رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء: غياب «الاستراتيجية الواقعية» وراء فشل توطين صناعة السيارات

جريدة الدستور

خالد سعد: الاستراتيجيات السابقة ضمت عددًا من البنود أضعفت من فرص تنفيذها

رغم التصريحات الحكومية المتكررة حول توطين صناعة السيارات فى مصر، تواجه هذه الصناعة عددًا من العقبات فى ظل غياب استراتيجية واضحة تضمن تطوير هذه الصناعة والوصول بها إلى القدرة على المنافسة محليًا وعالميًا.
وقال عدد من خبراء صناعة السيارات فى مصر إن هذا القطاع عانى كثيرا فى ظل تراجع الحكومة عن اعتماد استراتيجية واضحة لتطويره مع تحديد أهداف غير عملية للتصنيع والتصدير لا تتناسب مع الإمكانيات المحلية وظروف الأسواق الدولية.

أرجع خالد سعد، المدير التنفيذى لرابطة مصنعى السيارات، المدير العام لشركة «بريليانس البافارية» للسيارات، عدم اعتماد الحكومة أى استراتيجية واضحة فى قطاع صناعة السيارات حتى الآن إلى وجود خلل فى جميع الاستراتيجيات التى اقترحت فى فترات سابقة. 

وقال: «إن الاستراتيجيات التى نوقشت من قبل ضمت عددًا من البنود، التى أضعفت من فرص تنفيذها على أرض الواقع، من بينها ضخامة الإنتاج واستهداف أرقام تصدير غير واقعية». 

وأوضح: «نصت إحدى الاستراتيجيات التى ناقشتها الحكومة فى وقت سابق على بند يتعلق بإنتاج ٦٠ ألف سيارة ملاكى سنويا، فى الوقت الذى يصل فيه إجمالى مبيعات السيارات فى السوق المصرية إلى نحو ٢٠٠ ألف سيارة، لذا كان الرقم المستهدف أكبر من قدرة السوق المحلية على استيعابه من حجم مبيعات السيارات التى يتم تصنيعها محليًا فى ظل حجم المبيعات السنوى». 

وتابع: «تضمنت إحدى الخطط أيضا إنتاج ١٠٠ ألف سيارة سنويا، وهو أمر غير ممكن وصعب التنفيذ على أرض الواقع، كما تضمنت استهداف تصدير ٢٥٪ من الإنتاج المحلى للسيارات، مع زيادة نسبة المكون المحلى فيها بشكل تدريجى ليصل إلى ٦٠٪، لذا لم تنفذ وظلت مجرد كلام على ورق».

وحول كيفية تجاوز ذلك قال: إن «أى خطة تتعلق بتصنيع السيارات فى مصر يجب ألا يشترط الجانب الحكومى فيها تحديد عدد معين من السيارات المنتجة، ويجب أن تتضمن منح حوافز للمُصنعين حال ارتفاع نسبة المكون المحلى عن ٤٥٪، وهى النسبة الحقيقية فى الوقت الحالى».

أما المستشار أسامة أبوالمجد، رئيس رابطة تجار السيارات فى مصر، فذكر أن جميع الاستراتيجيات التى تعلقت بهذه الصناعة فى مصر، بما فيها التى نوقشت فى مجلس النواب هدفت إلى توطين صناعة السيارات محليًا لكنها عانت من وضعها أهدافًا غير عملية وتعارضها مع الاتفاقيات الدولية.

وقال: إن «الاستراتيجيات المقترحة كانت تتعارض مع اتفاقية الشراكة الأوروبية التى نعرفها باتفاقية (زيرو جمارك) على السيارات ذات المنشأ الأوروبى، والتى أحدثت ضجة كبيرة فى السوق خلال الأشهر الماضية».

وأضاف: «كان من الخطأ اشتراط الوصول لعدد معين من إنتاج السيارات، الذى كان محددًا بـ٦٠ ألف سيارة فى العام، خاصة أنه كان يحمل مجاملة لبعض الشركات، وكان سيؤدى لإغلاق عدد من المصانع المحلية على عكس الأهداف الحكومية».

واستطرد: «واضعو الاستراتيجيات السابقة لم يكونوا متخصصين فى مجال صناعة السيارات وحتى بيوت الخبرة التى تعاملت معها الحكومة لوضع خطط واضحة للنهوض بالقطاع جاءت غير مناسبة للسوق المصرية، فحلم إنتاج ١٠٠ ألف سيارة سنويا، وفق أحد التصورات، لم يكن ممكنا لعدم توافر القدرة التصنيعية لدى الدولة من أجل تحقيقه، بالإضافة إلى عدم توافر القدرة التسويقية أيضا». 

ودعا «أبوالمجد» الحكومة إلى التواصل مع جميع ممثلى قطاع السيارات فى مصر والجلوس للحوار المجتمعى مع روابط التجار والغرف الصناعية على طاولة الحوار من أجل رصد الأسباب الحقيقية التى تحول دون انطلاق هذه الصناعة فى مصر وتوطينها محليا، فى ظل التوجه الداعى لذلك ضمن خطوات الإصلاح الاقتصادى وتوجيهات رئيس الجمهورية.

واختتم بقوله: «الحكومة تحتاج لاتخاذ إجراءات حقيقية من أجل حماية الصناعة المحلية وتعميقها كما تحتاج لوضع حوافز تصنيعية تتيح تطور هذا القطاع وتصل به إلى درجة من التنافسية».

من جانبه، قال اللواء حسين مصطفى، المدير التنفيذى الأسبق لرابطة مصنعى السيارات، إن وزارة الصناعة والتجارة تركز فى الوقت الحالى على خطة جذب الاستثمارات المباشرة لمصر، بهدف إنشاء مصانع للسيارات وتجميعها محليًا فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مع توطين الصناعات المغذية لها فى الداخل المصرى.

وأضاف أن الفترة السابقة شهدت عدة لقاءات بين مسئولى الدولة وعدد من ممثلى الشركات الألمانية والصينية المتخصصة فى تصنيع السيارات، واستهدفت إنشاء مصانع تجميع لها داخل مصر. 

وتابع: «حتى هذه اللحظة لم تتحول مذكرات التفاهم وخطابات النوايا إلى عقود يمكن تنفيذها على أرض الواقع من أجل تحقيق الهدف المنشود، وهو إقامة صناعة سيارات حقيقية فى مصر».

وأعرب عن تمنيه أن تسفر مذكرات النوايا عن توطين هذه التكنولوجيا والوصول بها للقدرة التنافسية، ما يتيح إمكانية التصدير وسد حاجة السوق المحلية.