رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف انتقل الفنان حسن البارودى من عامل "كمبوشة" إلى ممثل مسرحى؟

الفنان حسن البارودى
الفنان حسن البارودى

كان يعمل ملقنًا بالفرقة ولم يكن يأتي إلى المسرح إلا في المساء ويشاء القدر أن يتشاجر حسن البارودي عامل "الكمبوشة" ليستدعيه الفنان يوسف وهبي ليعرف منه سبب الشجار؛ فحكي له كيف أغلق أحد العمال باب "الكمبوشة " الحجرة الصغيرة التي يجلس بها الملقن أسفل المسرح عليه فظل محبوسًا أكثر من ساعة.

تقول راوية راشد في كتابها "يوسف وهبي: سنوات المجد والدموع": "كان البارودي يحكي القصة وصوته المميز يتهدج من الضيق، وعندما انتهي من حكايته وجد يوسف وهبي في صوته وانفعالات وجهه خامة جيدة تصلح للأداء التمثيلي فسأله يوسف: "هل تحب أن تصبح ممثلا"؟ فوافق حسن البارودي على الفور وقال: "أي شيء ممكن أعمله أفضل من القعدة في التربة اللي بقعد فيها كل ليلة"، فضحك وهبي وأسند له أحد الأدوار".

البارودي ممثل قدير وهو أحد أربعة أشتهروا بالإستخدام الدرامي لصوتهم، بالإضافة إلى يوسف وهبي وعباس فارس وعبدالوارث عسر والثلاثة كبار ممثلي المسرح وهؤلاء الأربعة نقلو طريقتهم معهم إلى السينما، بينما يستخدم وهبي وفارس طبقة الصوت العالية لإعطاء مؤثر مرعب ومخيف، فإن البارودي وعبدالوارث يضربان على أوتار أضعف وكأنهما أصوات أسطورية قادمة من أعمال الزمن يتسللان في هدوء لاقتناص لحظات الحكمة والمكر والحنان أو أي تعبير آخر.

"عم مدبولي" بأداء حسن البارودي في "باب الحديد" مثلًا أصبح من علامات فن الممثل، لاحظ قدرته على التحكم في طبقات صوته، والقدرة التعبيرية المذهلة في عباراته فيها دهاء فيها تعاطف، كان البارودي ملقنا في فرقة رمسيس جلس طويلًا أسفل الكمبوشة وتعلم كيف يهمس وينقل العبارات بنفس شحنتها الأدائية، ولكن البارودي أيضًا وجه معبر، عينان واسعتان رأتا الحياة طويلا، واختزنت حكمتها، وجسد ضئيل يحتاج إلى نشاط ذهني استثنائي لحمايته، مشخصاتي فذ يصلك صوته في أول لحظة تستدعي فيها اسمه.

عمل "البارودي" في فرق مسرحية كثيرة من فرقة حافظ نجيب إلى فرقة رمسيس مع يوسف وهبي لسنوات طويلة ملقنًا وممثلًا، وصولًا إلى المسرح القومي "الفرقة القومية" الذي أصبح من أعمدته، ومن نجوم مسرحيات سعد الدين وهبة مثل "السبنسة وكوبري الناموس وسكة السلامة".

وأصبح هو صوت المعلق في فيلم "ينابيع الشمس" صوت عميق وخالد من عمر النيل، وما زال البارودي يفرض علينا حضوره بصوته حتى الآن، ثم يسيطر علينا بعد ذلك بصورته التي لا تموت.