رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس وزراء لا يمثل دولته!


مملكة البحرين، كما يقول دستورها، عربية إسلامية، مستقلة ذات سيادة تامة، شعبها جزء من الأمة العربية، وإقليمها جزء من الوطن العربى الكبير. وفى بداية مارس الماضى، جدّد خالد بن أحمد آل خليفة، وزير خارجية الدولة الشقيقة، تأكيده على رفض بلاده التعامل مع قطر، ما لم تتوقف عن دعمها للإرهاب.
وزير الخارجية البحرينى، بنص المادة 48 من الدستور، الصادر فى 2002، يتولى الإشراف على شئون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة ويشرف على تنفيذها. ومعروف أن البحرين هى إحدى الدول العربية الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب، وواحدة من الدول التى تآمرت ضدها العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، والتى ثبت بشكل قاطع أنها ليست أكثر من وسيط، سمسار أو «مخلب قط»، جرى استخدامه، لتخريب دول المنطقة، عبر دعم وتمويل تنظيمات إرهابية وميليشيات مسلحة والتسويق لها إعلاميًا.
الثابت، هو أن قطر قامت بتمويل عمليات إرهابية فى البحرين، بينها ذلك التفجير الذى استهدف الشرطة البحرينية فى منطقة سترة بالعاصمة المنامة. وهناك تقرير أصدرته لجنة بحرينية مستقلة لتقصى الحقائق، أكد ضلوع قطر المباشر فى مخطط مشبوه لمشروع أجنبى فى البحرين، يمثل تدخلًا مباشرًا فى شئونها الداخلية، وتهديدًا للأمن الوطنى والقومى. وسبق أن أصدر مجلس الشورى البحرينى بيانًا أكد فيه أن «المخطط الذى قاده النظام القطرى بالتنسيق والتعاون مع النظام الإيرانى والإرهابيين فى البلاد يشكل انحرافًا خطيرًا عن أهداف ورسالة مجلس التعاون لدول الخليج العربى، وخروجًا عن روح ميثاقها المؤسس، وانتهاكًا لروح الأخوة الحقة التى جمعت دول المجلس، التى اجتمعت واتفقت على خدمة السلم والاستقرار فى المنطقة، وحفظ النسيج المجتمعى بين مواطنى دول المجلس».
ما جاء فى التقرير والبيان، أكدته أعلى محكمة فى البلاد حين أدانت، أوائل العام الجارى، بأحكام باتة ونهائية، مواطنين بحرينيين بـ«التخابر مع قطر» من أجل «القيام بأعمال عدائية داخل مملكة البحرين». والاتفاق مع مسئولين أمريكيين على إحداث فوضى واستخدام للعنف، و«قبول مبالغ مالية من دولة أجنبية (قطر) مقابل إمدادها بأسرار عسكرية ومعلومات تتعلق بالأوضاع الداخلية بالبلاد، وإذاعة أخبار وشائعات كاذبة ومغرضة فى الخارج من شأنها إضعاف الثقة المالية بالمملكة، والنيل من هيبة المملكة واعتبارها فى الخارج».
لقاءات مباشرة فى الداخل والخارج، ورسائل واتصالات تليفونية تم رصدها، وفق الإجراءات القانونية، كشفت عن تلاقى إرادة الجانبين والتنسيق بينهما على القيام بأعمال عدائية داخل البحرين، ونقل معلومات عن التحركات العسكرية المكلفة بحفظ الأمن والاستقرار فى البلاد، خلال فترة الأزمة التى مرت بها البحرين سنة ٢٠١١، والأعمال العدائية التى يمكن القيام بها لمواجهة هذه التحركات والإسهام فى إضعافها. كما تبين من التحقيقات «توجيه الجانب القطرى أجهزته الإعلامية لهذا الغرض، وظهور المتهمين فى تلك الوسائل الإعلامية».
المكالمات التليفونية المسجلة بين المتهمين (المدانين) سمعنا بعضها على تليفزيون البحرين الرسمى، وكان الطرف الآخر فى بعضها عددًا من المسئولين الأمريكيين، وآخرين قطريين، بينهم «حمد بن جاسم»، رئيس وزراء قطر السابق، الذى ثبت تآمره ضد كثير من دول المنطقة، أو كل دول المنطقة التى شهدت اضطرابات، كما ثبت أيضا تورطه المباشر فى عمليات إرهابية. وطبقًا لبيان أصدره النائب العام البحرينى، فإن تلك التسجيلات وما أفادت به التحريات، أكدت «ممارسة قطر أنشطة تستهدف عددًا من الدول العربية، فى مقدمتها البحرين، وتسخير الإعلام القطرى لمناهضة نظام الحكم فيها، وتواصلها مع بعض العناصر المناوئة للدولة لهذا الغرض، ومنهم المتهمون فى هذه القضية».
الولايات المتحدة، كما أشرنا، كانت طرفًا فى تلك القضية، بتورط عدد من مسئوليها، بينهم جيفرى فيلتمان، مساعد وزير الخارجية الأمريكى لشئون الشرق الأوسط وقتها، الذى عرفنا من إحدى المكالمات أن «بن جاسم» قام بتنظيم لقاءات بينه وبين أحد المدانين. وهناك أيضًا توماس مالينوسكى، الذى كان مساعدًا لوزير الخارجية الأمريكى لشئون الديمقراطية، حين طردته السلطات البحرينية فى يوليو ٢٠١٤، واتهمته الخارجية البحرينية بالتدخل فى شئون البلاد الداخلية، ومخالفة الأعراف الدبلوماسية.
بعد كل ما سبق، وهو قليل من كثير أو غيض من فيض، جاءت الجريمة التى ارتكبها خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس وزراء البحرين، فى حق بلاده، بإجرائه ذلك الاتصال التليفونى الغريب بـ«الفتى تميم» الجالس على رأس دويلة قطر. وهى فعلًا جريمة، حتى لو زعم مكتبه، أو ديوانه، أن الاتصال «ارتكز فحواه على البُعد الاجتماعى بتبادل التهانى بشهر رمضان فقط». وقطعًا، ستضرب كفًا بكف أو «راسك فى الحيط»، حين تجد وزير شئون مجلس الوزراء البحرينى، يصدر بيانًا يقول فيه إن رئيس الوزراء «لا يمثل الموقف الرسمى لمملكة البحرين»!.