رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

22 أبريل.. العالم يحيي الذكرى الـ 10 لليوم الدولي لأمنا الأرض

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يحيي العالم يوم 22 أبريل الذكرى العاشرة لليوم الدولي لأمنا الأرض 2019 تحت شعار "أم الأرض: التعليم وتغير المناخ"، ويهدف الاحتفال إلى زيادة الوعي العام حول العالم بالتحديات المتعلقة برفاهية الكوكب وكل أشكال الحياة التي يدعمها.

ويعد تغير المناخ أحد أكبر الأخطار التي تهدد التنمية المستدامة على مستوى العالم وهو مجرد واحد من العديد من الاختلالات الناجمة عن الأعمال غير المستدامة للبشرية، والتي لها آثار مباشرة على الأجيال المقبلة. وتشجع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس التعاون الدولي بين الأطراف في مجالات التعليم والتدريب وتوعية الجمهور بشأن تغير المناخ والمشاركة العامة والوصول العام إلى المعلومات.

وفي إطار الاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لليوم الدولي لأمنا الأرض، سيعقد الحوار التفاعلي التاسع للجمعية العامة بشأن الانسجام مع الطبيعة في 22 أبريل 2019 في قاعة مجلس الوصاية. ويهدف "الحوار التفاعلي" إلى مناقشة مساهمات "الانسجام مع الطبيعة" في ضمان تعليم شامل ومنصف وعالي الجودة بشأن اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره، وإلهام المواطنين والمجتمعات لإعادة النظر في كيفية تفاعلهم مع العالم الطبيعي في سياق التنمية المستدامة، والقضاء على الفقر والعدالة المناخية، وذلك لضمان أن الناس في كل مكان لديهم المعلومات والوعي ذات الصلة للتنمية المستدامة وأنماط الحياة في وئام مع الطبيعة.

وقد أقيم أول احتفال بيوم الأرض في عام 1970 بالولايات المتحدة الأمريكية ونظمته شبكة يوم الأرض، وكان الهدف منه توسيع وتنوع الحركة البيئية على الصعيد العالمي لحشد الجهود لبناء بيئة مستدامة وصحية، وللتصدي لتغير المناخ ولحماية الأرض من أجل أجيال المستقبل.

كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت في قرارها رقم 63278 في 22 أبريل 2009 اعتبار يوم 22 أبريل من كل عام بوصفه اليوم الدولي لـ "أمنا الأرض" حيث يخصص للنشاطات البيئية للفت الانتباه إلى مشاكل البيئة التي تعاني الكرة الأرضية منها، وذلك بهدف معالجة أسباب ونتائج تلك المشاكل.

ويعزز اليوم الدولي لأمنا الأرض وجهة نظر عن الأرض، باعتبارها الكيان الذي يحافظ على جميع الكائنات الحية الموجودة في الطبيعة، والاحتفاء بهذا اليوم هو تكريم للأرض ككل ولمكاننا فيها.

ويتزامن الاحتفال بيوم الأرض هذا العام مع مراسم توقيع اتفاق باريس لتغير المناخ، التي نظم في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، واعتمدته 196 دولة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في أثناء مؤتمر كوبنهاجن21 الذي عقد في 12 ديسمبر 2015، وفي هذا الاتفاق وافقت البلدان على العمل للحد من زيادة درجات الحرارة عن درجتين مئويتين والعمل بجد على عدم تجاوز زيادتها درجة ونصف الدرجة المئوية على اعتبار الأخطار المهولة القائمة، وتجري مراسم التوقيع في أول يوم لفتح باب التوقيع، مما يعني أن هذه هي الخطوة الأولى نحو ضمان دخول الاتفاق حيز التنفيذ القانوني في أسرع وقت ممكن.

وعبارة "أمنا الأرض" هي عبارة شائعة في عدد من البلدان والمناطق، ويراد بها كوكب الأرض وتجسد الترابط القائم بين البشر وغيرهم من الكائنات الحية والكوكب الذي نسكنه جميعا. وإعلان الأمم المتحدة هو اعتراف بتوفير الأرض ونظمها الإيكولوجية لسكانها بأسباب الحياة والقوت كما انه اعتراف بالمسؤولية الجماعية، التي دعا إليها إعلان ريو لعام 1992 لتعزيز الانسجام مع الطبيعة والأرض لتحقيق توازن عادل بين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للأجيال البشرية الحاضرة والمقبلة.

إن تغير المناخ هو أحد أكثر القضايا انتشارا وتهديدا في عصرنا، مع آثار بعيدة المدى في القرن 21. ومن المتوقع أن تترتب على تغير المناخ آثار غير مسبوقة على الأماكن التي يستطيع الناس الاستقرار فيها أو زراعة الأغذية وبناء المدن والاعتماد على النظم الإيكولوجية الفعالة للخدمات التي يقدمونها. وفي العديد من الأماكن، تؤدي تغيرات درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر إلى وضع النظم الإيكولوجية تحت الضغط والتأثير على رفاة الإنسان. إن التكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة ومكلفا في المستقبل إذا لم يتم القيام باتخاذ إجراءات جذرية الآن.

وتشير تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2018 والخاصة بتغير المناخ تحت عنوان " عن تأثيرات الاحترار العالمي علي العالم "، حيث أشار إلي بصمة الإنسان على غازات الاحتباس الحراري، وتحدث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل طبيعي وهي ضرورية لبقاء البشر والملايين من الكائنات الحية الأخرى على قيد الحياة عن طريق الحفاظ على جزء من دفء الشمس وعكسها مرة أخرى إلى الفضاء لتجعل الأرض صالحة للعيش. ولكن بعد أكثر من قرن ونصف قرن من التصنيع، وإزالة الغابات، والزراعة الواسعة النطاق، ارتفعت كميات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي إلى مستويات قياسية لم تشهدها منذ 3 ملايين عام.

