رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رمضان في هولندا

 رمضان في هولندا
رمضان في هولندا

 يبلغ عدد سكان هولندا حوالي 17 مليون نسمة ويبلغ عدد المسلمين هناك مليون نسمة تقريبًا، معظمهم من المغاربة والأتراك وإندونيسيا.
 يستقبل المسلمون في "هولندا" شهر رمضان بسعادة غامرة كما هو الحال بالنسبة لجميع مسلمي العالم؛ حيث يحرصون على إتمام الاستعدادات للشهر الكريم قبله بأيام، بينما يفضل جزء كبير من المسلمين العودة إلى وطنهم الأم في رمضان خاصة إذا تصادف مع الإجازة الصيفية.
 تخلو شوارع المدن الهولندية الكبرى من أي مظاهر توحي بوجود الشهر الكريم، لكن مقرات المساجد والجمعيات الإسلامية والمقاهي وسائر الأماكن العامة التي يتجمع فيها أبناء الأقلية المسلمة تعكس بوضوح استثنائية وأهمية هذا الشهر لدى غالبية المسلمين على اختلاف أعمارهم وقومياتهم وانتماءاتهم.
 تعد الموائد الرمضانية واحدة من العادات التي لا غنى عنها في الكثير من المدن الهولندية، وتقام الموائد الرمضانية في مراكز المدن الكبرى، مثل: أمستردام وروتردام، وهي تستضيف الهولنديين كذلك بجانب المسلمين.
 تعد هولندا واحدة من الدول الأطول في مدة الصوم حيث تزيد مدة الصوم عن 18 ساعة يوميًا ، وأحيانًا تتجاوز صلاة التراويح منتصف الليل.
 على الرغم من طول مدة الصيام في هولندا فإن نسبة كبيرة من المسلمين- وخاصة الشباب - يحرصون على أداء هذه الفريضة
 خلال شهر رمضان تتم قراءةُ القرآن الكريم بصورة جماعية في كل مساجد هولندا التي يبلغ عددها حوالي 400 مسجد يؤدي آلاف المصلين يوميًا من مختلف الشرائح والأعمار صلواتهم، ويحرصون على أداء صلاة العشاء والتراويح في المسجد، وفي السنوات الأخيرة يلاحظ إقبال كبير عليها من طرف النساء والفتيات أيضا.
 تقوم المساجد في هولندا بتنظيم فاعليات خاصة بشهر رمضان وبرامج إفطار جماعي للمسلمين وغير المسلمين، وتقام الموائد الرمضانية في حدائق بعض المساجد، أو في الميادين القريبة منها، والمساجد ليست مجرد أماكن للعبادة، وإنما هي أماكنُ لمزاولة الأنشطة الاجتماعية والثقافية في الوقت ذاته، ويتمُّ تنظيمُ برامجَ خاصة في رمضان من أجل غير المسلمين الذين ينتمون إلى الديانات المختلفة.
 أصبحت الفرائضُ الدينية للمسلمين- وكذلك عاداتهم وتقاليدهم- معروفةً بشكل كبير في هولندا، ويتزايد الاهتمام بهذا المجال تدريجيًّا، فهناك الكثير من الأسواق أو المراكز التجارية التي تنظم حملات خاصة بشهر رمضان، فيبدأون بصفِّ المنتجات الحلال التي يستهلكها المسلمون على رفوفِهم قبل الشهر الكريم.
 في أمستردام، المدينة التي تضم مهاجرين من نحو 170 جنسية، لا يفتقد المسلمون، لاسيما في هذا الشهر الفضيل، المأكولات والأطباق التي تميز بلدانهم الأصلية، ففي الأحياء ذات الأغلبية المسلمة تعرض الأسواق الشعبية والمراكز التجارية العصرية كل ما يشتهيه أفراد هذه الجالية، من (ملوي) و(شباكية) وجميع أنواع الخبز والحلويات المغربية، التي تتنافس مع الكعك والأطباق التركية والمصرية والإيرانية.
 وعلى غرار البلدان الإسلامية، رمضان في هولندا لا يقتصر فقط على مائدة الإفطار، بل يتعداها لدى المسلمين إلى أجواء روحانية تبرز خصوصيتهم، دون إغفال واجبهم كمواطنين مندمجين في المجتمع المضيف.
 يتم تجهيز مائدة الإفطار بالأطباق المغربية المعهودة من حريرة وشباكية ورغايف وبغرير وحلويات وعصائر وغيرها، وتقوم العائلات بتبادل الزيارات فيما بينها، وخاصة خلال نهاية الأسبوع.
 يشكل رمضان فرصة للمساجد والمنظمات الخيرية لجمع التبرعات، علاوة على الدروس الدينية التي يسهر على تقديمها أعضاء البعثات الدينية التي ترسلها وزارة الأوقاف إلى دول المهجر كل سنة.
 وباستثناء المنزل أو المسجد، فلا يلاحظ في الخارج أي مظهر يوحي، من قريب أو بعيد، بحلول شهر رمضان، فالحياة العامة تسير كما هو معتاد في سائر الأيام، فلا تعديل في أوقات العمل، المقاهي والمطاعم تستمر في فتح أبوابها خلال النهار، زملاؤك في العمل يأكلون ويشربون ويدخنون كما في كل يوم، لا أحد ولا شيء يشعرك وأنت خارج منزلك بأنك في رمضان.