رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعاية لـ«CIA» وستاربكس!


صعب جدًا، أن يكون السهو، أو الخطأ غير المقصود، هو المسئول عن ظهور كوب «ستاربكس» فى إحدى حلقات مسلسل «لعبة العروش»، Game Of Thrones، الأضخم إنتاجًا، والأعلى مشاهدة فى تاريخ الدراما التليفزيونية الأمريكية. بالضبط، كما يصعب استيعاب أن يكون التهريج، الهزار، أو مجاملة أحد المؤلفين لزوج شقيقته، هو سبب ظهور مسئول كبير بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، CIA، فى حلقة أخرى من المسلسل الذى قالت التقديرات إن عدد مشاهديه تجاوز الـ30 مليونًا داخل الولايات المتحدة فقط.
فى المسلسل الذى تدور أحداثه فى العصور الوسطى، ظهر كوب قهوة «ستاربكس» الورقى، بغطائه البلاستيكى المميز، فى قلعة وينترفيل، موضوعًا على مائدة بالقرب من دنيريس تارجيريان، أو «أم التنانين»، إحدى الشخصيات الرئيسية فى المسلسل، التى كانت تحتفل مع شخصيات رئيسية أخرى، بينها «جون سنو»، بالانتصار على «ملك الليل» فى معركة مصيرية، خلال أحداث الحلقة الرابعة من الموسم الأخير والتى حملت عنوان «آخر أفراد أسرة ستارك».
شبكة «إتش. بى. أو»، HBO، المنتجة للمسلسل، تعاملت مع الأمر بسخرية، وكتبت فى حسابها الرسمى على تويتر إن «مشروب اللاتيه الذى ظهر فى الحلقة كان المشروب الخطأ. دينيرس طلبت كوب شاى بالأعشاب». بينما اعتذرت بيرنى كولفيلد، إحدى المنتجين المنفذين للمسلسل، وقالت إن المسئولية يتحملها بنسبة ألف فى المائة مصممو الديكور والمسئولون عن القطع والأدوات والإكسسوارات المستخدمة فى المسلسل». ثم أضافت مازحة: «نحن آسفون. ويستروس كانت أول مكان تظهر فيه قهوة ستاربكس».
طبيعى أن تدخل شركة «ستاربكس» على الخط، وتكتب فى حسابها على تويتر: «بصراحة فوجئنا لأنها (دينيريس) لم تطلب مشروب التنين» فى إشارة إلى أحدث مشروب أضيف إلى قائمة الشركة الصيفية وهو مشروب وردى اللون من فاكهة التنين «دراجون فروت» وحليب جوز الهند. وهنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن الشركة، شركة «ستاربكس»، تأسست سنة 1971، لديها أكثر من 16 ألف فرع فى غالبية دول العالم ويعمل بها حوالى 200 ألف موظف. وبالمرة، وحتى تدرك أن الدنيا أضيق من «خرم الإبرة»، نشير إلى أنها تستورد القهوة من شركة «هورايزون بلانتيشن»، إحدى الشركات المملوكة لـ«الشيخ مو» أو لمحمد حسين العمودى، الملياردير السعودى ذى الأصول الإثيوبية، الذى كان أحد من طالتهم حملة اعتقالات قامت بها السلطات السعودية فى نوفمبر 2017، وصفتها بـ«حملة مكافحة الفساد».
قبل ظهور كوب قهوة «ستاربكس» فى الحلقة الرابعة من الموسم الثامن، ظهر ديفيد كوهين، النائب السابق لمدير الـ«CIA» وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، منذ نحو أسبوعين فى الحلقة الثانية من الموسم نفسه. صحيح أن أحداث المسلسل مناسبة جدًا لوجود الرجل، بشخصيته الحقيقية: خيانة، شر، كراهية، عنف، دم، ورعب. غير أن «كوهين» لعب دور أحد السكان المحليين الذين يحتمون بقلعة «وينترفيل». ما يرجح أن الهدف من ظهوره، كان استخدامه لاحقًا فى الدعاية للوكالة، لكونه شخصية معروفة وتستضيفه البرامج الإخبارية، بانتظام، لمناقشة القضايا السياسية والأمنية والمخابراتية.
ما يدعم هذه الفرضية هو أن الوكالة نشرت، فى حسابها الرسمى على «تويتر»، صورة من المسلسل يظهر فيها كوهين، أو الشخصية التى يلعبها كوهين. ومع الصورة كتبت: «من مزايا العمل فى الـCIA، السفر فى كل أنحاء العالم، وعوالم أخرى فى بعض الأحيان. ها هو نائب مدير الوكالة السابق، يتجول فى ويستروس فى حلقة الليلة من لعبة العروش». وفورًا، قام «كوهين» بمشاركة التغريدة، فى حسابه، وكتب مازحًا: «لماذا رفعتم عنى الغطاء؟» وكأنه كان يقوم بمهمة مخابراتية مختفيًا، وقامت الوكالة بإفساد مهمته!.
لن تضحك طبعًا على التغريدة ثقيلة الظل ولا على التعليق الأثقل ظلًا. وربما تكون خفيف العقل لو صدقت أن كوهين، الذى عمل سنوات طويلة فى الـ«CIA»، وشغل منصب نائب مدير الوكالة طول ثلاث سنوات، انتهت فى 2017، ظهر فى المسلسل، فقط، لأنه زوج أخت ديفيد بينيوف، أحد كُتّاب المسلسل. وديفيد، هو الابن الأكبر لـ«ستيفن فريدمان»، الذى كان رئيسًا لبنك جولدمان ساكس، وقام بتغيير اسمه من ديفيد فريدمان إلى ديفيد بينيوف، تجنبًا للخلط بينه وبين الكاتب والفيزيائى الأمريكى ديفيد فريدمان.
الخلاصة، هى أن الظهور الذى قيل إنه خطأ غير مقصود، قد يكون عمدًا، على الأرجح، أو دعاية مقصودة. وتبقى الإشارة إلى أن المسلسل المأخوذ عن سلسلة كتب «أغنية الجليد والنار»، للكاتب جورج آر.آر. مارتن، سيتم عرض الحلقة الأخيرة من موسمه الأخير يوم 19 مايو الجارى. وبعدها، ربما يجد الأستاذ تامر مرسى، وقتًا لحل مشكلة «المنصة الرقمية» التى أراد أن يكسب منها عدة ملايين، فأضاف إلى خسائره خسائر أخرى، وخيبة جديدة!.