رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمان في أنفسكم

سمر الديب
سمر الديب

ذات صباح ونسيم يحمل الندي.. متمايلًا يَسْكن جِلْد الكُفوف ويُجدّدُ مَحْياها،يُحيي لوْن أوراق الشجر.. يُخبرها بولادة يوم أبيض جديد..تسلّلْت إلي الخارج علي غير عادتي في الصباح المبكّر،فغالبًا أُهدر ساعة أو اثنين لحين يستوعب عقلي يوماً جديداً..ولحين أُعيد ترتيبه بمجهودٍ شاق أنّه بالكاد سوف يكونُ يومأ جميلاً بهياً!!

كان يومي يحمل متّسع من الوقت ف عملي مُفاجئ، ليس له جدول محدّد ومواعيد حضور وانصراف..فهو يُشبهني بعض الشئً،حينها فكرتُ في تقْضية وقت لطيف مع إحدي الصديقات،حيث أنّ الأصدقاء والمعارف من حولي كثيرون جداً،لا أتذّكر يوماً في حياتي لم أعْقد فيه صداقة أو معرفة..لا يوجد عندي تفسير واضح لهذة الظاهرة حيث أنّني لم أحبّها ولم أكرهُها أيضاً،ولكن بدون شك فهي استهلكتني كثيراً،لتنوّع فصيلة البشر من حولي ففي بعض الأوقات كنتُ أُصادف النوع الردئ المتدّني من حيث جودة الخُلق وإن كُنّا في هذا الوصف مُحقّين فيُمكنك أن تقول أنّ نصف عمري قد تمّ توزيعة بهذة الطريقة ال...!!
( نظراً لتطرّف المشهد..أترك لكم التوصيف الخارج..نعم..الخارج عن الائق و حدود المنطق)!!!

فكّرت في صديقة عزيزة قريبة إلي قلبي..نتشابه إلي حدٍ كبير في الآراء،والمعتقدات،وقناعاتها في شتي القضايا من الرؤي والأحداث،لا أقولُ ذلك لتعظيم كينونة رؤيتي أو رؤيتها،بل أقول أنّ هناك تناغم وحسب،يمكن أن تكون قناعاتي سيئة ويمكن أن تكون جيّدة..ولكن في النهاية قصدت أنها توافقني وأوافقها في أغلب الوقت،والأشدّ عجباً بيننا أن كلٌ منّا يعلم تماماً مشكلة الآخر،وأين يكمُن سرّ سعادته،بالطبع هناك ما يؤرّق صداقتنا في بعض الأحيان،ولكن يبقي دائماً الودّ والسلام ،قائماً بين قلبيْنا في عزّ السكوت!!!

هاتفتها..بعد وقت طويل..
منذ سنوات وروحي تستشعر هذا الذعر القابض علي روحها ممثلا نفسه بعنف في صوتها الرقيق،يُحتمل أنها هي الأخري تستشعر شئٌ ما في صوتي أنا لا أعرفه..تحدثنا لوقت قصير لكن كانت كل أحاديثها لا تخلو من هجوم بلا مبرّر،وتهكم مسكين أهوج،وخاطر مقتول ينزف.. يتلوّي بكلماتٍ عبثيّة!!!

اقتربت اليها منذ سنوات منذ أن رأيت هذا الخوف والرقة والطيبة والبهاء مختلطين جميعاً في نفسٍ واحدة تُعافر بخير،وشرف،ووحْدة علي طريق الحياة!!!

معاً اكتشفنا،وضحكنا،وبكينا،وهديْنا بعضنا البعض الكلمات الطيبة مُنمّقة مُزينّة أطرافها بالورود الصفراء!!!

أعلم أن الذّعر والهجوم يكون مصدرهما غالبًا هو عدم الشعور بالأمان،فيظلُّ المريض يتخبّط بين القريب والبعيد ليحصل علي احتياجه،وهو أن يأْمن في ظلّ شئ وسلوك معين..يمكن أن يكون هجوم بلا سبب،أو أن يأخذ شكل عاطفة ليست منطقية،أو بلاء النرجسية أو هيمنة فارغة علي حسب قضيته....ف الخوف يفعل بصاحبه الأفاعيل!!

حَزنتُ لصديقتي الزّهرة البريّة..وسألتُ لها الكون..ألا من بعض الحنان لتُرطّب لها ندوبها؟!!
لم تصلْني أي إجابة..و شئٌ ما جعلني أستدير لنفسي وأسألها في جهل...وكيف هي ندوبِك؟؟؟!!

نواجه الحياة بتحدّياتٍ كثيرة مع نفسك،وعملك،وشريك حياتك،وأبنائك وكل من تصادفه في مشوارك..أنت أيضاً تُمثّل تحدّي لغيرك..فكمْ من شخص لا توافقه ووجَد أنّها مُعجزة بأنْ يتعامل معك وأنت لا تدرك،ولكن تبقي فرصة المساحات والتسامح للآخر هي فيْصل انسانيتنا والفطرة الربّانية فينا.

فكلّ من له قلبٌ نظيف،وروح نقيّة،وكلمة طيّبة..يسعي صاحبُها بكل بساطة بأنْ يهدأ عقله ويستكين ذُعر قلبه..نجاته أن يعلم أنّ الأمان بداخله وليس في التقاط ما يناسبه من حب أو صِدام أو احساس وهمي بالأنتصار الشفهي اللحظي.

فكلُّ نفس لم تتعدّي خطوطها وحدودها ناحية الحقد والكراهية وكل ما هو حول أطراف الشر والنار...تستحق المجهود للحفاظ عليها،لأنّ هناك..علي برّ آخر خارج حدود رؤياك..من يجتهد ليُحافظ عليك أنت أيضا بكل عيوبك!!!