رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يحيى الفخرانى: شخصية «الملك لير» تصلح لكل العصور.. والجمهور فاجأنى

جريدة الدستور

فى أواخر العام الماضى أعلن المخرج السينمائى مجدى الهوارى عن خوضه تجربة جديدة تجمع بين الإخراج والإنتاج، لكن هذه المرة بعيدًا عن شاشات العرض السينمائية، إذ اختار خشبة المسرح ساحة لمشروعه الذى أطلق عليه اسم مسرح «Cairo show». حيث فوجئ الفنان يحيى الفخرانى فى بداية العام الحالى باتصال هاتفى من «الهوارى»، ليعرض عليه الانضمام لمشروع «Cairo show»، فأجابه «الفخرانى» بأنه إذا كان سيعود للمسرح بعد غياب نحو ١٧ عامًا، فإنه يرغب فى إعادة تقديم مسرحية «الملك لير»، عن رائعة المسرحى الإنجليزى الشهير وليم شكسبير، فوافق «الهوارى». رهان «الفخرانى» على أصالة فنه ووعى جمهوره كان رهانًا رابحًا، إذ امتلأت قاعة عرض المسرحية، التى بدأ عرضها الأول فى العاشر من الشهر الجارى، بالجمهور من مختلف الطبقات والأعمار السنية. فى حواره التالى يتحدث الفنان الكبير عن عرضه الجديد- القديم، وتعاونه مع المنتج مجدى الهوارى، واتجاهه لتقديم المسرحية فى السعودية، وأمور أخرى.