وبينما تنمو الاقتصادات ومستويات المعيشة للسكان، فإن مستوى تراكم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري (غازات الدفيئة) آخذة في الارتفاع أيضًا. كذلك الحال بالنسبة للمستوى التراكمي من الغازات المسببة للاحتباس الحراري (انبعاثات غازات الدفيئة). وذكر التقرير إلي أن هناك بعض الروابط العلمية الأساسية الراسخة:

هناك علاقة مباشرة بين تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض بمتوسط درجات الحرارة العالمية على الأرض ؛ تركيز الغازات آخذ في الازدياد المطرد جنبا إلى جنب مع درجات الحرارة العالمية منذ عهد الثورة الصناعية ؛ حرق الوقود الاحفوري ناتج عن غازات الدفيئة المتوفرة بكثرة وثاني أكسيد الكربون (CO2) تستأثر بحوالي ثلثي غازات الدفيئة.

وقد أعد الفريق الحكومي الدولي للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة تقريرا لتوفير مصدر موضوعي للمعلومات العلمية. وقدم التقرير تقييما شاملا حول ارتفاع مستوى سطح البحر وأسبابه على مدى العقود القليلة الماضية. وقدر أيضا انبعاثات CO2 المتراكمة منذ عصور ما قبل الصناعة، وتوفر الميزانية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون المستقبلية للحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين. إن ما يقرب من نصف هذا الحد الأقصى من الانبعاث قد نتج بالفعل بحلول عام 2011.

ويشير التقرير إلي عدد من الأمور جاءت علي النحو التالي:

* ارتفع متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.85 درجة مئوية من 1880-2012.
* أصبحت المحيطات أكثر دفئا، وتضاءلت كميات الثلوج والجليد وارتفع مستوى سطح البحر.
* ارتفع متوسط مستوى سطح البحر في العالم بنسبة 19 سم كما توسعت المحيطات بسبب ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد من 1901-2010. تقلص حجم الجليد البحري في القطب الشمالي في كل عقد على التوالي منذ عام 1979، مع فقدان 1.07 × 106 كيلومتر مربع من الجليد في كل عقد.
* نظرا للتركزات الحالية والانبعاثات المستمرة من غازات الدفيئة، فمن المرجح أن يشهد نهاية هذا القرن استمرار زيادة درجات الحرارة العالمية فوق مستوى ما قبل العصر الصناعي. وسوف تستمر محيطات العالم بالدفئ وسيستمر ذوبان الجليد. ومن المتوقع أن يرتفع متوسط مستوى سطح البحر ليكون 24-30 سم في 2065، و40-63 سم بحلول عام 2100 مقارنة مع الفترة ما بين 1986- 2005. وستستمر معظم مظاهر التغير المناخي لعدة قرون حتى لو توقفت الانبعاثات.

وهناك أدلة مقلقة في تحولات هامة، والتي ستؤدي إلى تغيرات لا رجعة فيها في النظم البيئية الرئيسية ونظام المناخ في الكوكب، إذا لم تكن بالفعل بلوغها أو تجاوزوا. وقد تكون النظم البيئية المتنوعة مثل غابات الأمازون المطيرة والتندرا في القطب الشمالي، قد اقتربت من عتبات تغيير جذري من خلال ارتفاع درجات الحرارة والجفاف. وتنذر الانهيارات الجليدية الجبلية بتراجع خطير وكذلك آثار انخفاض إمدادات المياه في الأشهر الأكثر جفافا حيث سيكون لها تداعيات تتجاوز الأجيال.

وفي أكتوبر 2018، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقريرا خاصا عن تأثيرات الاحترار العالمي البالغ 1.5 درجة مئوية، حيث توصلت إلى أن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية سيتطلب تغييرات سريعة بعيدة المدى وغير مسبوقة في جميع جوانب المجتمع، حسبما ذكرت الهيئة في تقييم جديد. مع فوائد واضحة للناس والنظم البيئية الطبيعية، وجد التقرير أن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية يمكن أن يسير جنبا إلى جنب مع ضمان مجتمع أكثر استدامة وعدالة. في حين ركزت التقديرات السابقة على تقدير الأضرار إذا ارتفع متوسط درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين.

وسلط التقرير الضوء على عدد من تأثيرات تغير المناخ التي يمكن تجنبها عن طريق الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية أو أكثر. على سبيل المثال، بحلول عام 2100، سيكون ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي أقل بمقدار 10 سم مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية. إن احتمال وجود محيط في القطب الشمالي خالٍ من الجليد البحري في الصيف سيكون مرة واحدة في كل قرن مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، مقارنة مع مرة واحدة على الأقل لكل عقد مع 2 درجة مئوية. فالشعاب المرجانية ستنخفض بنسبة 70-90 % مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، في حين أن جميع (99% ) تقريبا سوف تضيع مع 2 درجة مئوية.

وخلص التقرير إلى أن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية يتطلب تحولات "سريعة وبعيدة المدى" في الأرض والطاقة والصناعة والمباني والنقل والمدن. يجب أن تنخفض الانبعاثات العالمية الصافية الناتجة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 45%عن مستويات عام 2010 بحلول عام 2030، لتصل إلى "صافي الصفر" في حوالي عام 2050. وهذا يعني أنه يجب موازنة أي انبعاثات متبقية عن طريق إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء.