رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وعى الأمة


هل نضج وعى المصريين، بحيث باتوا يدركون ما ينفعهم وما يضرهم؟، من معهم ومن عليهم؟.. أقولها بثقة: نعم.. لقد وعى هذا الشعب واقع حاله، وأبصر ملامح مستقبله، وأصبح يرى الغد فى خطوط اليوم، التى ينسجها رئيس، جعل كل همه أن يستفز فى كل أب وأم، أن يكونا مسئولين عن وعى أولادهما، الذين كبروا خلال ثمانية أعوام، مرت منذ عام ٢٠١١، وحتى الآن، ولم يعرفوا تفاصيل ما حدث، بتبصيرهم بعدم العبث بأمن هذا البلد، حتى تكون دماء الشهداء التى سالت من أجل الحفاظ على الدولة وبقاء الوطن، فى محلها ولم تذهب سُدى.. لأن فى إضاعة الوعى سيكون مآلنا إلى حالة ٢٠١١، خلال السنوات القليلة القادمة، لأن غياب الوعى هو الذى أدى إلى خروج الناس إلى الشوارع، مائتى مرة خلال أربع سنوات، توقفت معها الحياة، لا سياحة ولا صناعة ولا تجارة، وضاع معظم الاحتياطى النقدى للدولة المصرية خلال عام ونصف فقط.
حجم خسارة، ترتبت على السنوات الأربع العجاف، كان ضخمًا جدًا، سنظل ندفع ثمنًا كبيرًا لاستعواضه.. وقتها، لم تكن الناس تعلم تأثير شبكة التواصل الاجتماعى فى إدارة الأزمة.. كانت المطالب مجهولة المصدر لفوضى الشارع فى يناير ٢٠١١، تُلقى على الشبكة، فتتلقفها وسائل الإعلام، عبر برامج التوك شو فى المساء، فتصبح مطالب واجبة التنفيذ.. وكان درسنا المهم، أن نعى بتطور وسائل قتال الدول وفرض الإرادة عليها، والجيل الرابع والخامس من هذه الحروب، الذى لا يعتمد على المواجهة المباشرة، لكنه يعتمد على استخدام وسائل الاتصال الحديثة والشائعات وتحطيم آمال وثقة الناس فى نفسها، وببعضها، وبقياداتها، وكلما زاد غياب الوعى بحجم التحديات التى تواجه الدولة والمشاكل التى تعترض طريقها غامت الرؤيا وفقدنا البوصلة، للوصول بالوطن إلى بر الأمان.
لماذا نقول كل ما سبق؟
نقوله لأن الشعب الذى خرج للاستفتاء على التعديلات التى حدثت على دستور ٢٠١٤، كان يدرك أن هذه التعديلات هى بداية الانتقال، من المرحلة الانتقالية فى الحياة المصرية إلى وضع الاستقرار الذى ننشده، لدولة تنهض من كبوة سنوات طويلة، اتخذت من الإصلاح السياسى والاقتصادى سبيلًا لغد أفضل، تحوطه حزمة من إجراءات العمل بمفهوم دولة المؤسسات المستقرة، مع رئيس بدأ مشوار التنمية والتطوير، والانتقال بمصر من مرحلة الترهل إلى مصاف التقدم، متحديًا كل العقبات، غير آبه بالتحديات، ولا بشح الموارد.. كل ما يهمه، أن تصبح مصر، وفى غمضة عين، بالقدر الذى يليق بها، وبمكانتها فى محيطيها، الإقليمى والدولى.. ولذا، فإن خروج المواطنين للمشاركة فى الاستفتاء، ودعونا نكون صادقين، لم يأتِ من أجل تعديل وإضافة واستحداث وحذف ٢٤ مادة من الدستور، وفقط.. بل هو استفتاء مباشر على ثقة هؤلاء فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورغبتهم فى مد موعد نهاية مدته الرئاسية الحالية لعامين إضافيين، واستحداث مادة انتقالية، تعطيه الحق فى الترشح، بعد ذلك، لفترة رئاسية واحدة، مدتها ستة أعوام.. لماذا؟.