■ بداية.. هل تتذكر أول مرة قدمت فيها «الملك لير»؟
- بالطبع أتذكرها جيدًا، فقد حققت نجاحًا كبيرًا عكس ما توقعت تمامًا. أتذكر عندما قدمت أول ليلة عرض جاءنى المنتج المسرحى الكبير سمير خفاجى بعدها، وكان غاضبًا، وسألنى بحدة ولوم: «لماذا لم تعرض علىّ إنتاج هذا العرض؟»، فقلت له أنا أقدمها لمزاجى، ولم أتوقع نجاحها، وهذا يدل على أن الإنتاج يحتاج موهبة، وأنا شخصيًا خضت تجربة الإنتاج مرتين وفشلت.
■ ما شعورك فى كل مرة تقف فيها على خشبة المسرح لتقدم هذه الشخصية؟
- أتعاطف مع شخصية الملك لير، وأشعر بحالة مختلفة أثناء تجسيدها، لما تحمله من أبعاد وتفاصيل، يمكن وصفها بأنها معقدة جدًا، إضافة إلى أن الرواية تتطرق إلى الجانب الإنسانى والمشاعر الإنسانية المتداخلة التى مر بها الملك لير خاصة مع بناته.
■ هل توجد علاقة حب بينك وبين شخصية «الملك لير»؟
- نعم، تقديم شخصية الملك لير على خشبة المسرح متعة خاصة لى قبل أن تكون عملًا احترافيًا. والحقيقة أنا أبحث دائمًا عن متعتى الشخصية فى التمثيل، ولا أعتبر ذلك أنانية منى، فإن لم أكن مستمتعًا بالشخصية التى أقدمها فبالتأكيد لن تعجب الجمهور. وبحثى عن تقديم الشخصيات التى أستمتع بتقديمها لم يتوقف منذ أن كنت طالبًا جامعيًا.
■ هل يعنى ذلك أنك لم تتنازل عن متعتك فى أى اختيار فنى طوال رحلتك؟
- أتذكر أنه دار حوار بينى وبين أحد المنتجين فى وقت بزوغ نجمى، ووقتها قال لى: «هو إحنا كل ما نبعت لك فيلم ترفضه؟.. وافق وبعد كده اشتغل اللى أنت عاوزه لما تنجح». وبالفعل تعاونت معه، ويعد هذا العمل الذى أرسله لى من أهم الأعمال فى حياتى التى أكدت نجاحى وموهبتى، وجعلتنى فى مكانة كبيرة بين الفنانين تسمح لى باختيار أعمالى وتقديم ما يمليه علىّ ضميرى فقط.
■ نستطيع أن نقول إنك لن تقدم إلّا أعمالًا جادة وهادفة؟
- صحيح، لكن العمل الجاد ليس بالضرورة أن يكون ذا إنتاجية ضخمة أو لون تراجيدى.
أنا أتذكر أنه عُرِض علىّ فى وقت سابق تقديم سهرة تليفزيونية، وبالفعل قرأت النص الخاص بها، ووجدت أنها مقتبسة من أعمال الكاتب الروسى الشهير أنطون تشيكوف.
وتحدثت مع المخرج وأبلغته بموافقتى، وأننى على استعداد لتقديمها دون أجر، بشرط الاستعانة بماكيير متميز يستطيع مساعدتى فى تقمص الشخصية وإقناع المشاهد بالدور الذى أقدمه، ففرح بشدة.
وبالفعل قدمت الشخصية، ونجحت بشكل كبير، ليس فقط فى مصر، بل فى الوطن العربى بالكامل، وعُرِضَت على فضائيات كثيرة.
■ ما سبب قرارك تقديم «الملك لير» للمرة الثالثة فى تاريخك المسرحى؟
- هناك عدة أسباب، أهمها أننى لكى أقدم نصًا مسرحيًا جديدًا ومختلفًا سأحتاج عامين على الأقل للتحضير، وهما مدة طويلة، بينما مسرحية «الملك لير» أنا قدمتها من قبل، وتحضيراتها لن تستغرق وقتًا طويلًا، كما أن النص يثبت براعة «شكسبير» فى تقديم شخصية ثرية مليئة بتفاصيل كثيرة، إلى جانب باقى شخصيات المسرحية، وهو ما يجعل النص صالحًا للتقديم أكثر من مرة فى أى وقت وبأشكال جديدة ومختلفة.
■ كيف كان رد فعل الجمهور تجاه العرض فى ليلته الأولى؟
- فوجئت بامتلاء القاعة، وشعرت بسعادة كبيرة وغامرة أن لدينا جمهورًا يملك هذه الثقافة، ورغم أن العرض يستند إلى نص شديد الكلاسيكية، إلا أن الجمهور كان حريصًا على الحضور لمشاهدة المسرحية.
والحقيقة أن الجمهور منذ سنوات طويلة وهو يدعم ويشجع الأعمال القيمة. أنا أرى أن الجمهور هو أهم شىء فيما نقدمه ونصنعه من أعمال مسرحية، لأننا عندما نجد من يستوعب ما نقدمه على خشبة المسرح فهذا شىء عظيم بالنسبة لأى فنان. الفن فى النهاية حوار له متلق، والجمهور المصرى يتميز بعراقته.
■ ما وجه الاختلاف بين جمهورك فى الماضى والجمهور فى الوقت الحالى؟
- عندما قدمت العرض من قبل على مسرح الدولة كان الجمهور الذى يحضر أعمالى من الطبقات البسيطة وأحيانًا من إخوتى «الفلاحين» و«الصعايدة». وقتها كانت التذاكر تباع بسعر مخفض وفى متناول الجميع، وكان الجمهور يقصد المسرح فى هذا الوقت كنوع من التغيير باعتباره «خروجة»، ولكن عندما كنّا نبدأ العرض كنت أجدهم يشاهدون بانتباه شديد العرض، ويضحكون ويصفقون بشكل صحيح، وهذا يدل على فهمهم واستيعابهم لما نقدمه.
وحاليًا وصلنا مرحلة متطورة من الفكر والثقافة تجعل الجمهور الحالى من الشباب والكبار يستوعبون ما نقدمه.
■ هل تعتقد أن الجمهور العادى لديه القدرة على فهم مثل هذه النصوص الكلاسيكية؟
- أتذكر أننى كنت أقدم «الملك لير» على مسرح محكى القلعة، وقبل بدء العرض تسببت موجة رياح شديدة فى تخريب العرض، ورغم ذلك وجدت التزامًا من الجمهور وتفاعلًا كبيرًا، فطلبت فتح المسرح القومى أمام الجمهور، لتقديم العرض، وبتذاكر مخفضة، وبالفعل قوبلت المسرحية بانتباه شديد من الجمهور الذى حضر العرض.
أعمال وليم شكسبير قادرة على الوصول لكل الطبقات والشعوب، لأنه كاتب يتمتع بوعى كبير.
■ ماذا عن تعاونك مع فاروق الفيشاوى؟
- هذه ليست المرة الأولى التى أعمل فيها مع فاروق الفيشاوى، إذ سبق لنا أن عملنا معًا من خلال عروض مسرح جامعة عين شمس.
نحن نعرف بعضنا البعض منذ ٤٠ عامًا، كان «الفيشاوى» وقتها طالبًا فى كلية الآداب، وكنت أنا أدرس الطب، ويجمعنا حب واحترام متبادلان.
■ ما رأيك فى مجدى الهوارى كمنتج؟
- منتج متميز، ويقوم بعمل عظيم، من خلال تأسيس مسرح «كايرو شو»، الذى يهدف من خلاله إلى إعادة القطاع الخاص للمسرح، من خلال تقديم عروض جادة وهادفة وبإنتاجية ضخمة، ودعاية مدروسة وقوية.
■ من المقرر عرض المسرحية للجمهور السعودى.. هل لديك أى تخوفات من عدم تلقى رد فعل جيد؟
- لا على الإطلاق، بالفعل تعاقدت الشركة المنتجة مع الهيئة العامة للترفيه فى المملكة العربية السعودية، واتفقنا على تقديم العرض هناك.
المسرحية التى نقدمها عمل إنسانى رائع، وسبق لى أن قدمتها فى الخليج، بالتحديد فى دبى بالإمارات، منذ سنوات بعيدة، رفقة ممثلين من وزارة الثقافة، حينها وجدت طاولات أمام كراسى الجمهور، فرفضت تقديم العرض قبل تعديل المسرح وإزاحة الطاولات، وبالفعل حدث ذلك، لكن الجمهور لم ينتبه جيدًا للعرض، ثم توجهت فى اليوم الثانى لإمارة أبوظبى، وعرضت المسرحية ليلتين، فى معرض الكتاب هناك، وكانتا من أهم الليالى فى حياتى لما وجدته من تفاعل كبير هناك، أنا متأكد أن عرض المسرحية فى السعودية سيحقق نجاحًا كبيرًا، نظرًا لتطور المسرح هناك.