ودعوات أخرى لإحياء العديد من الحفلات القرآنية.
■ متى بدأت تلاوة القرآن الكريم أمام الجمهور لأول مرة؟
- عندما بلغت10 سنوات، كان والدى يصطحبنى لأقرأ القرآن أمام الناس فى المسجد يوم الجمعة. لكن أول قراءة رسمية لى أمام الجمهور كانت فى المسابقة الدولية للقرآن الكريم فى مصر، فى «ليلة القدر» التى حصلت على مركزها الأول، وعمرى لم يتجاوز ٩ سنوات.