رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فلنتقاسم إنسانيتنا



لن أنسى تفاصيل وقائع ذلك المشهد الوطنى المصرى الرائع من قِبل أهل الإبداع الفنى والثقافى، عندما احتشدوا أمام مبنى ومكتب وزير الثقافة الإخوانى، ليمنعوه من دخول مكتبه وممارسة عمله فور تعيينه من قِبل جماعة المرشد للشروع الفورى فى أخونة خطط الوزارة.
كان الوزير قد بدأ بالفعل إطلاق تصريحات إدانة لعدد من قيادات الوزارة تتعلق بالفساد المالى والإدارى، بل وأصدر قرارات إقالة لبعضهم، وردد أن شغله الشاغل سينصب فى إعادة الهيكلة الإدارية والمالية لمحاربة الفساد على الطريقة الإخوانية «والقصد بالطبع تشويه صورة نظم وآليات عمل قيادات ورموز وإدارات العمل الإبداعى والثقافى، وضرب أى إنجازات إيجابية متعلقة بدعم الفكر التنويرى ومنظوماته، ومن ثم يتسنى تمهيد الأرض لاقتحام الفكر الإخوانى المتشدد والمفارق للواقع والحلم الإنسانى المتحضر، وتطبيق آلياته وفرض رموزه».
يُذكر أيضًا أن الإعلام المصرى بآلياته ووسائطه المختلفة، مدفوع ومستقوى بدعم شعبى هائل من الشارع المصرى، قام عبر كل منافذه الحكومية والخاصة بإبراز جهود وفعاليات رفض هيمنة الفكر الإخوانى، والمساندة الإيجابية الرافضة لكل عمليات العبور من الخط الأحمر، لتغيير ملامح الهوية المصرية بشجاعة ونبل.
أيضًا، فى زمن الإخوان، أذكر أن وجهت لى ولمجموعة من الكتاب والإعلاميين دعوة لحضور ندوة حول مقاومة الفساد بوجود رئيس الوزراء «هشام قنديل»، وتحدث هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، فى تلك الفترة وقال إنه اكتشف كوارث فساد وإهمال مالى فى الوسط الثقافى والمنظومات الإعلامية، وليضرب المثل حدثنا عن اكتشافه أن مجلة الإذاعة والتليفزيون تحقق خسائر هائلة، ولا يعلم سر بقائها، وأنه لا أهمية لوجودها، وقال باحتقار «إنها مرمية ولا تباع».. وبالطبع تلك كانت بدايات لتشجيع تقليص حجم الخدمات الإعلامية والثقافية الواجب تقديمها.
ولكن، وللأسف وبعد نجاح الشعب بدعم قواته المسلحة فى إسقاط حكم الإخوان بعد عام أسود، واحتسب للنخبة الثقافية وأهل الإبداع والتنوير منا أنهم بثورتهم ذات الطابع الحضارى والوعى الإنسانى، قد مثلوا الطليعة المصرية الحالمة بإنشاء دولة مدنية، وتحقيق قيم الخير والسلام والجمال والحق والتمتع بدولة القانون و«المواطنة الكاملة».. أقول، ولكن للأسف بمجرد تحقيق حلم مغادرة جماعة المرشد الغادرة كراسى الحكم، اختفى ذلك الوجود العبقرى الفاعل من جانب أهل الإبداع وفرسان العمل الثقافى والإعلامى بالشكل الذى كنا نأمله لمساندة شعب قام بثورة فى ٢٥ يناير وتم اختطاف ثمارها، فواصل شعبنا وهو فى الطليعة ثورته فى ٣٠ يونيو ليعيد البلاد لأصحابها عشاق ترابها وسماها.
كنا ننتظر دورهم المساند للعمل الوطنى والحكومى فى مجالات التنوير والثقافة والتنمية والمساندة والتعاطف مع أهالينا الذين أضيروا فى أزمنة العتمة والتراجع وتوغل الفكر الإرهابى الأسود.. كنا ننتظر دورهم لدعم قيادة سياسية طالبت بإلحاح بتصويب الخطاب الدينى، وتمكين الشباب والمرأة والأقباط للمشاركة فى العمل الوطنى وتقدم الصفوف دعمًا لمفهوم أن ينعم الجميع بحقوق «المواطنة الكاملة».
لقد انصرف رواد تلك الطليعة التنويرية إلى حال سبيلهم، لتعويض خسائرهم الشخصية جراء توقف الحياة الفنية والأنشطة الثقافية فى زمن الخراب الإخوانى، ونسوا أن عليهم أن يواصلوا دورهم التنويرى، حتى لا نقع مرة أخرى تحت حكم برابرة العصر والخونة الذين أهانونا وأهانوا حضارتنا وقيمنا الإنسانية.
ولعل المتابعات الإخبارية فى الفترة الأخيرة لزيارة المطربة اللبنانية العظيمة «ماجدة الرومى» إلى مصر، وما أدلت به من تصريحات، أن تنبه نجومنا فى الفنون والرياضة وإدارة الأعمال ليواصلوا مسيرتهم الداعمة للشعب والإدارة الحكومية. لقد تصدرت النشرات والأخبار الفنية الخبر التالى «ناشدت الفنانة ماجدة الرومى المصريين وفنانى مصر بالدرجة الأولى، أن يدعموا الفقراء ليس بالنقود فقط، بل مساندتهم إنسانيًا». وقالت ماجدة، فى رسالة مصورة بثتها على هامش زيارتها لمصر لإحياء حفل مؤسسة خيرية: «لم يُطلب منى مناشدتكم، ولكن أطالبكم بذلك من منطلق مسئوليتى تجاه الإنسان بداخلى وتجاه أهالينا ممن هم بحاجة لأن نقف خلفهم وندعمهم بقلوبنا ونتقاسم الإنسانية التى منحنا إياها الله من حولنا.. يذكر أن ماجدة الرومى شاركت فى توزيع المساعدات وإقامة قافلة طبية ضخمة فى قرية أبودغار بمدينة أرمنت، تم فيها الكشف والعلاج على أكثر من ٨٠٠ مواطن بدعم من صحة الأقصر فى تخصصات عديدة، وتبرعت بأجهزة طبية لعيادات مستشفى أرمنت، كما تبرعت لسيدة غارمة بـ٣٥٠ دولارًا».
وأسعدنى أن يتناول البرنامج الشهير «٩٠ دقيقة» على قناة المحور التعليق الإيجابى على تلك الزيارة وتصريحات الفنانة العربية الرائعة.