رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"صرخة رضيع".. "الدستور" في رحلة البحث عن حضانة بمستشفى حكومي

جريدة الدستور

أنجبت «منة» طفلتها الأولى في مستشفى الجلاء الحكومي، واسمتها «وردة» والتي ولدت تعاني من مرض الصفرا مثل كثير من الأطفال، وكان وزنها لم يتخط 2 كيلو، فأمر الطبيب المعالج بوضعها في حضانة حتى تصل إلى الوزن الطبيعي 3 كيلو، لكنها لم تجد مكان متاح في حضانات المستشفي، فاضطرت إلى حملها والبحث في مكان آخر.

رحلة بحث استغرقت 10 أيام، عانت فيها الأم لإيجاد حضانة تأوي طفلتها، طرقت فيها أبواب مستشفى القصر العيني إلا أنهم رفضوا احتجاز الطفلة لعدم وجود أماكن متاحة بالحضانات، فذهبت إلى مستشفى أبو الريش، فلم تختلف الإجابة بنقص الحضانات.

إلى المنيرة حملت الفتاه طفلتها تطالبهم باحتجازها في الحضانة لديهم، فكانت الإجابة: «مفيش دكاترة حضانات يتابعوها ولا أماكن كلمي الخط الساخن للوزارة»، لجأت إليه «منة» دون جدوى لا يوجد رد ولا توجد حضانات متاحة.

بعد 20 يومًا زاد فيهم المرض على الطفلة، استطاعت حجزها في مستشفى البدرشين، والتي سافرت لها رغم إعيائها الشديد بسبب الحمل، وحجزت الطفلة في مكان كانت تتناوب فيه مع طفلة أخرى، بسبب نقص الحضانات.

«منة» هي واحدة ضمن آلاف السيدات، التي تعاني يوميًا من نقص الحضانات بالمستشفيات الحكومية، والتي أدت بالبعض إلى تناوب الحضانة مع أطفال آخرين، لاسيما مع ارتفاع أسعار الليلة الواحدة في حضانات المستشفيات الخاصة.

ما يدل على تعمق الأزمة، طلب الإحاطة الذي قدمه الدكتور حسين غيتة، عضو مجلس النواب، إلى الدكتور علي عبدالعال، رئيس البرلمان، لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، والدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، بشأن نقص الحضانات في المستشفيات العامة، وسوء الخدمة بحضانات المستشفيات الخاصة.

وقال النائب في طلب إحاطته، أن هناك عدم تعقيم العاملين للحضانات، وعدم ارتدائهم الزي قبل الدخول، وعندما يلجأ المواطن إلى الحضانات الخاصة يعاني من سوء المعاملة، إلى جانب ارتفاع الأسعار.

وأشار إلى أن هناك أزمة حقيقية يعاني منها المواطنون بحضانات المستشفيات العامة، لا سيما المناطق النائية، في يوجد حضانات لا تكفي أو تستوعب الأطفال حديثي الولادة، ما يهدد بأزمة كبيرة.

وشدد غيتة، على أن ذلك يشير إلى ضرورة وجود استراتيجية واضحة لوزارة الصحة للرقابة على الحضانات في جميع المستشفيات الحكومية والخاصة وغيرها، حرصًا على تقديم الخدمة الصحية بشكل مقبول ولا يسبب أمراضًا وأزمات للأطفال الرضع.

«نور» سيدة أخرى، أنجبت ابنها «أحمد» ولم تجد حضانة تحتجزه داخلها لعدة أيام بعد ولادته حتى يكتمل نموه، تقول: «جميع المستشفيات الحكومية تعاني من نقص الحضانات، والولد كان صغير ولازم يتحجز عشان نموه».

لجأت إلى حل آخر، بكتابة استغاثة إلى وزارة الصحة، وتقديم شكوى في الخط الساخن، لكن دون جدوى، فاضطرت إلى حجزه في مستشفى خاص، تضيف: «الليلة الواحدة كانت بـ4 آلاف، ودي أقل حاجة، في حضانات خاصة بتعدي الـ8 آلاف، ومكنش فيه حل تاني».

يبلغ عدد الأطفال الرضع في مصر تحت سن الـ6 أشهر فى مصر 4.7 مليون طفل، وهناك حاضنة واحدة فقط لكل 642 طفلًا، وارتفعت حالات الوفيات بين الأطفال بنسبة 12 طفلًا من بين كل ألف رضيع، ويموت سنويًا ما يقرب من 100 طفلًا بسبب ذلك النقص.

ويقدر عدد المواليد في مصر كل عام بـ 2.5 مليون، ويحتاج 5 إلى 10% منهم (أي بنسبة 150 إلى 250 ألف طفل) إلى حاضنات، ويحتاج الطفل من 3 أيام إلى أسبوع داخل الحاضنة بحسب حالته، وأن نسبة العجز في حضانات المستشفيات الخاصة بلغت 50%.

لالدكتور ماجد إسماعيل، أستاذ جراحة الأطفال بكلية طب جامعة الأزهر، يؤكد أن الحضانات لا تعاني فقط من النقص، ولكن الإهمال أيضًا ونقص بالموارد، ما جعل معدلات الوفاة بهذة الحضانات يزيد عن 52 %في حين أن معدل الوفاه العالمي الطبيعي بالحضانات حوالي 4%.

ويرجع إسماعيل هذا الأمر إلى عدم وجود أطباء مختصين للتعامل مع الحضّانات، موضحًا أن طبيب الأطفال العادى غير مؤهل للتعامل مع طبيعة الحضانات وما تحتاجه من متابعة دائمة وتجهيزات فنية.
يشدد على ضرورة الدعم المادي من قبل الدولة لإنشاء عدد أكبر من الحضّانات وتجهيزها بالتجهيزات المطلوبة إنقاذًا لأرواح الأطفال.

الدكتور ربيع حسين، رئيس قسم الأطفال بمستشفى أدفو العام، يقول أن الطفل يظل ينتقل من حضّانة بمستشفى إلى أخرى نتيجة نقص إمكانيات الحضانة الواحدة، وعدم تجهيزها بكافة الإمكانات اللازمة.

يضيف الطبيب الحضانات بالمستشفيات الحكومية بإنها مجرد صندوق يوضع به الطفل وجهاز لظبط الحرارة والرطوبة، وبعض لمبات الإضاءة للأطفال المصابين بالصفراء، أما أجهزة التنفس الكامل والنصف كامل التي لابد من توافرها بشكل منفصل وكامل بكل حضّانة على حدة لا يوجد.

يضيف: "بينما ما يحدث أنه يتم تاستخدامها بالتبادل بين الحضّانات على حسب الحاجة نتيجة نقصها الشديد والذي يعرض حياة أطفال كثيرة للخطر اثناء عمليات الإنتقال من حضّانة بمستشفى إلى أخرى".