رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفرج.. ومحور روض الفرج


كوبرى سيدنى هاربور، Sydney Harbour، الذى يربط وسط العاصمة الأسترالية بشاطئها الشمالى، يعد من أهم المعالم السياحية فى أستراليا، وبدأ بناؤه فى ٢٨ يوليو ١٩٢٣ وتم افتتاحه فى ١٩ مارس ١٩٣٢، ولأن عرضه بلغ ٤٩ مترًا، تم تسجيله فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية، باعتباره أعرض أو أوسع كوبرى معلّق (أو ملجم) فى العالم. وظل كذلك، حتى أزاحه كوبرى «بورت مان»، Port Mann، الكندى فى ١٨ سبتمبر ٢٠١٢، ومنذ ساعات، صار كوبرى «تحيا مصر» هو الأعرض أو الأوسع عالميًا.
انجاز مصرى خالص، حققته سواعد ٤ آلاف عامل وفنى ومهندس، وتحت إشراف إدارة المهندسين العسكريين بالهيئة الهندسية لقواتنا المسلحة، وتولت تنفيذه شركات وطنية مصرية، أبرزها شركة المقاولون العرب. وصباح الأربعاء، العاشر من رمضان، أى فى الذكرى الـ ٤٧ لنصر ١٩٧٣ العظيم، تم افتتاح كوبرى «تحيا مصر»، و«محور روض الفرج»، الذى يربط شرق القاهرة بغربها، يُعدّ جزءًا من محور الزعفرانة مطروح، ومحور الضبعة، وامتدادًا للمحور الرابط بين البحرين الأحمر والأبيض.
الأهم، فى تصورنا، من تسجيل الكوبرى، فى موسوعة «جينيس»، هو أن المحور، «محور روض الفرج»، سيقلل زمن الرحلة من شبرا إلى طريق مصر إسكندرية الصحراوى، إلى أقل من ٢٠ دقيقة، وسيوفر نحو ٣٠٠ مليون جنيه سنويًا، هى فارق استهلاك البنزين والسولار. وسيرحم المتجه من مناطق شرق القاهرة «مدينة نصر ومصر الجديدة» إلى غربها «الشيخ زايد و٦ أكتوبر»، والعكس، من المرور بـ«عنق الزجاجة» أو منطقة وسط البلد.
عنق الزجاجة، ربما تكون هى التى أوحت لمن قاموا بتصميم الكوبرى بفكرة الممشى الزجاجى على جانبيه بالمنطقة المعلقة التى تعبر فوق نهر النيل، فأصاب، مع التكوين الفنى للكوبرى، العصفور الثانى وجعله واحدًا من معالم القاهرة السياحية. أما العصفور أو الإنجاز، فربما تدرك حجمه لو عرفت أن الانشاءات المعمارية التى تم تنفيذها فى أقل من ٤ سنوات تساوى ١١٠٪ من إجمالى مسطحات كوبرى أكتوبر، الذى تم تنفيذه فى ١٧ سنة. والوقت، هنا، وفى كل المشروعات القومية، تتم ترجمته إلى مليارات. كما أن الوقت، فى كل الأحوال، كـ«القطار» إن لم تدركه فاتك، أو كـ«السيل» إن لم تقطعه أغرقك، أو كالبحر إن لم تركبه ركبك!.
ترجمة أخرى، لقيمة الوقت، قدمها الرئيس حين سأل اللواء إيهاب الفار، رئيس الهيئة الهندسية لقواتنا المسلحة، عن تكلفة المشروعات التى من المنتظر أن يتم إنشاؤها، فأجاب بأنها قد تصل إلى ٣ أضعاف أو ٤ أضعاف. ما المشروعات التى تم تنفيذها خلال السنوات الأربع الماضية، ما كانت ستحقق لو تم إرجاءها، بسبب التكلفة المالية. أو كما الرئيس: «أنا بسمع الموجودين ليه إحنا كنا مستعجلين على المشروعات وليه احنا كنا عايزين نخلص الأمور دى خلال الأربع سنوات اللى فاتوا». ونشير، بالمرة، إلى أن إجمالى عدد المشروعات التى تم (ويتم) تنفيذها منذ سنة ٢٠١٤ إلى سنة ٢٠٢٠، تصل إلى ٩٩٤ مشروعًا، بتكلفة تقترب من ٨٠٠ مليار جنيه. وقد تم منذ منتصف ٢٠١٤ حتى مارس الماضى تنفيذ ٧٥١ مشروعًا موزعة على ٢١ قطاعًا، بإجمالى قيمة استثمارية ٣٥٧.٧ مليار جنيه، كما يجرى حاليًا تنفيذ ٢٤٣ مشروعًا بإجمالى قيمة استثمارية ٤٣٧ مليار جنيه، ومن المقرر الانتهاء منها فى يونيو ٢٠٢٠.
بسواعد المصريين، أيضًا، تحققت أرقام قياسية عديدة، لن تذكرها «جينيس» أو «عطيات»، فى معدلات إنشاء الطرق والمحاور الجديدة، وتطوير الطرق القديمة ورفع كفاءتها. ويمكنك بمقارنة الأرقام استنتاج أن ما تم انجازه خلال السنوات الأربع (أو الخمس) الماضية لم يتحقق منذ عرفت مصر شق الطرق: تم إنشاء حوالى ستة آلاف كيلومترًا من الطرق المزدوجة متعددة الحارات، مع رفع كفاءة ما يزيد على ٢٥٠٠ كيلو مترا من الطرق وتطويرها بالإضافة إلى تنفيذ ٦ محاور على نهر النيل. وباكتمال بناء الطرق وشرايين التنمية، مع نهاية سنة ٢٠٢٠، تكون المشروعات والخطوات والقفزات التنموية، قد تحققت وتكاملت مع القضاء على الإرهاب.
صباح ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ذكرت جريدة بريطانية، توصف بأنها «عريقة»، فى افتتاحيتها، إن مصر دخلت نفقًا مظلمًا من عدم الاستقرار، وقالت إن ذلك «ليس هو المستقبل الذى أراده مئات الآلاف من المصريين الذين جازفوا بحياتهم لإسقاط نظام الرئيس حسنى مبارك فى ٢٠١١». غير أن ما حدث من وقتها، أى منذ ثورة ٣٠ يونيو، وإلى الآن، قال (ويقول) بوضوح إن مصر استردت عافيتها سياسيًا، اقتصاديًا، وعسكريًا، وحققت نصرًا كبيرًا يضاف إلى نصرنا العظيم الذى تحقق يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣ الموافق ١٠ رمضان ١٣٩٣، وكل نصر، ومصر وشعبها وجيشها، بكل خير.