رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أشرف عبدالشافى يكتب: عبدالعزيز الحشاش


كنا قد تناولنا جحشًا كاملًا حين اكتشفت جهة غذائية ما أن المطعم الذى يأخذنا إليه صديقنا أحمد كل خميس يطبخ الحمير للزبائن!، وضحكنا جميعًا باستثناء عبدالعزيز الذى ظل يتقيأ ويكح ويتنخم طوال الليل.
فى الليلة التالية جاءنا وفى يده زجاجة لبن رائب وقال إنه بلبعّ أربعة منذ الصباح، وإنه بصدد بلبعة ثلاثة قبل النوم لتطهير بطنه من لحوم الحمير التى التهمها، ثم فتح حقيبته وأخرج منها خلطات من الشعير والكركم والسمسم المطحون للمعدة والخلايا العصبية التى اخترقها لحم الحمير كما يؤكد بيقين وثقة، وخلال عام كامل لم يتوقف زيزو عن ابتداع وافتكاس طرائق وأعجايب وصلت حد الهوس باقتراب نهايته كلما أصيب بإسهال أو إمساك أو مغص معوى، يتلوى ويحضن الواحد منّا ويبكى فى جو درامى ساخر، ونحن معه دائمًا فيما يعيش من هلاوس تخص الصحة والأعصاب وسقوط الشعر والنقرس والسكر وفيروس سى، هكذا عبدالعزيز أطيب واحد فى الشلة، وأظنه فى كل شلة كبيرة أو صغيرة، كلما أراد اختبار إرادته جعلنا جميعًا نتورط معه، قبل عامين وفى محاولاته لتبطيل السجائر ارتفعت الحموضة فى بطنه من كميات اللب والسودانى التى كان يقرقشها كل ليلة، وذات مرة قامت مديحة زوجته الطيبة بتصوير طبق الغسيل وقد تحول إلى كوم من قشر اللب والسودانى، وعندما استيقظتْ مصر على إنفلونزا الخنازير ظل عبدالعزيز شهورًا يبحث عن حصون يحتمى بها من الوباء القادم، فالكمامة التى أثارت سخرية زملائه فى العمل لم تمنعه من البحث عن كمامات أكثر تطورًا، وأذكر أننا كنا فى محطة مترو الجيزة وقرأ عبدالعزيز لافتة فتركنا وغاب وسط البشر وعاد إلينا سعيدًا وفى يده علبة بلاستيك مملوءة ببول الإبل الذى راح يشرح لنا فوائده للجهاز الهضمى كطبيب بيطرى متخصص.
أما هذه المرة ومع تحليل المخدرات الذى أصبح حديث كل الحشاشين فى مصر فوجئنا بعبدالعزيز يحشر نفسه وسطهم!، مالك إنت بالحشاشين يا زيزو؟، قالك إن فيه دراسة أجنبية بتقول إن المخدرات موجودة فى بعض المطهرات المعوية التى يحرص على تناولها منذ واقعة الحمير، ضحكنا ولم نهتم كالعادة بهلاوس زيزو، لكنه كالعادة أيضًا أطلق الخيال لنفسه وجعل من «التحليل» قضيته القومية التى انشغل بها انشغالًا عجيبًا حتى اكتشف «الخروب»، وظل ليالى يشرح لنا فوائده للبول والذاكرة والتحليل أيضًا، لكنه بعد فترة كفر بالخروب والزعتر المغلى، وكل افتكاساته السابقة، ولجأ للحقنة الشرجية التى جرحت خاتمه جرحًا غائرًا لم يصارحنا به إلا وهو يختار الملوخية بديلًا ناجعًا وشفاء مؤكدًا وتطهيرًا مضمونًا قبل التحليل، وبالطبع فشلنا جميعًا فى إقناع عبدالعزيز بمخاطر شرب الملوخية على الريق، لكنه تعامل مع الطبخة اليومية كحياة أو موت، وها هو يرقد كالفأر فى المستشفى بعد أن أصيب بإسهال لا طاقة لبشر على احتماله، حكت مديحة أن بزابيز من الملوخية الخضراء كانت تنطلق كالحنفيات من لا مؤاخذة، وأنه منذ خمسة أيام مضت كان يجبرها على الاستيقاظ قبل السادسة صباحًا لتجهيز طبق ملوخية طازة يشربه دافئًا دفقة واحدة لتخرج الديدان من معدته ويواجه التحليل طاهرًا نقيًا.. ونحن نحب عبدالعزيز ونشفق عليه، لكنه كان يستحق الكف الذى لطعته على وجهه وهو يهمس فى أذنى: «بيقولوا فيه برشام لمنع الحمل بيطهر المعدة والبول ويخلى التحليل نضيف»، يانهارك إسود يا زيزو.. طاااخ، واللى يحصل يحصل بقى، منع حمل على آخر الزمن يا حيوان؟!.