لأن الشعب المصرى، قبل الرئيس السيسى، افتقد زعيمًا يحيل أحلام المصريين إلى حقيقة، يسابق الزمن لإنجاز المهمة، ولينعم المواطن بثمار صبره وتحمله مشقة البناء.. افتقدوا من يرى أولئك الذين عاشوا وسط العشوائيات، تتهدم عليهم عششهم وهم نيام، ويرى ساكنى المقابر، الذى فقدوا لذة الحياة، وأصبحوا رهائن للموت فى كل يوم، فخرجت من بينهم أجيال فقدت معنى الحياة وانعدم داخلها الأمل فى إصلاح الحال، فجاء من ينقلهم إلى الحياة الإنسانية الكريمة.. افتقدوا من يرى فى دخولهم الشهرية ضنكًا وضيقًا لا يتحمله بشر، ومن حولهم من ينعمون بالملايين والمليارات، لا ينالهم من هؤلاء المُنعمين بثرواتهم، إلا بعض صدقات، لا تُسمن ولا تُغنى من جوع، ولا تقى من برد، فجاء من يرفع لهم الحد الأدنى لمرتباتهم، ويقرر لهم معاشات تكفل لهم الكرامة وتحفظ لهم إنسانيتهم.. افتقدوا من يرى فى مصر، طاقة بشرية جبارة، هم جيل الشباب الذى يصنع المستحيل، إذا وجد من يوجهه الوجهة الصحيحة، ويستغل قدراته الهائلة، فجاء من يضع له البرامج الطموحة لاستغلال هذه الكفاءات.. افتقدوا من يشعر بآلام أمراض تفتك بهم، فلا يُسعفهم بدواء، ولا ينقذهم مبكرًا من داء عُضال، كان من السهل مواجهته والقضاء عليه، لو أنهم خضعوا للفحص المبكر، فكان برنامج ١٠٠ مليون صحة، وغيره من برامج حماية الإنسان المصرى فى أغلى ما عنده، صحته.. افتقدوا من يضرب على أيدى العابثين بثروات هذا البلد وبمقدراته، أولئك الذين نهبوا أراضيها واستحوذوا على خيراتها، دون حسيب أو رقيب، حتى جاء من يُحاسب، ويرد الظالمين عن ظلمهم، ويستعيد منهم ما نهبوه.. افتقدوا من يعيد وصل مصر بقارتها الإفريقية، حتى جاء من أوصلها إلى رئاسة الاتحاد الإفريقى.. افتقدوا من يجعل مصر عند قدرها الدولى واحترام العالم لها، فكانت الشهادات من زعماء دول كبرى وصديقة، بأن مصر تمضى على الطريق الصحيح، وقد حفظ لها جيشها العظيم حدودها وأمّنَ حقوقها فى مياهها الدولية.
أدرك الشعب كل هذا.. بعد أن استرد وعيه.. خاطبهم الرئيس السيسى، بلغة مشتركة وعن آمال واقعية وطموحات مشروعة، وقد سبق فعله قوله، فاستمعوا، فلما سمعوا فهموا، وعندما فهموا قرروا أن يكون رهانهم على من يصنع مستقبلًا، لهم ولأولادهم، على من يحقق عزتهم ويكفل كرامتهم، على من يكفل المنعة للدولة المصرية ضد غدر الخائنين.. قالها السيسى (لا أخشى عليكم من الخارج أبدًا، بل أخشى عليكم من الداخل فقط، من أنفسنا.. فالدماء التى سالت من شهدائنا، كانت لحماية الناس والحفاظ على الوطن).. إنه رئيس لم يعد بالسمن والعسل، بل طالب بالكد والعمل.. وقد ارتضى الشعب أن يخوض معه وبه مشوار الألف ميل، نحو مصر التى يتمناها الجميع.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.